الجمعة، ١٨ شوال ١٤٤٥ هـ ، ٢٦ أبريل ٢٠٢٤
بحث متقدم

بالأدلة : رأي الدعوة السلفية في الأحداث الجارية

وما زال هو رأي الدعوة السلفية

بالأدلة : رأي الدعوة السلفية في الأحداث الجارية
الاثنين ١٩ أغسطس ٢٠١٣ - ١٤:٢١ م
6865

الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ وبعد ؛

قال الشافعي : إذا ضعف المسلمون عن قتال المشركين جازت لهم مهادنتهم على غير شيء يعطونهم لأن القتل للمسلمين ، وإن الإسلام أعز من يعطي المشركين على أن يكفوا عنهم إلا في حالة مخافة اصطلام المسلمين لكثرة العدو ؛ لأن ذلك من معاني الضرورات ، وكذلك إذا أسر رجل فلم يطلق إلا بفدية جاز .

ونصوص الكتاب والسنة كثيرة في بيان أنه لا تكليف إلا بمستطاع ومقدور للعباد ، وأن الواجبات كالصيام والحج والجهاد تسقط بالعذر والعجز وعدم الاستطاعة . قال تعالى : ﴿ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا ﴾ [ البقرة : 286] , والإنكار باليد واللسان يسقط عند عدم الاستطاعة , والجهاد بمفهومه الصحيح وعلى ضوء الواقع الذي يمر به المسلمون ، لن يقوم على أكتاف أفراد قلائل ، بل إن جهاد المائة والمائتين ضرره – كما نرى – أكثر من نفعه .

قال في المذهب : إن زاد عددهم على مثلي عدد المسلمين جاز الفرار ، لكن إذا غلب على ظنهم أنهم لا يهلكون فالأفضل الثبات ، وإذا ظنوا الهلاك فوجهان : يلزم الانصراف ، والثاني يستحب ولا يجب  .

وذهب ابن الماجشون ورواه عن مالك : أن الضعف إنما يعتبر في القوة لا في العدد.

لا يصح الجهاد بغير تحقق شروطه ، والقتال إنما يكون بين معسكرين وجيشين وفريقين أحدهما مسلم والآخر كافر أو مستحق للقتال ولا يكون هذا في مثل أوضاعنا التي نعيشها اليوم حيث لم ينفصل جيش الإيمان عن غيره بل هما مختلطان غاية الاختلاط فلا تمايز بينهما ولا شك أن المعركة بينهما لابد وأن تضيع فيها دماء المسلمين من الجانبين .

ومن المتيقن أن النفوس المؤمنة كانت تتمنى الخلاص من فرعون وعمله وملئه ﴿ إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ ﴾ [القصص :4] . ولكن السنن لا تجرى وفق أماني أو أهواء البشر .

فرض البعض على نفسه تكفير الناس حتى يستبيح ما يفعل وكفي بهذا خطًا وإثمًا ، وإذا كانت كل مقدمة لها نتيجة وكل عقيدة لها تأثير فما أشنع النتائج المترتبة على تكفير الناس دون وجه حق ، وإذا كانت الحدود تدرأ بالشبهات فأولى ثم أولى أمر التكفير ولذلك كان الإمام مالك رحمه الله يقول : لو احتمل المرء الكفر من تسعة وتسعين وجهًا واحتمل الإيمان من وجه لحملته على الإيمان تحسينا للظن بالمسلم .

 

وفي الفتاوى التتارية : " ولا يكفر بالمحتمل لأن الكفر بنهاية في العقوبة فيستدعى نهاية في الجناية ومع الاحتمال لا نهاية  "
وقال ابن تيمية : " إن القول قد يكون كفراً فيطلق القول بتكفير صحبه بكفره حتى تقوم عليه الحجة التي يكفر تاركها  "
والتمكين في الأرض ليس لغاية مقصودة ، بل هو من وسائل الدعوة ، وقد لا يتحقق ومع ذلك نعيش حياة العبودية ونؤدي طاعة الوقت ولا نقصر فيما يجب علينا مما هو داخل تحت استطاعتنا  .

 

ونحن اليوم نحتاج إلى دعوة سليمة نعصم بها دماء المسلمين وأعراضهم ونفتح بها الحوار لإقامة الحجة على الخلائق ، فالقتال له سبيله وصراطه ولا يجوز في فتنة عمياء لم ينفصل فيها صف المسلمين عن صفوف الكافرين المجرمين .

 

ونحن لا ننكر انحراف الأوضاع ككل عن دين الله بحيث أصبح الدين في واد والدولة في واد ثانٍ ، ولا يمكن أن نجعل البدعة سنة أو الكفر إيمانًا أو الباطل حقًا ، فهذا لا يسعنا ولا يسع غيرنا ، ولكننا لا نرضى لأنفسنا ولا لغيرنا في ذات الوقت أن يعيش حياة الخيال والوهم.. لماذا لا نصدق في حساباتنا لأنفسنا ولغيرنا ؟ أين الاستطاعة والقدرة والتمكين ؟ أين التمايز واستقلالية الأرض ؟ أين الكفاءة النسبية أمام الأعداء ؟لماذا نغفل عن واقع الاستضعاف الذي نعيشه ونصبح كمن ينطح صخرة برأسه ؟ وما الحرج في أن نتشبه برسول الله وصحابته وهم بمكة ؟ إذا كان قتال الطائفة الممتنعة واجبًا أليست الواجبات تسقط مع العجز؟
السنن الربانية تفرض على الجماعة الواعية أن تتجاوز مواقع الخطأ التي قادت السابقين إلى الدمار والهلاك وأن تحسن التعامل مع تلك السنن ومع قوى الكون مستمدة ذلك من منهج الله الذي سار عليه أنبياؤه ورسله  .

 

 

لذلك كان لابد من الشورى في هذا الميدان ، أعني ميدان سياسة الأمة في الحرب والسلم والمعاهدات والدعوة ، وستكون الشورى لاختيار حكم الله المناسب للظروف والحالة والمكان والزمان ، والشورى لها ضوابطها ولها أهلها الذين تأهلوا بشروطها .
( كل ما سبق من كتاب تحصيل الزاد للشيخ سعيد عبد العظيم دون تصرف .. نقلت فقرات فقط )

 

وكان وما زال هو رأي الدعوة السلفية

كتبه / وائل سرحان

 


www.anasalafy.com

أنا السلفي

تصنيفات المادة