الخميس، ١٩ رمضان ١٤٤٥ هـ ، ٢٨ مارس ٢٠٢٤
بحث متقدم

القلب المخموم

وهذا القلب له صفات عديدة بينها النبي -صلى الله عليه وسلم -كما في

القلب المخموم
إيهاب شاهين
الثلاثاء ٠٨ يوليو ٢٠١٤ - ١٨:١٩ م
1709

القلب المخموم

كتبه / إيهاب شاهين.

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

بين الله عز وجل في كتابه أن الذي ينجو عنده تبارك وتعالى صاحب القلب السليم، كما قال تعالى: {إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ} [الشعراء: 89] -وهذا القلب له صفات عديدة بينها النبي -صلى الله عليه وسلم -كما في حديث عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: قِيلَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَيُّ النَّاسِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: «مُؤْمِنٌ مَخْمُومُ الْقَلْبِ صَدُوقُ اللِّسَانِ»، قِيلَ لَهُ: وَمَا الْمَخْمُومُ الْقَلْبِ؟ قَالَ: " التَّقِيُّ لِلَّهِ، النَّقِيُّ، لَا إِثْمَ فِيهِ وَلَا بَغْيَ، وَلَا غِلَّ وَلَا حَسَدَ، قَالُوا: فَمَنْ يَلِيهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «الَّذِي نَسِيَ الدُّنْيَا وَيُحِبُّ الْآخِرَةَ»، قَالُوا: مَا نَعْرِفُ هَذَا فِينَا إِلَّا أَبَا رَافِعٍ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالُوا: فَمَنْ يَلِيهِ قَالَ: «مُؤْمِنٌ فِي خُلُقٍ حَسَنٍ» [أخرجه ابن ماجه: 4216 مختصرًا، وقال الألباني: صحيح. والطبراني في مسند الشاميين مطولًا: 2/ 217، واللفظ له].

 فبين -صلى الله عليه وسلم-أن خير الناس رجل قلبه تقي، ووصف القلب بالتقوى؛ لأنه محلها، كما قال تعالى: {ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ} [الحج: 32]، وكما قال -صلى الله عليه وسلم-: "التَّقْوَى هَاهُنَا"، وَيُشِيرُ إِلَى صَدْرِهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ. [أخرجه مسلم: 2564].

 فأولى صفات هذا القلب، أنه يقوم بالمأمور، ويترك المحظور، ويعلم صاحبه أنه محل نظر الله تعالى، كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: «إِنَّ اللهَ لَا يَنْظُرُ إِلَى صُوَرِكُمْ وَأَمْوَالِكُمْ، وَلَكِنْ يَنْظُرُ إِلَى قُلُوبِكُمْ وَأَعْمَالِكُمْ»[أخرجه مسلم: 2564].

 كذلك هذا القلب نقي من جميع الشوائب؛ من الشرك بنوعيه الأكبر والأصغر، لا يرائي في عمله، قلبه نقيا من البدع المحدثات، حريص على تطبيق السنن واتباعها، قلب لا يحمل إثمًا؛ بمعنى أنه لا يُصر على ذنب، وإن كان يقع في الخطأ والإثم بمقتضى بشريته، ولكنه أسرع إلى التوبة أسرع منه إلى الذنب؛ لأنه يراقب ربه، ويعلم حرمة الآثام عند الله، كما قال تعالى: {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ} [الأعراف: 33]، قلب لا بغى فيه ولا ظلم، لا لنفسه، ولا لأحد من خلق الله تعالى، وفي الحديث "لَا إِثْمَ فِيهِ وَلَا بَغْيَ، وَلَا غِلَّ وَلَا حَسَدَ" [أخرجه ابن ماجه: 4216، وقال الألباني: صحيح].

 قلب خال من أن يحمل غلًا لأحد من المسلمين، سواء من الأولين السابقين من المهاجرين والأنصار وممن تبعهم بإحسان، يطبق قول -الله عز وجل-: {وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} [الحشر: 10]، يبيتون وليس في صدورهم غلًا لأحد من المسلمين قريب أو بعيد، جار أو صديق، شيخ أو تلميذ، قلب ليس فيه حسد، لا يتمنى زوال نعمة أنعمها الله على أحد؛ بل يدعو له بالبركة، ويسأل الله من فضله، لأنه يعي، قوله تعالى: {أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُمْ مُلْكًا عَظِيمًا} [النساء: 54].

يعلم أن الله هو الرزاق هو، الذي يعطي ويمنع؛ فيتوكل قلبه على مولاه، ويسأله من فضله، هذا هو القلب المخموم، نسأل الله الجواد الكريم ألا يحرمنا صفات هذا القلب السليم، والحمد لله رب العالمين.

www.anasalafy.com

موقع أنا السلفي

 

 

 

تصنيفات المادة

ربما يهمك أيضاً