الجمعة، ٢٠ رمضان ١٤٤٥ هـ ، ٢٩ مارس ٢٠٢٤
بحث متقدم

رسالة عاجلة إلى مظلوم (خطبة مقترحة)

رسالة مواساة إلى كل مظلوم، تتضمن الترهيب والتحذير لكل ظالم من عاقبة الظلم في الدنيا والآخرة

رسالة عاجلة إلى مظلوم (خطبة مقترحة)
سعيد محمود
الثلاثاء ٠٣ ديسمبر ٢٠١٣ - ٢٢:٤١ م
6092
30-محرم-1435هـ   3-ديسمبر-2013      

كتبه/ سعيد محمود

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

الغرض من الخطبة:

رسالة مواساة إلى كل مظلوم، تتضمن الترهيب والتحذير لكل ظالم من عاقبة الظلم في الدنيا والآخرة.

المقدمة: دوافع الرسالة:

- الإشارة إلى شيوع الظلم والاستبداد على جميع المستويات والجهات بين الناس: "حكامًا ومحكومين - قضاة ومتخاصمين - أقوياءً ومستضعفين".

- ظن كثير من الظالمين أنهم لا يزولون ولا يُبعثون ولا يحاسبون: قال الله -تعالى-: (أَلا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ(المطففين:4)، وقال -صلى الله عليه و سلم-: (إِن اللَّهَ لَيُمْلِي لِلظَّالِمِ حَتَّى إِذَا أَخَذَهُ لَمْ يفلته(متفق عليه).

أيها المظلوم... (الله حرَّم الظلم):

- ظالمك ينتهك محارم الله: قال الله -تعالى- في الحديث القدسي: (يَا عِبَادِي إِنِّي حَرَّمْتُ الظُّلْمَ عَلَى نَفْسِي وَجَعَلْتُهُ بَيْنَكُمْ مُحَرَّمًا فَلا تَظَالَمُوا... (رواه مسلم).

- ظالمك يبغضه الله وبغَّض فعله إلى عباده بصور مختلفة: قال -تعالى- نافيًا عن الظالمين محبته: (وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ(آل عمران:57)، وقال عن حرمانه لهم من هدايته: (وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ(إبراهيم:27)، وقال: (إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ)(المائدة:51)، وجعلهم أهل لعنته: (يَوْمَ لا يَنْفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ(غافر:52).

- ولذا كان من دعوة الرسل إقامة العدل ومنع الظلم بأنواعه: قال -تعالى-: (لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ(الحديد:25).

أيها المظلوم... (الظلم لن يدوم):

- لأن الله لا يحب الظلم والظالمين؛ فلا يبقيهم على الدوام، فلابد لهم من ساعة: قال -تعالى-: (وَتِلْكَ الْقُرَى أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَعَلْنَا لِمَهْلِكِهِمْ مَوْعِدًا(الكهف:59).

- سنة الله في الظالمين الإمهال والاستدراج: قال -تعالى-: (سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ(الأعراف:182)، وقال -صلى الله عليه وسلم-: (إِن اللَّهَ لَيُمْلِي لِلظَّالِمِ حَتَّى إِذَا أَخَذَهُ لَمْ يفلته(متفق عليه).

- سنة الله بإهلاكهم بعد اشتداد ظلمهم وطغيانهم: قال -تعالى-: (وَفِرْعَوْنَ ذِي الأَوْتَادِ . الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلادِ . فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ . فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ . إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ(الفجر:10-14).

- وأخذ الظالمين يكون بقصف أعمارهم وخراب ديارهم: قال -تعالى-: (وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ(هود:102)، وقال: (فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةً بِمَا ظَلَمُوا(النمل:52).

أيها المظلوم... (تذكر مَن سبق من الظالمين):

- أين عاد، وثمود، وقارون، وقوم فرعون، وغيرهم... ؟ وإلى أين مصير كل ظالم؟ قال الله -تعالى-: (فَكُلاً أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنَا بِهِ الأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ(العنكبوت:40).

