الجمعة، ٢٠ رمضان ١٤٤٥ هـ ، ٢٩ مارس ٢٠٢٤
بحث متقدم

ضوابط التكفير في ضوء منهج أهل السنة والجماعة (1)

واستحكمت الشبهات عند أولئك الشباب فكانت الانطلاقة لإحياء فكر الخوارج في عصرنا الحديث

ضوابط التكفير في ضوء منهج أهل السنة والجماعة (1)
عادل نصر
الأحد ٣١ أغسطس ٢٠١٤ - ١٦:٤٦ م
2454

ضوابط التكفير في ضوء منهج أهل السنة والجماعة (1)

كتبه/عادل نصر

الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله ـ صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم ـ وبعد؛

إن من أعظم الفتن وأشد الانحرافات في زماننا فتنة التكفير ونعنى بذلك تكفير المسلم بغير حق والحكم عليه بانخرام عقد الإسلام الذي عقد له بيقين بدون مراعاة لضوابط الشرع الحنيف والتي جاءت في هذا الباب شديدة وصارمة ولما لا ؟ والحكم على المسلم بالتكفير يعنى زوال العصمة عنه في الدنيا ويترتب على ذلك حل الدم والمال وفي الآخرة الخلود في النيران فالكفر محبط للعمل مزيل للعصمة موجب للخلود في النيران .

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية مبيناً خطورة الكفر وما يترتب عليه من آثار : أعلم أن مسائل التكفير والتفسيق هي من مسائل الأسماء والإحكام التي تتعلق بالوعد والوعيد في الدار الآخرة وتتعلق بها الموالاة والمعاداة والقتل والعصمة وغير ذلك في الدنيا , فان الله سبحانه أوجب الجنة للمؤمنين وحرم الجنة على الكافرين وهذه من الإحكام الكلية في كل وقت ومكان .

ولما كان الأمر بهذه الخطورة وكانت هذه الفتنة من أخطر الانحرافات التي تهدد المشروع الإسلامي وتعرقل سيره وتمزق أوصال المتجمع المسلم رأينا أنه من الواجب إن نبين ضوابط أهل السنة والجماعة في هذا الباب نصحاً لإخواننا إذا (الدين النصيحة ) واعذارآ لله ـ عز وجل ـ وتبصيراً للشباب المسلم حتى لا يقع فريسة في شراك أهل البدع لأن الفرق الضالة في هذا الباب قد عادت من جديد حيث نبتت نوابت الخوارج في ديار الإسلام ممثلة في جماعات الغلو في التكفير التي تنوعت مسالكها واتفقت نهايتها (تكفير المسلم بغير حق) فمنها من كفر بكل ذنب محيياً بذلك فكر الخوارج تماما بتمام ومنها من لم يكفر بكل ذنب بل بالشرك الأكبر ونحوه بيد انه لم يراع ضوابط التكفير عند أهل السنة والجماعة وكلا المسلكين انحراف عن سواء السبيل وفى المقابل نجد من تساهل في هذا الباب زاعماً أن من قال ( لا إله إلا الله ) فانه لا يخرج من الإسلام ولو بالكفر البواح بل تجاوز الأمر هذا الحد راح بعضهم يصحح ما عليه أهل الكفر فسمعنا من يردد عبارات كفريه كقول بعضهم واصفاً أهل الكتاب (المؤمنون من هل الأديان الثلاثة) وكذا من يصف اليهود والنصارى بقوله : (فان كنا نحن مؤمنين من وجه فهم مؤمنون من وجه أخر) ومعلوم من دين الله ـ عز وجل ـ إن كل هذه الأقوال والمذاهب الردية هي منكر من القول وباطل وزور ويتعين إنكاره ورده وسنبذل ما في وسعنا متطفلين على موائد الأكابر من أئمة أهل السنة والجماعة سلفاً وخلفاًُ عيالاً على أقوالهم في هذا الباب مستعينين بالله ـ عز وجل ـ على توضيح منهج أهل السنة والجماعة في مسائل التكفير حتى تتضح معالمه وليكون المسلم على بصيرة من أمره كما قال تعالى : (ليهلك من هلك عن بينة ويحيى من حي عن بينة ) وقبل الولوج في الموضوع لابد من التعرف على نشأ التكفير قديماً وحديثاً , لقد ظهرت هذه البدعة قديماً على يد الخوارج الذين كفروا الأمة بالمعاصي حيث حكموا على مرتكب الكبيرة بالكفر والخلود في النار مخالفين بذلك أدلة الكتاب والسنة الصريحة في إن مرتكب الكبيرة لا يكفر إلا إذا استحل الذنب فناظرهم ابن عباس فأقام عليهم الحجة وفند شبهتاهم بأنوار من الكتاب والسنة فأقام عليهم الحجة باللسان وقاتلهم أمير المؤمنين على بن أبى طالب بالسيف والسنان , إما في العصر الحديث فقد انطلقت شرارة التكفير من سجون عبد الناصر على يد شاب كان ينتمي لجماعة الإخوان وهو شكري مصطفى الذي كان من شباب الإخوان الذين تم اعتقالهم سنة 1965 وكان طالبا بكلية الزراعة جامعة أسيوط وعمره آنذاك لا يتجاوز الثالثة والعشرين وكان تحصيله العلمي محدوداً أو لا يكاد يذكر لاسيما وان جماعة الإخوان لا تهتم كثيراً بتعليم إفرادها ولا تربيتهم على معتقد أهل السنة بالتفصيل وتحت وطأة سياط التعذيب الذي لا طاقة للبشر به نبتت أفكار التكفير واستحكمت الشبهات عند أولئك الشباب فكانت الانطلاقة لإحياء فكر الخوارج في عصرنا الحديث فراح أولئك الشباب يكفرون كل من حولهم وانتشرت أفكارهم انتشار النار في الهشيم وكانت هذه بداية نشأة جماعة التكفير والهجرة التي أحييت فكر الخوارج حيث كفرت مرتكب الكبيرة وسفكت دماء العلماء حيث قتلت الشيخ محمد حسين الذهبي وإذا كان للاضطهاد والتعذيب دور كبير في نشأة فكر التفكير فان مما لا شك فيه إن جماعة الإخوان عليها كفل كبير في ذلك حيث تهمل الجماعة تدريس معتقد أهل السنة والجماعة بل أنها تقلل من شأن ذلك وتصفه بالترف العقلي .

وليس أدل على ذلك من خروج لون تكفيري أخر من رحم نفس الجماعة على يد بعض تلاميذ سيد قطب وهو عبد المجيد الشاذلي صاحب كتاب (حد الإسلام وحقيقة الإيمان) وهو الكتاب الذي يعتبر دستور جماعة التوقف والتبيين ولم تقف الجماعات التكفيرية عند هذا الحد الذي ذكرنا بل كثر عددها وتباينت طرائقها كما هو شأن أهل البدع والأهواء فيختلفون في الكتاب وعلى الكتاب كما قال إمام أهل السنة والجماعة الإمام احمد بن حنبل ـ عليه رحمة الله ـ : فيكفر بعضهم بعض ويلعن بعضهم بعض ، ومعلوم إن هذه سمت أهل البدع والأهواء كما وضح ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية بخلاف أهل السنة والجماعة الذين يعذر بعضهم بعض ويخطأ بعضهم بعض .

www.anasalafy.com

موقع أنا السلفي

تصنيفات المادة