الخميس، ١٩ رمضان ١٤٤٥ هـ ، ٢٨ مارس ٢٠٢٤
بحث متقدم

هل جاء اليوم الذي نبكي فيه الحجاج؟

وحينما رفع المسلمون راية الله جهادًا في سبيله، وتطبيقًا لشرعه، وقيامًا بواجبهم في نصرة دينهم.. حينما فعلوا ذلك أعزهم الله ونصرهم، وسادوا الدنيا وقادوها ..وبلغ العز بالمسلمين مبلغه حتى باع "الفلاح المسلم" حافي القدمين بعد معركة "حطين" الصليبيين بحذاء! وباع أحدهم صليبيًا بكلب صيد! ..

هل جاء اليوم الذي نبكي فيه الحجاج؟
محمد سرحان
الخميس ٢١ أكتوبر ٢٠١٠ - ١٣:٤٠ م
2497

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

قال الفاروق عمر -رضي الله عنه-: "إنا كنا أذل قوم، فأعزنا الله بالإسلام، فمهما ابتغينا العزة في غيره أذلنا الله"، فكلما تمسك المسلمون بدينهم؛ كلما أعزهم الله ونصرهم.

وحينما رفع المسلمون راية الله جهادًا في سبيله، وتطبيقًا لشرعه، وقيامًا بواجبهم في نصرة دينهم وتحمل مسئولية الدين حتى قال ربعي بن عامر -رضي الله عنه-: "إن الله ابتعثنا لنخرج مَن شاء مِن عبادة العباد إلى عبادة الله وحده، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام، ومن ضيق الدنيا إلى سعة الدنيا والآخرة"؛ حينما فعلوا ذلك أعزهم الله ونصرهم، وسادوا الدنيا وقادوها بكتاب الله وسنة نبيه -صلى الله عليه وسلم-.

وبلغ العز بالمسلمين مبلغه حتى باع "الفلاح المسلم" حافي القدمين بعد معركة "حطين" الصليبيين بحذاء! وباع أحدهم صليبيًا بكلب صيد!

وأقسم "قتيبة بن مسلم" -رحمه الله- أن يطأ تراب الصين، ويحلق رؤوس أبناء أمرائهم؛ فأرسل "ملك الصين" إليه يطلب منه الرجوع عن أرضهم، وبعث مع الرسل تراب الصين حتى يطأه "قتيبة"، وأبناء الأمراء؛ ليحلق رؤوسهم ليبر قسمه!

ولما تولى "نقفور" ملك الروم، وكانت قبله ملكة الروم "ريني" تدفع جزية لـ"هارون الرشيد" -رحمه الله-، كتب للرشيد كتابًا يخبره أن ضعف المرأة كان سببًا لدفع الجزية، وقال: "فإذا قرأت كتابي فاردد ما حصل قِبَلك من أموالها، وافتد نفسك بما يقع به المصادرة لك، وإلا فالسيف بيننا وبينك".

فكتب له "الرشيد" على ظهر كتابه استهانة به واحتقارًا له: "بسم الله الرحمن الرحيم.. من "هارون الرشيد" أمير المؤمنين إلى "نقفور كلب الروم"، قد قرأت كتابك يا ابن الكافرة، والجواب ما تراه لا ما تسمعه، والسلام"!

وقاد الرشيد جنده حتى فتح من بلاد الروم ما يسره الله له، وغنم مغانم عظيمة، وأذل الله على يديه الروم وملكهم.

ولما فتح الملكُ الأشرفُ خليلَ عكا، وصيدا، وحرر بلاد الشام من الصليبيين ســ690ـنـةهـ، وبلغ عدد الأسرى عددًا كبيرًا حتى كان ثمن الجارية درهمًا واحدًا!

ويرسل قيصر الروس ورئيس النمسا تهنئة إلى السلطان "سليمان القانوني" العثماني بفتح بلجراد.

وكان ملوك النصارى في أوروبا يرسلون إلى أمراء المسلمين في الأندلس يطلبون منهم الموافقة بإرسال أبناء وبنات الأمراء إلى الأندلس؛ ليتعلموا في مدارس المسلمين، فيرد الأمير بقبول ذلك وإعطائهم منحة دراسية لهم.

فكتب ملك إنجلترا "جورج الثاني" إلى "هشام الثالث" رسالة يقول فيها: "هذه رسالة من جورج الثاني ملك إنجلترا والغال والسويد والنرويج إلى الخليفة ملك المسلمين في مملكة الأندلس صاحب العظمة هشام الثالث الجليل المقام.. بعد التعظيم والتوقير.. فقد سمعنا عن الرقي العظيم الذي تتمتع بفيضه الصافي معاهد العلم والصناعات في بلادكم العامرة؛ فأردنا لأبنائنا اقتباس نماذج هذه الفضائل لتكون بداية حسنة في اقتفاء أثركم لنشر العلم في بلادنا التي يسودها الجهل من أربعة أركان.

