الخميس، ١٩ رمضان ١٤٤٥ هـ ، ٢٨ مارس ٢٠٢٤
بحث متقدم

(الدعوة الإسلامية والتحديات المعاصرة (موعظة الأسبوع) (1

الدعوة الإسلامية المعاصِرة تواجه تحديات كثيرة تتفاوت في شدتها وقوتها بتفاوت أحوال الصحوة الإسلامية قوة وضعفًا...

(الدعوة الإسلامية والتحديات المعاصرة (موعظة الأسبوع) (1
سعيد محمود
الأربعاء ٢٤ ديسمبر ٢٠١٤ - ١٣:٠٩ م
13196

الدعوة الإسلامية والتحديات المعاصرة (موعظة الأسبوع) (1)

كتبه/ سعيد محمود

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

المقدمة:

- الدعوة الإسلامية تواجه التحديات على مر الزمان، فهي سنة الله -عز وجل-: قال الله -تعالى-: (أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ) (العنكبوت:2).

- والتحديات هي الخصومة مع الإسلام بأشكال مختلفة على مر الزمان: قال الله -تعالى-: (وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الأَرْضُ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ) (البقرة:251).

- فقديمًا واجهت الدعوة الإسلامية في أول ظهورها التحديات من أول يوم: "تشكيك وتكذيب - تمسك بدين الآباء - مواجهة دموية - هجرة الوطن - أزمة اقتصادية - خطر اليهود - خطر المنافقين - حرب العرب والأحزاب".

- وكذلك الدعوة الإسلامية المعاصِرة تواجه تحديات كثيرة تتفاوت في شدتها وقوتها بتفاوت أحوال الصحوة الإسلامية قوة وضعفًا: ومِن هذه التحديات على سبيل المثال: "الحروب الفكرية على الهوية الإسلامية - الإلحاد - عودة دولة الفرس في صورة الشيعة - اليأس مِن الإصلاح الذي تَمَلك كثيرًا من أبنائها - التكفير والاعتداء على الحرمات - ... "، وغير ذلك مِن التحديات التي تصطدم بالإسلام ودعوته، وإن كان بعضها في ظاهرها يحمل دعوة الإسلام!

وكلامنا هذه المرة "تمهيد" نقف فيه على أعظم التحديات المعاصرة، تنبيهًا وتعريفًا كرؤوس مواضيع أو عناوين مجملة نتعرض لتفصيلها في أحاديث منفردة تباعًا -إن شاء الله-.

التحدي الأول: الحروب الفكرية والتغريب "محاولات طمس الهوية الإسلامية":

- الحروب على الإسلام لا تتوقف مند فجر التاريخ: قال الله -تعالى-: (وَلا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا) (البقرة:217).

- فشل أكثر الحملات العسكرية على بلاد المسلمين، ومِن أبرزها "الحملات الصليبية" التي كانت توحد المسلمين وتوقظ فيهم روح الجهاد: "معارك آل الدين زنكي وأسد الدين شيركوه وصلاح الدين الأيوبي خير مثال".

- ترجيحهم الحروب الفكرية برغم الآلة العسكرية الخطيرة عندهم، ومن ذلك نشر العالمانية: والعالمانية حبس الدين بين جدران المعابد، والقفص الصدري لمن شاء، ومنعه من أن يكون له أي دور في إصلاح أو تغيير أو نهضة؛ لأنه سبب التخلف والفشل بزعمهم! ففي مجال السياسة: تفرض "الديمقراطية"، وفي الاقتصاد: "الرأسمالية أو الاشتراكية"، وفي الحياة الاجتماعية: "الليبرالية" وهي الحرية المنفلتة.

- ومن الوسائل: "تربية قيادات علمانية وزرعها في مواطن التأثير": "التعليم - الإعلام - القضاء - الجامعات".

- "أتاتورك" المثال الأول حيث أبرم معاهدة مع إنجلترا تقضي بـ:

1- إلغاء الخلافة الإسلامية وطرد الخليفة.

