الخميس، ١٠ شوال ١٤٤٥ هـ ، ١٨ أبريل ٢٠٢٤
بحث متقدم

التبرج : هو التحرش

ولو توقف الأمر عند حد كشف الشعر إذن لهان الخطب ولكن هناك مبالغة في التكشف والعري وإظهار المفاتن بشكل مفجع وهناك من يرهبهن من الحشمة !!

التبرج : هو التحرش
أحمد الشحات
الأربعاء ٢٠ أغسطس ٢٠١٤ - ١٧:٣٨ م
2502

التبرج : هو التحرش

كتبه / أحمد الشحات

الحمد لله والصلاة والسلام علي رسول الله وعلي آله وصحبه ومن والاه أما بعد :

للمرة الثانية يخرج الأنبا بيشوي عن صمته ليدلي بنصائح تخص لباس المرأة وزينتها خارج البيت وتحديداً في أماكن ودور العبادة الخاصة بهم ، وفي المرتين تُحدث تصريحاته نوعاً من الاضطراب والجدل في أوساط الشعب الكنسي ، لأن نصائحه غالباً ما تخالف توجهات باقي الرهبان والكهنة والقساوسة ، الكبار منهم والصغار ، والأدهى من ذلك أنها تختلف وتتباين مع الواقع الذي يعيشه النصارى تبايناً كبيراً ولكن الأعجب من كل ذلك أنها توافق تعاليم الكتاب المقدس وتوافق السلوك العملي لمريم عليها السلام ـ التي هي أم الإله في زعمهم ـ وفوق ذلك أنها الزى الرسمي والمعتمد لدي الراهبات حني الآن !!

المرة الأولي :

حيث دعا فيها الأنبا يشوي الفتيات المسيحيات للاقتداء بملابس المسلمات  وقال " ممكن المسيحيات يزعلوا مني ، لكن العذراء مريم ، والقديسة دميانة ، والراهبات يرتدون الملابس محتشمة "

وقد هوجم الرجل هجوماً عنيفاً بسبب ذلك ووصف نجيب جبرائيل تصريحاته بأنها مستفزة وتدعم دعاوي التطرف وتذكي حالة الخوف لدي المسيحيين بالإضافة لإدانة 12 منظمة نسائية لتصريحاته  واعتبروها مساومة علي حرية النساء وانتقاصاً من حقهن .

المرة الثانية :

 أصدر الأنبا بيشوي قراراً كالتالي " علي من يتقدمن للتناول من الآنسات فوق 11 سنة والسيدات عدم ارتداء البنطلون والبلوزات ، وأن يرتدين ملابس تتسم بالحشمة والوقار مع عدم وضع الماكياج "

ويعجب الإنسان أيضاً من كمية التعليقات الساخرة من شباب وفتيات النصارى ما بين متهم له بالجنون والخرف أو بالتطرف والإرهاب وهكذا انتكست الفطر وارتكست العقول لدى القوم.

والمتأمل في ردود الأفعال في المرتين علي المستويين الرسمي والشعبي يدرك حجم الكارثة التي يعيش فيها هؤلاء – وهم قطعاً شريحة من المجتمع ويؤثرون فيه – إذ أصبح التبرج لديهم هدفاً وغاية ومع تباعد الزمن وتحريف الشريعة تغير السلوك الأخلاقي لديهم وأصبحوا لا يبالون بالعورات  ولا يقيمون وزناً للحياء ، مع ذوبان قيمة الثواب والعقاب تمشياً مع أكذوبة الصلب والفداء ، ثم ما قام به شياطينهم من محاولة التميز الظاهري عن المسلمات فأسرفوا في التبرج إلي أن صار لهم خلقاً وعادة .

