الخميس، ١٩ رمضان ١٤٤٥ هـ ، ٢٨ مارس ٢٠٢٤
بحث متقدم

وقفات مع الأحداث (عناصر خطبة مقترحة)

أحداث في أحشائها فتن.. (وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ).. التأثير الإعلامي على الأحداث.. العلماء ورثة الأنبياء

وقفات مع الأحداث (عناصر خطبة مقترحة)
سعيد محمود
الأربعاء ٢١ ديسمبر ٢٠١١ - ١٦:١٦ م
3518

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

فالغرض من الخطبة:

الوقوف على بعض الفوائد والدروس من الأحداث.

المقدمة: "أحداث في أحشائها فتن":

- الأمة الإسلامية وزمان الفتن: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (إِنَّ بَيْنَ يَدَيِ السَّاعَةِ أَيَّامًا يَنْزِلُ فِيهَا الْجَهْلُ، وَيُرْفَعُ فِيهَا الْعِلْمُ، وَيَكْثُرُ فِيهَا الْهَرْجُ) قَالَ: قُلْنَا: وَمَا الْهَرْجُ؟ قَالَ: (الْقَتْلُ) (متفق عليه).

- عدم وضوح أسباب الاقتتال: وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَيَأْتِيَنَّ عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ لا يَدْرِي الْقَاتِلُ فِي أَيِّ شَيْءٍ قَتَلَ، وَلا يَدْرِي الْمَقْتُولُ عَلَى أَيِّ شَيْءٍ قُتِلَ) (رواه مسلم).

- الصحابة الكرام يحسبونه قتال الكفار: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إِنَّ بَيْنَ يَدَيِ السَّاعَةِ الْهَرْجَ). قَالُوا: وَمَا الْهَرْجُ؟ قَالَ: (الْقَتْلُ). قَالُوا: أَكْثَرُ مِمَّا نَقْتُلُ، إِنَّا لَنَقْتُلُ كُلَّ عَامٍ أَكْثَرَ مِنْ سَبْعِينَ أَلْفًا، قَالَ: (إِنَّهُ لَيْسَ بِقَتْلِكُمُ الْمُشْرِكِينَ، وَلَكِنْ قَتْلُ بَعْضِكُمْ بَعْضًا)، قَالُوا: وَمَعَنَا عُقُولُنَا يَوْمَئِذٍ؟ قَالَ: (إِنَّهُ لَتُنْزَعُ عُقُولُ أَهْلِ ذَلِكَ الزَّمَانِ، وَيُخَلَّفُ لَهُ هَبَاءٌ مِنَ النَّاسِ، يَحْسِبُ أَكْثَرُهُمْ أَنَّهُمْ عَلَى شَيْءٍ، وَلَيْسُوا عَلَى شَيْءٍ) (رواه أحمد وابن ماجه، وصححه الألباني).

- ويبلغ من شدة الفتنة أن يبيع كثير من الناس دينهم لأجل الدنيا: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (بَادِرُوا بِالأَعْمَالِ فِتَنًا كَقِطَعِ اللَّيْلِ الْمُظْلِمِ، يُصْبِحُ الرَّجُلُ مُؤْمِنًا وَيُمْسِي كَافِرًا، أَوْ يُمْسِي مُؤْمِنًا وَيُصْبِحُ كَافِرًا، يَبِيعُ دِينَهُ بِعَرَضٍ مِنَ الدُّنْيَا) (رواه مسلم).

الوقفة الأولى: (وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ):

يُراد من هذه الوقفة التحذير من جحود نعمة الله بعد الثورة باختيار النظم المخالفة لشرع الله -سبحانه وتعالى-.

- فضل الله على أهل مصر: (فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى) (الأنفال:17).

- امتنانه على خير الناس يستلزم الشكر: (وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) (آل عمران:123).

- والشكر إقامة أمر الله: (الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الأُمُورِ)(1) (الحج:41).

