الثلاثاء، ١٥ شوال ١٤٤٥ هـ ، ٢٣ أبريل ٢٠٢٤
بحث متقدم

مفترق طرق : ( وقُولُوا للنَّاس حُسْنَاً )

وأصحاب السمت الإسلامي والدعوة الإسلامية أولى الناس بهذه الوصايا حتى نكون قدوة للمجتمع كله في الإحسان القولى والعملى

مفترق طرق : ( وقُولُوا للنَّاس حُسْنَاً )
ياسر برهامي
السبت ٠٩ نوفمبر ٢٠١٣ - ١١:٠٢ ص
1803

كتبه/ ياسر برهامي

الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ وبعد ؛

نحتاج إلى وقفة للمقارنة بين واقعنا الأليم والآخرة ، الوصية العظيمة التي أوصى الله بها بني إسرائيل ، وهي وصية لنا كذلك ، إذ هذا مما لا تختلف فيه الشرائع بل أمتنا آكد في الأمر بذلك ، إذ إن مسئوليتها في قيادة العالم وهدايته يقتضى قدرة في التواصل مع الناس جميعهم مؤمنهم وكافرهم لتوصيل الصورة الصحيحة للإسلام إلى الخلق وبذل كل جهد لهدايتهم إليه .

قال ابن كثير ـ رحمه الله ـ في هذه الآية : ( وقُولُوا للنَّاس حُسْنَاً ) أي كلموهم طيباً ولينوا لهم جانباً ، ويدخل في ذلك الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر ؛ كما قال الحسن البصري في قوله تعالى : ( وقُولُوا للنَّاس حُسْنَاً ) . فالحسن من القول يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ويحلم ويعفو ويصفح ويقول للناس حُسناً ـ كما قال الله ـ وهو كل خلق حسن رضية الله ، وروى الإمام أحمد عن أبى ذر الغفاري ـ رضي الله عنه ـ عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أنه قال : " لا تحقرن من المعروف شيئاً وإن لم تجد فألق أخاك بوجه منطلق " رواه مسلم .

وناسب أن يأمرهم بأن يقولوا للناس بعد ما أمرهم بالإحسان إليهم بالفعل فجمع بين طرفي الإحسان الفعلي والقولي .

أين نحن من هذه الوصية خصوصاً في حواراتنا مع من خالفنا سواء كان الحوار المباشر أو صفحات الفيس بوك الذي يحتاج منا إلى إعادة نظر وكذا المواقع الإلكترونية والصحف وسائر وسائل الإعلام التي أضحت تؤجج روح العدالة والكراهية والبغضاء بين الناس ، والحدة والعنف في الحوار حتى ليتأمل الناظر فيما يقال ويكتب فيظن أن أشد الأعداء عداوة هم أبناء الدين الواحد والوطن الواحد ، وإذا كان الله قد أمر موسى وهارون ـ عليهما السلام ـ في خطابهما لفرعون ـ لعنه الله ـ وهو من أبغض خلق الله إلى الله وإلى المؤمنين في كل زمان لجبروته وطغيانه : ( اذهبا إلى فرعون إنه طغى فقولا له قولاً لينًا لعله يتذكر أو يخشى ) فالكلام اللين أقرب إلى القبول والتذكر والخشية ، وأصحاب السمت الإسلامي والدعوة الإسلامية أولى الناس بهذه الوصايا حتى نكون قدوة للمجتمع كله في الإحسان القولى والعملي خاصة في الظروف الصعبة التي تمر بها أمتنا والتي صارت القسوة سمة غالبة على مجتمعاتنا في الأقوال والأفعال ، وأشد هذه القسوة بلا شك سفك الدماء بغير حق وأذية الناس في أبدانهم وأعراضهم وأموالهم بغير حق ، ومن ذلك بدع التكفير والتضليل واللعن ، وقد قال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ  : " ولَعْن المؤمن كقتله ، ومن قال لأخيه يا كافر فهو كقتله " رواه البخارى .

وإذا تضمن التكفير واللعن والتبديع قطاعات عريضة من المجتمع تشمل ملايين الناس فالذنب متضاعف والجريمة أغلظ .

فليوص بعضنا بعضا وليذكر بعضنا بعضا هذه الوصية ( وقُولُوا للنَّاس حُسْنَاً ) ، ولنرفق بمخالفينا ، ولنلتزم بأدب الاختلاف مادام كان ضمن الاجتهاد السائغ ، وحتى إذا تجاوزه إلى غير السائغ فالرفق لا يكون في شيء إلا زانه ولا ينزع من شيء إلا شانه .

نسأل الله أن يهيئ لأمتنا أمرَ رشدٍ ، يعز فيه أهل طاعته ، ويهدى فيه أهل معصيته ، ويؤمر فيه بالمعروف ، وينهى فيه عن المنكر .

 موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com

تصنيفات المادة