الجمعة، ٢٠ رمضان ١٤٤٥ هـ ، ٢٩ مارس ٢٠٢٤
بحث متقدم

رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه

فإن لله -تعالى- في كل عصر من العصور رجال صدقوا ما عاهدوه عليه، يبذلون كل غال ونفيس في سبيله وفي سبيل إعلاء كلمته؛ حتى تكون كلمة الله هي العليا وكلمة الذين كفروا هي السفلى...ومِن هؤلاء في هذا العصر، وفي مصرنا الحبيب شيخنا المفضال الشيخ "سعيد عبد العظيم" -حفظه الله-...

رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه
محمود عبد الحميد
الخميس ٢٧ يناير ٢٠١١ - ١٣:٥٠ م
3385

رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه

كتبه/ محمود عبد الحميد

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد..

فإن لله -تعالى- في كل  عصر من العصور رجال صدقوا ما عاهدوه عليه، يبذلون كل غال ونفيس في سبيله وفي سبيل إعلاء كلمته؛ حتى تكون كلمة الله هي العليا وكلمة الذين كفروا هي السفلى، يُعلِّمون الناس دينهم، وينشرون السنة، ويبينون الصحيح من السقيم، ويحيون السنن التي أميتت، ويميتون كل بدعة ظهرت، ويحيون ما اندرس من العمل بالكتاب والسنة، والأمر بمقتضاهما.

ويُبينون الفرق بيْن السنة والبدعة، ويكثرون العلم ويعزون أهله، ويقمعون البدعة ويكسرون أهلها، ويعيدون الدين على النحو الذي كان عليه زمن النبي -صلى الله عليه وسلم-، ويعيدون الناس إلى الدين على النحو الذي مضى عليه أهل القرون الثلاثة المفضلة؛ فينفون عنه تحريف الغالين والمبطلين، وغلو المتنطعين، وتفلت الفاسقين، ويعيدون الناس إلى الدين قبولاً وانقيادًا وتسليمًا، وتصديقًا واتباعًا وتوقيرًا.

ومِن هؤلاء في هذا العصر، وفي مصرنا الحبيب شيخنا المفضال الشيخ "سعيد عبد العظيم" -حفظه الله-، فقد عرفته منذ أكثر من خمس وثلاثين سنة ذو عمل دؤوب في الدعوة إلى دين الله -سبحانه وتعالى-، فحين كانت الحياة تهيب بمن يخلصها مِن ظلمات الجهل، ويحررها من قيود المعصية، وينقذها من بحور الشهوات والشبهات؛ قامت طائفة من الرجال الصادقين بحمل هذا العبء الثقيل ابتغاء مرضاة الله -عز وجل-، وكان من أوائلهم: شيخنا "سعيد عبد العظيم" -حفظه الله-، فأثر في قلوب وأسماع الناس، وجعل الله له قبولاً عند الناس؛ لما رأوا فيه من إخلاص وصدق وعطاء منقطع النظير.

ولما رأوه فيه من اتباع للنبي -صلى الله عليه وسلم- علمًا وعملاً وسلوكًا، وتوقيره لعلماء الأمة وسلفها الصالح، وجده في إنكار البدع والخرافات، وتبيين زيف المذاهب الفكرية المعاصرة، وإنكاره للشرك ودعوته إلى التوحيد، وهو مع ذلك قد نذر نفسه للإجابة على أسئلة السائلين: مهاتفة ومكاتبة ومشافهة، مع اهتمامه بالسلوك التربوي والجانب الوعظي، والتوجيه العلمي لطلاب العلم والصبر على تعليمهم، وللشيخ -حفظه الله- أعمال عديدة في ميادين الخير وأبواب البر، ومجالات الإحسان إلى الناس والسعي في حوائجهم، والنصيحة لهم بصدق وإخلاص.

وله مؤلفات كثيرة تدل على علمه وسعة اطلاعه، وقدرته على استنباط الأحكام والفوائد مِن الكتاب والسنة، وعنده معرفة بالواقع وأحواله، وهو جامع بيْن العلم والعمل، يتحلى بأخلاق العلماء الفاضلة التي مِن أبرزها: الورع، ورحابة الصدر، وقول الحق، والعمل لمصلحة المسلمين، والنصح لخاصتهم وعامتهم، وهو يتبع أسلوبًا متميزًا في الدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة، وتقديمه مثلاً حيًا: فكرًا وسلوكًا، يتمسك بصحة الدليل، وصواب التعليل، متقيدًا بما كان عليه السلف الصالح في الاعتقاد علمًا وعملاً، ودعوة وسلوكًا، وعنده ملكة لاستحضار الآيات والأحاديث لتعزيز الدليل، واستنباط الأحكام والفوائد.

