الجمعة، ١٨ شوال ١٤٤٥ هـ ، ٢٦ أبريل ٢٠٢٤
بحث متقدم

حزب النور‏...‏هل خان التيار الإسلامي؟

ولكن ما حدث من جانب الحزب الحاكم في تلك المرحلة جملة من الأخطاء التي اعترف بها بعض مسئوليه

حزب النور‏...‏هل خان التيار الإسلامي؟
الخميس ٢٥ يوليو ٢٠١٣ - ١٤:٢٩ م
2827

حزب النور‏...‏هل خان التيار الإسلامي ؟

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد؛

تمر المجتمعات والشعوب بلحظات ضبابية تلتبس فيها الأمور وتختلط فيها الحقائق وتتقلب فيها القضايا والمواقف ، بما يجعل من الأهمية بمكان علي كل ذي بصيرة أن يتحمل مسئوليته في توضيح الحقائق وكشف المغالطات وتجلية الأمور دون تهوين أو تهويل ودون انحياز أو تحيز .

وذلك بوضع شهادته أمام الله ـ عز وجل ـ وأمام التاريخ .

ومن هذا المنطلق ، أجد لزامًا عليّ في تلك اللحظة الراهنة التي تلقي فيها التهم جزافاً وتوجه فيها الاتهامات دون دليل أو برهان إلي حزب النور وأعضائه ومنتسبيه من جميع الفصائل والقوي السياسية ، دونما نظرة محايدة أو رؤية موضوعية لمواقف الحزب وسياساته التي تنطلق من مرجعيته الإسلامية والوطنية ، ذا في الحسبان أن هذا المسعى ، ليس دفاعاً عن الحزب أو قياداته ، وإنما توضيح لمواقفه وتفهم لمنهجه في معالجة القضايا والتعامل مع متطلبات الواقع دون انفصام عن مبادئه وقيمه .

وأسجل هذه الرؤية في عدة نقاط علي النحو التالي :

أولاً : ما زال المشهد المصري معبأ بحالة من الاستقطاب والاحتقان السياسي والثقافي والفكري والأيديولوجي ، بما يجعل من الصعوبة بمكان علي من يحاول أن يكون معتدلاً أو مقسطاً في الرأي في موضع اتهام من هذا الطرف أو ذاك ، مع أنه لا مع هؤلاء ولا مع هؤلاء وإنما مع الحق والصواب أيا كانت جهته ، فعلي سبيل المثال حينما نذكر أننا لسنا مع الإخوان ولكن... أو إننا مع الشرعية ولكن ، نتعرض للهجوم من الطرفين ، لأن كلاً منهما لا يريد أن يسمع منك لكن ولا ما بعدها بل يريد التأييد المطلق والأعمى ، زد علي ذلك تأتي التهم جزافاً منها بأن الحزب بلا رأي أو رؤية وأنه متلون أو مراوغ ، وهو أمر لا يتفق مع الشرع الحنيف والخلق الرفيع , فصاحب الرأي السديد والرشيد هو الذي لا يتخذ من الشتائم والسباب والتخوين والتأليب والاستعداء طريقاً للتعبير عن رأيه ، بل يطرح رأيه إرضاءً لربه ثم لنفسه وعقله وضميره ، سواء أرضي هذا أو أسخط ذاك .

ثانياً : اتساقاً مع هذا ، فقد كان لحزب النور منذ اللحظات الأولي لثورة الخامس والعشرين من يناير مواقف وسياسات اتسمت بالاتساق مع مرجعيته وقناعاته ، ليس اليوم مكاناً لحصرها أو التدليل عليها بل يستطيع كل ذي عقل أو نظر أن يتذكر كثيرًا من تلك المواقف التي ظهرت في أحلك اللحظات وأشد الأزمات ، فكان هناك وجود مستمر لحزب النور في محاولة لمعالجة تلك الأزمات من خلال ما يطرحه من مبادرات وما يقدمه من رؤى وسياسات تحاول أن تجسر الفجوة التي تظهر بين القوي السياسية واضعاً نصب عينه الشرع الحنيف والمصلحة الوطنية باعتبارهما الحاكمين لأي سياسية دون وجود مطامع في سلطة أو سعي إلي مناصب رغم ما يوجد في الحزب من كفاءات وقدرات وخبرات في مختلف المجالات ، وهي تلك السياسة التي طالب بها الحزب من في الحكم أن يكون معيار تولي المناصب السياسية والتنفيذية ليس أهل الثقة وإنما أهل الكفاءة ، مع عدم الانفراد أو الاستحواذ بإدارة شئون البلاد تطبيقاً عملياً لمبدأ المشاركة لا المغالبة  .