2- إعلان علمانية تركية.

3-عدم العودة ومنع المحاولات.

- وفاء الابن أتاتورك لأمه العالمانية: "إلغاء المحاكم الشرعية - إلغاء الأذان بالعربية - إلغاء الأزياء الإسلامية - منع التحية الإسلامية - إلغاء التعدد - إلغاء زيادة الرجل في الميراث - استبدال عطلة الجمعة بالأحد - ... "، ومن يومها وحياه المسلمين تنصبغ كل يوم باللون الغربي والعالماني.

والسؤال: كيف تواجِه الدعوة الإسلامية هذا التحدي؟ (الجواب يأتي في حديث منفرد -إن شاء الله-).

التحدي الثاني: "الإلحاد":

- تعريف الإلحاد: هو مذهب فلسفي يقوم على فكرة عدمية، أساسها إنكار وجود الخالق -سبحانه وتعالى-.

- لم يكن الإلحاد له انتشار قديمًا "آحاد أو عشرات": (مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي) (القصص:38)، وقال -تعالى-: (وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا) (النمل:14)، (وَقَالُوا مَا هِيَ إِلا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلا الدَّهْرُ) (الجاثية:24).

- كان أكثر العرب والعالم يقرون بوجود الله: (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ) (لقمان:25)، (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ) (الزخرف:87)، (قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ فَقُلْ أَفَلا تَتَّقُونَ) (يونس:31).

- الملاحدة المعاصرين بالآلاف أو الملايين: بحجة العقول عاجزة عن تصور الإله، وما عجزت عنه العقول وعن تصوره؛ فهذا دليل على عدم وجوده!

- ما أسفه هذه العقول!: "هل رأى أحدهم عقله؟ - هل رأى الهواء؟ - هل خلق نفسه؟! - ... ".

قال الأعرابي القديم: "البعر يدل على البعير، والأثر يدل على المسير، فسماوات ذات أبراج، وأرض ذات فجاج، وبحار ذات أمواج، ألا يدل ذلك على الصانع الوهاب؟!".

والسؤال: كيف تواجِه الدعوة الإسلامية هذا التحدي؟ (الجواب: يأتي في حديث منفرد -إن شاء الله-).

التحدي الثالث: "المد الشيعي":

- انتشار دين الشيعة بعد إقامة الدولة الفارسية الصفوية في إيران: "أفغانستان - العراق - سوريا - لبنان - اليمن - الكويت - البحرين - شرق السعودية - ربوع إفريقيا"، ثم التهديدات "للسعودية ومصر".

- أصول دين الشيعة: "الغلو في آل البيت - التعبد بسب الصحابة وأمهات المؤمنين - اعتقاد تحريف القرآن - التعبد عند القبور والطواف حولها - نشر الفاحشة بالمتعة - انتظار المهدي المزعوم - العداء والحقد لأهل السنة".

- دعاه التقريب إما جهلة أو خونة:

- أما جهلهم؛ فمن وجوه:

1- جهلهم بأصول دين الشيعة، فهم لا يتفقون معنا في أصول الدين، قال لهم الشنقيطي -رحمه الله-: "لكم دينكم ولنا ديننا".

2- جهلهم بالتاريخ الأسود للشيعة: والذي امتلأ بالغدر والخيانة للأمة الإسلامية.

واسألوا التاريخ:

- مَن الذي تآمر مع التتار حتى استولوا على بغداد، وقتلوا الخليفة وما يزيد عن مليون مسلم؟!

- مَن الذي تسبب في انحسار المد الإسلامي العثماني في أرجاء أووربا؛ حيث طعنوا المسلمين من الخلف، واضطروا الجيوش الإسلامية أن ترجع عن استكمال فتح أوروبا؟!

3- جهلهم بالواقع الأليم وآثار المد الشيعي، واسألوا الواقع: "صور الاضطهاد الكثيرة لأهل السنة في إيران؛ فلا يوجد مسجد سني واحد في طهران التي بها 10 كنائس و4 معابد يهودية ومجوسية!".

