الثلاثاء، ٨ شوال ١٤٤٥ هـ ، ١٦ أبريل ٢٠٢٤
بحث متقدم

"مبادرة النور"... لماذا؟

ففي جو شديد التأزم يدفع بلادنا الحبيبة إلى نفق مظلم بدت بوادره بظهور "جماعة العنف الأسود" التي لا تعرف حرمة الدماء والأعراض والأموال،

"مبادرة النور"... لماذا؟
ياسر برهامي
الأحد ٠٣ فبراير ٢٠١٣ - ٠١:٤٣ ص
3462
"مبادرة النور"... لماذا؟!
     

كتبه/ ياسر برهامي*

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

ففي جو شديد التأزم يدفع بلادنا الحبيبة إلى نفق مظلم بدت بوادره بظهور "جماعة العنف الأسود" التي لا تعرف حرمة الدماء والأعراض والأموال، خاصة بعصبية شديدة في الخطاب السياسي والإعلامي واستعداد لهدم كل الثوابت الشرعية والدستورية؛ ولو أدى ذلك إلى خراب مصر وسقوط دولتها!

مع تشنج القوى السياسية واشتراطات مسبقة للحوار الذي سرعان ما يتوقف، وربما يتوقف قبل أن يبدأ لانعدام الثقة في الكلمة، والشعور باستهداف كل طرف لتدمير الطرف الآخر، وليس التعاون من أجل مصلحة هذه البلاد وهذا الشعب الأصيل!

وفي وسط كل هذا جاءت "مبادرة حزب النور" كبارقة أمل وطاقة ضوء وسط ظلمات شديدة... قد سبقتها جهود مشكورة -لبعض الدعاة والهيئات ومؤسسة الرئاسة بنفسها- أكدت كلها قبول مبدأ الحوار؛ للإصلاح وتقليل الشر.

إلا أن الله قدَّر لـ"مبادرة النور" الأثر الأكبر والقبول الأوسع؛ لما لـ"حزب النور" و"الدعوة السلفية" من مصداقية في الكلمة ووفاء بالعهد لدى جميع الأطراف، ولما تضمنته المبادرة من عناصر جادة للم الشمل وتحقيق مصالحة وطنية تؤدي إلى شراكة حقيقية في إدارة شؤون البلاد مع الحفاظ على المؤسسات الشرعية المنتخبة، وعلى رأسها: "مؤسسة الرئاسة" التي رفضنا ونرفض أي محاولة لإسقاطها.

وكذلك الدستور الذي وافق عليه الشعب في استفتاء لم يُرَ مثله قبل ذلك من حرص الشعب على المشاركة حتى امتدت "طوابير التصويت" من التاسعة صباحًا وحتى الثانية عشرة من صباح اليوم التالي، والذي تضمن آلية أي تعديل دستوري يرغب فيه البعض وكذلك مجلس الشورى، ومع تأكيد مبدأ الشورى الذي لابد أن نمارسه عمليًّا وليس شكليًّا مع القوى السياسية المؤثرة والتي لا يمكن تجاهلها، وهو مبدأ شرعي دستوري لابد من إحيائه والمحافظة عليه.

وهذه المبادرة ليست موجهة ضد أحد ولا تحالفًا جديدًا ولا شقًا للصف الإسلامي كما يزعم البعض! وإنما هي دعوة للحوار تتضمن عناصر جادة لنزع فتيل الأزمة وتهدئة الخواطر والأوضاع حتى تعود مؤسسات الدولة إلى التعاون فيما بينها وليس الصراع حتى تتمكن من ممارسة دورها وحفظ الأمن وتحقيق الاستقرار والتنمية، فلابد أن تعود الشرطة والجيش والأحزاب السياسية إلى أداء عملها، ولابد أن نهيئ جوًّا هادئًا لانتخابات نزيهة يستحيل أن تُجرى في ظل أجواء الاحتقان بالنزاهة المطلوبة.

وهذه المبادرة -في حال نجاحها إن شاء الله- تصب في مصلحة البلاد أولاً، ثم العمل السياسي بجملته ثانيًا، وفي مصلحة العمل السياسي الإسلامي ثالثًا، وترسي مبادئ التعاون والمصالحة ونبذ التنابذ والبذاءة رغم الاختلاف المذهبي والفكري.

وأما من يبادر بالهجوم على المبادرة... ويشبِّه جلسات الحوار بالتحالف مع الكفار في حربهم ضد المسلمين، وبأن الذين قاموا بها في قلوبهم مرض يسارعون في الكافرين، وأنهم يريدون إثبات وجودهم على الساحة السياسية...

فنقول لهم -أولاً-: حسبنا الله ونعم الوكيل، والعجب أنكم رضيتم بحوار المشايخ منذ أيام، وبحوار الرئاسة منذ يومين "ومع نفس الأطراف"! فلماذا كان الحوار مرحبًا به بالأمس حرامًا ونفاقًا ومرضًا اليوم؟!

ثم نسألهم: ما هي التنازلات التي قدَّمها "حزب النور" في هذا الشأن؟! وأين التحالف المزعوم الذي قبلتموه قبل الانتخابات النيابية السابقة مع نفس القوى الليبرالية في قائمة التحالف  الديمقراطي وكان على رؤوسها نفس الرموز التي هي الآن في جبهة الإنقاذ؟! وكنتم تستدلون على ذلك بحلف الفضول ولم نقبل ذلك حينها ولم نفعله؛ لأن هناك فرقًا بين التحالف السياسي وبين الحوار ومحاولة الوصول إلى حل للأزمة وتقليل للشر والفتنة.

ندعو جميع الأطراف الرافضة إلى مراجعة موقفها، وأن تقدِّم مصالح البلاد العليا على المصالح الحزبية الضيقة والفردية المقيتة.

حمى الله مصرنا من كل سوء، وسلَّمها من كل شر.

ـــــــــــــــــــــــــــــــ

* نشرت بجريدة "الفتح" عدد (69)، الجمعة 20 ربيع أول 1434هـ - 1 فبراير 2013م.

 

www.anasalafy.com

موقع أنا السلفي

تصنيفات المادة