الخميس، ١٧ شوال ١٤٤٥ هـ ، ٢٥ أبريل ٢٠٢٤
بحث متقدم

ساعة الحقيقة

وأتعجب ممن هذه مسئوليته وجدارته حين يداهن من ليس له الجدارة، ومن ليس له التمثيل الحقيقى فى هذه الأمة من

ساعة الحقيقة
الجمعة ١٩ أكتوبر ٢٠١٢ - ٠٩:٣٤ ص
1769

ساعة الحقيقة

مسيرة طويلة تلك التى خاضها العاملون فى الحقل
...

الإسلامى للحفاظ على هوية وعقيدة هذه الأمة عبر عقود من التغريب والعلمنة، وسباحة عكس التيار الإعلامى والثقافى والتعليمى، وعكس العقيدة السياسية التى تبناها من حكموا مصر عبر تلك العقود، وثمن باهظ من الدماء والسجون والاعتقالات والتنكيل، ومصادرة الأموال ومنع التنقل وتشويه السمعة، وهو الأمر الذى ينبغى أن يستحضره الإسلاميون المشاركون فى هذا الدستور، بمعنى أنهم لم يصلوا إلى هذه القاعة فى يوم وليلة ولكنهم تجسيد لتاريخ من البذل والكفاح، وهم أول تعبير حقيقى عن الأمة المصرية بعد قرنين من سرقة إرادتها وإخراس صوتها.

وأتعجب ممن هذه مسئوليته وجدارته حين يداهن من ليس له الجدارة، ومن ليس له التمثيل الحقيقى فى هذه الأمة من الليبراليين والعلمانيين، ومن وصلوا إلى هذه اللجنة على أسنة رماح الإعلام المزيف للعقيدة والمواقف، ومن عاش فى كنف النظام السابق متنعما فى ظل النفاق والتزلف، ومن الذين تربوا فى حظائره الثقافية والسياسية، وأعظم من ذلك أنهم لا يمتلكون الأغلبية الحاسمة فى اللجنة، فنخشاهم ونسترضيهم على حساب عقيدتنا وتضحياتنا، فصرنا أشبه بقوله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى الشَّيْطَانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلَى لَهُمْ (25) ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا مَا نَزَّلَ اللَّهُ سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الْأَمْرِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِسْرَارَهُمْ (26) – سورة محمد ).

إن هذه الأمة قد آن لها أن يكون لها دستور واضح صريح، تصاغ عباراته بأدق تعبير، بأن الإسلام - والإسلام وحده - هو المصدر لكل تشريع، وما يثار حول حصر الجدل فى كلمة "المبادئ"، لهو تزييف للحقيقة، فالأمر أكبر من ذلك.

الأمر إما تسليم وإما لا تسليم، (فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا (65) – سورة النساء )، الأمر إما حكم الله وإما حكم الجاهلية (أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ (50) – سورة المائدة )، إنها ساعة الحقيقة والصدق لكل من عاهدوا هذا الشعب على نصرة الشريعة وتحكيم كلمة الله، وإلا فلتذهب الرئاسة والحكومة والبرلمان تحت ظل دستور مائع وباهت، وسيتم التقنين للكفر فى دستور البين بين، الذى يرفع المواثيق والمعاهدات الدولية فوق كتاب الله عز وجل.

إن دعوى المحافظة على التوافق وقبول الآخر فقدت مصداقيتها يوم خرج منظرو الليبرالية والعلمانية وأبانوا عن وجههم القبيح واستعدائهم للغرب ودعوته بكل صفاقة للمشاركة فى كتاب الدستور المصرى، ولا يزالون يلوحون بانسحابهم من اللجنة لتنهار، ولو صدق الإسلاميون الأمر مع الله لانسحبوا هم، فتنهار الجمعية بالفعل، ويصبح بقاء العلمانيين لا قيمة له ولا وزن، إذ ينسون ويتناسون أن نوايا الإسلاميين البريئة هى من أتت بهم أصلا إلى هذه المقاعد، فالإسلاميون هم الأولى بالاسترضاء ليستمر العلمانيون فى السفينة، ولكن للأسف يأبى أصحاب الاتجاه الإسلامى من الإخوان المسلمين إلا أن يعطوا الدنية فى دينهم، فنقول لهم: (وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ (113) – سورة هود).

جريدة الفتح – عدد50 – الجمعة 19/10/2012

تصنيفات المادة