الجمعة، ٢٠ رمضان ١٤٤٥ هـ ، ٢٩ مارس ٢٠٢٤
بحث متقدم

عُقمُ اِكتِشافِ الطّاقاتِ

ويسعُنا أن نخصص في العمل من ليس له دور إلا اكتشاف المواهب والطاقات المعطلة

عُقمُ اِكتِشافِ الطّاقاتِ
مصطفى دياب
الاثنين ٠٩ ديسمبر ٢٠١٣ - ١٩:٠٤ م
2114

كتبه/ مصطفى دياب

الحمد لله وحده ، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ أما بعد ؛

إن هذه الأمة ولاّدَة مستمرة في العطاء ، لا تموت هذه الأمة بموت العاملين لها الباذلين في سبيلها ولا يزال الله يغرس في هذه الأمة من يجدد لها دينها فلا تتوقف هذه الأمة على آحاد الناس مهما كانت مواهبهم وإمكانياتهم وعطائهم ، بل الأجيال تتلو الأجيال الكل يعمل والطاقات تتفجر وينابيع الخير تؤتى ثمارها هاهنا وهاهنا ، ولكن ُتبتلى بعض الدعوات والمؤسسات بعقم اكتشاف الطاقات ، فيكون بين أيديها من أبناءها طاقات هائلة في جميع فروع الحياة في العلم الشرعي ، والعلم الأكاديمي ، والعلوم التكنولوجية ،وعلوم الإدارة والسياسة والاجتماع والتربية وغيرها لكن المؤسسة تعجز أحيانا عن اكتشاف هذه الطاقات مما يؤدى إلى عدم الاستفادة منها بل وإهدارها ونحن في أمسّ الحاجة إليها ، ولذا كانت هذه المشكلة من المشاكل التي أرى أنها تستحق التدقيق والتحقيق والوصول إلى أسبابها وطُرق علاجها ، وفيما يلي نحاول أن نستعرض بعض الأسباب التي تؤدى إلى عقم اكتشاف الطاقات أو العجز عن اكتشاف الطاقات ، وبعض الحلول المقترحة والموضوع قابل للتطوير والتحليل ولكنها محاولة لإثارة الانتباه لعل إخواني في العمل والمؤسسات ينتبهوا لخطورة هذه المذبحة ويُقفوا نزيف إهدار الطاقات ، فلعل من الأسباب :

1- غياب روح المغامرة أو المبادرة عند الإدارة : حيث تخاف إدارة المؤسسة من الفشل في أداء المهمات إذا دفعت بها إلى من تظن انه طاقة  .

2- المركزية : والتي تقوم الإدارة فيها دائما بأداء معظم الأعمال التي تستدعى بعض المواهب والمهارات والخبرات مما يقطع الطريق على اكتشاف الطاقات الكامنة في أبناءنا .

3- عدم التفويض أو إتاحة فرصة للإبداع : فالإدارة أو القيادة كما ذكرنا تقوم بالمهام التي تحتاج مهارات ولا تفوض بعضاً منها للوجوه الجديدة أو الطاقات الشابة اليافعة .

4- تأثير التجارب السابقة الفاشلة : فقد تكون المؤسسة قد خاضت تجربة سابقة لكنها لم تحقق نجاحاً مما يؤكد إحجام المؤسسة على تكرار التجربة علما بأنه يمكنها إعادة التجربة بعد الوقوف على نقاط الخلل ومعالجتها ولذا كان للتقييم دوره في المعالجة أو التطوير .

5- قلة الاحتكاك بأعضاء المؤسسة : ففي كثير من الأحيان لا تحتك القيادة بأفراد المؤسسة على جميع المستويات بل تكتفي بمجموعة قريبة منها تثق بها وتستمع لتقاريرها ولذا تضيق وتضعُف احتمالات صعود الطاقات وكفاءات جديدة وخصوصاً إذا كانت هذه المجموعة القريبة من الإدارة تتبنى مذاهب الإقصاء وتبنى اختيارها على الولاء فقط واستبعاد الكفاءات مهما كانت الحاجة إليهم ، ولاشك أن هذا خلل ؛ فمن الممكن أن تستفيد من (الورد) وتتجنب (الشوك ) ، ويجب أن لا تعتمد المؤسسة على تقييم فرد أو مدرسه واحدة في التفكير .

6- عدم وجود دورات ثقل وتدريب للأعضاء : فكلما أنشأت المؤسسة دورات ظهرت من خلالها المهارات والكفاءات والطاقات .

