الخميس، ١٩ رمضان ١٤٤٥ هـ ، ٢٨ مارس ٢٠٢٤
بحث متقدم

قراءة في دعوة ما يسمى بالجبهة السلفية إلى انتفاضة إسلامية

يجب أن تقرأ كجزء من المشهد لا بمعزل عنه، ومن أجل أن تكون القراءة صحيحة لابد من الأخذ فى الاعتبار عدة أمور...

قراءة في دعوة ما يسمى بالجبهة السلفية إلى انتفاضة إسلامية
محمد إبراهيم منصور
الجمعة ٢١ نوفمبر ٢٠١٤ - ١٨:٠٦ م
2113

قراءة في دعوة ما يسمى بالجبهة السلفية إلى انتفاضة إسلامية

كتبه/ محمد إبراهيم منصور

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

إن دعوة الجبهة السلفية المزعومة إلى انتفاضة إسلامية لا ينبغى أن تقرأ بمعزل عن المشهد الكلى العام لما يحدث فى مصر من داخلها ولمصر من خارجها فيجب أن تقرأ كجزء من المشهد لا بمعزل عنه، ومن أجل أن تكون القراءة صحيحة لابد من الأخذ فى الاعتبار عدة أمور:

أولا: حروب الجيل الرابع

مرت الحروب فى تاريخ البشرية بأربع مراحل سماها المعنيون بهذا الشأن أجيالًا، الجيل الأول من الحروب، استمر من بداية الصراعات البشرية إلى بدايات القرن التاسع عشر وهو يقوم على حشد الجنود والقوات فى مواجهة بعضهم البعض.

الجيل الثانى: وبدأ مع بدايات القرن التاسع عشر، ظهرت وتطورت بواسطة الجيش الفرنسى قبل وبعد الحرب العالمية الأولى حيث تمكنت الجيوش من صناعة المدافع البدائية التى يتم فيها قتل وتدمير جيش العدو عن بعد وبدون حدوث أية اشتباكات مباشرة بين جنود الجيشين.

حروب الجيل الثالث، كانت بداية ظهورها فى الجيش الألمانى وهى الحرب وراء خطوط العدو والهجوم من الخلف بدلًا من المواجهة ومن أمثلتها الحرب على العراق وأفغانستان، وتميزت هذه الحروب بالمرونة والسرعة في الحركة التى أصبح فيها الاعتماد على التكنولوجيا والطائرات والدبابات والتجسس والمناورة العالية والسرعة الفائقة.

حروب الجيل الرابع، وهى حروب تعتمد طرقًا أخرى غير التى اعتمدتها الأجيال الثلاثة السابقة فبينما الأجيال السابقة تعتمد على مباشرة الدولة المعتدية لقتال الدولة العدو بأنواع الأسلحة المختلفة على جبهات القتال مما يؤدى إلى خسائر مادية وبشرية فى صفوف الدولة المعتدية وقد تهزم مع أنها هى الأقوى خاصة إذا طال أمد الحرب كما حدث فى الحرب الأمريكية على فيتنام، وكذلك فإن الدولة المعتدى عليها فى حروب الأجيال الثلاثة السابقة تتحد مكوناتها وتنسى خلافاتها وتجتمع لمواجهة العدو الخارجى، أما حروب الجيل الرابع فإنها تعتمد تكتيكًا آخر خلاصته اللعب على الخلافات والاختلافات والتناقضات فى مكونات الدولة التى يراد الاعتداء عليها وتحويل هذه الاختلافات والتناقضات إلى صراع ثم إدارة هذا الصراع للوصول إلى هدف من الأهداف التالية:

أ- شغل هذه الدولة بنفسها إذا كانت قوية.

ب- تركيع الدولة لتستجيب لإملاءات عدوها رغمًا عنها.

ج- هدم تلك الدولة تمامًا وتفتيتها.

إلا أن الهدف الأخير لا يمكن التوصل إليه إلا إذا كان ذلك الصراع الذى تمت صناعته وإدارته متكافئا أو قريبًا من التكافؤ ليطول أمده ليؤدى الغرض المقصود منه وهو هدم تلك الدولة، ولذلك لابد أن يكون الطرف المناهض للدولة لا يقل عن 20 بالمائة من المجتمع على الأقل إذا كان الصراع مبنيًا على انقسام مجتمعى.

