الخميس، ١٠ شوال ١٤٤٥ هـ ، ١٨ أبريل ٢٠٢٤
بحث متقدم

وقفات مع الإرهاب

جانب الحكومة المصرية والتي بدت مصرة علي تنفيذ هذه الخطوة بجدية بالدرجة التي دفعتها إلي توسيع دائرة الملاحقة

وقفات مع الإرهاب
أحمد الشحات
الأربعاء ٠١ يناير ٢٠١٤ - ٢٢:٢٨ م
3314


وقفات مع الإرهاب

 

كتبه / أحمد الشحات

الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسوله ـ صلى الله عليه وسلم .. أما بعد ..

فقد مضت عدة أيام علي تصنيف جماعة الإخوان جماعة إرهابية من جانب الحكومة المصرية والتي بدت مصرة علي تنفيذ هذه الخطوة بجدية بالدرجة التي دفعتها إلي توسيع دائرة الملاحقة لتمتد خارج الوطن فتشمل الدول العربية وغيرها.

في الجانب الأخر فإن جماعة الإخوان حاولت أن تبدو متماسكة فأعلنت التحدي ونادت ب "النفير العام" لمواجهة القرار ولإحباط أثره ولكن الملاحظ علي الأرض أن الأعداد لم تكن علي مستوي الحشد المتوقع وإنما لوحظ تزايد حدة العنف اللفظي والمادي من جانب المتظاهرين الذين أغلبهم من شريحة شباب وفتيات الجامعة.

ولنا علي المشهد بأسره عدة ملاحظات نوجزها فيما يلي:-

فيما يخص الدولة:-

1.      هذا القرار الذي اتخذته الحكومة هو بمثابة إحراق المراكب التي يمكن من خلالها الرجوع لمائدة المفاوضات مع الإخوان مرة أخري إلا تحت شرط قاسي جدا وهو أن تقوم الجماعة بعمل مراجعات فعلية وحقيقية تعلن فيها الاعتذار للشعب والتوبة عن أخطاء الماضي.

2.      هذا القرار في حس الحكومة يعد إنجاز تاريخي لأن قرار مثل هذا عجزت عنه حكومات عديدة سابقة وما كان لهذا القرار أن تنطق به الحكومة ويمر مرور الكرام إلا في هذه الظروف الاستثنائية التي تعيشها مصر.

3.      يبدو أن الحكومة رأت أنه ليس هناك أمل يلوح في الأفق في عودة جماعة الإخوان إلي المشاركة في الحياة السياسية من جديد ويبدو أيضا أن محاولات عديدة من جانب الحكومة فشلت في إرضاء مطالب الإخوان فقررت علي إثر ذلك الانتقام الشرس والذي يقوم علي مبدأ العقاب الاستئصالي أكثر منه محاولة للضغط أو التأديب.

4.      للأسف الشديد استجلب الإخوان علي أنفسهم بلاء عاجلا عندما هددوا بإفساد عملية الاستفتاء علي الدستور وهذا ما حداً بالحكومة إلي التعجيل بضربة استباقية للوقاية من ذلك.

 فيما يخص الإخوان:-

1.      السلوك السياسي للإخوان يبعث علي الريبة بشكل كبير فهم يستخدمون عددا من الأوراق المتناقضة ليتلاعبوا بالجميع ضد الجميع لكي يستفيدوا من الجميع ولكنهم يفيقون علي حقيقة مرة وهي أن الجميع يتلاعب بهم وهذه الأزمة الماضية خير مثال علي ذلك:

 

·         ففي الوقت الذي يعلنون الرغبة في الحوار على لسان د/بشر إذا بالمظاهرات في الشوارع علي أشدها وبأعنف ما يكون.

·         وفى الوقت الذى ينطق به بيان دعم التحالف باحترامه للجيش ولقادته إذ بهم يحركون الدعاوى القضائية الدولية لمحاكمة مدبري الانقلاب وهكذا يستمر المسلسل الهزلي المؤسف.

 

1.      تأخر الإخوان في قبول عروض الحوار مرات عديدة وللحق فإنهم أضاعوا فرصا كثيرة جدا وقد نصحهم الناصحون مرارا أن التأخر في قبول العرض يفقد القدرة على التفاوض الجيد ويهدر فرصا كثيرة يمكن أن تُغتنم ولكنهم للأسف الشديد لم يستغلوا الفرصة كما أساءوا تقدير الموقف قبل 30/6 واستهانوا به وظنوه موجة غضب ستنتهى مع حلول الليل فكانت القاصمة التي ألقت بهم خارج الملعب تماما.