يمضي معظم وقته في التعليم والتربية، والإفتاء والقراءة والتأليف، لم يترك لنفسه وقتًا للراحة، حتى إذا سار على قدميه في أي مكان فإن الناس يسيرون معه ويسألونه، فيجيبهم وهو يجوب المدينة شرقًا وغربًا، وشمالاً وجنوبًا، داعيًا إلى الله -عز وجل- من غير كلل ولا ملل، وله مشاركات في مؤتمرات في أوروبا، وفي بعض الدول العربية، وقد كان يجوب محافظات مصر داعيًا ومصلحًا.

وهو متسم بصفات السلف، مِن: الحلم، والصبر، والجلد، والجدية في طلب العلم، والتواضع، بشوش الوجه، لين الجانب، يخالط الناس ويؤثر فيهم، ويدخل السرور إلى قلوبهم، عنده ثقة بموعود الله، ترى السعادة تعلو محياه وهو يلقي دروسه ومحاضراته، لم تفتر عزيمته في سبيل نشر العلم حتى وهو مريض وقد اشتد عليه مرضه كان يخرج لدرسه، صالحًا يُقتدى به في الثبات والصبر والاحتساب، وما شهدتُ إلا بما علمتُ، والغيب يعلمه الله -تعالى-، ومن مؤلفاته -حفظه الله-: "الديمقراطية في الميزان - تحصيل الزاد - أخطاء شائعة في البيوع - الصدق منجاة - الإلحاد - قواعد تاريخية لمنع تزييف الوعي - خذوا ما آتيناكم بقوة - الغلو في التكفير - التهور والاندفاع - التدين والالتزام -". وعشرات الكتب والرسائل، وغير ذلك.

ولما كان واجبًا على العلماء حماية المسلمين من تضليلات المضلين، وتزييف المبطلين؛ قام الشيخ -حفظه الله- في محضراته ومؤلفات حتى يبين المنهج الصحيح لكل ناشد للحقيقة، حريص على النجاة، طالب للسعادة.

ولذلك قام بعض الكتاب المنتمين إلى هذه المناهج المنحرفة والذين يكتبون في هذه الصحف والمجلات السوداء بمهاجمة هذا الشيخ الجليل لا لشيء إلا أنه بيَّن عوارهم! ولو عرف هؤلاء أن الكفار المقنعين يحرثون على أكتافهم وظهورهم مزارع سياستهم، ولا يدفعون لهم مقابل ذلك إلا الغرور بالنفس والأجر اليسير، والخمر والحشيش، والمواعيد الكاذبة والأوهام الخادعة؛ لاستقام تفكيرهم، وتيقظت بصائرهم؛ ولرجعوا إلى صنوف المؤمنين بالله يكافحون الإلحاد ومن يغذيه أو يدفع إليه.

وإني أعتقد أنه مِن غير المستحسن إثارة معارك جدلية مع هؤلاء الفاشلين "فلول الشيوعيين"؛ حتى لا تعطيهم هذه المعارك فرصة لشهرتهم، لأنهم يسلكون مسلك: "خالف تعرف"، وبإهمالهم يتساقطون تساقطًا ذاتيًا أمام سلطان الحق، وينساهم الزمان كما نسى أسلافهم، وتطويهم الحقائق طي رفات الهالكين.

وأقول: لولا أن الإسلام حق بذاته، مؤيد بتأييد الله، محفوظ بحفظه، لم تبق منه بقية تصارع قوى الشر في الأرض التي ما تركت سبيلاً من المكر به إلا سلكته، ولا سببًا لإطفاء نوره إلا أخذت به (وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ) (الأنفال:30).

فاللهم ألهمنا الصواب وآتنا الحكمة وفصل الخطاب.

اللهم أرنا الحق حقًا وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، ووفقنا لما تحب وترضى، واجمع كلمة المسلمين على البر والتقوى، وانصر أوليائك على أعدائك، وأيد جندك على جند إبليس، وحقق وعدك إذ قلت، وأنت لا تخلف الميعاد (بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ) (الأنبياء:18).

وقوله -تعالى-: (وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ . وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُمْ مَا كَانُوا يَحْذَرُونَ) (القصص:5-6).

وفي الختام: أقول لهؤلاء الأفاكين الذين يرمون المؤمنين بما هم منه براء: (يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَرَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقًا حَسَنًا وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ إِنْ أُرِيدُ إِلا الإِصْلاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ) (هود:88)، (وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ) (سبأ:24).

www.anasalafy.com

موقع أنا السلفي