وقد علم أعداء الأمة أن هذا الشرط لن يتحقق فى مصر من خلال فتنة طائفية أو عرقية أو مذهبية لعدم وجود النسبة الكافية لها فتعلقت آمالهم بتحويل الشباب المسلم المتحمس لدينه وخاصة أبناء التيار الإسلامى من المنهج الإصلاحى المتدرج المبنى على القواعد الشرعية إلى المنهج الصدامى العنيف الذى يعتمد على التهييج العاطفى، وتغييب القواعد الشرعية للإصلاح، لكن ما ذلك المحول السحرى الذى من خلاله يمكن تحويل الشباب من النقيض إلى النقيض ؟؟

ذلك المحول هو العاطفة الجياشة عند الشباب المتحمس فحماس الشباب إذا انضبط بالقواعد الواقعية والشرعية للإصلاح المتدرج كان ذلك الحماس بناءً، وصار هؤلاء الشباب أصحاب ذلك الحماس لبنات بناء فى أوطانهم وبلادهم بدلًا من أن يكونوا معاول هدم.

وعلى العكس من ذلك إذا تصدرت العاطفة المشهد وقادت الشباب المتحمس دون ضابط ولا رابط فإن هؤلاء الشباب يصيرون معاول هدم لبلادهم وأوطانهم ويستخدمون كأدوات فى أيدى أعدائهم لتخريب بلادهم؛ لأنه معلوم أن التصرفات المبنية على العاطفة تختلف بل تتناقض مع تلك التصرفات المبنية على القواعد الشرعية للإصلاح وسيأتى بيان ذلك عند الحديث عن القصف الإعلامى على العاطفة.

ثانيًا: محاور القصف الممنهج على عاطفة الشباب المسلم المتحمس وتغييب القواعد الشرعية للإصلاح وعلاقته بحروب الجيل الرابع.

تعرض الشباب فى العالم العربى والإسلامى عامة وفى مصر خاصة لحملات تهييج عاطفى وتغييب للقواعد الشرعية للإصلاح على مدار عقود واشتدت تلك الحملات فى الآونة الأخيرة بسبب الظروف الراهنة التى تمر بها المنطقة والأزمة السياسية التى تمر بها مصر خاصة.

واتخذت تلك الحملات عدة محاور تم من خلالها فرض حصار عاطفى محكم حول الشباب المتحمس لتوجيه ذلك الحماس إلى حيث يريد أصحاب كل محور لا إلى ما يريد الشاب ولا إلى ما ينبغى أن يكون.

وإليك أيها القارئ الكريم أهم محاور القصف هذه وأخطرها:

المحور الأول: الوسائل الإعلامية المتخصصة فى تهييج العواطف وتغييب القواعد الشرعية للإصلاح.

تلعب تلك الوسائل وخاصة القنوات الإعلامية والإنترنت دورًا خطيرًا على الشباب المتحمس لدينه بتوجيه ذلك الحماس إلى الصدام مع المجتمع والدولة عن طريق اللعب على الحماس العاطفى الجياش للشباب وكذلك على العاطفة الإنسانية وهى تعتمد فى هذا على اقتطاع مشهد محدد من الحدث وهو المشهد المؤثر فى العاطفة والتركيز عليه بشتى الصور والمبالغة فيه حتى تطغى العاطفة فتغطى العقل وقواعد العدل والإنصاف وموازين الشرع التى تلزم بالحكم على الحدث ككل لا على مشهد أو جانب واحد منه فقط دون بقية الجوانب (فالحكم على الشيء فرع عن تصوره من جميع جوانبه التى منها المشاهد والجوانب السابقة لهذا المشهد الذى تم التركيز عليه والمحاذية له والتالية بل والمآلات) لكن هنا تطغى العاطفة فتغيب تلك القواعد البدهية للحكم على الأشياء وتحصر العقل والفكر فلا يرى إلا ذلك المشهد العاطفى المجرد؛ وبالمثال يتضح المقال: وهذا مثل يوضح لك طرق وسائل الإعلام فى تغليب عاطفة الحماس غير المنضبط للشرع على قواعد الموازنات الشرعية للإصلاح، لو أن جماعة يجلسون في المسجد وأرض المسجد رملية وجاء رجل وأخذ ناحية من المسجد وجلس يبول، فأراد الناس أن ينهوه عن هذا المنكر الشديد ويمنعوا هذا الإضرار بالمسجد، فنهاهم شيخ المسجد عن هذا وقال لهم: "لا تقطعوا عليه بوله"، وجاءت "الجزيرة والقنوات الربعاوية" وصورت هذا المشهد فقط دون سوابق أو

لواحق أو مآلات.. ماذا سيكون التصرف حينذاك؟!

