الجمعة، ١١ شوال ١٤٤٥ هـ ، ١٩ أبريل ٢٠٢٤
بحث متقدم

بيان عاجل حول الأحداث الفاجعة في ليبيا

فقد تسارعت الأحداث وانتقلت مِن تونس إلى مصر، وها نحن نسمع عن قيام الطائرات بضرب الثوَّار

بيان عاجل حول الأحداث الفاجعة في ليبيا
سعيد عبد العظيم
الخميس ٢٤ فبراير ٢٠١١ - ١٧:٤٠ م
7543

بيان عاجل حول الأحداث الفاجعة في ليبيا

كتبه/ سعيد عبد العظيم

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

فقد تسارعت الأحداث وانتقلت الثورة مِن تونس إلى مصر، وها نحن نسمع عن قيام الطائرات بضرب الثوَّار في ليبيا الشقيقة، وقتل المئات، وجرح الآلاف بالذخيرة الحية؛ وهذه الأفعال مِن شأنها أن تؤجج النيران، وأن تزيد الثورة اشتعالاً، وتُعجل بخاتمة الطغاة الذين لا يرقبون في أمتهم إلاًّ ولا ذمة، ويريدون تدمير البلاد والعباد، والدين والدنيا؛ لمصالحهم الشخصية -حسبنا الله ونعم الوكيل-.

وكما حاول حاكم "تونس"، وحاكم "مصر" تخويف الغرب والأمريكان مِن استيلاء الإسلاميين على السلطة، وأن الاستقرار لا يتحقق إلا به، فكذلك فعل حاكم ليبيا!

وأمثال هؤلاء يخاطبون سادتهم الذين يمدونهم في الغي من كل ملحد كفَّار، حتى إذا أدَّوا أدوارهم المرسومة في محاربة الدين وأهله، وإفساد البلاد والعباد، تخلَّوا عنهم، وقذفوا بهم في سلة المهملات! بالضبط كما يفعل الشيطان مع الساحر؛ وإلا فهذا الخطاب لا يصلح مع المسلمين الذين يحبون الدعاة والعلماء، ولا يرضون بشريعة ربهم بديلاً، ولا يستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير.

ولذلك أحرق الثوَّارُ الكتابَ الأخضرَ.

ونحن إذ نعيش الأحداث الفارقة في مصر، وعيوننا على أحفاد "عمر المختار"، وعلى أهلنا وإخوتنا في ليبيا الذين سبق لهم مقاومة الاحتلال الإيطالي ودحره، فنقول لهم: صبرًا فالدماء الزكية لا تذهب هدرًا، وللظالمِ قاتلٌ لا يموت، وعلى الباغي تدور الدوائر، ومن سلَّ سيفَ البغي قٌتِل به، لا طاقة لأحد على حرب الله -سبحانه وتعالى-.

فهذا القهر والطغيان الذي تجاوز كل حد هو مِن أعظم أسباب اقتلاع المفسدين في الأرض هنا وهناك، فربُّنا يُملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته: (وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ(هود:102).

لا يمكن الاستخفاف بعقول الشعوب المسلمة، ولنعلم أن الجزاء من جنس العمل، فمن أهان الشعوب لا بد وأن يذوق طعم المذلة والمهانة؛ فتدبيرهم تدميرهم، وكيدهم يرتد إلى نحورهم، والبِرُّ لا يبلى، والذنب لا يُنسى، والديَّان لا ينام.

فماذا ينتظر مَن أجهض "الحركة السنوسية"، واستولى على الثورة، ودمر ثروة ليبيا، وفوق ذلك كان الصد عن سبيل الله، وترويع الأبرياء، وإبعاد الأمة عن دين ربها؟!

نهيب بإخواننا في ليبيا.. أن يحتسبوا الأجر عند الله، وأن يجعلوا العمل لله -سبحانه-، وأن يحذروا نعرات الوطنية والقومية والديمقراطية والدولة المدنية؛ فهناك مَن يحرض على سرقة الثورات، وليكن هدفكم مرضاة الله، والحكم بكتاب الله وسنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فتحسَّبوا لكل مَن يحاول ركوب الموجة.

نحن لا ندري إلى أين تمضي الأحداث، ويبدو أن الكيل قد فاض، وبلغت القلوب الحناجر، وبات الغرض التخلص مِن الطغاة على أمل أن يقل الشر والفساد، وحتى لو تم انتزاع الحق بالقوة كما سلب بالقوة، ولا يسعنا إلا أن نستبشر الخير، فقضاء الله لعبده المؤمن كله خير، والشرع يأمر بالبشارة، والواقع يصدق.

نرفض التدخل الأمريكي في ليبيا وغيرها مِن بلدان المسلمين بجميع صوره وأشكاله، فلن نستبدل أعداء الداخل بأعداء الخارج، ولن نستبدل فساد بفساد، ونحن إذ نرفض الحكم بالكتاب الأخضر، نرفض أيضًا كل ما يخالف شريعة الله: كالديمقراطية بحرياتها المنفلتة، والعلمانية التي تفصل الدين عن الدولة، فلا بد مِن إقامة شرع الله في كل ناحية من نواحي الحياة، سواء كانت سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية أو أخلاقية.

لقد صارت المسألة مسألة أدوار.. فاليوم ليبيا، وغدًا اليمن، وكل الدول مرشحة لفوضى خلاقة كما صرحت وزيرة الخارجية الأمريكية، والتقسيم الذي حدث في العراق والسودان يراد مثله لمصر والسعودية والمغرب.

علينا أن نَعِيَ سننَ الله في اقتلاع الظالمين والطغاة والطواغيت: كفرعون، وقوم نوح، وعاد، وثمود، ولا نستبعد دعوة مظلوم وقتل برئ يكون سببًا في زلزلة العروش، ولو حكم الرئيس الليبي خمسين سنة بالحق والعدل لما طالب أحد بعزله، ولما استمات الناس في إقصائه وخلعه.

إن جرح ليبيا كجرح مصر، فالـ(الْمُؤْمِنُونَ تَكَافَأُ دِمَاؤُهُمْ، وَهُمْ يَدٌ عَلَى مَنْ سِوَاهُمْ، وَيَسْعَى بِذِمَّتِهِمْ أَدْنَاهُمْ(رواه أحمد وأبو داود، وصححه الألباني)، و(مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ، إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ شَيْءٌ، تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى(رواه مسلم)، ومن لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم.

ولذلك نهيب بالجميع: أن يقفوا مع شعب ليبيا في مصابهم، وأن تُمد يد العون لهم بتقديم المساعدات العينية والمادية، وخروج القوافل الطبية وبذل الدواء، والقيام على شئون البلاد بما يحفظ الأمن وييسر الحصول على الحقوق والاحتياجات.

وتبصير الناس بطاعة الوقت وصدق اللجوء إلى الله -تعالى- حتى ترتفع الغمة، ونستشعر المنحة في المحنة، ويصطلح كل فريق على حقه: (وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ(الشعراء:227).

اللهم اجعل هذا البلد آمنًا مطمئنًا، وسائر بلاد المسلمين.

وَآخِرُ دَعْوَانا أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.

www.anasalafy.com

موقع أنا السلفي

ربما يهمك أيضاً