لذا تأتي أهمية هذا القرار في الوقت الذي نبحث فيه عن جذور وأسباب وحلول ما يسمي بجريمة التحرش الجنسي والتي عمت الآفاق وأزكمت الأنوف ، هذا الجريمة لن يتصدي لها القانون وحده وليس بالقانون تنتهي الأزمات وتحل المشكلات لأن الأمر أعقد وأعسر من ذلك خصوصاً بعدما انتشر الأمر بين الأطفال القصر الذين ربما لم يبلغوا أو ينضجوا بعد ، وبالتالي فكلام الأنبا بيشوي مهماً ـ لو وجد من النصارى آذاناً صاغية ـ لأنه سوف يجفف أحد أهم محركات الفساد والشهوة في المجتمع .

ما هي أسباب التحرش في مجتمعاتنا وما هي جذوره ؟

التحرش في مجتمعاتنا وفي غيرها له أسباب عديدة منها ما يعود للمتحرش ومنها ما يكون بسبب المتحرش بها ، ولكن بوجه عام  فالسبب الأهم والأكبر والأساسي في هذه الظاهرة  هو " التبرج " بكل صوره وأشكاله وبغض النظر عن مبرراته أو دوافعه .

وأمر التبرج هذا له تشعبات شيطانية عجيبة نذكر طرفاً منها ومن تأثيراتها :-

يتساهل الناس عموماً في حجاب البنت الصغيرة بزعم أنها صغيرة وأنها ليست محلاً للشهوة وبالتالي لا مطمع فيها ، وحتى تفرح وتعيش حياتها كما يقولون ، ثم لا ينتبه الناس أن هذه الصغيرة تكبر شيئاً فشيئاً دون أن يشعروا فضلاً عن أن عرف الناس في تحديد عمر الصغيرة مختلف عن الحد الذي ذكره الشرع فلو أن الله قد أمرنا أن ندرب الصغار علي الصلاة لسبع وأن نعاقبهم علي تركها في عشر فالحجاب مثله أيضاً وبالتالي فالأمر يحتاج إلي وقت للتدريب والتعود ولن يتم دفعة واحدة بطريقة آلية .

إذا تجاوزنا سن الصغر ودخلت الصغيرة سن المراهقة والشباب وصارت محط الأنظار فعلاً ، فيأتي المبرر الشيطاني مرة أخري ليسوغ هذا المنكر بزعم أنها تفعل ذلك من أجل أن تتزوج وبالتالي فبدلاً من أن تجلس في بيتها معززة مكرمة ويأتي إليها الخطاب ليرونها وهي في بيت أبيها كما أمر بذلك الشرع إذ بها تعرض نفسها علي الجميع البر منهم والفاجر، والكبير والصغير، والمتزوج والأعزب وكأننا في سوق كبير للنخاسة .

بعدما تتزوج الفتاه نجد في معظم الأحيان أنها تستمر علي مظهرها الفاتن وملابسها المتبرجة رغم أنها تزوجت !! وهنا يأتي المبرر الشيطاني أنها الآن تزوجت وأصبحت علي ذمة " رجل !! " وبالتالي فهي ليست ذات مطمع من الباقيين ، وغالباً ما يكون هذا " الرجل !! " الذي رآها علي هذه الحالة وأعجب بها من أجل ذلك قد انتكست فطرته أيضاً وتبدلت طبيعته الرجولية وأصبح يري من زينة المرأة نوعاً من الرقي والتحضر والأناقة وأصبحت الزوجات تتنافسن فيما بينهن في أمر الزينة وأيتهن ظلت محافظة علي شبابها وأناقة مظهرها بعد الزواج وكأنها فتاة صغيرة لم يؤثر فيها الحمل وآلامه ولا الرضاعة وأتعابها وهكذا يستمر معنا الشيطان ليلقي سمومه إلينا .

ثم بعدما تكبر وتصير أما وتصبح محلاً للقدوة أمام أبنائها وبناتها لا يجدونها كذلك للأسف ، بل يجدون امرأة كبيرة في ظاهرها ، فتاة طائشة في باطنها لدرجة أنها ربما تتسابق مع بناتها في إظهار اللباس والزينة والمبالغة في التبرج فقد تعودت علي ذلك منذ صغرها فكيف تتخلي عنه بعدما خط الزمن أثره في تجاعيد وجهها وقسماتها فيصير التبرج نوعاً من لوازم خروجها من المنزل حني لا تبدو كبيرة السن أو قبيحة المنظر . 

