السبت، ١٢ شوال ١٤٤٥ هـ ، ٢٠ أبريل ٢٠٢٤
بحث متقدم

بصائر وبشائر إلى العاملين في الحزب والدعوة

فنحن في حاجة شديدة إلى بصائر نستبصر بها طريقنا بحيث نكون على بينة ويقين منه، ونرسخ فيه رسوخ الجبال مهما حدث حادث أو وقع ابتلاء!

بصائر وبشائر إلى العاملين في الحزب والدعوة
عصام حسنين
الاثنين ١٤ يناير ٢٠١٣ - ٢٠:٠٩ م
2331
بصائر وبشائر إلى العاملين في الحزب والدعوة

كتبه/ عصام حسنين

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

فنحن في حاجة شديدة إلى بصائر نستبصر بها طريقنا بحيث نكون على بينة ويقين منه، ونرسخ فيه رسوخ الجبال مهما حدث حادث أو وقع ابتلاء!

ونحتاج أيضًا إلى بشائر نبشِّر بها إخواننا وأهلنا؛ امتثالاً لقوله -صلى الله عليه وسلم-: (بَشِّرُوا وَلا تُنَفِّرُوا(متفق عليه)؛ وليكون الأمل عظيمًا في فضل الله، وليعظُم البذل والجهد لإقامة دين الله في الأرض لاسيما وأننا نرى بوادره -والحمد لله-، ونحذر الإحباط ومشاعر اليأس التي يحاول البعض أن يُقعدنا بها عن بلوغ أهدافنا التي هي هدف العبودية للفرد والمجتمع الذي خلق الله الخلق من أجله.

- ولذلك كل واحد منا في حاجة إلى فهم دقيق للغاية التي من أجلها خُلق، ولمركزه بين الناس وهو دعوتهم إلى الله -تعالى- بالحكمة والموعظة الحسنة، وإلى إيمان عميق بما ندعو إليه؛ فإنه بقدر إيماننا بدعوتنا وحاجة الناس إليها ننجح فيها، قال -تعالى-: (فَخُذْهَا بِقُوَّةٍ وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُوا بِأَحْسَنِهَا(الأعراف:145)، كما كان تصميم النبي -صلى الله عليه وسلم- على المضي في الدعوة تصميمًا قويًّا يقطع جميع أنواع التردد أو المساومات - وإلى اتصال وثيق بالله -عز وجل- لنستمد منه العون والتوفيق.

ومن مظاهر هذه الصلة الوثيقة بالله:

- إخلاص النية لله -سبحانه- في الدعوة إلى الله -تعالى-، فلا نرجو من ورائها إلا رضاه -سبحانه-، ولا نتطلع من ورائها إلى مكاسب شخصية أو منافع دنيوية أو شيء من رياء أو سمعة.

- محبة الله -عز وجل- والإكثار من عبادته وذكره، والإكثار من النوافل، وفي الحديث: (وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ، وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ، فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ: كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ، وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا، وَإِنْ سَأَلَنِي لأُعْطِيَنَّهُ، وَلَئِنِ اسْتَعَاذَنِي لأُعِيذَنَّهُ(رواه البخاري).

فأي شيء أعظم من محبة الله -سبحانه- لعبده؟! وأي توفيق أعظم من هذا التوفيق؟! وأي تأييد أعظم من هذا التأييد الذي يكون لمن أحب الله؟! والداعية أحوج ما يكون إلى التوفيق والتسديد وإجابة الدعاء.

- العلم والبصيرة بما ندعو إليه، والعمل بالعلم والاستقامة في السلوك.

- الوعي الكامل بواقع الدعوة ومتطلباتها وما يحيط بها من ظروف وأحوال وواقع المدعوين من حولنا، فإذا لم يعِ الداعية ذلك بنفسه فيكون بالواسطة وهي المرجعية لأهل العلم الذين يتصفون بهذه الأوصاف؛ وإلا حدث التخبط، ووقعت النكبات من حيث يريد الإصلاح.

- التخلق بالخلق الحسن، ومخالطة الناس حيث تحسن الخلطة واعتزالهم حيث يحسن الاعتزال، والاحتراس والحذر دون إيقاع الظن إلا إذا تبين العكس، وإنزالهم منازلهم، ومعرفة الفضل لأهله.