مشهد يبول فيه إنسان في المسجد والناس لا يحرك أحد منهم ساكنًا، وأتت القناة بالمحللين السياسيين بل النفسيين وكررت المشهد مرات ومرات؛ حتى تستثير العواطف فتطغى على الأبصار والعقول والبصائر فلا ترى شيئا غير هذا المقطع؛ فتعلن التفسيق والتبدع والتخوين، بل والتكفير لهؤلاء الذين تدنس المقدسات على مرأى ومسمع منهم ولا يحركون ساكنًا، فإذا أردت أن تبين لهم ما غاب عنهم من المشهد حتى يتصوروه بسوابقه ولواحقه ومآلاته لعل حكمهم عليه يختلف عن هذا الحكم الذي ذهبوا إليه؛ لم يعطوك فرصة لبيان شيء من هذا لأن العاطفة غلبت على سمعهم وأبصارهم وعقولهم!

فماذا سيقولون إذا علموا أن مثل هذا المشهد حدث مع النبي - صلى الله عليه وسلم -؟! فقد روى البخاري في "صحيحه" أن أعرابيًا جاء وبال في طائفة المسجد فنهره الناس، فنهاهم - النبي صلى الله عليه وسلم - ، فلما قضى بوله أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بذنوب من ماء فأهريق عليه، وترك النبي - صلى الله عليه وسلم - الأعرابي يكمل بوله.

ضرر بلا شك، لكنه أخف من قطع بوله عليه؛ فإن قطع البول يتضمن أضرارًا كثيرة أشد من البول في المسجد، ومن هذه الأضرار احتباس البول في بدنه بما يؤذيه، وتقاطر البول في أماكن أخرى من المسجد وعلى ثيابه وبدنه بما يوسع دائرة النجاسة؛ فالنبي- صلى الله عليه وسلم - دفع هذه الأضرار بالضرر الأخف "وهو تركه يكمل بوله في موضع معين من المسجد.

والقاعدة تقول: "الضرر الأشد يدفع بالضرر الأخف". والمعنى: أنه إذا كان أحد الضررين أعظم وأشد من الضرر الآخر في نفسه؛ فإن الضرر الأشد يزال أو يدفع بارتكاب الضرر الأخف، وأضرب لك مثلًا آخر يتضح به كيف يمكن لوسائل الإعلام أن تلعب على العاطفة الإنسانية لتغييب موازين العدل والإنصاف؛ فمن صوره أن تنحاز إلى طرف من أطراف صراع ما فتصف إصاباته فقط خاصة إن كان هناك نوع من المظلومية أو الاعتداء من الطرف الآخر عليه بمعاملته بأشد مما كان ينبغى أن يعامل به كأن تحدث مشاجرة بين عائلتين ويكون من هذه قتلى ومصابون ومن هذه قتلى ومصابون وتحدث وقائع كثيرة بينهم فيأتى أصحاب هذا التوجه من الإعلاميين فيصورون فقط ما يحدث من الطرف الآخر تجاهه بمشاهد مؤثرة فهذا قطعت يده

بطريقة بشعة وهذا قتل وسالت دماؤه ويأتون بالصور والدماء ومشاهد الألم وتعليقات المتعاطفين وعويل الموتورين دون ذكر بقية جوانب الحدث وماذا فعل هو أو عائلته بالعائلة الأخرى ومع تكرار عرض المشهد وتتابع البرامج المعلقة عليه يختزل الحدث كله فى ذلك المشهد لدى الشاب الذى يتلقى من هذا النوع من الإعلام فتهيج عاطفته ويشعر بالعداء وإرادة الانتقام، ومع تكرار تلك الأحداث والتركيز على المشاهد العاطفية منها تزداد إرادة الانتقام ليجد الشاب نفسه بعد ذلك منقادًا انقيادًا أعمى، وأداة فى يد من يستعمله فالتخريب والتدمير.

