الجمعة، ٢٠ رمضان ١٤٤٥ هـ ، ٢٩ مارس ٢٠٢٤
بحث متقدم

لا لتكفير المسلمين (خطبة مقترحة) (1) أهمية فهم مسائل الإيمان والكفر

كان أول مَن أظهر تكفير المسلمين بغير حق هم الخوارج ...

لا لتكفير المسلمين (خطبة مقترحة) (1) أهمية فهم مسائل الإيمان والكفر
سعيد محمود
الأربعاء ٠٩ أبريل ٢٠١٤ - ٠٦:١٥ ص
3456

لا لتكفير المسلمين (خطبة مقترحة) (1)

أهمية فهم مسائل الإيمان والكفر

كتبه/ سعيد محمود

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

الغرض من الخطبة:

بيان أهمية توضيح "قضايا الإيمان والكفر"، ولماذا نتعرض لها مِن خلال حملة: "لا لتكفير المسلمين"؟

المقدمة:

- الإشارة إلى تسلسل الحديث حول التحذير مِن خطر ظاهرة التكفير في الفترة الأخيرة.

- الإشارة إلى أن الصحوة الإسلامية تعرضت -وتتعرض- لفتن كثيرة، ولكن أخطرها فتنة التكفير؛ لما يترتب على وجودها من انتهاك الحرمات من سفك الدماء والاعتداء على الأموال والأعراض.

- الإشارة إلى أن الأحداث التي تمر بها الأمة الإسلامية عمومًا، وفي مصر خصوصًا بعد سقوط أحد الاتجاهات الإسلامية، وما تبعها من أحداث "فض اعتصامي رابعة والنهضة" - بدأت إطلالة جديدة لفكر التكفير.

- الإشارة إلى انتشار الخطاب التكفيري العنيف من بعض الرموز الإسلامية؛ مما كان له أثر على ألوف من الشباب والنساء بالتهاون في إطلاق التكفير، وصار الاتهام بالكفر لكل مخالف! قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (لَعْنُ الْمُؤْمِنِ كَقَتْلِهِ، وَمَنْ رَمَى مُؤْمِنًا بِكُفْرٍ فَهْوَ كَقَتْلِهِ)‏‏ (متفق عليه).

- التمهيد للعناصر الآتية.

لماذا نبدأ الكلام من خلال (قضية الإيمان والكفر)؟

- السبب الأول: تبيين الكتاب والسنة لأصناف الناس على أساسها:

- ينبِّه الخطيب إلى أن ذلك عرض إجمالي للفرق بين المؤمن والكافر، وإلا هناك مسائل وأحكام تفصيلية كثيرة تترتب على هذه الأوصاف.

- ميز الله -سبحانه- بين الناس على أساس الإيمان والكفر دون الجنس واللون والوطن: قال الله -تعالى-: (هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنْكُمْ كَافِرٌ وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) (التغابن:2)، وأما الأوطان والأجناس فهي للتعاون لا للتفرق والتعادي (وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا) (الحجرات:13).

- جعل الله مصير المؤمنين الجنة، ومصير الكافرين النار: قال الله -تعالى-: (أَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَات فَلَهُمْ جَنَّات الْمَأْوَى نُزُلاً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) (السجدة:19)، وقال -تعالى-: (فَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَأُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ) (آل عمران:56).

- عصم الله دماء وأموال وأعراض المسلمين دون الكافرين إلا بعهد: قال -صلى الله عليه وسلم-: (أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ، وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ، فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ، عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ، إِلا بِحَقِّ الإِسْلامِ، وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللَّهِ) (متفق عليه).

- وفي المعاملة جعل الحب والولاء للمؤمنين والبغض والبراء للكافرين: قال الله -تعالى-: (إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ) (الأنعام:55)، وقال -تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ) (الممتحنة:1).

