الجمعة، ١١ شوال ١٤٤٥ هـ ، ١٩ أبريل ٢٠٢٤
بحث متقدم

تغريب المجتمعات الإسلامية

والغرض منها إخراج المسلمين من مقومات فكرهم وأهمها مقومات الإسلام - ثم إخراج الإسلام من مقوماته - ومن باب تسمية

تغريب المجتمعات الإسلامية
إيهاب شاهين
الأربعاء ٠٣ ديسمبر ٢٠١٤ - ١١:٢٩ ص
2398

                   تغريب المجتمعات الإسلامية

كتبه / إيهاب شاهين

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد ؛

التغريب مصطلح يعنى به صبغ المجتمعات الإسلامية بالصبغة الغربية في كل مجالات الحياة – التعليم – الاقتصاد – الأسرة – اللباس والطعام ............ وغيرها .

ومن يطالع تاريخ الإسلام منذ أن بعث الله عز وجل  به محمدا صلى الله عليه وسلم يرى ظاهرة واضحة كل الوضوح , وهى أن الإسلام ما برح يخوض معارك متعددة النواحي , وهذه المعارك تستهدف القضاء عليه أو تشويهه أو صرف المسلمين عنه, وتتسم هذه المعارك من جهة أعداء الإسلام بالتنظيم والدقة والكيد المحكم بينما تتسم هذه المعارك من جهة المسلمين بالغفلة والبراءة والرد العفوي الذي لم يسبقه تنظيم أو هجوم مضاد, ولولا أن الله عز وجل تكفل بحفظ هذا الدين لكانت بعض مؤامرات أعدائه كافية في القضاء علي هذا الدين وانمحاء أثره .

ومن الواضح أن هذه المؤامرات تلبس في كل عصر اللباس الذي يناسبها فإذا كان المسلمون أقوياء تري المؤامرات تأخذ طريق التهديم الفكري والأخلاقي والاجتماعي , وإذا كان المسلمون ضعفاء تراها تأخذ طريق الحرب والتجمع وتستهدف القضاء والإبادة , وإذا فشلت طريق الحرب انقلبت إلى التهديم الفكري والعمل علي تغريب مجتمعات المسلمين وينطلي ذلك على عقول البعض فيحدث الانحراف شيئا فشيئا عن أصول الدين وعقائده ومبادئه فينبت داخل سور الإسلام نابتة تحارب الإسلام في أصوله ويحدث صراعا داخليا هدفه القضاء علي الأصول والثوابت, وتظهر الصورة وكأن أعداء الإسلام لا علاقة لهم بهذا التهديم والتخريب, وإن كانوا هم في الأساس من يدير دفة هذا الصراع. فكان العمل علي تغريب المجتمعات الإسلامية من أهدافهم الأساسية.

بعد أن أيقن الغرب ان حرب التهديم والتخريب- الخاسر فيها في المقام الأول هو الغرب نفسه - حتى لو حقق مكاسب وقتيه – فمآلها إلى الهزيمة- لأنها حرب عقدية  يضحى فيها المسلم بكل غال ونفيس وممكن ومستطاع تعود به في أثناء ونهاية هذه الحرب إلي دينه والتمسك بمبادئه -  ولذلك لجأ الغرب في محاولات دامية لإسقاط هذه العقيدة - من قلوب المسلمين- فلجأوا إلى الحرب الفكرية – ولها صور وأنماط شتى- من هذه الحروب السعي إلى هذا الموضوع الذي نحن بصدده " تغريب المجتمعات الإسلامية ".

والغرض منها إخراج المسلمين من مقومات فكرهم وأهمها مقومات الإسلام - ثم إخراج الإسلام من مقوماته  - ومن باب تسمية الأمور بغير مسمياتها لخداع عامة الناس بالمصطلحات البراقة – أطلقوا على مصطلح التغريب مسميات أخرى – حتى يلقى قبولا عند أغلب المجتمعات الإسلامية- مثل ( التطور والتقدم – المدنية الحديثة – التنوير – الحياة الجديدة ).

