الثلاثاء، ١٥ شوال ١٤٤٥ هـ ، ٢٣ أبريل ٢٠٢٤
بحث متقدم

من أحب أن يُذكر لم يُذكر ، ومن كره أن يُذكر ذُكر

فمن أحبَّ أن يُذكر لم يُذكر ، وذلك لضعف نيته ، ومحبته لنفسه ، ومن كره أن يُذكر ذُكر ، لأن كراهية الشهرة إخلاص لله عز وجل ورجاء لثوابه

من أحب أن يُذكر لم يُذكر ، ومن كره أن يُذكر ذُكر
الشيخ أحمد فريد
الثلاثاء ٣٠ أكتوبر ٢٠١٢ - ٠٠:٠٦ ص
4762



من أحب أن يُذكر لم يُذكر ، ومن كره أن يُذكر ذُكر


  من أحب أن يشتهر ويرتفع لم يُذكر ومن كره الشهرة والذكر فى الناس ذُكر . وهذا كلام متين يشهد له الواقع بالاستقراء فى تاريخ أمة محمد صلى الله عليه وسلم ، فالذين ارتفع ذكرهم فى هذة الأمة ، وبقى علمهم وثناء الناس عليهم ، هم أهل الزهد فى الشهرة والذكر ، وأهل الإخلاص من أهل السنة والجماعة قيل لأبى بكر بن عياش : إن ناساً يجلسون فى المسجد ويجلس إليهم . فقال : من جلس للناس جلس الناس إليه ، ولكن أهل السنة يموتون ويبقى ذكرهم فى الأمة ، وأهل البدعة يموتون ويموت ذكرهم .

 فالذين ارتفع ذكرهم فى هذة الأمة هم أهل الورع والصدق والأخلاص من أهل السنة والجماعة كأئمة الفقه الأربعة أبو حنيفة ومالك والشافعى وأحمد رحمة الله عليهم ، وكذا ابن المبارك والسفيانين وإسحاق وأبى عبيد والحربى وشيخ الأسلام ابن تيمية وابن القيم وابن رجب والذهبى وابن كثير والنووى والعز بن عبد السلام ، ومن تأمل تراجمهم وجد نصيحتهم للأمة وزهدهم فى أعراضها الزائفة ، قيل للنبى صلى الله عليه وسلم : الرجل يعمل العمل لا يريد به إلا وجه الله فيحبه الناس وفى رواية فيثنى عليه الناس - قال صلى الله عليه وسلم  : [ تِلْكَ عاجِلُ بُشْرَى المُؤْمنِ ] 

فالمؤمن لا يرجو وجوه الناس ولكنه يرجو وجه ربه الأعلى ، والله تعالى يُعلى ذكره ، ويرزق الناس مودته ، لأنه تعالى يملك قلوب العباد ، ونواصى العباد ، والشهرة على كل حال ليس فيها نفع عاجل ولا آجل ، بل هى عنت ومشقة ، وإبليس من أشهر الخلق ، وقد جعل الله عز وجل الآخرة للذين لا يريدون علواً فى الأرض ولا فسادا فقال تعالى : ( تِلْكَ الدَّارُ الآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الأَرْضِ وَلا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ ) [ القصص : 83 ] .

 وقد كان السلف رضى الله عنهم يفرون من الشهرة أشد الفرار . كان أويس وغيره من الزهاد إذا عُرِفوا فى مكان ارتحلوا عنه .

 وكان إبراهيم بن أدهم إذا دخل عليه داخل وهو يقرأ فى المصحف غطاه . ودخل إبراهيم بن أدهم بستاناً فظل الناس يدورون فى البستان ويقولون ، أين إبراهيم بن أدهم ، فأخد يدور معهم ويقول أين إبراهيم بن أدهم . 

 وذهب عبدُالله بن المبارك إلى الكوفة ، وزاحم من أجل الوصول إلى سقاية ، فلم يعرفه الناس فدفعوه . فقال : ما العيشُ إلا هكذا أى حيثُ لن نُعرف ولم نُوقر . وكان الواحد يختم القرآن حفظاً ولا يعلم به جاره . وروىَ أن رجُلاً من السلف صام سنة كاملة ولم تعلم بذلك زوجته كان يخرُج بطعام إفطاره فيتصدق به ، ويبقى فى دكانه إلى غروب الشمس ، ثم يعود يفطر فى بيته .

 فمن أحبَّ أن يُذكر لم يُذكر ، وذلك لضعف نيته ، ومحبته لنفسه ، ومن كره أن يُذكر ذُكر ، لأن كراهية الشهرة إخلاص لله عز وجل ورجاء لثوابه .

        فمن أحب أن يُذكر لم يُذكر ، ومن كره أن يُذكر ذُكر .  

     

تصنيفات المادة