الخميس، ١٩ رمضان ١٤٤٥ هـ ، ٢٨ مارس ٢٠٢٤
بحث متقدم

التحالف الغربي ضد داعش أم داعم لها

الذي يصب في الحقيقة عند أدنى تأمل في دعم هذا التنظيم لا ضده، كما يحقق مصالح ضخمة للغرب ثم لإيران تتمثل في الآتي :

التحالف الغربي ضد داعش أم داعم لها
ياسر برهامي
الجمعة ١٩ سبتمبر ٢٠١٤ - ١٥:٣٠ م
7904

التحالف الغربي... ضد "داعش" أم داعم لها؟!

كتبه/ ياسر برهامي

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

فأزمة ضخمة في عقول الشباب المسلم ثم على الأرض مِن الصعود الصاروخي لتنظيم ما يسمى بالدولة الإسلامية في العراق والشام، الذي حوَّل نفسه إلى ما سموه "دولة الخلافة الإسلامية" الذي تُركت له مساحات هائلة من الأرض والموارد المالية والعسكرية بطريقة سريعة دون تدخل من القوى العسكرية الموجودة!

فرغم أنه في الظاهر يقاتل النظام السوري المدعوم مِن الشيعة دعمًا مطلقًا من إيران، والعراق، وحزب الله الشيعي اللبناني -الذي هو من أحزاب الشيطان-، بل ومن الشيعة العرب في دول الخليج؛ إلا أن النظام السوري الذي يدك حلب وريفها يوميًّا بأكثر من ثمانين برميلاً من المواد المتفجرة التي جعلت سكان حلب حوالي 3% من سكانها - إذا به يترك له الرقة بكاملها، وبحقول البترول فيها دون أن يطلق أو يقذف برميلاً واحدًا من المتفجرات على قوات "داعش"، وفي حين تترك القوات العراقية البنك المركزي بما فيه من مليارات الدولارات، وتنسحب مهرولة مع أنها مدعومة دعمًا كاملاً من إيران، فتعجز أي قوات أخرى غير "داعش" من تحقيق أي تقدم لبسالة المقاومة من الجيش العراقي.

في ظل هذه الظروف يأتي حدث أضخم، وهو "إعلان أمريكا عن التحالف الغربي لمحاربة داعش" والذي يصب في الحقيقة عند أدنى تأمل في دعم هذا التنظيم لا ضده!

كما يحقق مصالح ضخمة للغرب ثم لإيران، تتمثل في الآتي:

1- تشويه صورة العمل الإسلامي بأسره، بما يقدمه التنظيم من صورة القسوة الإجرامية والاعتداء الآثم على الدماء والأعراض والأموال لكل المخالفين، وأولهم وأكثرهم تأثرا ونزفا أهل السنة خاصة ضعفاؤهم.

والرسالة التي أرسلها التنظيم للعالم كله: هذا هو المصير الذي ينتظركم لو سيطر الإسلاميون، وهي في الحقيقة أعظم تشويه للإسلام نفسه، وقد بدأت المجتمعات الغربية في معاداة كثرة المسلمين بها، حيث إن الإسلام أعلى دين في العالم في نسبة الانتشار.

2- تجميع الشباب المسلم الحريص على البذل والتضحية بحلم عودة الخلافة وإقامة الجهاد مع أن عامة ما يقع لا يمت إلى الجهاد الشرعي بصلة! هذا الشباب يجتمع الآن في بقعة محدودة من الأرض تحت قيادة مجهولة، بل في الحقيقة معلوم انتماءات كثير مِن قادتها سابقًا -قبل التوبة- إلى أجهزة المخابرات البعثية في العراق وسوريا، وهي صاحبة اتخاذ القرارات، والتي من أهمها: أن مقاتلة المرتدين "الذين هم الفصائل المخالفة لهم من أهل السنة" مقدَّمة على قتال الكفار الأصليين؟!

3- تمزيق صف المقاومة السورية وانشغال بعضها بقتال بعض بقتل الآلاف من الشباب المسلم بالغدر والخيانة، والجهل والبدع، وكل ذلك باسم الإسلام.