المحور الثانى: تصدير العاطفة وتعظيم دورها فى التعامل مع المشهد السياسى المصرى

أدت طريقة إدارة الإخوان محاولاتهم السيطرة على مقاليد الأمور بتلك الصورة الفجة التى هيجت عليهم الجميع مما أدى إلى اهتزاز أمور الدولة فى أيديهم وشعروا أنهم مقبلون على صراع مع المجتمع ومؤسسات الدولة وأنهم بحاجة ماسة إلى الاحتماء بعناصر التيار الإسلامى كله ليخوض معهم ذلك الصراع وهذا يستلزم السيطرة الكاملة عليه لاستخدام جميع مكوناته فى ذلك الصراع، ولما كان القطاع الأكبر من أبناء التيار الإسلامى ينتمون إلى التيار السلفى كانت هناك لدى الإخوان مشكلة فى أن المكون الأكبر من مكونات التيار السلفى هم من ينتمون إلى الدعوة السلفية التى تتبنى منهجًا واضحًا للإصلاح وهو منهج الإصلاح المتدرج من القاعدة الذى ينطلق من القواعد الشرعية للإصلاح وهذا يختلف تمامًا عن ذلك الذى يريده الإخوان فى هذه المرحلة من التيار السلفى ولذلك قام الإخوان بالتالى:

أولًا: محاولات الإخوان السيطرة على التيار السلفى العام مع محاولات التخلص من تأثير الدعوة السلفية وحزبها النور على التيار السلفى بل على قواعدهما؛ لأن المنهج الإصلاحى التدريجى من قاعدة المجتمع الذى تتبناه الدعوة السلفية يعرقل المسيرة الثورية الصدامية التى كانت أحد الحلول المطروحة بقوة فعمدوا إلى إنشاء هيئة موازية صورتها سلفية لكن السيطرة الداخلية عليها للإخوان أو لأشخاص هم صنيعة الإخوان، حاولوا بكل السبل دمج جميع السلفيين تحت لوائها ليتمكنوا من توجيههم، وهى الهيئة الشرعية للحقوق والإصلاح ( هيئة سلفية بإدارة إخوانية ) وحرص الإخوان على أن يكون جميع القرارات بالفاعليات من مسيرات وظاهرات يكون اتخاذها من خلال الهيئة الشرعية للحقوق والإصلاح فكانت القرارت بالمليونيات والتحركات الثورية تتخذ من خلال تلك الهيئة، فهل كان هذا أمرا فرضته الظروف أم أنه كان من أجل زحزحة التيار السلفى من المنهج الإصلاحى التدريجى إلى المنهج الثورى الصدامى شيئًا فشيئًا لتصديرهم فى الصدام الذى كان عندهم محتملًا وكانوا يعدون له العدة كما صرح بذلك جهاد الحداد المتحدث الرسمى باسم الإخوان فى يوم "2/7" حين قال موضحًا إن الإخوان لديهم خطة معدة سلفًا للمواجهة مع الجيش إذا استدعى الأمر:

" إن تهديد الجيش بالتدخل أدى إلى تغير قواعد اللعبة" وقال: "إننا نغير تكتيكنا وقمنا بإعداد سيناريو منذ فترة لمواجهة مثل هذا الموقف"، وقال أيضًا: "إذا تحرك العسكر على الأرض فإن لدينا الخطة لمواجهة ذلك"، فهل كان تثوير التيار السلفى وجمع الجماعات التى تتبنى العنف فى خندق واحد هو تلك الخطة المعدة ؟!

2- الشيخ حازم أبو إسماعيل ودوره الخطير فى تحويل قطاعات من التيار السلفى العام من المنهج الإصلاحى المتدرج من القاعدة المبنى على قواعد السياسة الشرعية إلى المنهج الصدامى المبنى على العاطفة.

لك أن تتساءل أيها القارئ الكريم: لماذا نزل الشيخ حازم من قطار الإخوان، ولماذا توجه بخطابه فقط للتيار السلفى، لماذا كان كل حرصه فى العمل على الأرض أن يعمل فقط على أبناء التيار السلفى، فكان أتباعه يعملون فقط على السلفيين دون الإخوان حتى صرح مسئولوه فى أكثر من محافظة أنهم لن يستقطبوا شباب الإخوان إلى "حازمون" وإنما سيكون التركيز على السلفيين؟؟

لماذا كان خطاب الشيخ حازم عاطفيًا حالمًا يداعب به عواطف السلفيين وأحلامهم وعند التدقيق

معه يقول غير ذلك لأنه يعلم أن هذه الأحلام بعيدة المنال، والواقع يحتم التدرج فى الإصلاح، إنه كان يريد تحويل التيار السلفى إلى المنهج الثورى الصدامى ليتم استخدامهم فى الوقت المناسب "فى الوقت الذى كان الإخوان يثنون على الجيش كان الحازمون يقودون السلفيين إلى العباسية للصدام مع الجيش ولإيجاد ثأر بينهم وبينه"، وبينما كان خطاب غير المحسوبين على الإخوان على منصة رابعة خطابًا عنيفًا كان الدكتور محمد البلتاجى يقول: "احنا كإخوان سلميين لكن أنا باحذر معنا أفكار أخرى".

