الخميس، ١٩ رمضان ١٤٤٥ هـ ، ٢٨ مارس ٢٠٢٤
بحث متقدم

ليس فى الدنيا والآخرة شرٌ وداءٌ إلا وسببه الذنوب والمعاصى

فمما ينبغى أن يعلم أن الذنوب والمعاصى تضر ولا شك ، وأن ضررها فى القلوب كضرر السموم فى الأبدان على اختلاف درجاتها فى الضرر ، وهل فى الدنيا والآخرة شرٌ و داءٌ إلا وسببه الذنوب و المعاصى

ليس فى الدنيا والآخرة شرٌ وداءٌ إلا وسببه الذنوب والمعاصى
الشيخ أحمد فريد
السبت ٢٩ سبتمبر ٢٠١٢ - ٢٣:٢٥ م
2902

 

ليس فى الدنيا والآخرة شرٌ وداءٌ إلا وسببه الذنوب والمعاصى

 

 قال بعضهم : المعاصى سلسلة فى عنق العاصى ، لا يفكه منها إلا الاستغفار والتوبة .

 

 وقال بعضهم الذنوب جراحات ، وربَّ جرحٍِ جاء فى مقتل .

 

 وقال بعضهم : أرقهم قلوباَ أقلهم ذنوباً .

 

 وقال بعضهم : ترك الخطيئة أيسر من طلب التوبة .

 

 وقال بعضهم : إذا أجمع العبد على ترك الذنوب ، أتته الأمداد من الله عز وجل من كل جانب .

 

 وقال بعضهم : من علامة من غرق فى الذنوب ، أن لا ينشرح صدره لقيام الليل ، وصيام النهار .

 

 وقيل لبعضهم : لا نستطيع قيام الليل . قال : أبعدتكم الذنوب . وفى رواية كبلتكم خطاياكم .

 

 قال ابن القيم رحمه الله : فمما ينبغى أن يعلم أن الذنوب والمعاصى تضر ولا شك ، وأن ضررها فى القلوب كضرر السموم فى الأبدان على اختلاف درجاتها فى الضرر ، وهل فى الدنيا والآخرة شرٌ و داءٌ إلا وسببه الذنوب و المعاصى ، فما الذى أخرج الوالدين من الجنة ، دار اللذة والنعيم والبهجة والسرور ، إلى دار الآلام و الأحزان والمصائب ؟ وما الذى أخرج إبليس من ملكوت السماء ، وطرده ولعنه ، ومسخ ظاهره ، وباطنه ، فجعلت صورته أقبح صورة و أشنعها ، وباطنه أقبح من صورته و أشنع ، وبدل بالقرب بعداَ ، وبالرحمة لعنة ،وبالجنة ناراَ تلظى ، وبالإيمان كفراَ ، وبموالاة الغنى الحميد أعظم عداوة ومشاقة ، وبزجل التسبيح والتقديس والتهليل زجل الكفر والشرك والعصيان ، فهان على الله غاية الهوان ، وسقط من رحمته غاية السقوط ، وحل عليه غضب الرب تعالى فأهواه ، ومقته أكبر المقت فأراده ، فصار قواداَ لكل فاسق ومجرم ، رضى لنفسه بالقيادة بعد تلك العبادة والسيادة ، فعياذاَ بك اللهم من مخالفة أمرك ، وارتكاب نهيك .

 

وما الذى أغرق أهل الأرض كلهم ، حتى علا الماء فوق رأس الجبال ، وما الذى سلط الريح العقيم على قوم عادٍ ، حتى

ألقتهم موتى على وجه الارض كأنهم أعجاز نخلٍ خاوية ، ودمرت ما مرت عليه من ديارهم وحروثهم وزروعهم ودوابهم ، حتى صاروا عبرةً للأمم إلى يوم القيامة ؟

 

 وما الذى أرسل على قوم ثمود الصيحة ، حتى قطعت قلويهم فى أجوافهم ، وماتوا عن آخرهم .

 

 وما الذى رفع قرى اللوطية حتى سمعت الملائكة نبيح كلابهم ، ثم قلبها عليهم ، فجعل عاليها سافلها ، فأهلكهم جميعاً ، ثم أتبعهم حجارة من سجيل السماء ، أمطرها عليهم ، فجمع عليهم من العقوبة ما لم يجمعه على أمة غيرهم ، ولأخوانهم أمثالها ، وما هى من الظالمين ببعيد

 

 وما الذى أرسل على قوم شعيب سحاب العذاب كالظلل ، فلما صار فوق رؤوسهم أمطر عليهم ناراً تلظى ؟

 

 وما الذى أغرق فرعون وقومه فى البحر ، ثم نقلت أرواحهم إلى جهنم ، فالأجساد للغرق ، والأرواح للحرق .

 

 وما الذى خسف بقارون وداره وماله واهله ؟

 

 وما الذى أهلك القرون من بعد نوح بأنواع العقوبات ، ودمرها تدميرا ؟

 

 وما الذى بعث على بنى إسرائيل قوماً أولى بأس شديد فجاسوا خلال الديار وقتلوا الرجال وسبوا الذرارى والنساء ، وأحرقوا الديار ، ونهبوا الأموال ، ثم بعثهم عليهم مرة ثانية ، فأهلكوا ما قدروا عليه ، وتبروا وا علوا تتبيرا .

 وما الذى سلط عليهم بأنواع العذاب والعقوبات ، مرة بالقتل والسبى وخراب البلاد ، ومرة بجور الملوك ، ومرة بمسخهم قردة وخنازير ،وآخر ذلك أقسم الرب تبارك وتعالى : ( لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَن يَسُومُهُمْ سُوءَ الْعَذَابِ )[ الأعراف : 167]

 

 وقال رحمه الله فى الفوائد :

 

 نتائج المعصية : قلة التوفيق ، وفساد الرأى ، وخفاء الحق ، وفساد القلب ، وخمول الذكر ، وإضاعة الوقت ، ونفرة الخلق والوحشة بين العبد وبين ربه ، ومنع إجابة الدعاء ، وقسوة القلب ، ومحق البركة فى الرزق والعمر وحرمان العلم ، ولباس الذل ، وإهانة العدو ، وضيق الصدر ، والابتلاء بقرناء السوء الذين يفسدون القلب ويضيعون الوقت ، وطول الهم والغم وضنك المعيشة وكسف البال . 

تصنيفات المادة