الخميس، ١٩ رمضان ١٤٤٥ هـ ، ٢٨ مارس ٢٠٢٤
بحث متقدم

دور الثورة العربية في هزيمة تركيا في الحرب العالمية الأولى

من الأسماء التي ارتبطت بالثورة العربية اسم "لورانس العرب"، ولورانس هو:

دور الثورة العربية في هزيمة تركيا في الحرب العالمية الأولى
علاء بكر
الاثنين ٠٩ يونيو ٢٠١٤ - ١٠:٠٧ ص
3590

صفحات مطوية من القضية الفلسطينية قبل قيام دولة إسرائيل (10)

دور الثورة العربية في هزيمة تركيا في الحرب العالمية الأولى

كتبه/ علاء بكر

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

فقد بدأت الثورة العربية على الأتراك استنادًا على وعد بريطانيا للشريف "حسين"، متمثلاً في "وعد مكماهون" المندوب السامي البريطاني في مصر، بناءً على قرار وزير الخارجية وقتها السير "إدوارد" في أكتوبر 1915م، الذي وعدت فيه بريطانيا الشريف "حسين" بدولة عربية مستقلة في الحجاز، والشام، والعراق يحكمها بعد هزيمة تركيا في الحرب العالمية الأولى، وتحرر هذه المنطقة من النفوذ العثماني بمساعدة العرب.

بدأت الثورة العربية في 10 يونيو 1916م حيث سقطت الحاميات التركية في الحجاز في يد الثوار العرب، وتم أسر 6 آلاف جندي تركي مِن بينهم حاكم الحجاز العام، وبقيت بعض الحاميات التركية المعزولة في المدينة، وعسير، واليمن، وتمكَّن الثوار من السيطرة على المواقع المهمة على البحر الأحمر بعد أقل من شهر من بداية الثورة، ثم اتجه الثوار تجاه الشام، فاستولوا على العقبة في 6 يوليو 1917م التي تحولت إلى قاعدة هامة للحلفاء إلى جانب كونها نقطة تجمع وتسليح للمنضمين إلى الثورة العربية.

ولمساعدة الحلفاء على الوصول لمدينة القدس قامت القوات العربية بالالتفاف حول خطوط القوات التركية في الجانب الجنوبي من الجبهة؛ مما خفف الضغط العسكري التركي على جيش اللورد "اللنبي" الذي شق طريقه إلى القدس ودخلها في 9 ديسمبر 1917م.

وللوصول إلى دمشق ساهمت القوات العربية في إضعاف دفاعات القوات التركية في مواجهة جيش "اللنبي" إلى أن تم الهجوم النهائي في اتجاه دمشق التي دخلها "اللنبي" ومعه "فيصل بن الشريف حسين" دخول الفاتحين في أول أكتوبر 1918م.

وما بين قيام الثورة العربية في يونيو 1916م ودخول دمشق في أول أكتوبر 1918م وما شهدته هذه الفترة من سقوط المئات من القوات العربية كانت بريطانيا تتفاوض مع فرنسا على اقتسام الأراضي العربية فيما بينهما بعد هزيمة تركيا في الحرب، وتقدم وعدها لزعماء الحركة الصهيونية بإقامة وطن قومي لهم على أرض فلسطين "وعد بلفور".

وقد سارع الشريف "حسين" فأعلن نفسه ملكًا على البلدان العربية المحررة في أكتوبر 1916م، ولكن الحلفاء اعترفوا به ملكًا على الحجاز فقط.

لورانس العرب:

من الأسماء التي ارتبطت بالثورة العربية اسم "لورانس العرب"، ولورانس هو: توماس إدوارد لورانس، ولد في أغسطس 1888م من أب أيرلندي وأم اسكتلندية، استقرت أسرته في أكسفورد بإنجلترا عام 1896م، وحصل على درجة البكالوريوس مع مرتبة الشرف الأولى في التاريخ الحديث في جامعة أكسفورد عام 1910م.