وجه الشيخ حازم خطابه للسلفيين مهيجًا لعواطفهم ومشاعرهم ليخدع بخطابه الكثير من الشباب

بل والدعاة ثم جاء موضوع والدة الشيخ حازم ومنعه من الترشح بسبب جنسيتها التى كان يصرح بعض المقربين من عائلة الشيخ بأن أمه حملت الجنسية الأمريكية فعلًا وأن الشيخ حازم يعلم بهذا لكن الشيخ حازم لعب على وتر المظلومية ليثور التيار السلفى أكثر وأكثر، بل كان فى كثير من الأحيان يستخدم أساليب الخداع ليثير العواطف ويبقى على حالة الثورة والغليان ومن ذلك أنه أعلن أكثر من مرة أنه سوف يعلن على الملأ أدلة دامغة على صدق دعواه ويضرب لذلك موعدًا ثم لا يفعل، ثم بعد ذلك استطاع الحازمون قيادة السلفيين إلى العباسية.

وأحيانًا كان الشيخ حازم يعلن اعتصاما ثم لا يذهب وأحيانًا كان يعلن اعتصاما ويدعو

إليه بقوة فإذا اجتمع الناس أرسل إليهم من يخبرهم بالإلغاء على استحياء وكأنه يريدهم أن يستمروا.

والأخطر أنه تم رصد أمر خطير يتعلق بالمقربين من الشيخ حازم وهو أن معظمهم من الجهاديين والقطبيين فلما سألته الدعوة السلفية حين جاءها طالبًا الدعم لماذا يلتف حولك الجهاديون والقطبيون قال: "أنا لا أعرف عن فكرهم شيئًا هم أناس جاءوا ليدعمونى فلا أستطيع إبعادهم فسألوه، لماذا وجِد الشيخ عبد المجيد الشاذلى معك على المنصة فى أحد المؤتمرات وأنت تعلم أنه صاحب كتاب "حد الإسلام" الذى يؤصل فيه لفكر التوقف والتبين؟! قال أنا لا أعرف عنه هذا ومعرفتى به أنه كان صديق والدى.

لكن ما الدور الخطير الذى لعبه هؤلاء فى تلك المرحلة ؟

الواقع أنهم قاموا ببث أفكارهم بين الكثير من هؤلاء السلفيين خاصة الذين لا ينتمون للدعوة

السلفية بل تم تجنيد البعض فى الخلايا الجهادية والبعض اشترى سلاحًا بل رُؤي بعض الجهاديين داخل خيام اعتصام حازمون فى التحرير وهو يشرح للشباب كيفية تصنيع القنابل اليدوية، هذا المناخ رفع درجة الحرارة العاطفية عند كثير من الشباب لتطغى على القواعد الشرعية والعقلية لتسهل قيادتهم بعد ذلك إلى مدينة الإنتاج الإعلامى تارة وإلى رابعة أو النهضة أو الدستورية تارة.

3- عدم الاكتراث بالعزل الشعبى للإسلاميين فى نهاية الأشهر الستة الأولى من حكم د. مرسى

فلم تكد تمر ستة أشهر من حكم الدكتور محمد مرسى حتى أدت سياسته وسياسة الإخوان فى

إدارة الدولة والأزمات (وقد تقدم الحديث عنها باستفاضة) إلى عزل الشباب الإسلامى شعبيًا عزلًا تامًا فأصبح الناس لا يرون شابًا عليه سمت التدين إلا آذوه بالتصريح أو التلميح أو على الأقل وجهوا إليه اللوم (منكم لله أنتوا اللى جيبتوا مرسى ) بل كان الناس يطالبون المتدينين بالسولار والبنزين وكانوا يخرجون الإخوة من طوابير البنزين وحدثت احتكاكات بالأيدى ومع هذا لم يكترث الإخوان لهذا ويحاولوا علاج هذه الظاهرة الخطيرة.