7- ضعف الثقة بالنفس : وهذا السبب يرجع إلى الشخص العامل نفسه فهو لا يرى في نفسه كفاءة أو موهبة ، ولذا لا يظهر منه ما يجذب قادة المؤسسة نحو اختياره ، وهنا نقول يجب أن يثق العامل في نفسه ولا يُحقر من قدراته ويدرك أنه يُحسن أي شيء ، والدور الأعظم هنا أن يكتشف بنفسه ما يحسن ، أو يطلب ذلك من غيره ، ومن الممكن أن تقوم المؤسسة بعمل أنشطة لإبراز الطاقات والمهارات ، أو عمل استمارة تساعد على اكتشاف الآخرين (كيف تراني؟) يذكر فيها الأخ ما يراه من أخيه من جوانب بارزه أو ايجابية أو سلبية ويسلمها لإدارة المؤسسة فتقوم هي بالعلاج و توجيه النصح المناسب في الوقت المناسب ، وتنتبه للطاقات والكفاءات الموجودة في أبنائها فتُنميها حتى تبرز ويتطور أداؤها .

8- عدم وجود حوافز مادية أو معنوية تدفع للمغامرة ، فلو أن المؤسسة تُعلن عن مسابقات في أشياء مختلفة وترصد لها جوائز قيمة لوجدنا إقدام أعداد كبيره ، ولو تم الإعلان عن دورة مثلاً في علم الصحافة أو المونتاج أو الفوتوشوب أو برامج الكمبيوتر بسعر رمزي ووعدنا بشهادات ومنح لمن يجتاز الاختبارات بنجاح .. لظهرت لنا الطاقات الكامنة والمواهب المدفونة .

9- محدودية أهداف المؤسسة : وهذه لاشك أزمة فكيف تكون المؤسسة ليس لها نظرات واسعة وخطط بعيدة الأمد؟؟ ولذا فهي لا تشعر بحاجتها إلى الطاقات ولا العاملين فلا تجتهد للبحث عنهم أو اكتشافهم أو العمل على تطويرهم .

10- غياب من يحسن اكتشاف الطاقات داخل المؤسسة : إن غياب الشخصية القادرة على جذب الطاقات والتعرف عليها واكتشافها في المؤسسة يؤخر كثيراً ، فان غياب المغناطيس الذي يلتقط حبات الحديد من كومة القش يرهقنا كثيراً ، وغياب من يستطيع أن يلتقط حُبيبات الذهب من كومة الرمال يجعلنا نفقد الكثير مما نحتاج إليه .

11- عدم اتساع الوقت لظهور الطاقات : فالكل مشغول بأداء الواجبات فالمشاكل كثيرة ومتتالية والأعمال كثيرة ومتراكمة وليس هناك وقت للتدقيق واكتشاف الطاقات ، ولاشك في خلل هذا الأسلوب .

ويسعُنا أن نخصص في العمل من ليس له دور إلا اكتشاف المواهب والطاقات المعطلة .

 12- عدم رعاية البوادر : فربما يظهر لنا من شخص صغير السن موهبة ولكن لا نرعاها فتموت ، وقد قيل للطبري وهو غلام في الكُتاب إن خطك يشبه خط العلماء فأصبح عالماً .

13- توزيع الأعمال على الأفراد على حسب حاجة المؤسسة وليس على حسب قدرات الأفراد : وفى كثير من الأحيان نبحث عن من يسد الثغرة لا من يتقن العمل ويبدع فيه ، مما يؤدى إلى إهدار الطاقات ، نسأل الله أن يوفقنا لما يحب ويرضى ويُسدد خطانا لحسن اكتشاف الطاقات ، وصلَ اللهم على محمد وعلى اله وصحبه وسلم .


www.anasalafy.com

موقع أنا السلفي

تصنيفات المادة

ربما يهمك أيضاً

ممنوع الاقتراب!
186 ١١ أكتوبر ٢٠٢٢
أحبك يا رب
124 ٢١ فبراير ٢٠٢٢
هل لك منارة؟
199 ١١ ديسمبر ٢٠٢١
اضبط البوصلة
248 ٣٠ نوفمبر ٢٠٢١
صناعة النموذج
207 ٠٦ نوفمبر ٢٠٢١
اترك أثرًا (4)
121 ٠٢ نوفمبر ٢٠٢١