- ولكن كان من البعض الجحود ومخالفة أمر الله -تعالى-: "طلب الليبرالية والأنظمة المخالفة لأمر الله، ورفض الإسلام وشريعته" (وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتَوْا عَلَى قَوْمٍ يَعْكُفُونَ عَلَى أَصْنَامٍ لَهُمْ قَالُوا يَا مُوسَى اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ) (الأعراف:138).

- كفر النعمة يجلب النقمة: (وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ) (إبراهيم:7).

- ولذا كانت العقوبة: "الضياع والذل": (فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الأَرْضِ فَلا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ) (المائدة:26).

- المخرج: التوبة وإقامة أمر الله: (قَالا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ) (الأعراف:23)، وقال: (اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا . يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا . وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا) (نوح:10-12).

الوقفة الثانية: التأثير الإعلامي على الأحداث:

يراد من هذه الوقفة بيان خطورة التأثير الإعلامي على إثارة الأحداث، وعدم الالتزام بالضوابط الشرعية للإعلام، وتحذير الإعلام الإسلامي من مسايرة الإعلام العلماني.

- الإعلام قديمًا وأثر القصيدة والشعر والخطبة في الإثارة أو التهدئة: دعوة النبي -صلى الله عليه وسلم- من على جبل الصفا.

- الإسلام يضبط الإعلام: حادثة نزول قوله -تعالى-: (وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلاَّ قَلِيلاً)(2) (النساء:83).

عن ابن عباس عن عمر بن الخطاب قال: لَمَّا اعْتَزَلَ نَبِيُّ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نِسَاءَهُ، قَالَ: دَخَلْتُ الْمَسْجِدَ، فَإِذَا النَّاسُ يَنْكُتُونَ بِالْحَصَى، وَيَقُولُونَ: طَلَّقَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نِسَاءَه... قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنِّي دَخَلْتُ الْمَسْجِدَ وَالْمُسْلِمُونَ يَنْكُتُونَ بِالْحَصَى، يَقُولُونَ: طَلَّقَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نِسَاءَهُ، أَفَأَنْزِلُ، فَأُخْبِرَهُمْ أَنَّكَ لَمْ تُطَلِّقْهُنَّ، قَالَ: (نَعَمْ، إِنْ شِئْتَ)... فَقُمْتُ عَلَى بَابِ الْمَسْجِدِ، فَنَادَيْتُ بِأَعْلَى صَوْتِي، لَمْ يُطَلِّقْ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نِسَاءَهُ، وَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ. (رواه مسلم).

وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في الآية قال: هذا في الأخبار، إذا غزت سرية من المسلمين أخبر الناس عنها فقالوا: أصاب المسلمون من عدوهم كذا وكذا، وأصاب العدو من المسلمين كذا وكذا فأفشوه بينهم من غير أن يكون النبي -صلى الله عليه وسلم- هو يخبرهم به(3).

- صدق النقل للرسالة الإخبارية وضمان أمن المجتمع من أثر الشائعات: استيثاق الرسول -صلى الله عليه وسلم- من زيد بن أرقم حين أخبره بقول عبد الله بن أبي ابن سلول: "والله لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل". فقال له: "فَلَعَلَّكَ غَضِبْتَ عَلَيْهِ؟". قَالَ: لا وَاللَّهِ لَقَدْ سَمِعْتُهُ يَقُولُهُ؛ قَالَ: "فَلَعَلَّكَ أَخْطَأَ سَمْعُكَ؟". قَالَ: لا وَاللَّهِ يَا نَبِيَّ اللَّهِ لَقَدْ سَمِعْتُهُ يَقُولُهُ. قَالَ: فَلَعَلَّهُ شُبِّهَ عَلَيْكَ قَالَ: لا وَاللَّهِ، قَالَ: فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَصْدِيقًا لِلْغُلامِ: (لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الأَعَزُّ مِنْهَا الأَذَلَّ) (المنافقون:8).

