الخميس، ١٩ رمضان ١٤٤٥ هـ ، ٢٨ مارس ٢٠٢٤
بحث متقدم

رسالة من طالب إلى شيخه الذي دخل البرلمان

رسالة من طالب إلى شيخه الذي دخل البرلمان
الجمعة ٢٠ أبريل ٢٠١٢ - ١٠:٠٤ ص
4470

من رسائل الزوار :

بسم الله الرحمن الرحيم
شيخي الحبيب:
لا جرم أن هذه الفترة الأخيرة من حياتك كانت من أكثر فترات حياتك تعباً وإرهاقاً وتضحية وبذلاً، وكذلك الحال بالنسبة لكل من يحمل هَمّ الدين وهَم تطبيق شريعة رب العالمين . وطوال فترة الانتخابات حتى ظهور النتيجة كانت تختلج قلبى بعض المشاعر لطالما وددت أن أنقلها لك ، هى ثلاث امور :
اشفـــق عليـــك - أخـــاف عليـــك - أرجـــوا منـــك
• اشفـــق عليـــك :
أول هذه المشاعر أحسست بها لما رأيت تعبك وإرهاقك ، لما رأيت صولاتك وجولاتك فى مختلف ربوع الدائره ، ولكن عندما ظهرت النتيجة وعمت الفرحة أحسست بأن الأمر قد بدأ وأن الجهاد قد حان وقته ،
نعم ؛ المشوار لم ينته وإنما بدأ طريق الكفاح لم ينتهى وإنما كانت تلك إشارة البدء إيذاناً بانطلاق مسيرة جهاد لك ولأمثالك ، شرفكم الله – تعالى – بخوض غمار حربها ، والنزول فى ميدانها.
أشفقت عليك شيخى الكريم – من هول ما تحمّلت . ومن عظيم أمرٍ قد اخترت ، من أمانة لا يعلم مدى ثقلها ولا مقدار حجمها إلا الله – سبحانه وتعالى – فمصر عروس قد تمنى الجميع زواجها ، وأخذ على عاتقه نوالها ، حتى وإن كان ذلك بغير إذن أوليائها ، حتى وإن كان ذلك على حساب دماء ذويها وأقربائها . مصر درة فى محل مطمع الطامعين ، وموطن تدبير الكائدين ، و موضع تخطيط المستعمرين ، الكل يلحَظ هواها ، ويرقب خطاها . وأنت شيخى الفاضل قد وُضِعت فى خندق المدافعين وفى طليعة المجاهدين ، ترسم لها طريق الحياة ، وتخط لها معالم النجاة , الحياة والنجاة فى تطبيق شرع الله ، الحياة والنجاة فى العوده والتمسك بسنة حبيبه ومصطفاه ، الحياة والنجاة فى الدين ( قل إن صلاتى ونسكى ومحياى ومماتى لله رب العالمين ) . وإنى - وكلى يقين – أقولها بملء الفم والفؤاد : أنت لها أنت لها شيخنا الكريم – إن شاء الله رب العالمين – ، فما حملك على هذا الأمر إلا هذه الغاية النبيلة ، والمهمة الجسيمة وهى تحكيم شريعة رب العالمين فى رقاب المسلمين.
• أخـــاف عليـــك :
إنى والله – لا أخاف عليك سحر المنصب والجاه ، ولا بريق الذهب و الفضه ، فقد عرفتك منذ أربع سنوات ( قمة ) فى كل خلق حسن وخصوصاً فى التواضع ، ومثلى لا يزكى مثلك ، ومثلى لا يثنى على مثلك ، ( فالذهب ليس محتاجاً لثناء الثرى كما أن النبى صلى الله عليه وسلم ليس محتاجاً لثناء الورى) .
لا أخاف عليك إلا الباب الرهيب الذى أصبح مفتوحاً لديك ، فقد أصبحَتْ مئات القرى تنتظر منك الزيارة وتنتظر منك الخدمات ، وتنتظر منك النفقات ، أصبحْتَ مسؤلا عن مئات الألاف . ونظراً لأن شعب مصر طيب بطبيعته ، وشهم بسجيته فلا يرضون منك إلا بذل نفسك ومالك فى خدمته ، وتخصيص ما يزيد على ساعات اليوم فى اليوم لقضاء طلباتهم ، وسد حوائجهم وذلك المحال بعينه .
أخاف عليك الانخراط فى هذا الأمر ، وأن يضيع وقتك كله فى هذا الشغل ، وأنت لم تخلق لهذا ، فلحظات عمر العالِم أثمن من الدر ، ونقاط وحروف كلامه أثمن من التبر . إى – والله – ( إن لحظات عمر العالِم أثمن من الدر ، وحروف كلامه أثمن من التبر ) . وأما رجال الخدمات العامة فهم كثر – ولله الحمد –
• أرجـــو منـــك :
وأخيرا فإن ابنك الذى ربيته يطلب منك رجاء . ابنك الذى رسمتَ له طريق الحياة ، ابنك الذى لقنته سبل النجاة ، ابنك الذى عوضته عاطفة الابوة التى حرمها صغيرا ، وهو الذى بدأ طلب العلم على يديك ، وتربى فى كنفك وتحت عينيك ، ووجّهته الى سبيل طلب العلم المستقيم ، وصراطه القويم ، ونصحته بعدم الاستعجال فاستجاب وبعدم اليأس والقنوط فالطريقَ الوعر إستطاب . كلماتك تدوى فى آذانه ، ونصائحك تملأ أركانه وتحرك وجدانه .
ولكن أخذتك منه واخذته منك الانتخابات على حيت غره ، فاستوحش الطريق ، وأحس بالغربه ، وأدرك الخطر وأيقن وقوع المكروه بعد أن قُطِعت عنه أسباب حياته وشرايين إحساسه .
لا أرجو منك إلا غيضاً من فضلة وقتك ، وبصيصاً من نور علمك ليضىء لى فى طريقى الذى رسمته لى ، حتى لا تزل بى القدم ، وأعطب فى مهاوى الهلاك ، وحينئذ لا ينفع الندم .
أطال الله عمرك ، وأعانك على نصرة قضيتك ، وفى سبيل خدمة دينه ونشر العلم واستعملك .

تصنيفات المادة