الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
فإقامة الحدود يختلف عن الحكم بالتجريم، ويمكن تأجيل إقامة الحدود لأسباب كما في الحديث: (لا تُقْطَعُ الأَيْدِي فِي الْغَزْوِ) (رواه أبو داود والترمذي، وصححه الألباني)، وأجَّل النبي -صلى الله عليه وسلم- رجم الغامدية نحو السنتين والثمانية أشهر لحملها ورضاعها.
فإذا لم يوجد قضاة ولا شهود يصلحون لإقامة الحدود لم يصح تطبيقها إلا بعد استيفاء شروط ذلك، وهذا أمر لابد من "تقنينه" في ظل الظروف المعاصرة؛ لفقد القاضي المجتهد وإلا صارت فوضى عارمة تدمر مشروع الشريعة أصلاً، وتجعل الناس يرفضونه لسنين قادمة كما حدث في السودان أيام "نميري".
والمقصود من النص الجديد الخروج من أن لا يُجرَّم ما حرمه الله ورسوله -صلى الله عليه وسلم- وأجمع العلماء على ذلك كالزنا بالتراضي، والربا، واللواط، وغير ذلك... فإن في ذلك تحليل ما حرم الله، وهذا من الكفر؛ و-الحمد لله- قد زال ذلك.
ويبقى التنفيذ مرتبطًا بالمصلحة والمفسدة، راجع كلام شيخ الإسلام -رحمه الله- في الفتاوى ج34 قال: "وَالأَصْلُ أَنَّ هَذِهِ الْوَاجِبَاتِ تُقَامُ عَلَى أَحْسَنِ الْوُجُوهِ. فَمَتَى أَمْكَنَ إقَامَتُهَا مِنْ أَمِيرٍ لَمْ يُحْتَجْ إلَى اثْنَيْنِ، وَمَتَى لَمْ يَقُمْ إلا بِعَدَدِ وَمِنْ غَيْرِ سُلْطَانٍ أُقِيمَتْ إذَا لَمْ يَكُنْ فِي إقَامَتِهَا فَسَادٌ يَزِيدُ عَلَى إضَاعَتِهَا فَإِنَّهَا مِنْ بَابِ "الأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنْ الْمُنْكَرِ"، فَإِنْ كَانَ فِي ذَلِكَ مِنْ فَسَادِ وُلاةِ الأَمْرِ أَوْ الرَّعِيَّةِ مَا يَزِيدُ عَلَى إضَاعَتِهَا لَمْ يُدْفَعْ فَسَادٌ بِأَفْسَدَ مِنْهُ -وَاَللَّهُ أَعْلَمُ-".
موقع أنا السلفي
www.anasalafy.com