ثم هل  اكتفي الشيطان بذلك وترك البشر بلا وساوس أو فتن ؟ لا ولكن زين لهم أموراً أخري وأشياء كثيرة استجازوا فيها درجات عالية من التبرج  الفاحش تحت مزاعم وأوهام شيطانية منها :-

الحفلات والأفراح :

والفساد يجر بأذيال بعضه البعض فمن يقيم الأفراح في المسارح والقاعات مع ما يصاحب ذلك من رقص وغناء وغيره لا يسلم منه الشيطان عادة فتجده يحرض الجميع علي التبرج الفاحش بداية من العروس التي ربما أظهرت من الزينة الخفية ما لا يجوز أن تطلع عليها النساء إذ بها تخرج بهذه الزينة علي الملأ فيراها الأقربون والأبعدون والأصدقاء والزملاء والجيران وهكذا تفعلن أخواتها وأقربائها وزميلاتها وبالتالي يخلع الجميع برقع الحياء من عليه ويصرن أضحوكة للشياطين الذين نجحوا بالمكر والوسوسة أن يكشفوا كل هذه العورات وسط ذهول وغفلة من الجميع ولا حول ولا قوة إلا بالله.

الأعياد :

العيد فرحة ، هكذا قالوا لنا وصدقوا في قولهم ولكن يأتي الشيطان إلي فريق من الناس ويزين له أن الأعياد من الحالات الاستثنائية التي يجوز فيها إظهار الزينة وبالتالي يتحول العيد من مناسبة للفرح في ظل الطاعة  إلي موسم كبير لإظهار المفاتن والتعري والازدحام في الشوارع والطرقات وارتياد قاعات السينما وغيرها وهنا تقع الفواحش وتكثر المنكرات والعياذ بالله.

إتباع الموضة :

الموضة هي الكلمة السحرية التي تذيب الجليد وتفتح المغاليق وتكسر القيود وتحطم القيم وتفعل كل شيء وهي المبرر الذي تلقنه الصغير والكبير ، فإذا اعترضت علي زى بسبب مخالفته للشرع أو خدشه للحياء قفزت لك هذه الكلمة الملعونة إنها الموضة وهكذا تظل بيوت الأزياء تعبث بأعراضنا وتكشف كل يوم جزءا جديداً من عورات بناتنا ونحن مسحورون بهذا المبرر الشيطاني الذي لن يتركنا إلا بعدما ينزع عنا كل قطرة حياء وكل ذرة أخلاق فيصير المجتمع بهيمياً في مظهره وسلوكه وإنا لله وإنا إليه راجعون.

قد يقول قائل وما علاقة كل هذا بموضوع التحرش ؟ أقول لك :-

نتيجة لكل ما سبق وما وصفت لك بالتحديد من حال المجتمع صارت الشهوة مهتاجة وثائرة لدي قطاع كبير من الشباب خصوصاً ممن ابتلاهم الله بمشاهدة الأفلام والمسلسلات والكليبات وهي للأسف أصبحت سمة عامة لدي الكثيرين رجالاً ونساءً فضلاً عمن يشاهد الأفلام الاباحية والصور الماجنة وغيرها.

 وبالتالي تصبح مكونات عملية التحرش هي :-

مشاهد عارية أصبحت شبه مألوفة في الأفلام والمسلسلات التي يشاهدها الكبير والصغير والرجل والمرأة وهي المسئول الأول والأخير عن إشعال فتيل الشهوة.

مشاهد التبرج في الشوارع والتي أصبحت لا تقل كثيراً عن مشاهد الإثارة في التليفزيون بيد أن هذه ماثلة أمامه سهلة الوصول إليها والأخري صورة في الخيال فقط.

توفر بيئة سيئة للاختلاط بلا ضوابط سواء كان ذلك في أماكن الترفيه واللهو أو في غيرها مما يؤدي الي تلامس الأجساد والاحتكاك مع تأجج الشهوة وانعدام التقوى والورع.