- صلاحية الوقت لنقل الأخبار: إرسال النبي -صلى الله عليه وسلم- بعض الصحابة لاستطلاع خبر قريظة: "انْطَلِقُوا حَتَّى تَنْظُرُوا، أَحَقٌّ مَا بَلَغَنَا عَنْ هَؤُلاءِ الْقَوْمِ أَمْ لا؟ فَإِنْ كَانَ حَقًّا فَالْحَنُوا لِي لَحْنًا أَعْرِفُهُ، وَلا تَفُتُّوا فِي أَعْضَادِ النَّاسِ وَإِنْ كَانُوا عَلَى الْوَفَاءِ فِيمَا بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ فَاجْهَرُوا بِهِ لِلنَّاسِ".

الوقفة الثالثة: العلماء ورثة الأنبياء:

يراد من هذا الوقفة بيان أن الواجب على الناس الرجوع إلى العلماء في كل أمورهم، ويتأكد ذلك في أوقات الفتن والمحن كما كان المؤمنون يفعلون في حياة الأنبياء. قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (كَانَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ تَسُوسُهُمُ الأَنْبِيَاءُ، كُلَّمَا هَلَكَ نَبِيٌّ خَلَفَهُ نَبِيٌّ) (متفق عليه).

- العلماء نواب عن الأنبياء: قال: (إِنَّ العُلَمَاءَ وَرَثَةُ الأَنْبِيَاءِ) (رواه الترمذي، وصححه الألباني)، (فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) (النحل:43).

- العلماء أشرف الناس: قال -تعالى-: (شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ)(4) (آل عمران:18).

- العلماء أعلم الناس قدرًا: (قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ) (الزمر:9).

- شتان ما بين العلماء والعباد: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (فَضْلُ العَالِمِ عَلَى العَابِدِ كَفَضْلِي عَلَى أَدْنَاكُمْ) (رواه الترمذي، وصححه الألباني).

- غياب العلماء بالموت أو المنع مصيبة كبرى: قال عمر -رضي الله عنه-: "موت ألف عابد أهون من موت عالم بصير بحلال الله وحرامه".

- مجالسهم مجالس الأنبياء: قال سهل بن عبد الله: "من أراد النظر إلى مجالس الأنبياء فلينظر إلى مجالس العلماء".

- العلم حاكم على الأمراء والحكام والرؤساء شرعًا -أي يجب أن يرجعوا إلى العلم وأدلته كما بيَّن العلماء-: قال أبو الأسود الدؤلي: "الملوك حكام على الناس، والعلماء حكام على الملوك".

- وجوب توقير العلماء: عن الشعبي قال: جاء ابن عباس فأخذ بركاب بغلة زيد بن ثابت فقال له زيد: خل عنك يا ابن عم رسول الله -صلى الله عليه وسلم-. فقال ابن عباس: "هكذا يُفعل بالعلماء والكبراء".

وقال الشافعي:

أهـيـن لهم نفسي فهم يكرمونها         ولن تكرم النفس التي لا تهينها

- مواقف تاريخية للعلماء والدعاة المعاصرين: "الموقف من الثورة الإيرانية - الموقف من الاستعانة بالقوات الأجنبية في حرب الخليج".

فاللهم احفظ بلادنا وبلاد المسلمين من كل سوء، واجعلها رخاءً سخاءً آمنة، وائذن لشريعتك أن تعود وتسود، إنك على كل شيء قدير.

ـــــــــــــــــــــــــــــ

(1) يحسن بالخطيب أن يعرض ذلك من خلال ذكر أركان الشكر الثلاثة: 1- الإقرار بالنعمة. 2- نسبتها للمنعم. 3- بذلها في رضاه -سبحانه-.

(2) لأنه هو وأهل العلم يعلمون ما ينبغي أن يُذاع، وما ينبغي أن يكتم؛ إذ إن القاعدة في الإعلام الإسلامي تقوم على "الأمن والخوف".

(3) أذاع الشيء وأذاع به أي: أفشاه وأظهره.

(4) قال القرطبي في الآية: "لو كان أحد أشرف من العلماء لقرنهم الله باسمه واسم ملائكته كما قرن العلماء".

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com

تصنيفات المادة