الخميس، ١٠ شوال ١٤٤٥ هـ ، ١٨ أبريل ٢٠٢٤
بحث متقدم

مع صاحب النقب

بل وينبغى على شباب الصحوة تربية أنفسهم على أعمال السر فإياكم والشُح الخفى!!

مع صاحب النقب
مصطفى دياب
السبت ٠٢ نوفمبر ٢٠١٣ - ١٣:٣٩ م
1916

الحمد لله وحده و الصلاة و السلام على من لا نبى بعده صلى الله عليه وسلم :

قال ابن قتيبة : (حاصر مَسلمة حصناً, فندب الناس الى نقب منه, فما دخله أحد, فجاء رجل من عُرْض الجيش، لا يعرفه أحد، فدخله ففتحه الله عليهم, فنادى مسلمة: أين صاحب النقب؟ فما جاءه أحد, فنادى: أنى قد أمرت الآذِن بإدخاله ساعة يأتى, فعزمتُ عليه إلا جاء! فجاء رجل فقال: استأذن لى على الأمير, فقال له الحارس: أنت صاحب النقب؟ قال: أنا أخبركم عنه. فأتى مسلمة فأخبره عنه, فأذن له فقال له: إن صاحب النقب يأخذ عليكم ثلاثا: ألا تسودوا اسمه فى صحيفة إلى الخليفة ولا تأمروا له بشئ و لا تسألوه ممن هو. قال: فذاك له, قال: أنا هو. فكان مسلمة لا يصلى بعدها صلاة إلا قال: اللهم اجعلنى مع صاحب النقب)

هل يحب أحدٌ منا أن يكون مع صاحب النقب؟ وهل يقدر أحدٌ منا أن يصنع ما صنع صاحب النقب؟ و لا أقصد فتحه للحصن فذلك قد يكون ميسوراً ولكن الأصعب أن تحقق إنجازاً ثم المطلوب أن يُخفى اسم صاحب هذا الإنجاز العظيم، بل ويرفض أن يُذكر اسمه لدى المسئولين و يرفض العطية أو المنحة أو المكافئة أنه لا يريد شيئاً من هذه الدنيا ولم يخرج إلا لقسم ذلك القائد الباسل فمَن منا يحب أن يكون فى غبراء الناس كما أحب أُويس بن عامر القرنى (أكون فى غبراء الناس أحبُ إليّ) وهو صاحب الدعوة المستجابة؟ من منا يحب أن يتعلم الناس علمه ولا يُذكر اسمه، قال الشافعى (وددتُ أن الخلق يتعلمون هذا العلم ولا يُنسبُ إليّ منه شئ) و للأسف إن أحدنا لا يحقق إنجازاً بل يعمل العمل الصغير و لا يصبر على كتمانه فتراه يتحدث هنا عن إنجازه  وهنا عن إتقانه وهنا عن إبداعه وهنا عن خبرته وهنا عن .. و هنا عن .. وأصبحت اليوم صفحات الفيس بوك يتحدث أصحابها عن إنجازاتهم الحقيرة قبل العظيمة وياليتها إنجازات مع أن النفوس المؤمنة المخلصة تخفى عن شمالها ما تنفق يمينها وبطاعة السر يرفع الله العباد، كما قال الإمام أحمد بن حنبل (مارفع الله بن المبارك إلا بخبيئة كانت له) و ما سبق الصديق إلا بشئ وقر فى قلبه.

إخوانى الأحباب:

إن الشيطان يجتهد غاية الإجتهاد مع العبد الصالح صاحب طاعة السر حتى يحولها فقط إلى علانية، فإذا تحولت إلى علانية كان من اليسير أن تدخلها الآفات المختلفة من العجب و الرياء و غيرها) وأنصت لقول النبى صلى الله عليه وسلم (أيها الناس إياكم و شرك السرائر) وتدبر قول الله (لن ينال الله لحومُها ولا دماؤُها ولكن يناله التقوى منكم)

أعمال القلوب .. أعمال القلوب فلنحرص جميعاً على ستر الطاعات والحرص على أن نكون من أصحاب طاعات السر، بل وينبغى على شباب الصحوة تربية أنفسهم على أعمال السر فإياكم والشُح الخفى!!

و ما الشُح الخفى؟؟ هو البخل بالطاعة فى السر فهى لا تخرج إلا من قلبٍ كريم. قال سلمة بن دينار (اكتم حسناتك أشد مما تكتم سيئاتك) أخى الحبيب: هيا بنا نسلك سوياً درب صاحب النقب. نعمل ونبذل ونضحى ونخدم ونحرص على إتمام العمل و نجاحه ولا نضع فى اعتبارنا ولا اهتمامنا أن يُذكر اسم لنا بل نكون فى غبراء الناس يذكرنا الله و ينسانا الخلق, يستعملنا الله فى أى مكان, فى المقدمة أو فى المؤخرة, المهم أن يستعملنا الله وأن يشغلنا بطاعته عن معصيته وأن يجعل أوقاتنا كلها لخدمة دينه ونصرته وإن كان لا يشعر بنا أحد، فالمخلص لربه كالماشى على الرمل  ترى أثره ولا تسمع صوته.

و لعلنا نصدق الله فى دعوتنا .. اللهم احشرنا مع صاحب النقب .

وصلِّ اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم .. 


www.anasalafy.com

موقع أنا السلفي

تصنيفات المادة

ربما يهمك أيضاً

ممنوع الاقتراب!
193 ١١ أكتوبر ٢٠٢٢
أحبك يا رب
128 ٢١ فبراير ٢٠٢٢
هل لك منارة؟
203 ١١ ديسمبر ٢٠٢١
اضبط البوصلة
252 ٣٠ نوفمبر ٢٠٢١
صناعة النموذج
214 ٠٦ نوفمبر ٢٠٢١
اترك أثرًا (4)
123 ٠٢ نوفمبر ٢٠٢١