بل زاد الأمر خطورة حين لعبوا على هذا الانقسام وعمقوه أكثر وأكثر بعمل فاعليات باسم

الإسلاميين مما يستفز مشاعر عامة الشعب ويزيد من نفرتهم من الإسلاميين، وفي هذه الفاعليات تم الاستدعاء والعودة إلى خطاب الشريعة الذى كان يستخدم فى حملة الدكتور مرسى الانتخابية بعد أن كان قد هجره بمجرد نجاحه ولمدة تسعة أشهر وتم استدعاؤه مرة أخرى لأنه هو الخطاب الذى يمكنهم من حشد الإسلاميين عامة والسلفيين خاصة.

ووصلت الخطورة ذروتها حين اتخذ الإخوان ومن تابعهم ذلك القرار الخطير الذى هو أخطر

قرار تم اتخاذه فى هذه المرحلة وهو قرار الحشود مقابل الحشود لينقسم المجتمع إلى معسكرين؛

معسكر الموالين وأطلقوا عليه اسم الحشود الإسلامية ليضمنوا مشاركة الإسلاميين بما فيهم التيار السلفى العام بقوة، أما المعسكر الآخر وهو المعسكر المعارض لأداء الحكومة والإخوان فألصقوا به أفظع التهم مستغلين فى ذلك بعض التصريحات المنسوبة إلى بعض المشاركين فيه وهم تلك القلة من العلمانيين الذين كانوا يريدون ركوب الموجة فعلًا، فاستغل الإخوان ومن معهم تصريحات هؤلاء ليثبتوا أن هذه المعارضة إنما هى حرب على الإسلام وليست مجرد اعتراض على أداء الإخوان، وكان هذا الخطاب الخطير على منصات الحشود الإسلامية مما يزيد العاطفة لدى الشباب المتهور من الجماعات التى تتبنى العنف أصلًا، والأخطر من هذا تلك الأعداد الضخمة من التيار السلفى العام وكذلك الشباب المتحمس الذى تمت زحزحتهم قبل ذلك عن منهجهم الإصلاحى إلى المنهج الثورى الصدامى.

وكانت هناك تحركات على مستوى الجمهورية للحشد باسم الإسلاميين مما شكل استفزازًا هائلًا

للشعب أكثر وأكثر ووقع الإسلاميون فى أخطاء كثيرة فزاد الاستفزاز أكثر وأكثر..

الخطير أن الإخوان صدَّروا وجوهًا ذات سمت سلفى على المنصات لمصداقية السمت السلفى لدى قطاع عريض من الشباب.

2- الاستعانة بشخصيات ذات سمت ومظهر سلفى تقوم بتوجيه الخطاب العاطفى باللسان السلفى كالشيخ محمد عبد المقصود والشيخ عاصم عبد الماجد والشيخ صفوت حجازى وغيرهم ممن يظهرون السمت السلفى الذين تولوا تأجيج نار العاطفة الهائجة فى قلوب الشباب العجيب وفى نفس الوقت كان البلتاجى يقول متنصلًا من كل هذا (احنا كإخوان سلميين لكن أنا باحذر معنا أفكار أخرى ) وكأن هؤلاء فزاعة يخوفون غيرهم بها ؟؟

فهل كان هذا مرتبًا له مسبقًا أم كان واقعًا فتم استغلاله أم كان شيئا غير هذا وذاك ؟

وفى ظل هذا الخطاب العاطفى فى تلك الأجواء الملتهبة أدار الإخوان حملة القصف العاطفى الذى يستنفر الشباب المتحمس للخروج والانضمام إلى ركب مشاريع الشهداء ليأخذ الشباب أكفانهم وينطلقوا إلى الميادين ليستمعوا إلى الخطاب الذى يلهب العواطف ويؤجج نيرانها لتطغى على العاطفة فتعمى العيون فلا ترى إلا ما يراد لها أن تراه وتصم الآذان فلا تسمع إلا ما يراد لها أن تسمع وتطغى على العقل وتعطل الفكر فيرى ما هو أشبه بالمحال يراه قريب المنال بل واقع بل يقسم أنه سيقع، ومن يشك فى وقوعه يشك فى قدرة الله.

4- عدم الاكتراث بالدماء.