السبب الثاني: اتصال تصنيف الناس بأركان الإيمان:

- الإشارة إلى أركان الإيمان: ففي حديث جبريل -عليه السلام-: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (أَنْ تُؤْمِنَ بِاللهِ، وَمَلائِكَتِهِ، وَكُتُبِهِ، وَرُسُلِهِ، وَالْيَوْمِ الآخِرِ، وَتُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ) (رواه مسلم).

- الإيمان بالكتاب يقتضي الوقوف على التصنيف الوارد فيه وعدم استحداث غيره: "تعريضًا ببدعة المعتزلة الأوائل بالمنزلة بين المنزلتين، وكذا المعتزلة التكفيرية المتأخرة بالطبقة المتميعة أو التوقف في الحكم عليهم"، قال الله -تعالى-: (هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنكُمْ كَافِرٌ وَمِنكُم مُّؤْمِنٌ) (التغابن:2).

- الإيمان بالرسول -صلى الله عليه وسلم- يقتضي الوقوف على طريقة تعامل النبي -صلى الله عليه وسلم- مع النوعين: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ، وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ، فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ، عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ، إِلا بِحَقِّ الإِسْلامِ، وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللَّهِ) (متفق عليه).

- الإيمان باليوم الآخر يقتضي فهم مَن يكون له الوعد بالجنة، ومن يكون له الوعيد بالنار، والحذر من الخلط والتألي على الله في ذلك: قال الله -تعالى-: (أَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ جَنَّاتُ الْمَأْوَى نُزُلاً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ . وَأَمَّا الَّذِينَ فَسَقُوا فَمَأْوَاهُمُ النَّارُ كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا أُعِيدُوا فِيهَا وَقِيلَ لَهُمْ ذُوقُوا عَذَابَ النَّارِ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ) (السجدة:19-20).

السبب الثالث: أنها أول مسألة اعتقادية وقع فيها الخلاف واستحلت معها الدماء:

- أول انحراف اعتقادي حصل في الأمة بسبب جهل هذه القضية: قال العلماء: "كان أول مَن أظهر تكفير المسلمين بغير حق هم الخوارج، وقد كان الكثير منهم في جيش علي -رضي الله عنه- يوم صفين، فلما اتفق علي ومعاوية -رضي الله عنهما- على التحكيم، أنكر الخوارج أمر التحكيم، وبالغوا في الإنكار على علي -رضي الله عنه- وأعلنوا الخروج عليه".

وعن عبيد الله بن أبي رافع مولى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "أَنَّ الْحَرُورِيَّةَ لَمَّا خَرَجَتْ، وَهُوَ مَعَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-، قَالُوا: لا حُكْمَ إِلا لِلَّهِ، قَالَ عَلِيٌّ: كَلِمَةُ حَقٍّ أُرِيدَ بِهَا بَاطِلٌ" (رواه مسلم).

- أول وأخطر بدعة حيث كثر التحذير منها أكثر من غيرها: قال -صلى الله عليه وسلم-: (إِنَّ بَعْدِي مِنْ أُمَّتِي، أَوْ سَيَكُونُ بَعْدِي مِنْ أُمَّتِي قَوْمٌ يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لا يُجَاوِزُ حُلُوقَهُمْ، يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ، ثُمَّ لا يَعُودُونَ فِيهِ، هُمْ شِرَارُ الْخَلْقِ وَالْخَلِيقَةِ) (رواه مسلم).

- يصل الخلاف منهم إلى الصدام الدموي واستحلال أموال المسلمين وأعراضهم: قال -صلى الله عليه وسلم-: (يَقْتُلُونَ أَهْلَ الإِسْلامِ وَيَدَعُونَ أَهْلَ الأَوْثَانِ) (متفق عليه).

السبب الرابع: الانحراف الاعتقادي المقابل "قديمًا وحديثًا":

- ظهور "بدعة الإرجاء" كرد فعل على الخوارج ودعاة التكفير، فأقاموا نصوص الرجاء وعطلوا نصوص الجزاء والعقاب، واستهانوا بالمعاصي والمحرمات، ومنهم من يعتقد أن الإيمان هو مجرد المعرفة فقط، ولا يزال هذا الفهم يتطور حتى اعتقد كثير منهم عدم لزوم العبادات طالما أنك تقر بمعرفة الله!

