الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
1- فالقول بطهارة الدم شاذ ضعيف جدًّا، بل هو خلاف الإجماع الصحيح الذي نقله أكثر مِن ثمانية مِن أهل العلم الخبراء بمواطن الإجماع والخلاف، منهم: "أحمد بن حنبل - وابن عبد البر - وابن حزم - وابن العربي - والقرطبي - والنووي - والقرافي - وشيخ الإسلام ابن تيمية - وابن حجر - ... ".
والدليل الواضح هو الآية الكريمة: (قُلْ لا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ) (الأنعام:145)، والضمير يعود على جميع المذكورات.
ثم الأمر بغسل الدم الثابت في السنة، فقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم- للمستحاضة -فاطمة بنت أبي حبيش-: (فَاغْسِلِي عَنْكِ الدَّمَ وَصَلِّي) (متفق عليه)، وقد بوَّب عليه البخاري: "باب غسل الدم"، وأخرجه مسلم في باب "نجاسة الدم وكيفية غسله". وهو في دم الاستحاضة الذي هو دم عرق، لكن لفظة الدم جاءت معرفة بالألف واللام، فتفيد العموم.
قال ابن حزم -رحمه الله-: "وَهَذَا عُمُومٌ مِنْهُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِنَوْعِ الدَّمِ، وَلا نُبَالِي بِالسُّؤَالِ إذَا كَانَ جَوَابُهُ -عَلَيْهِ السَّلامُ- قَائِمًا بِنَفْسِهِ غَيْرَ مَرْدُودٍ بِضَمِيرٍ إلَى السُّؤَالِ" (المحلى بالآثار).
2- وأما واقعة الأنصاري فهي فيمن عجز عن إزالة الدم ككل جريح، والجرح لا يزال يخرج منه الدم؛ فلا يلزم الخروج من الصلاة، وهي اقتراحات عجيبة، وإلزامات باطلة مخالفة لكلام أهل العلم.
ثم هذه واقعة عين لا عموم لها؛ فكيف تُعارَض بها النصوص العامة الواضحة في نجاسة الدم؟!
3- وما ذكره هذا القائل مِن أن الدم لو كان لا يتوقف لمات مع كونه ينكر احتمال كونه يسيرًا معفوًا عنه - هو كلام متناقض، والإلزامات الباطلة بقطع الصلاة بالتلبس بالنجاسة لا تقبل؛ لأنه لا دليل عليها، فالقول بأن إزالة النجاسة واجبة أو مستحبة وليست شرطًا تبطل هذا الإلزام، ومَن يجعلها شرطًا فهو مع العلم والقدرة، وهنا يعجز عنها إلا بقطع الصلاة، ولا يلزمه ذلك إلا بدليل، ولا دليل.
أما القياسات التي ذكرها فهي قياسات ممن لا يحسن القياس -بلا شك-، ولا طريقة الاستدلال، ويكفي أن تُطالِب هؤلاء بعالِم مِن السلف قبْل المعاصرين "والشوكاني" قال هذا الكلام وأفتى بطهارة الدم!