4- تصفية أهل السنة حيث حلوا: مَن الذي أدخل أمريكا أفغانستان؟! مَن الذي أدخل أمريكا العراق؟! مَن قتل "صدام" يوم العيد رسالة للعالم السني؟! مَن الذي يمارس المجازر في سوريا ومَن يدعمه؟! مَن الذي أخرج المقاومة الفلسطينية من لبنان؟! مَن الذي هدم الدولة اليمنية الإقامة المملكة الحوثية الشيعية؟! مَن الذي يحول إفريقيا إلى التشيع؟ مَن الذي ينفق الأموال الطائلة لنشر التشيع على رغم المعاناة الاقتصادية؟.

وأما خيانتهم:

فإذا كانوا يعلمون ذلك وسعوا في التقريب؛ فلا يختلف اثنان على أن ذلك خيانة للإسلام والمسلمين.

والسؤال: كيف تواجِه الدعوة الإسلامية هذا التحدي؟ (الجواب يأتي في حديث منفرد -إن شاء الله-).

التحدي الرابع: "التيئيس من العمل الإسلامي":

- شيوع اليأس مِن الإصلاح في نفوس كثير من أبناء الدعوة، وأخطر ذلك أن يتسرب إلى الدعاة.

الأسباب الدافعة إلى اليأس عندهم:

1- تآمر الأعداء على الإسلام ومحاصرة المسلمين.

2- تعدد الاتجاهات الإسلامية وتناحرها واختلافها فيما بينها.

3- فشل بعض هذه الاتجاهات وسقوطها في نفوس الناس.

4- انزواء بعض الصالحين وميلهم إلى العزلة.

والسؤال: كيف تواجِه الدعوة الإسلامية هذا التحدي؟ (الجواب يأتي في حديث منفرد -إن شاء الله-).

التحدي الخامس: "الغلو في التكفير":

- تعرضت الدعوة الإسلامية لفتن كثيرة، ولكن أخطرها "فتنة التكفير"؛ لما يترتب عليها من انتهاك الحرمات.

- مع تصاعد الأحداث في العالم الإسلامي عمومًا، وفي مصر خصوصًا بعد سقوط أحد الاتجاهات الإسلامية، وما تبع ذلك مِن أحداث فض اعتصامي "رابعة والنهضة" بدأت إطلالة جديدة لفكر التكفير، وانتشار الخطاب التكفيري العنيف عند بعض الرموز الإسلامية؛ مما كان أثر على ألوف مِن الشباب والنساء بالتهاون في إطلاق التكفير على كل مخالف! كـ"تكفير الهيئات والمؤسسات: الجيش - والشرطة - والقضاء - ..."، وقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (لَعْنُ المُؤْمِنِ كَقَتْلِهِ، وَمَنْ رَمَى مُؤْمِنًا بِكُفْرٍ فَهُوَ كَقَتْلِهِ) (متفق عليه).

خطورة القضية... ولماذا هي أخطر التحديات؟

1- ما يترتب عليها مِن استحلال الدماء والأموال والأعراض وشيوع الفوضى.

2- ما يترتب عليها من الانحراف العقائدي المقابل، وهو ظهور بدعة الإرجاء.

3- ما يترتب على ذلك من أحكام خطيرة "الردة وتوابعها".

4- إسقاط مرجعية العلماء في نفوس العامة برميهم بالنفاق والعمالة.

والسؤال: كيف تواجِه الدعوة الإسلامية هذا التحدي؟ (الجواب يأتي في حديث منفرد -إن شاء الله-).

وفي الختام نقول: أوجب الله على العلماء والدعاة أن يبينوا الحق للناس، وهذه مهمة مِن المهام الخطيرة وهي تجلية حقيقة هذه التحديات.

فاللهم انصر الإسلام وأعز المسلمين، ورد كيد الكائدين والمنافقين.

موقع أنا السلفي

تصنيفات المادة