- أين الفرعون الذي انحاز إلى فئة وظلم الفئة الأخرى؟ قال -تعالى-: (إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلا فِي الأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ(القصص:4)، وقال -صلى الله عليه وسلم-: (إِنَّمَا أَهْلَكَ الَّذِينَ قَبْلَكُمْ أَنَّهُمْ كَانُوا إِذَا سَرَقَ فِيهِمُ الشَّرِيفُ تَرَكُوهُ، وَإِذَا سَرَقَ فِيهِمُ الضَّعِيفُ أَقَامُوا عَلَيْهِ الْحَدَّ(متفق عليه).

- سنة الله لا تتخلف: قال -تعالى-: (وَتِلْكَ الْقُرَى أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَعَلْنَا لِمَهْلِكِهِمْ مَوْعِدًا(الكهف:59).

أيها المظلوم... (حقك لن يضيع):

- قد يغفل الناس عن مظلمتك، لكن هناك مَن لا يغفل: قال -تعالى-: (وَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ(إبراهيم:42).

- هناك يوم لا تضيع فيه الحقوق: قال -تعالى-: (وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ(الأنبياء:47).

- وقد ينصرك الله في الدنيا بزوال الظالم، وتمكينك من دياره ما دمت على الطاعة: (فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ لَنُهْلِكَنَّ الظَّالِمِينَ . وَلَنُسْكِنَنَّكُمُ الأَرْضَ مِنْ بَعْدِهِمْ ذَلِكَ لِمَنْ خَافَ مَقَامِي وَخَافَ وَعِيدِ(إبراهيم:13-14)، (وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ(القصص:5).

أيها المظلوم... (لك دعوة مستجابة):

- جعل الله لك سلاحًا أقوى من كل ظالم: قال -صلى الله عليه وسلم-: (اتَّقِ دَعْوَةَ المَظْلُومِ، فَإِنَّهَا لَيْسَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ اللَّهِ حِجَابٌ(متفق عليه)، وقال: (دَعْوَةُ الْمَظْلُومِ مُسْتَجَابَةٌ، وَإِنْ كَانَ فَاجِرًا فَفُجُورُهُ عَلَى نَفْسِهِ(رواه أحمد، وحسنه الألباني).

قال الشاعر:

لا تـظلمـن إذا كـنـتَ مقتـدرًا              فـالظـلـم آخـره يأتيك بالـندم

تـنام عينك والمظلوم منتـبه              يدعو عليك وعين الله لم تنمِ

- سعيد بن زيد -رضي الله عنه- يدعو على امرأة لما ظلمته بادعائها لجزءٍ من أرضه: ففوض الأمر إلى الله -تعالى-، وقال: دَعُوهَا وَإِيَّاهَا، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، يَقُولُ: (مَنْ أَخَذَ شِبْرًا مِنَ الأَرْضِ بِغَيْرِ حَقِّهِ، طُوِّقَهُ فِي سَبْعِ أَرَضِينَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ)، اللهُمَّ، إِنْ كَانَتْ كَاذِبَةً؛ فَأَعْمِ بَصَرَهَا، وَاجْعَلْ قَبْرَهَا فِي دَارِهَا. قَالَ عُرْوَة: "فَرَأَيْتُهَا عَمْيَاءَ تَلْتَمِسُ الْجُدُرَ تَقُولُ: أَصَابَتْنِي دَعْوَةُ سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ، فَبَيْنَمَا هِيَ تَمْشِي فِي الدَّارِ مَرَّتْ عَلَى بِئْرٍ فِي الدَّارِ، فَوَقَعَتْ فِيهَا، فَكَانَتْ قَبْرَهَا" (رواه البخاري، ومسلم واللفظ له).

