الجمعة، ٢٠ رمضان ١٤٤٥ هـ ، ٢٩ مارس ٢٠٢٤
بحث متقدم

(7) الحركة الإسلامية في الصومال... مقدمة لابد منها

(7) الحركة الإسلامية في الصومال... مقدمة لابد منها
صوت السلف
الخميس ٢٠ مايو ٢٠١٠ - ٢٣:٣٢ م
2443

"لا توجد معلومات دقيقة ويمكن الوثوق بها عن الحركة الإسلامية في الصومال"...

واقع تصطدم به عند الخوض فى موضوع كهذا، ذلك أن القدر الأكبر من المعلومات المتوفرة تكاد تجزم أنه تعرض لمحاولات تشويه متعمدة من قبل أعداء الصحوة الإسلامية في الصومال وغيره، فلا تزال في الآذان أصداء الحديث عن السلاح النووي العراقي، وقبل ذلك السلاح البيولوجي الطالباني وأساطير إيواء الإرهابيين والحرب على الإرهاب، وما إلى ذلك من الدعايات المعروفة المصدر والتي يتلقفها البعض من فاقدي المنهجية في التعامل مع المعلومات أو أصحاب الأغراض والأمراض، لتجد هذا الزيف قد تحول لحقائق كحقائق الموت والحياة، لو واجهتاها بالنقد لعددت ضمن المجانين أو على الأقل المهووسين بنظرية المؤامرة.

نقول ذلك قبل الحديث في إطار المتاح من المعلومات عن الحركة الإسلامية في الصومال حتى لا ننجرف في الحكم السريع على واقع بعيد عنا للغاية، وهذا الواقع ملئ بالتفاصيل والملابسات التي يدرك طبيعتها كل ممارس للعمل الدعوي، لاسيما والقوم عبر تاريخهم مغموسون حتى النخاع في حالة حرب لا تنقطع سواء مع جارتهم الصليبية إثيوبيا، أو مع تجار الحرب والدم من أبناء جلدتهم، وبالتالي نقول أن الحكم التفصيلي على واقع الحركات الإسلامية في الصومال ومناهجها الفكرية والعملية يحتاج إلى بحث متجرد مضن.

وحق أن يكون كذلك، فحتى وقت قريب جدا كان الحديث المتداول عن الصومال في الحوارات الشخصية لكثير من الناس والكثير من أدعياء الثقافة متأثرا بالمطروح إعلاميا من خلال وسائل التجهيل وتسطيح العقول، حيث كان الحديث عن الصومال لا يستدعى إلا للتفكه على نحافة إنسان أو سمرة بشرته، وربما في أحسن الأحول في الحديث عن فقر مدقع أو انهيار اقتصادي، وفجأة، تقفز الصومال إلى قلب المشهد وتفرض نفسها كواقع ثري متخم بالدروس والعبر يحتاج إلى من يقف عليه متأنيا ليفك شفرته.

نعم، نقول أن الواقع الإسلامي في الصومال غاية في الثراء على الرغم من بعده عن قلب العالم الإسلامي، فقد سبق بيان كيفية دخول الإسلام الحبشة وقيام الممالك الإسلامية على ساحل القرن الإفريقي بعد ذلك، واتصال أبناء الحبشة بدولة الخلافة في بغداد، ووارثيها بعد ذلك في مصر أو تركيا أو الشمال الإفريقي، طلبا للمعونة على أعدائهم أو طلبا للعلم من مدارسه المزدهرة في هذه البلاد بالإضافة إلى بلاد الحرمين القريبة منها، ثم الحروب الدائمة مع إثيوبيا، والإقتتال الداخلي بين القبائل وبعضها وبين أمراء الحرب بعضهم تارة، وبينهم وبين الإسلاميين تارة أخرى، كل هذه العوامل وصور المدافعة بين الحق والباطل كان لابد أن يكون لها ثمرة.

