الجمعة، ١١ شوال ١٤٤٥ هـ ، ١٩ أبريل ٢٠٢٤
بحث متقدم

حول فتوى إهدار دم المتظاهرين يوم 24-8-2012

ما رأيكم في فتوى الشيخ "هاشم" في إهدار دم المتظاهرين يوم 24-8-2012؟

حول فتوى إهدار دم المتظاهرين يوم 24-8-2012
الأربعاء ٢٢ أغسطس ٢٠١٢ - ١٩:٤٩ م
2776

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

فقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (لاَ يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ، يَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ، إِلا بِإِحْدَى ثَلاَثٍ: النَّفْسُ بِالنَّفْسِ، وَالثَّيِّبُ الزَّانِي، وَالمَارِقُ مِنَ الدِّينِ التَّارِكُ لِلْجَمَاعَةِ) (متفق عليه).

ومجرد التظاهر ليس كفرًا، وأما التخريب والتدمير للمنشآت العامة والخاصة فجريمة مرفوضة؛ رفضناها في ظل النظام البائد فكيف لا نرفضها في ظل النظام الجديد؟! ومَن ارتكبها يعاقب على قدر ما فعل بالعقوبة الشرعية، ولا يصح تعميم العقوبة على مَن لم يرتكب جريمة فضلاً عن إباحة الدم وإهداره.

وإذا تواطأت طائفة على قطع الطريق فحكمهم حكم قطاع الطريق، والمعنى عند أهل العلم: "إشهار السلاح للقتل أو أخذ الأموال أو إخافة الناس"، وعند الجمهور -وهو الصحيح- أن العقوبة المذكورة في الآية: (إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ) (المائدة:33)، على الترتيب فمَن قتل النفوس قُتِل، ومَن قتل وأخذ المال صلب، ومن أخذ المال فقط قطعت يده ورجله من خلاف، ومن أخاف الطريق نفي من الأرض "ومنه السجن على الراجح".

وذهب المالكية وغيرهم إلى أن العقوبة للإمام على التخيير، ولكن لا ينبغي أن يُفتَى الحكام ببعض الحدود دون بعض كما كان يفعل علماء السوء للنظام السابق وهم يعلمون أنه لا يقيم الحدود، فيفتونه فيمن خالفه بعقوبة المحابين، وقد قال الله -تعالى-: (أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ) (البقرة:85)، فليس لنا مثل السوء.

وأما مجرد "التظاهر السلمي"؛ فهو ليس خروجًا ولا محاربة ولا بغيًا طالما لم يكن هناك قتال، والصائل على نفس أو مال يُدفع بالأهون فالأهون، ورئيس الجمهورية قد تمت رئاسته على عقد بينه وبين الأمة، ومِن ضمن ذلك: السماح بالتظاهر السلمي دون تخريب أو تدمير أو حمل سلاح أو سفك دماء، ولو كان كل معترض على رئيس الدولة يُهدر دمه لما كان هناك معنى لمدح الثورة بل ولا للرئاسة الحالية، بل كان الرئيس السابق هو الواجب الطاعة!

فإطلاق الفتوى بهدر دم المتظاهرين عجب من قائله، ونحن مع ذلك لا نرى المشاركة في هذه المظاهرات؛ لانعدام مبررها، ولضرورة إعطاء الرئاسة والحكومة فرصتهما في إصلاح الأوضاع، وليس هذا في أسابيع قليلة.

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com