فوجئنا بعدم اكتراث الإخوان بهذا كله وعدم اكتراثهم بالدماء التى تراق، بل العجيب أنهم كانوا

يصنعون المناخ الذى يسهل فيه إراقة الدم ومن ذلك مسيرتا المنصورة حيث دعا الإخوان إلى مسيرة فخرجت، وكانت فيها نساء فجاء الخبر لمنظمى المسيرة من الإخوان أثناء تحركها أن البلطجية أمامكم فى الشارع مسلحون وهناك شارع آخر فاسلكوه فنادى مناد من منظمى المسيرة من الإخوان "اثبتوا .. اثبتوا" حتى إذا وصلوا إلى البلطجية حدث ما كان متوقعًا

فقتل أربع أخوات وأصيب من أصيب منهن ولا حول ولا قوة إلا بالله.

وفى المنصورة أيضًا يتكرر نفس الخطأ فقد أعلن الإخوان ومن معهم عزمهم على تنظيم

مسيرة فى المنصورة، واختاروا الجمعية الشرعية لتنطلق منها فنصحهم الناصحون بالبحث عن

مكان آخر لأن المنطقة التى تحيط بالجمعية الشرعية هى منطقة البلطجية فى المنصورة فصمموا على عدم تغيير المكان حتى حدث ما حدث، وحاصر البلطجية المكان فقتلوا أحد الإخوان وجرحوا آخرين وحين سئل أحد قادة حزب الحرية والعدالة قال قدمنا اليوم شهيدًا.

5- عمل تجمعات وكيانات تنتمى للتيار السلفى لتنافس الدعوة السلفية فى التأثير على التيار

السلفى أو على الأقل تشوش على القرار السلفى باتخاذ قرارات مخالفة للدعوة السلفية فى أكثر

الأحيان كالجبهة السلفية التى يعد أفرادها على الأصابع، مع أن هذه الجبهة كما أقر أربابها لا تنتمى فكريًّا إلى التيار السلفى العام وإنما تنتمى إلى التيار القطبى العام فإنها أصرت على أن تتسمى بالجبهة السلفية لتقوم بهذا الدور المغرض فى صفوف السلفيين لذبذبة قناعاتهم بالمنهج الإصلاحى المتدرج الذى ينطلق من القواعد الشرعية للإصلاح وزحزحتهم نحو المنهج الصدامى الذى يقوم على العاطفة.

ومن هنا نستطيع أن نتفهم لماذا زج بالجبهة السلفية المصطنعة لتعلن هى هذه الانتفاضة المزعومة ولم يعلنها تحالف دعم الشرعية أو الإخوان مع أن الجبهة السلفية بذاتها أضعف من أن تقود هذه الانتفاضة وهى لا يمكن أن تتحرك إلا بأوامر من الأب الشرعى لها الذى أسسها وجعل لها اسما وهم الإخوان المسلمون (حرب بالوكالة ).

تستطيع أن تتفهم سر التسمية أهذا الحراك الذى دعوا إليه ثورة وانتفاضة إسلامية (للتهييج العاطفى للشباب المغرر به حتى يسهل استخدامه كمعاول هدم للدولة لإنهاكها ومن ثم إسقاطها ليقوموا هم بإعادة بناء دولتهم التى يريدون ).

تستطيع أن تتفهم لماذا دعت الجبهة إلى حمل المصاحف، حتى إذا حدث هرج فى المسيرات واشتباك مع الشرطة تقع المصاحف وتمتهن، فتتهم الدولة بالكفر وتثور ثائرة الشباب أنصارًا لكتاب الله ضد هذه الدولة التى تمتهن أجهزتها له كما حدث فى عام 1947بعد حل جماعة الإخوان المسلمين؛ حيث طارت إشاعة إلقاء المصحف على الأرض فثارت ثائرة الشباب وحدثت فتنة عظيمة وبعد أن تصالح الإخوان مع الدولة قالوا كانت شائعة ولم تكن واقعة إلقاء المصحف على الأرض صحيحة.

إنها حلقة فى سلسلة صناعة المناخ الانقسامى فى المجتمع والدولة.

إنها حلقة فى سلسلة التثوير العاطفى للتيار السلفى لتوريطه فى الصدام مع المجتمع والدولة.

إنها حلقة فى سلسلة الثأر من المجتمع والدولة.

وفى النهاية فإن كل هذا يصب فى اتجاه تحويل بلادنا إلى مسرح عمليات لحروب الجيل الرابع..

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com