شباب ممتلئ بالشهوة وعاجز عن الزواج ومثار من كل المشاهد المحيطة به فيتحول الي حيوان هائج قد انفلت من لجام دينه وعقله.

هذه هي الأركان الأساسية لعملية التحرش ، أما كيف يقع وعلي من يقع ؟

فليس هذا هو المهم ، قد يقع علي امرأة محتشمة  ليس لها في الأمر ناقة ولا جمل – ورغم أن هذا أٌقل احتمالية في حدوثه - إلا أن الأمر يتعلق في الأساس بتوفر بيئة مهيأة للتحرش فإذا توفرت هذه البيئة فلا تسل عن الضحية ، فقد تكون كبيرة طاعنة في السن ، وقد تكون صغيرة دون السن ولكن هكذا يكون شؤم المعصية  فإن لعنتها تصيب الجميع حتى من لم يشارك فيها.

والآن نرجع مرة أخري إلى تصريحات الأنبا بيشوى ونحن نتحدث عن العلاج  :-

كما بدأت الكلام وكما خلصنا من هذا العرض بقاعدة أرجو أن نحفظها لبناتنا وأخواتنا " التبرج هو التحرش " ، التبرج هو تحرش بالرجل لأنه يغريه ويهيج شهوته خصوصاً إذا كان فاسقاً أو فاجراً فإنه لن يكون عنده من الدين والمروءة ما يحجزه عن إتيان ما هو حرام أو مشين.

وبالتالي فالحل عندنا سهل وميسور وواضح تمام الوضوح  عن طريق منظومة متكاملة جاء بها الشرع الحنيف منها علي سبيل المثال :-

قال الله عز و جل عن الزى الواجب علي المؤمنات  " يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدني أن يعرفن فلا يؤذين ".

قال الله عز وجل عن صوت المرأة وما يتعلق به من ضوابط " ولا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض ".

قال الله عز وجل  عن ضوابط مشي المرأة في الطريق " ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن " وقال النبي صلي الله وسلم " لهن جانبي الطريق ".

وقال صلي الله عليه وسلم عن زينة المرأة خارج البيت " أيما امرأة خرجت متعطرة ليجد الناس ريحها فهي زانية ".

وقال عن ضوابط العلاقة بين الرجل والمرأة " لأن يطعن أحدكم بمخيط من حديد في رأسه خير له من أن يمس امرأة لا تحل له " وقال أيضاً " إني لا أصافح النساء " وقال " قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم " وقال " قل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ".

وهكذا تتوالي النصوص القرآنية والنصوص النبوية لحض المؤمنين علي ذلك ونساء المؤمنين قابلات للامتثال بفضل الله ولكن تأتي الأزمة – في نظري – من وجهتين :-

الأولي :

في كم الفجور والعهر والعري الذي يعرض علي قنواتنا وشاشاتنا بلا نكير من الأزهر وهيئات الدعوة والإرشاد وغيرها وفي ظل غياب تام للرقابة ثم ما بصحبة بعد ذلك من انحلال في بيوت الأزياء والموضات والتي نراها في منتشرة في الشوارع والطرقات انتشار النار في الهشيم.

الثاني :

يتمثل في عدم التزام كثير من النصارى بأدنى درجات الحشمة في الملابس ، ولو توقف الأمر عند حد كشف الشعر إذن لهان الخطب ولكن هناك مبالغة في التكشف والعري وإظهار المفاتن بشكل مفجع وهناك من يرهبهن من الحشمة !! حني لا يقلدن المسلمات ، هنا يجب أن يتدخل العقلاء من النصارى وذوي النخوة منهم لمعالجة هذا الانحراف الخطير .

فيا قوم بيشوي ، هذا أحد أحباركم يئن مما يري من عدم احتشام بناتكم ، فهل يا تري ستستجيبون لنصائحه أم ستتبعون شهواتكم وتسلموا أنفسكم لمن يعبث بأعراضكم ؟!


www.anasalafy.com

موقع أنا السلفي

تصنيفات المادة