ولقد وضعنا ابنة شقيقنا الأميرة دوبان على رأس بعثة من بنات أشراف الإنجليز تتشرف بلمس أهداب العرش والتماس العطف؛ لتكون مع زميلاتها موضع عناية عظمتكم، وحماية الحاشية الكريمة، وحدب من اللواتي سيتوفرن على تعليمهن، ولقد أرفقت مع الأميرة الصغيرة هدية متواضعة لمقامكم الجليل أرجو التكرم بقبولها". "من خادمكم المطيع جورج".

كان للمسلم قيمة ومكانة عظيمة فلا يقبل أن يمس أو يهان أو ينال منه، روى ابن هشام: "أن امرأة من العرب قدمت بجلب لها فباعته في سوق بني قينقاع وجلست إلى صائغ فجعلوا يريدونها عن كشف وجهها فأبت؛ فعمد الصائغ إلى طرف ثوبها فعقده إلى ظهرها وهي غافلة فلما قامت انكشفت سوأتها فضحكوا بها، فصاحت.. فوثب رجل من المسلمين على الصائغ -وكان من اليهود- فقتله، فشدت اليهود على المسلم فقتلوه؛ فاستصرخ أهل المسلم المسلمين على اليهود، وأجلى النبي -صلى الله عليه وسلم- بني قينقاع بسبب ذلك".

ولما رجع الحاجب المنصور -رحمه الله- أحد أمراء الأندلس من بعض معاركه لقيته امرأة، وقالت له: "يا منصور اسمع ندائي.. أنت في طيب عيشك وأنا في بكائي". فسألها عن مصيبتها التي عمتها وغمتها فذكرت له: أن لها ابنًا أسيرًا في بلاد سمتها له، وأنها لم يهنأ عيشها لفقده؛ فرحب المنصور بها وأظهر الرقة بسببها، وخرج من القابلة إلى تلك المدينة التي فيها ابنها، وجاس أقطارها، وببنود الإسلام ظللها، وخلص جميع من فيها من الأسرى!

ولما بعث عمر بن عبد العزيز -رحمه الله- رسولاً إلى ملك الروم وجد وسط المدينة شابًا أعمى يدير رحا تطحن الحب، فتعجب من ذلك فسأل عن ذلك.. فقالوا: "هذا شاب أسلم فعذبوه حتى عمي، وكان من عذابه أن يدير الرحى وسط المدينة"، فقطع زيارته وأخبر عمر بذلك؛ فبعث عمر إلى ملك الروم أن يرسل هذا الشاب إلى بلاد المسلمين عزيزًا مكرمًا وإلا فالحرب.. فأُرْسِل إلى بلاد المسلمين عزيزًا مكرمًا!

ولما وصل إلى مسامع المعتصم نداء المرأة التي أسرها الروم.. ما هتكوا عرضها ولا ذبحوا ولدها.. ولا قتلوا زوجها.. ولا هدموا ديارها ولا أخذوا مقدساتها وأرضها.. ولا حبسوها ليفتنوها عن دينها... فنادت: "وامعتصماه"؛ قاد المعتصم جيشه حتى فتح "عمورية"، وأنقذ المرأة وغيرها من الأسرى!

ولعلك تقول هذا المعتصم الخليفة، وهذا العادل عمر بن عبد العزيز، وهذا الرشيد وهذا.. وهذا.. من فضلاء المسلمين؛ فاسمع إذن:

أسر الروم في بلد من بلاد الهند امرأة مسلمة فنادت: "واحججاه"، وكان الحجاج حاكم بغداد يومئذ، فوصلت الاستغاثة إليه فبعث محمد بن مسلمة لفتح هذه البلاد، وتم الفتح بفضل الله -تعالى-، وذهب الحجاج وفتح باب السجن بنفسه، وأخرج المرأة وقال لها: "لبيك يا أختاه.. لتشهدي لي عند الله".

هذا الحجاج الذي قيل فيه: "لو جاءت كل أمة بظالمها وجئنا بالحجاج لفقناهم جميعًا"!

فهل نقول: أين الحجاج؟! ويا ليت لنا بالحجاج..! ونبكي على أيامه الخوالي.

رب وامـعـتـصـمـاه انطلـقـت          ملء أفـواه الصبـايا الــيـتـم

صادفت أسماعهم، لكنها ما              صــادفــت نـخـوة المعـتصم

وكم من مسلم أمسى سليبًا               ومـسـلـمـة لهـا حـرم سليب

أمــور لـو تعــقـلـهن طـفل                لطفل في عوارضه المشيب

فاللهم انصر الإسلام والمسلمين وأذل الشرك والمشركين، وانصر المسلمين المستضعفين في كل مكان.

وصلِّ اللهم وبارك على عبدك وحبيبك محمد -صلى الله عليه وسلم-، وعلى آله وصحبه وسلم.

salafvoice

تصنيفات المادة

ربما يهمك أيضاً