الأربعاء، ١٦ شوال ١٤٤٥ هـ ، ٢٤ أبريل ٢٠٢٤
بحث متقدم

دروس سياسية من السيرة النبوية

وقد ظن بعض الناس أن مثل هذه العهود مع غير المسلمين منسوخة، والصحيح الذي

دروس سياسية من السيرة النبوية
كتبه/ ياسر برهامي
الأحد ٠٥ مايو ٢٠١٣ - ١٧:٠٠ م
2837

25-جماد ثاني-1434هـ   5-مايو-2013 

كتبه/ ياسر برهامي

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

فقد دخل رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- المدينة وفيها أخلاط من المشركين واليهود والمنافقين، فبدأ -صلى الله عليه وسلم- ببناء المسجد والمؤاخاة بين المهاجرين والأنصار، فأسس بذلك المجتمع المسلم، وأرسى قواعده على الحب في الله والموالاة في الله.

ثم عاهد يهود المدينة عهدًا مطلقًا -أي: غير محدد المدة- بقبائلهم الثلاث: "بني قينقاع، وبني النضير، وبني قريظة" بوثيقة المدينة المشهورة، والتي نصت على جملة من الأمور المهمة التي تصلح أساسًا لنوع من العهود مع الأقليات التي تعيش مع المسلمين في وطن واحد في تأكيد الاشتراك في المصالح مع بقاء المؤمنين أمة واحدة مختصة بالولاء.

كما ورد في الوثيقة "أن المؤمنين أمة وحدهم من دون الناس" مع تعاملهم السلمي مع اليهود، واستمر -صلى الله عليه وسلم- في دعوة المشركين إلى الإسلام حتى دخل عامتهم فيه.

وقد ظن بعض الناس أن مثل هذه العهود مع غير المسلمين منسوخة، والصحيح الذي عليه جمهور أهل العلم أنها ليست منسوخة، بل منسأة، أي: مؤخرة إلى وقت الحاجة للعمل بها حسب مصلحة المسلمين وقوتهم، وموازنات القوى التي يتعاملون معها، وفرض الجزية لم يلغِ العهد محدد المدة مع المشركين عند جماهير أهل العلم، بل ولا مطلق المدة كذلك عند الحاجة إليه.

وأما المنافقين: فقد احتمل النبي -صلى الله عليه وسلم- أذاهم؛ خاصة من رئيسهم عبد الله بن أبي ابن سلول الذي أسلم بعد غزوة بدر إلى أن مات منافقًا بعد غزوة تبوك.

نستفيد من هذا الجزء من السيرة: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يواجِه كل القوى المعادية له دفعة واحدة "رغم علمه بعداوتهم"، كما يتصور ذلك بعض العاملين في الحقل الإسلامي ويطبق ذلك فعلاً! وإنما كان -صلى الله عليه وسلم- يقاتل طائفة ويحافظ على عهده مع طائفة أخرى، ولما صالح قريشًا في الحديبية انصرف منها إلى خيبر فقاتل يهود خيبر، ولم يفتح عدة جبهات في نفس الوقت.

وأما يهود المدينة: فقسمهم ثلاث فرق حسب نقضهم للعهد بعد المواقع الكبرى الثلاث مع المشركين في بدر وأحد والأحزاب؛ فلا ينبغي أن نفتح جميع الجبهات "بل نسد الثغرات".

وأما سلوكه -صلى الله عليه وسلم- مع المنافقين: فكان أسوة في التعامل معهم عبر الزمان مع جهادهم باللسان وبغضهم بالقلب، مع المحافظة على سلامة دمائهم وأموالهم وأعراضهم بما أظهروا من الإسلام، فالواجب مداراتهم إلى أن يأذن الله بانقطاع شرهم بما شاء.

فهلا فقهنا ما نفعله في ضوء ما ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم-؟

انا السلفي

www.anasalafy.com

تصنيفات المادة