ومنهم مَن يعتقد أن مَن قال: "لا إله إلا الله"؛ فإنه لا يخرج من الإسلام ولو أتي بالكفر البواح! وعلى ذلك قطاع كبير من الناس في زماننا: قال الله -تعالى-: (نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ . وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الأَلِيمَ) (الحجر:49-50).

- الذنوب سبب سقوط وزوال الأمم والشعوب: قال الله -تعالى-: (وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ عَتَتْ عَنْ أَمْرِ رَبِّهَا وَرُسُلِهِ فَحَاسَبْنَاهَا حِسَابًا شَدِيدًا وَعَذَّبْنَاهَا عَذَابًا نُكْرًا) (الطلاق:8).

- استحقاق العقوبة على ذنوب يستهين بها الناس فكيف بالكبائر العظام؟ قال -صلى الله عليه وسلم-: (عُذِّبَتِ امْرَأَةٌ فِي هِرَّةٍ سَجَنَتْهَا حَتَّى مَاتَتْ فَدَخَلَتْ فِيهَا النَّارَ، لا هِيَ أَطْعَمَتْهَا وَسَقَتْهَا، إِذْ حَبَسَتْهَا، وَلا هِيَ تَرَكَتْهَا تَأْكُلُ مِنْ خَشَاشِ الأَرْضِ) (متفق عليه).

- الذنوب تفسد البر والبحر، والاقتصاد والبلاد والأبدان، وكل شيء! (ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ) (الروم:41).

السبب الخامس: ظهور الانحرافات العقدية المعاصرة وانتشار خطاب التكفير:

- انتشار الروافد المتعددة لبدعة التكفير في كثير من الاتجاهات الإسلامية المعاصرة: يقول الأستاذ محمد قطب -غفر الله له- عن طبقة العوام: "هي طبقة متميعة لا ينبغي الانشغال بالحكم عليها" (واقعنا المعاصر).

ويقول عنها عبد المجيد الشاذلي -غفر الله له-: "هي مجهولة الحكم، يتوقف فيها لموضع اللوث!" (حد الإسلام).

- استغلال عواطف الشباب المسلم وسخطه على الواقع الأليم وأنواع المظالم في تكفير قطاع كبير من الناس: "الجيش، والشرطة، والقضاء، وربما مَن خالفهم سياسيًّا!"، وربما يُستدل بمثل قوله -تعالى-: (إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا كَانُوا خَاطِئِينَ) (القصص:8)، وسائر الآيات التي في الكفار يستدل بها على المسلمين كالخوارج.

- الاستهزاء بفقه المصالح والمفاسد، واتهام المخالف بالجبن والخذلان، وربما استدل باطلاً بمثل قوله -تعالى-: (وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ) (هود:113).

- إسقاط مرجعية أهل العلم في نفوس الشباب والمتحمسين برميهم بالنفاق والعمالة، ونحو ذلك، وربما استدلوا باطلا بمثل قوله -تعالى-: (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْناهُ آياتِنا فَانْسَلَخَ مِنْها فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطانُ فَكانَ مِنَ الْغاوِينَ) (الأعراف:175).

خاتمة:

- ينبِّه من خلالها الخطيب على أهمية معرفة ودراسة مسائل الإيمان والكفر على ما ورد في الكتاب والسنة بفهم السلف الصالح.

- ينبه الخطيب إلى اتصال الحديث عن خطر التكفير، وأن الحديث القادم -بإذن الله- عنوانه: "التكفير: النشأة، والتطور".

فاللهم أرنا الحق حقًّا وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، ولا تجعله ملتبسًا علينا فنضل.


www.anasalafy.com

موقع أنا السلفي

تصنيفات المادة