ولكن ما حدث من جانب الحزب الحاكم في تلك المرحلة جملة من الأخطاء التي اعترف بها بعض مسئوليه كان من أبرزها : الانفراد بإدارة المرحلة الانتقالية رغم الصعوبات والتحديات والمؤامرات الداخلية والخارجية التي تحاك بمصر بصفة عامة والإسلاميين علي وجه الخصوص ، بما كان يستوجب معه تفعيل المشاركة للاستفادة من الخبرات والكفاءات الموجودة في الوطن من جانب ، وجعل مسئولية الفشل أو النجاح مسئولية وطنية مشتركة .

كذلك من بين تلك الأخطاء التأخر في معالجة القضايا الملحة للمواطن وخاصة القضايا الخدمية فالأزمات اليومية التي عاشها المواطن علي مدار العام وإن لم يتحملها النظام الحاكم بمفرده كونها تحمل في جانب كبير منها ميراث النظام السابق قبل الخامس والعشرين من يناير إلا أن غياب أي مؤشرات أو بدايات علي وجود معالجات لتلك الأزمات أفسح المجال أمام بقايا النظام السابق وبعض المتربصين بالتيار الإسلامي لاستغلال هذه الأزمات وتضخيمها بما انعكس سلباً علي أداء الرئاسة والحكومة ، ومما زاد من حدة هذه الأزمة عدم قدرة النظام الحاكم علي إدارة الأزمة بكفاءة ومهنية واحترافية بسبب عدم رؤيته الصحيحة لحقائق الواقع التي تكشف عن حجم الغضب الشعبي بسبب الأداء السلبي للحكومة ، وعدم تجاوبه مع أي مبادرات تطرح لحلحلة الأزمة وفي مقدمتها المبادرة الشهيرة لحزب النور .

وظل التعامل مع الأزمة من منطلق أن الأمور تحت السيطرة حتى انفرط العقد .

ثالثاً : في ضوء ما وصلت إليه الأوضاع من انسداد في الأفق السياسي بين طرفي المشهد ، كان علي حزب النور أن يتخذ موقفاً متعقلاً في ضوء مرجعيته ومبادئه ، ومبنياً علي عدة منطلقات أساسية ؛ منها : عدم وضع السلامين جميعاً في سلة العنف والمواجهة في ظل تصاعد خطاب العنف من جانب الإخوان في التعامل مع الأزمة فصيل إسلامي في المشهد يرسل رسائل مهمة للشعب المصري أهمها  أن الفشل الإداري الذي حدث لا ينسب إلي الإسلام وإنما اجتهاد مخطئ من بعض من ينتسبون للإسلام وان هذا السخط في الشارع ليس ضد الإسلاميين ككل بما يحافظ علي خيط الوصل بين الإسلاميين والمجتمع .

خلاصة القول أن حزب النور يدرك جيداً أن هذا الموقف سيكون له انعكاس سلبي علي وضع الحزب وصورته في الأوساط الإسلامية لكن الدعوة والحزب لم ينظراً هذه النظرة الضيقة وإنما نظرا نظرة واسعة قائمة علي التمييز بين الإسلام وبين الاجتهاد المتمثل في التجربة الاخوانية للحكم  وكذلك علي المصلحة الوطنية بعيداً عن أي مطامع في سلطة أو منصب كما يدعي البعض، فهل بعد كل هذا يمكن أن يوجه احد اتهاماً بالخيانة لحزب النور؟ فلا املك إلا أن أقول كما قال يعقوب ـ عليه السلام ـ : ( فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون ) ( يوسف : 18 ) .

كتبه / عماد المهدي

 


www.anasalafy.com

أنا السلفي

 

تصنيفات المادة