 وحتى تصبغ المجتمعات بهذه الصبغة كان لابد أولا من إيجاد قناعة ذهنية لدى المجتمع الاسلامى بهذه الأفكار حتى يتم قبولها ويدافع عنها , ولا يتأتي ذلك إلا بهدم عراقة الإسلام  وقيمه ومبادئه وهدم رموزه في القلوب والعقول ,وبدأ هذا الأمر بتشويه التاريخ الاسلامى وانتقاص الدور الذي قامت به الحضارة الإسلامية  - بقصد إيجاد شعور بالنقص في نفوس المسلمين والشعور بأنهم بحاجة للخروج من عقدة النقص أو كما يسمونها عقدة الخواجة والنظر إلى الغرب دائما بعين الإكبار والانبهار وكانت هذه هي بدايات تغريب المجتمعات الإسلامية .

ويتمثل هذا التغريب في صور شتى منها : الإسلاميون الجدد الذي يظهر في خطابهم وإنتاجهم الفكرى سمة واضحة- هى خلو الخطاب الاعلامى والإنتاح الفكري من التصدي للتيارات الليبرالية والعلمانية (التنويرية) وفى ذات الوقت نقد السلفية الأصيلة – ثم يركز في خطابه على التنوير ووسطية الإسلام بفهمه هو ,الخالية من التمسك بالعقائد والأحكام - لكي يظهر المنهج السلفي الأصيل وأتباعه المتمسكين بمبادئه وأسسه والحفاظ علي هويتهم في صورة المتطرف البدائي والرجعى العقيم في فهمه للتمسك بالدين- يظهره في صورة المعوق عن التقدم المجتمعي والسياسي والتكنولوجي وغير ذلك من أساليب التشويه .

بينما يظهر التنويريون في صورة المتسامح المثقف المطلع على الثقافة الغربية الذي يريد لوطنه التقدم والانفتاح والتطور- مع كونه ,مستعدا لتقديم تنازلات دينية وغض الطرف عن مبادئ وثوابت أساسية فلا عجب عندئذ أن تري الفنانة الفلانية أو الراقصة العلانية  تتكلم عن وسطية الإسلام وسماحته وهي لم تراعي في شكلها ومظهرها مبادئ الإسلام وأصوله وتجد من يدافع عن رؤيتها هذه وينميها ويحميها, وتجد العبارات الرنانة التي أصبح يرددها البعض دون الوعي الكامل لمعانيها , المهم الجوهر , المهم هو ما بين العبد وبين الرب , في عبارات كثيرة يتضح فيها فصل الإسلام عن مجالات الحياة فصلا تاما .

 ولا عجب أن تري الأستاذ الفلاني الذي لا يعرف له تاريخ في طلب العلم ولا دراسة له يتكلم في كبار علماء الإسلام ويقع فيهم بالهمز واللمز حتي يسقط هيبتهم المستقرة في قلوب الناس, بل ويتهمهم بالفهم العقيم البدوي القديم  الجامد الذي يقف علي ظاهر النصوص وينسي روح النص "وهي تعني التفسخ من القيم والأحكام الإسلامية بكل معانيها “وعدم الانفتاح علي الحضارات ومواكبة التقدم والمدنية, وهذه حيلة غربية خبيثة لإظهار أصحاب المنهج السلفي في صورة سيئة منفرة.

 ومن يعرف حقيقة المنهج السلفي الذي هو الفهم الصيح للإسلام يعي جيدا كذب هؤلاء وخبثهم, فهذه الحرب الضروس علي الإسلام بمنهجه الصافي لأن الغرب وأذنابهم  أخوف ما يكون من هذا المنهج المبارك الذي لا يقبل الاحتواء أو التفريط أو التحوصل في مكان ما بعيدا عن الحياة , وهذا يمثل خطر داهم عليهم لأنه يقود الناس في قطار سريع يصلهم مباشرة بين الواقع ومصادر التشريع  وفى هذا إسقاط لإمبراطوريتهم وهذا ما يخشونه اشد الخشية فكان الخيار مع فشل الاحتواء- الإقصاء والاستبدال بالتيارات التنويرية الجديدة .

والحمد لله رب العالمين .

 

www.anasalafy.com

موقع أنا السلفي

 

تصنيفات المادة