الخميس، ١٩ رمضان ١٤٤٥ هـ ، ٢٨ مارس ٢٠٢٤
بحث متقدم

بيان من الدعوة السلفية حول أحداث ليبيا

فقد تواتر إلينا أخبار ما يفعله طاغية ليبيا "القذافي" بشعبه مِن أعمال قتل جماعي، وإبادة دون رحمة للعزل، واستئجار المرتزقة لقتل أبناء أمته الثائرين على ظلمه وغشمه وجوره. ...........

بيان من الدعوة السلفية حول أحداث ليبيا
الدعوة السلفية
الأحد ٠٦ مارس ٢٠١١ - ٢٠:١٠ م
7569

بيان من الدعوة السلفية حول أحداث ليبيا

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

فقد قال الله –تعالى-: (ذَلِكَ وَمَنْ عَاقَبَ بِمِثْلِ مَا عُوقِبَ بِهِ ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ لَيَنْصُرَنَّهُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ(الحج:60)، وقال ـ عز وجل-: (أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ . الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ(الحج:39-40).

فقد تواتر إلينا أخبار ما يفعله طاغية ليبيا "القذافي" بشعبه مِن أعمال قتل جماعي، وإبادة دون رحمة للعزل، واستئجار المرتزقة لقتل أبناء أمته الثائرين على ظلمه وغشمه وجوره.

فضلاً عما سبق مِن كفريات عديدة عبر سِنِي حكمه الجائر؛ بادعاء النبوة والرسالة، وطلب حذف ألفاظ مِن "القرآن الكريم"!

وتقديس "الكتاب الأخضر" المليء بالضلالات، وحكم بغير ما أنزل الله على جهة التشريع العام، وصده عن سبيل الله -تعالى- طوال مدة حكمه.

وقد سبق لعدد مِن أهل العلم تكفيره عينًا مما يقطع معه بانعدام ولايته شرعًا، ووجوب عزله، وإقامة صالح مكانه ـ ولو بشهر الأسلحة ونصب الحروب ـ؛ إذ بعد ما حدث لا يتصور أن يكون بقاؤه في الحكم إلا سببًا لإبادة شعبه، والانتقام مِن معارضيه، وتدمير البلاد بأسرها، فلا أفسد من ذلك.

وقد قال الجويني -رحمه الله- كما في صحيح مسلم بشرح النووي:

"وَإِذَا جَارَ وَالِي الْوَقْت، وَظَهَرَ ظُلْمُهُ وَغَشْمُهُ، وَلَمْ يَنْزَجِر حِين زُجِرَ عَنْ سُوء صَنِيعه بِالْقَوْلِ، فَلأَهْلِ الْحَلِّ وَالْعَقْد التَّوَاطُؤ عَلَى خَلْعه؛ وَلَوْ بِشَهْرِ الأَسْلِحَة وَنَصْبِ الْحُرُوب. هَذَا كَلامُ إِمَام الْحَرَمَيْنِ. وَهَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ مِنْ خَلْعه غَرِيب، وَمَعَ هَذَا فَهُوَ مَحْمُول عَلَى مَا إِذَا لَمْ يُخَفْ مِنْهُ إِثَارَة مَفْسَدَة أَعْظَم مِنْهُ" شرح النووي على صحيح مسلم.

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-:

"وقد تكلمت على قتال الأئمة في غير هذا الموضع. وجماع ذلك داخل في "القاعدة العامة": فيما إذا تعارضت المصالح والمفاسد والحسنات والسيئات أو تزاحمت؛ فإنه يجب ترجيح الراجح منها فيما إذا ازدحمت المصالح والمفاسد وتعارضت المصالح والمفاسد.

فإن الأمر والنهي وإن كان متضمنًا لتحصيل مصلحة ودفع مفسدة فينظر في المعارض له فإن كان الذي يفوت مِن المصالح أو يحصل مِن المفاسد أكثر؛ لم يكن مأمورًا به، بل يكون محرمًا ـ إذا كانت مفسدته أكثر مِن مصلحته ـ، لكن اعتبار مقادير المصالح والمفاسد هو بميزان الشريعة.

فمتى قدر الإنسان على اتباع النصوص؛ لم يعدل عنها ، وإلا اجتهد برأيه لمعرفة الأشباه والنظائر، وقل إن تعوز النصوص مَن يكون خبيرًا بها، وبدلالتها على الأحكام ، وعلى هذا ؛ إذا كان الشخص أو الطائفة جامعين بيْن معروف ومنكر بحيث لا يفرقون بينهما؛ بل إما أن يفعلوهما جميعًا؛ أو يتركوها جميعًا؛ لم يجز أن يؤمروا بمعروف ولا أن ينهوا عن منكر، بل ينظر، فإن كان المعروف أكثر؛ أمر به ـ وإن استلزم ما هو دونه من المنكرـ، ولم ينه عن منكر يستلزم تفويت معروف أعظم منه؛ بل يكون النهي حينئذ من باب الصد عن سبيل الله، والسعي في زوال طاعته وطاعة رسوله، وزوال فعل الحسنات، وإن كان المنكر أغلب ؛ نهى عنه ـ وإن استلزم فوات ما هو دونه من المعروف ـ، ويكون الأمر بذلك المعروف ـ المستلزم للمنكر الزائد عليه ـ أمرًا بمنكر، وسعيًا في معصية الله ورسوله.

وإن تكافأ المعروف والمنكر المتلازمان ؛ لم يؤمر بهما ولم ينه عنهما، فتارة يصلح الأمر؛ وتارة يصلح النهي؛ وتارة لا يصلح لا أمر ولا نهي حيث كان المعروف والمنكر متلازمين؛ وذلك في الأمور المعينة الواقعة" انتهى.

فنحن نؤكد لأهل ليبيا لزوم التواطؤ على إسقاط نظامه الظالم الفاسد المجرم الملوثة يداه بدماء المسلمين الأبرياء، ومحاربة الدين وأهله.

ونبرأ إلى الله - تعالى- ممن يتكلم باسم "السلفية" ـ و"منهج السلف" في هذه المسألة منه بريء ـ ممن يُـلزم بطاعة "هذا الطاغوت"، ويحرِّم الخروج عليه، ويجوِّز له قتل شعبه وأمته!

نسأل الله أن يحفظ بلاد المسلمين آمنة مطمئنة رخاء، وأن يجنبنا الفتن ما ظهر منها وما بطن.

اللهم رب جبريل وميكائيل وإسرافيل، فاطر السماوات والأرض، عالم الغيب والشهادة، أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون، اهدنا لما اختلف فيه مِن الحق بإذنك، إنك أنت تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم.

www.anasalafy.com

موقع أنا السلفي