4- نشر فكر التكفير والعنف الذي لا يحتمل بأي درجة اندماجه مع المجتمعات العربية والإسلامية، بل لابد من التحوصل ضدها، وبالتالي يغلق باب الدعوة الصحيحة والتعليم الشرعي الحقيقي والتربية على السلوك والخلق الإسلامي، والذي هو مفتاح الإصلاح الحقيقي في كل المجتمعات.

5- إعطاء المبرر القوي المقبول من العالم كله "الإسلامي وغيره"؛ للتدخل الغربي والإيراني في الدول العربية لتكون الحصيلة مذابح لأهل السنة لا يعلم قدْر ضحاياها إلا الله، وإعطاء الفرصة التي لا مثيل لها لوصم كل الفصائل الإسلامية "خاصة السلفية" بأنها جماعات إرهابية لابد من القضاء عليها وإلا أكلت الأخضر واليابس.

في ضوء كل هذا يأتي إعلان التحالف الغربي ضد داعش في الظاهر لينتج ما يأتي:

1- تعاطف مئات الألوف من الشباب المسلم مع هذا التنظيم، فطالما أن قوى العالم تجتمع عليه فهو على الحق؛ دع عنك الحجج والأدلة، ومظاهر البدع الاعتقادية، وحقائق الإجرام العملية، فكل ذلك يذوب بكل ببساطة في معظم بلدان العالم العربي والإسلامي عند الشباب الملتزم بفضل هذا الإعلان، وبعد حين ليس بالطويل يتحول التعاطف والإعجاب إلى انتماءٍ فكري ومنهجي، ثم حركي وتنظيمي، ثم سفر وبيعة وقتال، ولن يمكن لأي أجهزة أمنية أن تسيطر عليها.

2- إضعاف قوة التنظيمات المخالفة لداعش على الأرض السورية خصوصًا بفرار الألوف من أبنائها -مع الضعف العلمي المنهجي- إلى الدولة الإسلامية المظلومة التي بدأت ضدها الحرب الصليبية.

فبعد أن بدأ بعض الوعي بالحقائق عن "داعش" وقادتها، وكيف تستجلب الخراب والدمار للبلاد التي هي فيها؛ تقود الناس سريعًا إلى فقدان الوعي، وتعود غيبوبة أحلام الشعارات التي لا حقيقة لها، وبدلاً مِن أن تظل داعش في حدود البضعة آلاف إذا بها ترتفع في غضون أسابيع إلى عشرات الألوف خاصة مع الترغيب والترهيب؛ الترغيب في المال والقوة، والغنائم والسبايا "ولو كُنَّ مِن أهل الإسلام"، والترهيب من الذبح والتفجير والغازات السامة والتعذيب البشع الذي فاق بكل المقاييس ما تفعله الأنظمة المستبدة في مجتمعاتها، فإليك يا رب المشتكى!

3- التمهيد -بعد سقوط الآلاف من الشباب المسلم المغرر به في الغارات الجوية المتوقعة- لاجتياح شيعي يقضي على ما تبقى من تنظيمات المقاومة السورية؛ لتحقق إيران حلمها بالوصول إلى البحر المتوسط، وتكوين الهلال الشيعي الذي يحيط بالسعودية والخليج، ويمهد مع التغلغل الشيعي في السودان، والاختراق الإيراني وغيره للإعلام والهيئات والأحزاب المصرية لإكمال الحصار على مصر، وهذه الأمور المتوقعة في ظل الإعلان مِن الجميع عن عدم التدخل على الأرض؛ فمن سيجني ثمرة هذا العمل إذن؟!

مِن أجل كل ما تقدم... نقول للشباب المسلم ثم للأجهزة المسئولة في الدولة "الأمنية والدينية والتنفيذية والعسكرية"، وكذا الأحزاب والجمعيات: أفيقوا قبل فوات الأوان، وتعاونوا لدفع الخطر، وتأكدوا أن الغرب لا يريد بكم الخير، وأن الحروب لا تُقام إلا مِن أجل المصالح لا المبادئ؛ إلا عند أهل الإسلام الحق، وهم ليسوا طرفًا في هذه المأساة.

ألا هل بلغت... ؟! اللهم فاشهد.

 www.anasalafy.com

موقع أنا السلفي