- التعاون والتشاور والتناصح؛ امتثالاً لقوله -تعالى-: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ(المائدة: 2)، وقوله -تعالى-: (وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ(الشورى:38)، وقوله -صلى الله عليه وسلم-: (الدِّينُ النَّصِيحَةُ) قُلْنَا: لِمَنْ؟ قَالَ: (لِلَّهِ وَلِكِتَابِهِ وَلِرَسُولِهِ وَلأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ(رواه مسلم).

- وبناءً على ذلك أوضِّح جملة من المسائل المهمة والتي تثبِّت أفئدة إخواننا -إن شاء الله- وتبشرهم، وتشرح صدورهم بالأمل في وعد الله.

- لقد اجتهد مشايخ الدعوة السلفية بالإسكندرية في الدعوة إلى الله -تعالى- بالمنهج السلفي الخالص الذي تركنا عليه رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؛ تعليمًا وتربية وإعدادًا لأجيال عديدة في مختلف محافظات مصر لمدة قاربت الأربعين سنة وسط تضييقات واضهادات واعتقالات من أمن الدولة، ومحاولات للتنازل عن بعض الثوابت أو إضفاء صبغة ولي الأمر على من لا يستحقها إلى آخر ما هو معروف عند بعض إخواننا الأقدم التزامًا، ولكن هذه توضيحات لبعض شبابنا الملتزمين جديدًا والذين لا يعرفون "شيوخ الدعوة الذين هم محطات السلفية في مصر"، ولا يعرفون بذلهم؛ مما يؤدي إلى تحدثهم بالثلب في حقهم!

وكلٌ منهم -جزاهم الله خيرًا- قد بذل مجهودًا كبيرًا حتى آتت هذه الدعوة أُكلها، وكان الشيخ "ياسر برهامي" -حفظه الله- أحد هذه المحطات، وأحد الذين رووا شجرة هذه الدعوة بوقته وماله وممن ابتلي في الله فصبر، وكان بجانب التعليم والانتشار مسئولاً عن الجامعة، وكان قريبًا من الشباب من سائر المحافظات، وكان يهتم بتعليمهم وتنشئتهم وحثهم على الدعوة، فنشأ بجهود هؤلاء الشباب عمل دعوي وكيان دعوي في كل محافظة -والحمد لله-.

وقد اُعتقِل الشيخ بسبب ذلك، ولكنه ما لانت له قناة إلى أن جاء الله بالفرج وخلَّص الله مصر من "سجن مبارك"، وقدَّر الله أن يجعلنا في قلب الحدث وأن يلجأ الناس لنا، وقد قمنا بذلك ولم نخذلهم -والحمد لله-؛ لأننا نعتقد أن السعي في حوائج المسلمين قربة وعبادة، وانتقلت الدعوة من الأفراد إلى الكيان والمؤسستية، وأنشئ للدعوة مجلس أمناء ومجلس إدارة ومجلس شورى عام، وأصبحت آلية اتخاذ القرار تتم بالشورى وبالأغلبية، وكان -والحمد لله- قد وفق -تعالى- في جميع القرارات المصيرية للأمة والدعوة: من المشاركة السياسية، وإنشاء حزب النور ذراعًا سياسيًّا لها، وما تبعه من قرارات والتي هي اجتهادات ولا إنكار فيها من مخالف طالما لم تخالف البينات -وليس هذا مجال التفصيل-.

- أقول ذلك؛ لأن البعض لا يجد مبررًا في حربه أو طعنه على الدعوة أو الحزب أو الانسحاب الأخير إلا الشخصنة! كما حدث في خطاب تدشين الحزب الجديد، ويقصدون شخص شيخنا الكريم "الشيخ ياسر" -حفظه الله- والذي لا يعرف فضله إلا أهل الفضل؛ الشيخ "ياسر" الذي أقول: ينبغي على كل مسلم أن يقبل يده ورأسه؛ لما بذله في اللجنة التأسيسية لوضع الدستور، فلقد كان له دور كبير في وضع "المادة 219" ومواد ضبط الحريات -مع كامل التقدير لجهد إخواننا الآخرين فجزاهم الله خيرًا-.

الشيخ "ياسر" الذي يتعرض لهجوم غير مبرر... إلا أنه يريد مع مجلس إدارة الدعوة المحافظة على الدعوة والحزب! فلا عليك يا شيخنا، فما هذا إلا مزيد للدرجات وتكفير للسيئات، فيحسبك إخوانك من المشايخ رفقاء الدرب كذلك والله حسيبك، ولا نزكي على الله أحدًا.

