الجمعة، ١١ شوال ١٤٤٥ هـ ، ١٩ أبريل ٢٠٢٤
بحث متقدم

حزب النور والتركة الثقيلة التي تنتظره

مما أوقع الأمة في صدام وحشد وحشد مضاد ، أوصل الأمور بالتمادي فيه إلى ما صارت عليه البلاد الآن

حزب النور والتركة الثقيلة التي تنتظره
علاء بكر
الأربعاء ١٢ نوفمبر ٢٠١٤ - ١٥:٤٢ م
1937

حزب النور والتركة الثقيلة التي تنتظره

كتبه / علاء بكر .

الحمد لله والصلاة والسلام على رسوله ، صلى الله عليه وسلم .. وبعد .

فعلى الرغم  من بعض الاختلافات الفكرية بين الأحزاب ذات المرجعية الإسلامية التي تكونت بعد ثورة 25 يناير 2011م  إلا أن برامجها السياسية تتشابه في أمور عديدة، ويتضح ذلك من خلال الاطلاع على هذه البرامج التي أعلنتها عند تأسيسها، وخاضت بها الانتخابات السابقة، فقد أكدت الأحزاب الإسلامية على الهوية الإسلامية لمصر باعتبار أن دين الدولة هو الإسلام، و أن مبادئ الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع، وأن اللغة العربية هي اللغة الرسمية للدولة. كما تمسكت بضرورة التخلص من النظام الربوي القائم على الفائدة الربوية، عبر التوسع في صيغ التمويل المبنية على المشاركة في الأرباح وفي الإنتاج، و أن يتم ذلك تدريجيًا علي سنوات، حتى لا تحدث أي آثار سلبية على الاقتصاد الوطني.

كما طالبت بمحاربة الاحتكار حتى لا يستغل رجال الأعمال حاجة المواطنين من السلع و الخدمات  الأساسية. كما دعت إلى استقلالية  المؤسسات  الدينية  الإسلامية، خاصة في نواحيها المالية، حتى تستطيع القيام بدورها المنوط بها بعيدًا عن التبعية للنظام الحاكم، و تفعيل دور الكليات الأزهرية المتخصصة لتخريج  من يجمعون بين العلم الديني والدنيوي مع القدوة الدينية والكفاءة العلمية والانضباط بالشرع.

ومع هذا التقارب  بين الأحزاب الإسلامية في برامجها، فإنها لم تنسق فيما بينها كما هم مطلوب ، و لم تتحد في قراراتها، بل لم تسلم من  بعض الانشقاقات، ومحاولات هيمنة فصيل منها على مجريات الأمور، وتمحور فصائل أخرى حول أشخاص.

ورغم وصول د. محمد مرسي لكرسي الرئاسة في مصر،  بعد صراع عصيب مع بقايا من رموز نظام مبارك السابق ومؤيديه ممن يعادون الإخوان المسلمين، أو يتخوفون من هيمنتهم، أو يرونها تعارض مصالحهم، في مواجهة تكتل الأحزاب الإسلامية ومن يؤيدهم في ترشيح  د.مرسي في جولة الإعادة بينه وبين الفريق أحمد شفيق  فلم ينجح الإخوان المسلمون في التوافق مع القوى السياسية على الساحة السياسية، ومنع التداخل بين قيادات جماعة الإخوان وإدارة الدولة  بصورة أدت إلى الصدام بينها وبين الأجهزة السيادية وهي تسعى لبسط سيطرتها على الأجهزة التنفيذية، فأعاد هذا  التمحور للجماعة حول ذاتها انطباعًا بعودة الأمة إلى سيطرة الحزب الواحد على السلطة من جديد ؛ مما أوقع الأمة في صدام وحشد وحشد مضاد ، أوصل الأمور بالتمادي فيه إلى ما صارت عليه البلاد الآن. وخسر التيار الإسلامي عامة، وجماعة الإخوان المسلمين خاصة، الكثير والكثير، من التأييد والتعاطف الشعبي الذي كان للتيار الإسلامي، خاصة ونحن على أعتاب انتخابات برلمانية، لاختيار برلمان يضع الصورة التي ستكون عليها الدولة المصرية في الرحلة المقبلة، وينبغي أن يكون للأحزاب الإسلامية دور فاعل فيه.