زار عدة عواصم عربية، وتعلم اللغة العربية، وتعرف على الكثير من أوضاع العرب في سوريا، والعراق، ومصر، والتحق بالجيش البريطاني بعض الوقت، وعمل بمكتب العلاقات البريطانية بالقاهرة، وعرف بعدائه لتركيا.

مع بداية الثورة العربية ضد تركيا عام 1916م توجه "لورانس" إلى الجزيرة العربية للمشاركة في قيادة الثورة العربية حيث ارتدى لبس البدو، وشارك في العديد من المعارك العسكرية ضد الأتراك, فساهم في احتلال ميناء "وجه"، ثم ميناء "العقبة"، وقام مع البدو بعمليات نسف قضبان ومركبات السكك الحديدية للقوات التركية.

تقدم مع أعوانه شمالاً لمواجهة الأتراك، ومساعدة جيش اللورد "اللنبي" الإنجليزي، وكان من المشاركين في موكب دخول القدس 8 ديسمبر 1917م، كما شارك في دخول موكب دخول دمشق عام 1918م.

كان "لورانس" يشارك العرب احتفالاتهم وأحاديثهم، ويسهر معهم، ويشرب القهوة مع شيوخهم، وقد صاحب "فيصل بن الشريف حسين" في زيارته لإنجلترا، وفي مؤتمر الصلح بباريس عام 1919م الذي لم يسفر عما كان يحلم به العرب أصحاب الثورة العربية ضد تركيا، وقد عين "لورانس" كبير مستشاري الإنجليز في شرقي الأردن.

عمل "لورانس" بعد ذلك متطوعًا في الجيش البريطاني من عام 1922م إلى عام 1935م في سلاح الطيران ثم في سلاح الدبابات.

نقل لورانس للعمل في الهند في ديسمبر عام 1925م، لكنه قبض عليه على الحدود الأفغانية، حيث اكتشف أنه يساعد الثوار المعارضين للملك الأفغاني أمان الله.

مات لورانس في 19 مايو عام 1935م بعد انقلاب دراجته البخارية به، ومن أشهر مؤلفاته: كتاب "أعمدة الحكمة السبعة"، الذي تناول فيه دوره في الثورة العربية ضد الأتراك، والذي يتضح منه أنه ينظر إلى العرب على أنهم وسط بين الأوروبيين والزنوج (يراجع في ذلك "لورانس العرب" تأليف د. رءوف سلامة موسى).

عدم وفاء بريطانيا بوعدها للعرب:

في أواخر 1917م نشرت إحدى الصحف الروسية ما تم العثور عليه مِن وثائق النظام الروسي القيصري، ومنها اتفاقية "سايكس بيكو"، فلما وصلت أنباء ذلك إلى العرب وانتابهم الشك حول نوايا بريطانيا والحلفاء سارعت بريطانيا بطمأنة العرب حيث صورت للشريف "حسين" أن هذه الأنباء غير صحيحة، وتهدف إلى الدس بين العرب وبريطانيا.

وفي فبراير 1918م أبلغت وزارة الخارجية البريطانية الشريف "حسين" خطيًّا تأكيدها على وعودها للعرب، وكان "بلفور" وزير خارجية بريطانيا -صاحب وعد بلفور لليهود في 1917م- هو الذي أصدر هذا التأكيد للشريف "حسين".

وفي 7 نوفمبر 1918م صدر الإعلان البريطاني الفرنسي المشترك بموافقة رئيسي الحكومتين المتحالفتين يؤكد على الاعتراف من الحلفاء بتحرير البلاد العربية، وحقها في تقرير مصيرها بعد الاستقلال عن تركيا، وإقامة إدارات قومية عربية فيها، ونشر هذا الإعلان في لندن، وباريس، ونيويورك، والقاهرة في نفس الوقت، ولكن بعد انتهاء الحرب وهزيمة تركيا فيها نكثت بريطانيا بكل وعودها للعرب، وخسر العرب كل شيء.

www.anasalafy.com

موقع أنا السلفي

 

تصنيفات المادة