- أقول ذلك... وأنت أهلٌ لأكثر من ذلك فجزاك الله عنا خيرًا، سيقولون عني ما يقولون من عبارات غريبة ظالمة.... يعلمون أنا لسنا كذلك، ولكنه الرمي بالباطل فأذكرهم الله، وحرمة المسلم بله أهل العلم.

- أقول -من خلال تجربتي البرلمانية السابقة-: إن قيادات حزب النور المنسحبين لم نجدهم لا في لجان نوعية تخدم وراء النواب سواء في دراسة اتفاقيات أو إعداد مشاريع قوانين! بل اللائحة الداخلية للحزب تنص على ألا يقدم مشروع قانون إلا بموافقة رئيس الحزب، وهذا لم يكن موجودًا رأسًا، بل تُرك الأمر للنواب يجتهدون دون مراعاة الأولويات، فكان الهجوم الإعلامي البغيض الذي شوه صورة الحزب والسلفيين، وكذا لا يتحدث أحد للإعلام إلا بإذن رئيس الحزب فأين ذلك؟! بل تُرك الأمر لأي أحد.

فإن قلتَ: لم يسمعوا الكلام!

أقول: فأين المواقف الحازمة التي تكفلها لك اللائحة؟!

وإن قلتَ: لا يصلحون أو لابد من تغيير.

أقول: هذا ما فعلته إدارة الدعوة، ولا يمكن أن تقف موقف المتفرج حتى ينهار ذراعها السياسي تمامًا كصاحب الشركة الذي يرى شركته تنهار بسبب موظفين لا يصلحون، هل يقف متفرجًا أم يسعي لاستبدالهم؟! وأنا أعترف أن كثيرًا منهم أصحاب مشاكل ولا يسمعون الكلام، وعانيت منهم وأعجب أن أراهم معك اليوم! وأعجب أكثر عندما تقول نريد حزبًا يضم كل التيار السلفي دون إقصاء أو تهميش! مع أن الكثير منهم قد كان معول هدم أو ليس قويًّا على القيام بالأمانة المنوطة به، وكان أحسن له كما فعل الكثير -جزاهم الله خيرًا- أن يعتذر ويتركها للقوي عليها؛ فإنها تكليف وأمانة، وإنها يوم القيامة خزي وندامة إلا من قام بحقها -فالله المستعان-.

وتقول بعد كل ذلك: إن تجربة حزب النور أُغلقت! لا والله، بل تجربة ثرية سنذكر بعدُ ثمارها الطيبة ثم أستحلفك بالله مَن الذي أنقذ الحزب، ومن الذي ثبت قواعده كما هو عليه الآن، أليس مجلس الإدارة؟! وكان المفترض أنك تفرح بهذه القوة التي عليها الحزب الآن إلا أن يكون هناك أمر آخر!

- إن التصريحات الخطيرة التي صدرت اليوم عن بعض مؤسسي الحزب الجديد -ليس الآن وقت تفنيدها ولعله يكون له مقال آخر إن شاء الله- لَتنم عن تغير خطير أو أنه كان موجودًا من قبل وأظهره الله تمايزًا -ونحمد الله على ذلك-؛ مما يقوي موقف دعوتنا وحزبنا "حزب النور".

- وللعلم: إن حزب النور له إنجازات عظيمة بالأفعال لا بالأقوال -عكس ما صُرح به والذي لا يعيب إلا قائله في الحقيقة لمن تدبر- أعظمها تحقيقًا والذي من أجله خضنا العمل السياسي المادة (2) والمادة (219) -والحمد لله-، ووصول الدعوة السلفية إلى كل بيت، ومدح الكثيرين لها سواء بنية حسنة أو غيرها، واعتراف أساطين الليبرالية داخل التأسيسية أنهم يريدون من الديمقراطية الآلية لا الفلسفة، وتوضيح قضية الحكم بما أنزل الله بقوة وغيرها من قضايا هي معالم في المنهج السلفي -والحمد لله-.

