الخميس، ١٩ رمضان ١٤٤٥ هـ ، ٢٨ مارس ٢٠٢٤
بحث متقدم

تفضل .. و ادخل في السؤال

هل تريد بسرد هذه القصة كلها أن يعذرك الشيخ في نطقك لهذه الكلمة أم

تفضل .. و ادخل في السؤال
محمود الشرقاوى
الأربعاء ٠٧ يناير ٢٠١٥ - ١٣:١٠ م
1622

تفضل .. و ادخل في السؤال

كتبه / محمود الشرقاوى

الحمد لله والصلاة والسلام على رسوله ، صلى الله عليه ..وبعد

أخي الحبيب ، إن كثير من الناس يُستشكل عليهم العديد من المسائل سواء في العبادات أو المعاملات أو في أمور الحياة و يحتاج إلي من يَسأله فَيُفْتِيه.

ولكن كيف نسأل : قال ميمون بن مهران : التودد إلى الناس نصف العقل وحسن المسألة نصف الفقه. (الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع)

فكم من إنسان يريد أن يسأل عالم أو شيخ أو طالب علم  وتجده يدخل في مواضيع ليس لها علاقة بالسؤال كمن يريد أن يسأل عن لفظ طلاق قاله لزوجته فبدلا من أن يقول ما حكم من قال لزوجته كذا تجده يحكي منذ أيام الخطوبة و كلما قيل له ادخل في السؤال يقول انتظر يا شيخ حتى تعرف الموضوع ..., نحن نسأله سؤال : هل تريد بسرد هذه القصة كلها أن يعذرك الشيخ في نطقك لهذه الكلمة أم إظهار أخطاء الزوجة أم حكم الكلمة , إذن فادخل في السؤال .و آخر يريد أن يسأل عن شيء في الحج أثناء رمي الجمار تجده يحكي منذ أن خرج من المطار و ثالث يسرد حواراً مع السؤال ويسمع الإجابة واضحة بينة تجده يُعيد الحوار و السؤال مرة ثانية و يسمع نفس الإجابة ثم يحاول أن يُعيد الحوار مرة ثالثة ......وقس علي ذلك .

هل نريد أن يتعامل معنا المشايخ كما حدث مع ابن عجلان كما نقل مالك بن انس قال جاء ابن عجلان إلى زيد بن اسلم فسأله عن شيء فخلط عليه فقال له زيد اذهب فتعلم كيف تسال ثم تعال فسل . (الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع للخطيب البغدادي )

تعلم من جبريل عليه السلام كيف سأل النبي صلي الله عليه وسلم :

فقد جاء إلي النبي صلي الله عليه وسلم يسأله فقال يا محمد أخبرني عن الإيمان فلما أجابه صلي الله عليه وسلم فقال يا محمد أخبرني عن الإسلام فلما أجابه صلي الله عليه وسلم فقال يا محمد أخبرني عن الإحسان

تعلم من النبي صلي الله عليه وسلم كيف يسأل:

لما سأل النبي صلي الله عليه وسلم معاذ رضي الله عنه قال " يا معاذ ، أتدري ما حق الله على العباد وما حق العباد على الله  ......" الحديث(رواه البخاري و مسلم )  و لما سأل الصحابة قال " إن في الشجر شجرة تشبه المؤمن ............." الحديث(رواه البخاري)

تعلم من الصحابة كيف يسألون :

فعَن أبي قَتَادَة قَالَ: قَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ إِنْ قُتِلْتُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ صَابِرًا مُحْتَسِبًا مُقبلا غير مُدبر يكفر اللَّهُ عَنِّي خَطَايَايَ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «نَعَمْ» . فَلَمَّا أَدْبَرَ نَادَاهُ فَقَالَ: «نَعَمْ إِلَّا الدَّيْنَ كَذَلِكَ قَالَ جِبْرِيلُ» (رَوَاهُ مُسْلِمٌ ) . و عن أبي موسى قَالَ: أَتَيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رجل فقال: يا رسول اللَّهِ أَرَأَيْتَ رَجُلًا يُحِبُّ الْقَوْمَ وَلَمَّا يَلْحَقْ بهم؟ قال: (المرء مع من أحب) (صحيح : فقه السيرة للألباني) أسئلة مباشرة دون تطويل كلام و تضييع أوقات

آفة تطويل الكلام و عدم حُسن السؤال :

