الحمد لله وحده و الصلاة و السلام على من لا نبى بعده صلى الله عليه وسلم
شعار المتكبرين المتعالين و إن لم ينطقوا به بل أقول هذا شعار الجاهل بحاله و ماله لقد وهب الله عزوجل نبيه سليمان ملكاً عظيماَ ( قال رب اغفرلى و هب لى ملكا لا ينبغى لأحدِ من بعدى إنك أنت الوهاب * فسخرنا له الريح تجرى بأمره رخاء حيث اصاب * و الشياطين كل بناء و غواص .. ) يا من تتعالى على إخوانك هل سخَّر الله لك الريح تجرى بأمرك سهله مذللة حيث شئت و كيف شئت ؟! هل سخَّر الله لك الشياطين و الجن تعمل بأمرك حيث أردت ؟! هل جمع الله لك سلطاناً كسلطان سليمان ( و حشر لسليمان جنوده من الجن و الانس و الطير فهم يُوزعون ) قال مالك بن دينار قال سليمان بن داوود يوما للطير و الجن و الانس و البهائم أخرجوا مائتى ألف من الانس و مائتى ألف من الجن فَرُفِعَ حتى سمع زجل الملائكة بالتسبيح فى السماء ثم خُفِضَ حتى مست قدماه الماء , فسمع صوتاً يقول : لو كان فى قلب صاحبكم مثقال ذرة من كبر لخسفتُ به أبعد ممّا رفعته ) عجيب هذا الفضل و هذا التوازن !! مُلكٌ و علمٌ و نبوه و جاه و سلطان و لا كبر فى القلب !!؟ و أحدنا يحصل على ثانوية عامة فيتعالى على من حصل على الدبلوم و الآخر يحصل على مؤهل جامعى يتعالى على من حصل على مؤهل متوسط و منا من يتقدم علميا فى شئ او يأخذ دورة فى علم من العلوم الحديثة فتراه يلبس وجها غير وجهه و مع طول الزمان يصعب عليه نزع الوجه الملصوق و كأنه وجهه , فاحذروا اخوانى من الوجوه اللاصقه فربما يحتاج عملك لبعض الحزم و اظهار التميز , فلا بأس و لكن يجب ان تخلع هذا الثوب بعد انتهاء عملك مباشرة و تعود الى اخلاقك و هدي نبيك صلى الله عليه وسلم و لقد وصل النبى صلى الله عليه وسلم الى السماء السابعه بل الى ( سدرة المنتهى ) ثم ماذا ؟ ثم عاد الى الارض يأكل مع الفقراء و ينام على الحصير عاملا بقوله تعالى ( و اصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة و العشي يريدون وجهه و لا تعُد عيناك عنهم تريد زينة الحياة الدنيا .. )
أخى الحبيب : أنت المدير ...أنت الزعيم ....أنت العالم... أنت الشيخ... أنت .. أنت , لك قدرك و مكانتك و لكن كن وسط اخوانك و اخفض لهم جناحك ( و اخفض جناحك لمن اتبعك من المؤمنين ) و لا تحتقر منهم احداً و لا لأحدٍ منهم رأياً بل انصت اليهم و تواضع لهم ( و لا تُصَعَّر خدك للناس ) و تذكر انك لك مشية ( و عباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هوناً .. ) و للمتكبرين مشية أخرى ( و لا تمش فى الأرض مرحاً ان الله لا يحب كل مختالٍ فخور ) و تذكر انك بشر ( لن تخرق الارض و لن تبلغ الجبال طولاً ) و استحضر قول الحبيب صلى الله عليه وسلم ( ان الله أوحى إليّ أن تواضعوا حتى لا يفخر أحدٌ على أحد و لا يبغى أحدٌ على أحد ) ان الذى يترك تعاليه على اخوانه و احتقاره لهم و التقليل من شأنهم يبدله الله خير مما ترك و كيف لا و النبى صلى الله عليه وسلم يقول ( من ترك اللباس تواضعاً لله و هو يقدر عليه دعاه الله يوم القيامة على رؤوس الخلائق حتى يخيّره من اى حُللِ الايمان شاء يلبسها ) فاخلع ثوب الكبر و التعالى و الاعجاب بالنفس و ألبس ثوب التواضع و تخير من أى حُللِ الإيمان شئت فألبس . قال صلى الله عليه وسلم : ( كلوا و تصدقوا و البسوا فى غير إسراف و لا مخيلة ) ان معرفة الداء و تحديد حجمه و موضعه من اهم اسباب العلاج و السلامة بعد ذلك و كما ان فلسفة الخطأ و محاولة تبريره أو ايجاد اعذار له تؤدى الى استمرار الخطأ فإن محاولة التبرؤ من وجود المرض ( الكبر أو العجب ) ليس هذا لصالح العبد و انما مدح الله سليمان عليه السلام بقوله ( نعم العبد .. إنه أواب ) فالعبد الذى يعرف خطأه و يحاول اصلاحه و معالجته خير من الذى يتجاهل هذا الخطأ و الخلل و ليتذكر المتكبر ان مثله و مثل الناس كالواقف على قمة جبل يرى الناس صغاراً و يراه الناس صغيراً .
اخى الحبيب :
لا أتهمك ، بل أتهم نفسى ،و لكن هل من ضرر اذا وقف كل انسان مع نفسه ليبحث عن آثار هذا الفيروس المدمر ( الكبر ) فإن وجده قاومه و حاربه و ان لم يجده حمد الله على العافيه ؟.
اخى الحبيب :
كن كالمخلص المتواضع يمشى على الرمل فترى أثره و لا تسمع صوته
اللهم اجعلنا و اياكم من المخلصين المتواضعين
و صلِ اللهم على محمد و على آله و صحبه وسلم .