- وللعلم: حزب النور هو حزب لكل المصريين، وهو حزب أيديولوجي "السياسة الشرعية التي هي الشريعة الإسلامية بمفهومها الصافي الخالص عن البدع والشركيات الذي كان عليه الصحابة -رضي الله عنهم-"، وهذا هو تعريف الحزب السياسي في الديمقراطية النيابية حيث يُعرف بـ"مجموعة من الأشخاص تجمعهم أيديولوجية معينة يريدون من خلال وصولهم إلى الحكم عن طريق آلية الديمقراطية ليطبقوها على الناس"، وبالتالي فهو لا ينفك عن أحد من المصريين؛ لأنه ببساطة لن ينضم إليه إلا من يرضى بهذه الأيديولوجية، وموجود عندنا أعضاء أقباط راضون بذلك، وأيضًا لا ينفك عن الدعوة السلفية التي أنشأته كذراع سياسي لها تنشر من خلاله الدعوة، وتعلِّم العالَم السياسة الشرعية الملتزمة بالشريعة، وأزعم أننا إلى الآن لم نخرج عنها -والحمد لله-.

- والرؤية السياسية لكل من "الدعوة السلفية" و"حزب النور" واحدة -كما جاء في بيان الدعوة-، وهي تتضمن التمسك بالشريعة الإسلامية بفهم سلف الأمة مع العمل بكل الممكن وبيان حكم الشرع فيما نعجز عنه، وهذا منهج مميز يمثِّل الميثاق الذي به تأسس الحزب مع الاجتهاد في اختيار الشخصيات القادرة على التعبير عن هذه الرؤية عن قناعة تامة بها، والالتزام بالمواقف المنهجية والسياسية التي يتخذها الحزب من خلال العمل المؤسسي.

- وليست الدعوة السلفية جماعة ضغط ساندت رئيس الحزب لهدف معين تريد تحقيقه ثم تركته كما يحدث في غيره من بعض الأحزاب داخليًّا أو خارجيًّا "إنما حزب النور ابن الدعوة وهي أساسه وروحه إذا فارقته مات".

- ولم تُنشئ الدعوة الحزب من أجل الدنيا ومناصبها -كما ظن البعض وخرج من يريدها يقاتل من أجل المناصب-، بل ينبغي ألا يُمكَّن من يريد ذلك، بل يُقدم وبتأنٍ وحذر ودراسة كما حدد عمر -رضي الله عنه- ضوابط الحكم على الناس فالأمر خطير والفتنة شديدة، وفعلاً الدنيا أقبلت بزخرفها وبلائها، والمعصوم من عصمه الله.

- واعلموا: أننا ندعو بالتوفيق لكل من يريد إعلاء كلمة الله وراعى آداب الخلاف، ولم يسع لهدم كيانات عاملة لدين الله كما يشم كل متابع للأحداث ما هي الأصابع التي تحيك المؤامرات وتريد هدم الكيانات خاصة "كيان حزب النور" الذي هو نور -إن شاء الله-، ونرجو الله الكريم أن يتم نوره، آمين. وأوقن أنه لن يتم لهم ذلك؛ لأن الله لا يصلح عمل المفسدين.

- واعلموا: أن حزب النور كيان قوي -ولله الحمد-، لم ولن يتأثر بانسحاب أو استقالة فيكفي أن تعلموا أن الأفراد المنتسبين للحزب يقاربون 200 ألف العاملون منهم حوالي 17 ألفًا، والبقية تأتي -إن شاء الله-، فحافظوا عليه وإياكم والسذاجة، واستحضروا دائمًا: "لست بالخب والخب لا يخدعني".

- وأما ما يحاول الإعلام أن يضخمه ويسعي سعيه السيئ لإضعاف الحزب في الشارع، فنقول له: لقد طرت في غير مطار، وظنك -إن شاء الله- محال، فالناس هم أهلنا وإخواننا ونعرفهم ويعرفوننا ويثقون فينا أكثر من أي أحد، ونتيجة الاستفتاء خير دليل على ذلك بعد أساليب التشويه والإرهاب والبلطجة.

وكذلك نوقن أن الله -تعالى- مقلب القلوب، وأن ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن، فما قدره الله -تعالى- سيكون، شاء من شاء وأبى من أبى، ولكن أكثر الناس لا يعلمون.

- أقول: إن الواجب القادم هو إصلاح تشريعي، فيجب بذل الجهد والإعذار إلى الله بأداء الأمانة، وليس علينا النتائج، والحذر من التقصير أو إضاعة الوقت في القيل والقال فلا يتم الواجب؛ فيأثم من كان سببًا في عدم حصوله، نعوذ بالله من ذلك ونسأله المزيد من فضله.


www.anasalafy.com

موقع أنا السلفي

تصنيفات المادة

ربما يهمك أيضاً