1-              تضيع وقت غيرك الذي هو أثمن من الذهب لأن وقت الشيخ ملك للأمة

2-              قد يدفعه لعدم إفتاء غيرك فقد تسببت في حرمان غيرك الخير

3-              قد يشوش عليه كثرة الكلام فهم السؤال

4-              إدخال الملل علي الشيخ

تذكّرَ أنَّ الواجب علي الإنسان و المطلوب منه كثير وأنَّ العمرَ قصير كما قال صلي الله عليه وسلم: (أعمارُ أمّتي ما بين السّتِّين إلى السّبعين، وأقلُّهم من يجوز ذلك) (السلسلة الصحيحة :757). فمِثل هذا العُمر الذي لا يكاد يتَّسِع لما يلزَم ويجِب ـ ـ أيَتَّسع لفضول الكلام وما لا يعني؟! و قد قال صلى الله عليه وسلم( من حسن إسلام المرء تركه مالا يعنيه) ( حسن لغيره: صحيح الترغيب والترهيب 2881) قال فيه الصنعاني: واعلم أنه يجمع الورع كله و يعم الترك لما لا يعنى من الكلام والنظر والاستماع .(تيسير العلام شرح عمدة الأحكام : للبسام )و قال عنه أبو داود ،: أنه ربعُ العلمِ (طرح التثريب للعراقي) . و قال ابن رجب الحنبلي : أنَّ مِنْ حسن إسلامه تَركَ ما لا يعنيه من قولٍ وفعلٍ،واقتصر على ما يعنيه من الأقوال والأفعال ،ومعنى يعنيه :أنْ تتعلق عنايتُه به،و يكونُ من مقصده و مطلوبه.(جامع العلوم والحكم)

تعلم من قصص القرآن  ترك ما لا يعني :

لما ذكر الله قصة أصحاب الكهف لم يذكر أسمائهم ولا اسم الملك ولا موقع القصة ولا مكان الكهف ولا ركز علي العدد بل قال سبحانه و تعالي (قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِمْ مَا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا قَلِيلٌ )

تعلم من النبي صلي الله عليه وسلم ترك ما لا يعني :

لما تحدث عمن قبلنا لأخذ العظات و العبر ماذا قال صلي الله عليه وسلم قَالَ:: «إِنَّ رَجُلًا كَانَ فِيمَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ أَتَاهُ الْمَلَكُ لِيَقْبِضَ رُوحَهُ فَقِيلَ لَهُ: هَلْ عَمِلْتَ مِنْ خَيْرٍ؟ قَالَ: مَا أَعْلَمُ، قِيلَ لَهُ: انْظُرْ, قَالَ: مَا أَعْلَمُ شَيْئًا غَيْرَ أَنِّي كُنْتُ أُبَايِعُ النَّاسَ فِي الدُّنْيَا وَأُجَازِيهِمْ فَأُنْظِرُ الْمُوسِرَ وَأَتَجَاوَزُ عَنْ الْمُعْسِرِ (فَأَدْخَلَهُ الله الْجَنَّةَ) (صَحِيحِ الْبُخَارِيّ) وقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "كَانَ فِيمَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ رَجُلٌ اشْتَرَى عَقَارًا، فَوَجَدَ فِيهَا جَرَّةً مِنْ ذَهَبٍ، فَقَالَ: اشْتَرَيْتُ مِنْكَ الْأَرْضَ، وَلَمْ أَشْتَرِ مِنْكَ الذَّهَبَ، فَقَالَ الرَّجُلُ: إِنَّمَا بِعْتُكَ الْأَرْضَ بِمَا فِيهَا، فَتَحَاكَمَا إِلَى رَجُلٍ، فَقَالَ: أَلَكُمَا وَلَدٌ؟ فَقَالَ أَحَدُهُمَا: لِي غُلَامٌ، وَقَالَ الْآخَرُ: لِي جَارِيَةٌ. قَالَ: فَاَنْكِحَا الْغُلَامَ الْجَارِيَةَ، وَلْيُنْفِقَا عَلَى أَنْفُسِهِمَا مِنْهُ، وَلْيَتَصَدَّقَا" (البخاري ، ومسلم). و في قصة الغلام و الساحر قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (كان فيمن كان قبلكم ملك له ساحر فلما كبر الساحر.....) و في قصة القاتل تسعة وتسعين قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :( كَانَ فِيمَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ رَجُلٌ قَتَلَ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ نَفْسًا فَسَأَلَ عَنْ أَعْلَمِ أَهْلِ الْأَرْضِ ...) (البخاري ، ومسلم). ما أسماء هؤلاء المذكورين في هذا القصص ما أماكنهم بالتحديد ؟ ليس هذا المقصود بالتحديد و لكن القصص ركز علي المطلوب و المستفاد  

تعلم من الهدهد ترك ما لا يعني :

(فَقَالَ أَحَطْتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ * إِنِّي وَجَدْتُ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ* وَجَدْتُهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لَا يَهْتَدُونَ * أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ * اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ) لم يستطرد في وصفهم الدنيوي بل ذكره بأوجز عبارة و أسرع إشارة و اهتم بالأصل الأعظم وهو وقوعهم في الشرك و السجود للشمس من دون الله

تعلم الإيجاز من سليمان عليه السلام :

لما أرسل لبلقيس كتاباً كتب فيه  (إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ) قال السعدي: وهذا في غاية الوجازة مع البيان التام (تفسير السعدي) وقال أيضاً : كتاب مختصر جامع فيه المقصود كله.( خلاصة تفسير القرآن : للسعدي)

أخيراً : أخي الحبيب السائل  إن كانت حاجتك و سؤالك  يقضي في كلمتين فلا حاجة لثالثة .

www.anasalafy.com

موقع أنا السلفي

 

ربما يهمك أيضاً