2.      رغم أن قرار الإخوان باستمرار المواجهة مع الدولة يشبه الانتحار الحتمي إلا أنه تم اعتماده في ظني بناء على مقدمتين:-

 

·         ارتكب الإخوان جريمة كبري في حق أتباعهم ومحبيهم عندما قاموا بعملية شحن عاطفي بالغة القوة بالدرجة التي تجاوزت أي مدي استيعابي ولم يستطع قادتهم أنفسهم بأن يقوموا بعملية تفريغ لهذه الشحنات فقرروا الاستمرار حرصا علي وجاهتهم بين أتباعهم وهذه هي المقدمة الأولي.

·         وجد الإخوان أنفسهم أمام حقيقة مره مفادها أن الجلوس علي مائدة المفاوضات بعد كل ما حدث سيجعلهم يخرجون منه صفر اليدين بلا مكسب حقيقي وسيدفعهم إلي تقديم تنازلات باهظة الثمن فقرروا ألا يجلسوا وهذه هي المقدمة الثانية.

1.      من خلال المقدمتين السابقتين قرر الإخوان – فيما أظن – أن الاستمرار في مسلسل " المظلومية التاريخية " أفضل بكثير من الجلوس علي مائدة مفاوضات تُفقدهم الشعبية المتعاطفة معهم وهذه هي التي يحرص الإخوان عليها أكثر من حرصهم علي الأتباع أنفسهم لأن هؤلاء الأتباع التزامهم  بالسمع والطاعة واستعدادهم لقبول أي مبرر تحت ستار الثقة الشديدة يجعلهم لا يتوقفون كثيرا عند هذه الأمور بخلاف غيرهم.

 

أما عن نتائج هذا القرار فهي كما يلي:-

فيما يخص الدولة:-

1.      ستتكلف الحكومة ثمنا باهظا في حربها ضد ما أسمته الإرهاب وسوف تتخذ في سبيل ذلك عددا من التدابير القمعية والقاسية التي لن تخلو من الظلم والتعدي وهذا ما يعجل بهلاك أي دولة.

2.      من المفترض أن تعي الأجهزة الأمنية أن تجربتها مع الجماعة الإسلامية وإن بدت ناجحة في الظاهر إلا أنها مُنيت بالفشل الذريع في جانب تأصيل البغض والكراهية في نفوس أبناء التيار الإسلامي كله تجاه هذه الأجهزة وقد أدركت هذه الأجهزة في نهاية المطاف أن الحل الفكري لا الأمني هو الكفيل بحل الأزمة مع هؤلاء الشباب.

3.      لا بد للأجهزة الأمنية أن تدرك أن المجتمع المصري كما أن به كارهين للإخوان فإن فيه أيضا متعاطفين ومؤيدين للإخوان – كثر عددهم أو قل – إلا أنهم جزء من المجتمع وهي بذلك تخسر هذه الشريحة أيضا بلا مقابل.

فيما يخص الإخوان:-

1.      عادة ما ينبغ الإخوان في استغلال أحداث الظلم الذي يتعرضون له ويضيفونه إلي سجل كفاحهم  ونضالهم للحكومات الظالمة علي تنوعها واختلاف أزمانها وبالتالي ربما حصلوا من ذلك علي جزء من تعاطف الشعب العادي كما كان يحدث أيام مبارك.

2.      ربما يتجه الإخوان أكثر علي مستوى التنظيم إلي الانغلاق والسرية والتي ستؤدي إلي اختفاء الأعمال والفاعليات والأشخاص ولكن ستبقى الأفكار تنمو وتتوارثها الأجيال ولكن في الخفاء وهنا مكمن الخطر لأن سرية الأفكار تؤدي إلي تعفنها بالقطع.

3.      ربما يأخذ الإخوان خطوة للوراء في جانب المواجهات علي الأرض ولكن ستبقي النبرة العلنية تتحرك في اتجاه التصعيد والتسخين وذلك لضمان حيوية القضية لدي المشاركين في هذه التظاهرات من خارج الجماعة.

4.      يدرك الإخوان تماما أن المدة التي يواجهون فيها الدولة ستنتهي طالت أم قصرت بحملة إبادة لكل ما هو إخواني ولكن سيبقي خيار المقاومة مفضلا لديهم عن الاعتراف بالخطأ أو التراجع للخلف لأن "الإخوان لا يعتذرون " كما قال الأستاذ مهدي عاكف المرشد السابق لجماعة الإخوان.

وهنا كنا نتمنى أن نختم المقال بنصائح للطرفين ولكن أظن أن وقت النصائح قد انتهي وليس هناك حل يلوح في الأفق طالما أصر طرفا الصراع على التحجر والتصلب ، وإنا لله وإنا إليه راجعون.

 

 

www.anasalafy.com

موقع أنا السلفي

 

 

 

تصنيفات المادة