والثمرة المعروفة دائما في مثل هذه الأحوال هي ضيق الناس بظلمات الجاهلية ولجوئهم إلى نور الإسلام، يلتمسونه في جلوسهم بالإستماع والإستفتاء والتقاضي عند العلماء وطلاب العلم العائدين من بغداد أو القاهرة أو الزيتونة أو مكة والمدينة، أو في التفافهم حول قادة إسلاميين ينهضون بأعباء بلادهم في ظل غياب أو تغييب كامل للأمن والمقومات الأساسية لأي مجتمع، فضلا عن مجتمع مسلم محافظ على دينه ، يحترم العلماء ويحاول الحفاظ على هويته الإسلامية، نقول ذلك حتى لا ينخدع البعض بما يروج من دعايات حول الحركة الإسلامية في الصومال من أنها وليدة الأمس، أو صنيعة لتنظيمات شوهت صورتها هي الأخرى حتى صارت رمزا للشر في أدبيات العلمانيين، أو أذنابهم من أقزام الثقافة والفكر الذين صنعهم الغرب على عينه ليكون حجر عثرة في سبيل أي فهم مستقيم لأي قضية من القضايا، وبحيث يروج فقط ما يريده القابعون في واشنطون أو تل أبيب بلا فارق يذكر.

كذلك ينبغي التنبه إلى أن واقع الحركة الإسلامية في الصومال لابد وأنه مر ويمر بمرحلة مخاض تولدت بعدها ولاتزال العديد من الحركات الإسلامية التي قد يفضل بعضها الإندماج في البقية، وقد يؤثر البعض البقاء كفصيل متميز لسبب أو لآخر، وبين هذا وذاك يكون التباين الفكري بين هذه التيارات مستوعبا، وكيف لا وهذا التباين مستوعب في بلاد أكثر إستقرارا وهدوءا فمن باب أولى ألا يتخذ البعض هذا التباين بين بعض الفصائل كوصمة عار على جبين الحركة الإسلامية هناك، ومع ذلك فلا يوجد عاقل لا يأمل في توحد أبناء هذه البلاد وغيرها على منهج أهل السنة والجماعة وتحت قيادة موحدة تستطيع النهوض بالمهمات المنوطة بها.

و لاشك أن لكل حركة إسلامية أو تيار أدبياته التي من خلالها يمكن التعرف على أبعاد منهجه، ولكن هذا الأمر يظل حتى الآن غير متوفر، فى مقابل ما يتوفر من مجموعة من الأخبار العدائية المضللة وبعض الدراسات التحريضية من أعداء الحركة الإسلامية بصفة عامة حيث يختلط في هذه الدراسات الشرق بالغرب والشمال بالجنوب، وتبقى مجموعة من الأخبار التي نشرتها بعض المواقع الإخبارية الإسلامية والعربية ومجموعة من الحوارات التي أديرت من قبل بعض الفضائيات العربية مع بعض رموز التيارات الإسلامية في الصومال، وإن كان الغالب على هذه الحوارات التركيز على استيضاح الشأن في مواقف سياسية معينة تناسب طبيعة المطروح على هذه القنوات، وبالتالي تغيب جوانب غاية في الأهمية كان يمكن أن تساعد في الوقوف على جلية أمر هذه التيارات.

ولكن على كل فإن هذه الحوارات والبيانات الصادرة عن بعض التيارت والحركات الإسلامية في الصومال تظل هي أصدق وأدق الموجود، وينبغي -على الأقل في هذه المرحلة- فهم بقية المواقف والأخبار في ضوئها، لا سيما الأخبار التي يغلب على الظن أن أصحابها تحروا الدقة فيما ينقلونه، وإلى أن يفتح كتاب الصومال شيئا فشيئا، وقبل وبعد أن يفتح تظل قضايا المسلمين وهمومهم هي قضايا كل مسلم وهمومه، حيث الآلام واحدة وكذلك الآمال وإن تباعدت الديار واختلفت الأجناس، فأهل الجنة هم المسلمون عبر التاريخ والجغرافيا كذلك، ويظل كل نصر لمسلم يرفع راية التوحيد هو نصر للأمة ككل وكل جرح يصيبه هو جرح للأمة ككل.

ويبقى أمر وهو وإن توقفنا قليلا في التقييم الدقيق لواقع الحركة الإسلامية في الصومال، فإننا على يقين من واقع الحركة الصليبية والصهيونية في العالم، ولا نحتاج للتوقف للتعرف على أهداف أمريكا وإسرائيل أو إثيوبيا، وبالمثل نقول إن كل نصر لأمريكا هو جرح لنا، وكل جرح لها يوم فرح وسرور لكل صادق في نصرة دينه.

المعلومات الواردة في الملف مستفادة من عدد من الأبحاث والموسوعات والمقالات المنشورة على شبكة الإنترنت مع تصرف من فريق العمل بالموقع...أهم المصادر (الموسوعة العربية - الموسوعة القبطية - الجزيرة نت - مفكرة الإسلام - الإسلام اليوم - إسلام أون لاين)

 

 

www.salafvoice.com