الجمعة، ١١ شوال ١٤٤٥ هـ ، ١٩ أبريل ٢٠٢٤
بحث متقدم

تشابل هيل ، وديما الجريحة ... كيف يَنتَقي الإعلام من دمائنا ؟

ضياء شادي بركات ، وزوجته ، وأختها ... ثلاثة شباب "مُسلمون" و "مُسالمون" في عمر الزهور اغتالتهم

تشابل هيل ، وديما الجريحة ... كيف يَنتَقي الإعلام من دمائنا ؟
عبد الغفار طه
الجمعة ١٣ فبراير ٢٠١٥ - ١٣:٤٤ م
1583

تشابل هيل ، وديما الجريحة ... كيف يَنتَقي الإعلام من دمائنا ؟

كتبه / عبد الغفار طه

والحمد لله والصلاة والسلام على رسوله صلى الله عليه وسلم .. وبعد ..

ضياء شادي بركات ، وزوجته ، وأختها ... ثلاثة شباب "مُسلمون" و "مُسالمون" في عمر الزهور اغتالتهم يَدٌ "غربيَّة" آثمة تارِكةً خَلفها دِماءً مُوَحِّدةً طاهرة ، و"قلوباً" لِفقد ذويها مُلتاعة ، و"أَعْيُناً" لا يُرقَأ دَمعُها .

تلك الجَرِيمة التي حدَثت ببلدة "تشابل هيل" بولاية "نورث كارولينا" الأمريكية لا يزال سببُها مَحَلَّ شك ؛ فهُناك تفسيرات رَسميَّة بأنها جريمة ذات دوافع جنائية بَحتة بسبب خلاف مما يَحصُل بَيْن الجيران ، بينما يُشَكِّك أهل الضحايا في تلك الروايات الرسمية مُدَّعين أنها جريمة عُنصُرية ، تلك التي يُطلِقون عَلَيْها في دوائر السياسة والإعلام الغربية (جريمة كراهية) .

والحق أنني -برغم انتمائي الديني والقومي والإنساني- لهؤلاء الشباب وأسرهم "المَكلومة" إلا أنني لا أستطيع -حتى الآن الجَزم بأي التفسيرَيْن ؛ لَيْس لأنني أرى الغرب جنَّة الله في أرضه -كما يَعتقِد المُغفَّلون- ، فتلك الجرائم العُنصُرية لَيسَت عن الغرب -كجزء من العالم- ببعيدة ، وما مجزرة أوسلو ولا حادث قتل ابنة بلدي ومركزي "شربين" (مروة الشربيني) على يد متعصب ألماني لأجل حجابها عن أذهان القارئين ببعيد ، لكن الواقع هو أنني أحب -دَوْماً- أن أنأى بنَفسي عن التفسيرات المتسرعة وال"مُقَوْلبة" ذات البُعد الواحِد غالباً ، والتي ترى العالم كله بنظارة مُلَوَّنة فتصيب الحقيقة مرة وتُخطِئها مرات !!

ما الأمر إذاً ؟!

مشكلتي هاهنا مع الإعلام ؛ لَيْسَ فقط الغربي ، بل كل إعلام يَسير على نهجه بعُنصُرية ، وإن شئت فقل ب(تسييس) و (توجيه) و(انتقائية) في كل قضايا الحياة ..

الأزمة هاهنا أن هذا ال"تسييس" وتلك "الانتقائية" يكونان كأشد ما يكون فجاجةً حينما يتعلق الأمر بالدين والمقدسات أو انتهاك حرمة الدماء والأعراض ؛ فالإعلام الذي انتفض ثائراً بإزاء حادثة (شارلي) ، هو ذاته الذي تراه اليَوْم مُتأخراً مُتثاقلاً بارداً بإزاء تلك الجريمة النكراء ، وكأنه -"لولا الملامة"- لم تكُن تلك الجريمة لتَخْطُر منه على بال !!!

نفس الأمر بإزاء قضية الطيار (مُعاذ الكساسبة) والذي قضى على يد عصابات داعش بصورة أفزعت الجميع ، تفاعل معها العالم -بأسره- لأنها تفيده ضد العدو المُشْتَرَك "داعش" (وهي جريمة يجب إنكارها طبعاً) ؛ لكن أين أولئك المئات الذين تخلع مناظرهم وصُوَرُهم القلوب من حساباتكم أيها الإعلاميون ويا أيها الساسة ؟!!!  أعني شعبنا وإخواننا في سوريا ؛ أولئك المئات الذين قَضَوْا بالأمس القريب على يد عصابات بشار الأسد المجرمة في بلدة (ديلما) بريف دمشق ، فلم يجدوا ضميراً حياً -إلا قليلاً- يُثير قضيتهم ويُحرِّكُها إعلامياً ؛ إذ أن ذلك سوف يصطدم بنفوذ ال"كبااار" ومصالحهم !!!! وإن تم تناول الموضوع فما هو إلا خبرٌ من الأخبار !! ورقم جديد !! وإحصائيات حرب !!

لا أستطيع الزعم أنني كنت أنتظر إعلاماً مُحايداً ، فما عاد يقنَع بوجود مثله إلا السذج الحالمون !!

لم أفاجأ بالجريمة -رغم حُزني- ، ولم أفاجأ برد الفعل على المُستَوَيَيْن الإعلامي والسياسي -رغم سخطي- ، لكنني أردت  أن أُسلِّط الأضواء على تلك المُفارقات عسى أولئك المُبشرون بال "حضارة" على الطريقة ال(ساميَّة) أو ال(عم-سامية) تنتقل إلَيْهِم عَدْوى ذاك الشيء المعروف في الشرق باسم (الحياء) ، لَعَلَّ الحياء يُقوِّم ما يَنْفلت به لسان أولئك ال"مُستَغرِبِين" حينما تغيب الموضوعية فتُغشى الأبصار وتُصرَف العقول عن إدراك معَايب الحضارة الغربية وعُنصُريَّتها !!

ولَعَل تلك المفارقات تستفز من شرفاء الإعلام وذوي الضمائر الحية في مُجتمعاتنا لصِناعة إعلام يَعكِس نبض المُجتمع ويُدافع عن قضاياه العادلة التي لا مُدافِعَ عنها .. من يدري ؟

www.anasalafy.com

موقع أنا السلفي