ومن هنا يأتي الدور الهام المنوط بحزب النور الذي استطاع أن يحتفظ للتيار الإسلامي بموضع قدم في العمل السياسي، وينقذ البلاد من شر حرب أهلية أطلت برأسها، متحملا كل ما تعرض له من هجمات واتهامات من كثيرين، وأثبتت الأيام لكل منصف كيف حرص حزب النور على ما فيه مصلحة الدعوة الإسلامية ومصلحة الوطن بحسن التقدير للمصالح والمفاسد  بالضوابط الشرعية.

لقد صار حزب النور في طليعة الأحزاب الإسلامية في الانتخابات البرلمانية القادمة، بعد إخراج حزب الحرية والعدالة الممثل للإخوان المسلمين منها، ليتولى حزب النور تحمل هذه التركة الثقيلة، وقد تحولت الأنظار إليه من المؤيدين والمعادين، من المتأملين والمتربصين.

ومن خلال التجربة المريرة السابقة التي عاشتها الأحزاب الإسلامية فأرى أن على حزب النور أن يتجنب  ما شوه صورة الأحزاب الإسلامية في الفترة السابقة، وما شتت أبناءها، وحال بين تكتلهم وتوحدهم، وأفقدهم القدرة على جذب التأييد الشعبي واستقطاب الجماهير، وذلك  بمراعاة أمور منها :

1 – تهيئة التيار الإسلامي على أن الغاية من المشاركة في العمل السياسي في هذه المرحلة هي المشاركة  لا المغالبة، ولو من مقاعد المعارضة. لقد أعقب ثورة يناير رغبة كل فصائل العمل السياسي في المشاركة السياسية، مما يستدعي عدم انفراد فصيل منها بالسلطة في هذه الفترة على الأقل، وعدم استيعاب ذلك من أسباب الاختلافات و الانقسامات الحالية في المجتمع.

2 – وضع رؤية جامعة للتيار الإسلامي فيما يتعلق بأبرز القضايا الجوهرية والثوابت والمتغيرات في إطار يبين الحد الأدنى المشترك من الاتفاق، مع مراعاة النزاهة وضوابط الشرع في الممارسة السياسية بما  يمنع أو يقلل الانشقاقات داخل التيار .على أن تتمشى تلك الرؤية مع تطلعات الأمة في أعقاب ثورة يناير وتتفق مع الأيديولوجية والمرتكزات  التي قامت عليها الأحزاب الإسلامية. رؤية تصلح أن تكون إطارًا جامعًا لعقلاء الأمة ومرجعية فكرية إسلامية  للعمل السياسي.

3 – وضع خطاب سياسي واضح يبين حدود الاختلاف في الأمة يراعي آداب الإسلام، و يؤصل لما يقبل فيه الاختلاف ويعذر صاحبه ، وما لا يجوز شرعًا الاختلاف فيه.

4 – التعرف على التيار السائد داخل الحركة الإسلامية  وتقييمه، وإعادة صياغة أفكاره وأدبياته ، ووضع وسائل لحشده من جديد، و إيجاد آلية لإدارة خلافاته الداخلية فيما يتعلق بالوسائل والأطروحات ومعالجة الأزمات مستمدة من نظام الشورى في الإسلام، بعيدا عن تعدد القيادات، والتمحور حول الأشخاص.

4 – تكوين  أذرع إعلامية فعالة من قنوات إخبارية وقنوات عامة وصحف ومجلات، تقدم الجرعة الإخبارية و الصحفية المشبعة من خلال رؤية الحركة الإسلامية، بما يتناسب مع حصتها ودورها في المجتمع المصري. إن غياب الإعلام الإسلامي المؤثر أو عدم قدرته على استقطاب المشاهد المصري يعد ثغرة كبيرة، في ظل سيطرة الفضائيات غير الإسلامية على الساحة بما تقدمه من مواد إخبارية وترفيهية، تتطلب مقابلتها بمنظومة إسلامية مماثلة، من أجل الاستقطاب والحشد الإسلامي خاصة للطبقات البعيدة عن الإسلاميين.

www.anasalafy.com

موقع أنا السلفي

 

 

 

تصنيفات المادة