- سعد بن أبي وقاص -رضي الله عنه- يدعو على أبي سعدة الكوفي لما افترى عليه: "اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ عَبْدُكَ هَذَا كَاذِبًا، قَامَ رِيَاءً وَسُمْعَةً؛ فَأَطِلْ عُمْرَهُ، وَأَطِلْ فَقْرَهُ، وَعَرِّضْهُ بِالفِتَنِ"، وَكَانَ بَعْدُ إِذَا سُئِلَ يَقُولُ: "شَيْخٌ كَبِيرٌ مَفْتُونٌ، أَصَابَتْنِي دَعْوَةُ سَعْدٍ". قَالَ عَبْدُ المَلِكِ: "فَأَنَا رَأَيْتُهُ بَعْدُ، قَدْ سَقَطَ حَاجِبَاهُ عَلَى عَيْنَيْهِ مِنَ الكِبَرِ، وَإِنَّهُ لَيَتَعَرَّضُ لِلْجَوَارِي فِي الطُّرُقِ يَغْمِزُهُنَّ" (رواه البخاري).

أيها المظلوم... (تأمل مشهد عاقبة الظالمين):

- يقرأ الخطيب الآيات: قال -تعالى-: (وَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ . مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ لا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ . وَأَنْذِرِ النَّاسَ يَوْمَ يَأْتِيهِمُ الْعَذَابُ فَيَقُولُ الَّذِينَ ظَلَمُوا رَبَّنَا أَخِّرْنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ نُجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعِ الرُّسُلَ أَوَلَمْ تَكُونُوا أَقْسَمْتُمْ مِنْ قَبْلُ مَا لَكُمْ مِنْ زَوَالٍ . وَسَكَنْتُمْ فِي مَسَاكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنَا بِهِمْ وَضَرَبْنَا لَكُمُ الأَمْثَالَ . وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ . فَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ . يَوْمَ تُبَدَّلُ الأَرْضُ غَيْرَ الأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ وَبَرَزُوا لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ . وَتَرَى الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ مُقَرَّنِينَ فِي الأَصْفَادِ . سَرَابِيلُهُمْ مِنْ قَطِرَانٍ وَتَغْشَى وُجُوهَهُمُ النَّارُ . لِيَجْزِيَ اللَّهُ كُلَّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ . هَذَا بَلاغٌ لِلنَّاسِ وَلِيُنْذَرُوا بِهِ وَلِيَعْلَمُوا أَنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَلِيَذَّكَّرَ أُولُو الأَلْبَابِ(إبراهيم:42-52).

خاتمة: الترهيب من الإعانة على الظلم:

- عدم مشاركة الظالمين في الظلم: قال -تعالى-: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ(المائدة:2)، وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (انْصُرْ أَخَاكَ ظَالِمًا أَوْ مَظْلُومًا). فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَنْصُرُهُ مَظْلُومًا فَكَيْفَ أَنْصُرُهُ ظَالِمًا؟ قَالَ: (تَمنعهُ من الظُّلم فَذَاك نصرك إِيَّاه(متفق عليه)، وقال -صلى الله عليه و سلم-: (لَيَأْتِيَنَّ عَلَيْكُمْ أُمَرَاءٌ يُقَرِّبُونَ شِرَارَ النَّاسِ، وَيُؤَخِّرُونَ الصّلاةَ عَنْ مَوَاقِيتِهَا، فَمَنْ أَدْرَكَ ذَلِكَ مِنْكُمْ؛ فلا يَكُونَنَّ عَرِيفًا وَلا شُرْطِيًا، وَلا جَابِيًا وَلا خَازِنًا(رواه ابن حبان، وحسنه الألباني)، ولما سأل حارس السجن الإمام أحمد فقال: "تراني من أعوان الظلمة؟"، قال له: "بل أنت من الظلمة، إنما أعوان الظلمة من يخيط لهم ثوبًا أو يخسف لهم نعلاً".

- وإلا كان الندم على حسن الطاعة لهم في الآخرة: (وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلا . رَبَّنَا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْنًا كَبِيرًا(الأحزاب:67-68)، (إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الأَسْبَابُ(البقرة:166).

اللهم عليك بالظالمين، وأنج عبادك المؤمنين.


www.anasalafy.com
موقع أنا السلفي

تصنيفات المادة