الجمعة، ٢٠ رمضان ١٤٤٥ هـ ، ٢٩ مارس ٢٠٢٤
بحث متقدم

راغب السرجاني القيادي بجماعة الإخوان يكتب : الجريمة التي تمت "كانت قتل خليفة وليس مجرد عزل رئيس منتخب"

ومع ذلك فأنا أقول : إنه في وقت أخذ القرار لم تكن هذه النتائج ظاهرة

راغب السرجاني القيادي بجماعة الإخوان يكتب : الجريمة التي تمت "كانت قتل خليفة وليس مجرد عزل رئيس منتخب"
الأربعاء ٠٤ ديسمبر ٢٠١٣ - ١٧:٠٣ م
7418

الجريمة التي تمت "كانت قتل خليفة وليس مجرد عزل رئيس منتخب"


بعد مقتل عثمان بن عفان ـ رضي الله عنه ـ حدثت فتنة كبيرة في الأمة ، واختلف علماؤها اختلافًا كبيرًا في آرائهم ، ولم يكن الاختلاف في تحديد مَنْ الذي على الحق ، ومَنْ الذي على الباطل؟ ولكن كان الاختلاف في كيفية التعامل مع الحدث .

كان الانقلابيون المتمردون من أخبث الناس وأكثرهم خيانة "لم يختلف على ذلك أحد"، وكان عثمان بن عفان ـ رضي الله عنه ـ من أعظم الناس وأشرفهم "ولم يختلف على ذلك أحد أيضًا"، ولكن الاختلاف كان في كيفية التعامل مع قاتلي هذا الرجل العظيم مع إدراك الجميع أن الانقلابيين مجرمون خسيسون .

 1- رأى علي بن أبي طالب ـ رضي الله عنه ـ ومعه عبد الله بن عباس ـ رضي الله عنهما ـ أن يؤخِّر إقامة الحد على الانقلابيين القتلة ، بل سمح بوجودهم في جيشه ، وذلك لأنه نظر إلى الأمر بشكل واسع ، فوجد أن الحدَ الذي سيقام على القتلة الانقلابيين سيقود جموع قبائلهم إلى التمرد على الدولة في بقاع كثيرة مما قد يؤدي إلى انهيار الدولة ؛ فقدَّم بقاء الدولة على إقامة الحدِّ عاجلاً ، ومِن ثَمَّ قرر تأجيله .

2- أما عائشة وطلحة والزبير ـ رضي الله عنهم جميعًا ـ فقد رأوا تطبيق الحد على القتلة عاجلاً ؛ لأنه لا يجوز تعطيل شرع الله ، وقد قُتل عثمان ـ رضي الله عنه ـ مظلومًا ، ولابد من أخذ الحق من قاتليه الآن .

فهاتان رؤيتان مختلفتان تمامًا ، مع أن كلا الفريقين يعلم أن الحق كان مع عثمان ـ رضي الله عنه ـ ، وأن المنقلبين عليه مفسدون مجرمون .

3- وهناك فريق ثالث من العلماء آنذاك لم يستطع أن يحدد على وجه اليقين أين الصواب في التعامل مع ملف الانقلابيين ، واحتاروا : هل ينبغي الصدام معهم الآن كما قرر فريق عائشة وطلحة والزبير ومعاوية ـ رضي الله عنهم ـ ؟ أم الأفضل تأجيل إقامة الحد وتفويت فرصة الصدام كما رأى علي بن أبي طالب وعبد الله بن عباس ـ رضي الله عنهما ـ ؟ وكان من هذا الفريق الثالث : عبد الله بن عمر ، وسعد بن أبي وقاص ، وأسامة بن زيد ـ رضي الله عنهم جميعًا ـ ، وهؤلاء قرروا اعتزال الأمر إلى أن تتضح لهم الرؤية .

والآن مع نقطة مهمة جدًّا في الفهم : نحن أمام ثلاثة آراء مختلفة لثلاث فرق من العلماء الكرام ، وكلهم مِن المبشرين بالجنة ، وممن يَشهد لهم الجميع بالصلاح والتقوى... فما الحل؟! هل يغيِر أحدهم رأيه ليوافق الآخرين؟! إن هذا ـ في نظر كل واحد منهم ـ لا يجوز! إن كل فريق يرى ـ مخلصًا ـ أن الصواب معه ، وأنه لا يجوز أن يسير في الاتجاهين الآخرين ، ومِن ثَمَّ أعلنها صريحة واضحة ، وثبت في اتجاهه الذي اختاره .

حتى الفريق الثالث ـ وهو فريق المعتزلين للفتنة ـ فعلوا ذلك ؛ لأنهم لم يدركوا أين الحق ؟ ولو أدركوا أن الحق مع أحد الفريقين ولم ينصروه ما جاز لهم الاعتزال .

ولاحظ أننا نتكلم عن هذه الآراء وقت حدوث المشكلة لا بعدها ؛ لأنه بعد شهور أو سنوات من الحدث قد يغير أحدهم رؤيته بناءً على النتائج التي رآها الجميع بعد ذلك ؛ ولأننا أدركنا أن الصواب كان مع التهدئة التي أرادها علي بن أبي طالب ـ رضي الله عنه ـ ، والذي كان ينظر إلى العواقب ، ولا يتأثر بالحماسة المفرطة عند المطالبين بحل المشكلة الآن ، ولم يكن عاطفيًّا مندفعًا ، خاصة أن الجريمة التي تمت "كانت قتل الخليفة وليس مجرد عزله" .

ومع ذلك فأنا أقول : إنه في وقت أخذ القرار لم تكن هذه النتائج ظاهرة ، ومِن ثَمَّ كان لابد من أن يعلن كل صحابي رأيه الذي يجده صائبًا وموافقًا للشريعة فيما يظن ، وهذا ما سيسأله الله عنه ، حتى لو كان مخالفًا لعلي بن أبي طالب ـ رضي الله عنه ـ .

إن هذه هي الأمانة العلمية ، وهذا هو الخوف من الله

كتبه د. راغب السرجانى .... قيادى بجماعة الإخوان

 

www.anasalafy.com

موقع أنا السلفي

تصنيفات المادة