الخميس، ١٩ رمضان ١٤٤٥ هـ ، ٢٨ مارس ٢٠٢٤
بحث متقدم

(موقف جماعة الاخوان من قضية التكفير (2

أهم تيارات التكفير والعنف ودور الدعوة السلفية في مواجهتها (6-2)

(موقف جماعة الاخوان من قضية التكفير (2
أحمد الشحات
الأربعاء ١١ مارس ٢٠١٥ - ١١:٤١ ص
2772

سادساً – موقف جماعة الاخوان من قضية التكفير (2)

كتبه/ أحمد الشحات

الحمد لله وأشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله ، أما بعد :-

5)  الإخوان بعد حسن البنا :-

تعاقب علي قيادة جماعة الإخوان عدد من المرشدين تولوا رئاسة مكتب الإرشاد بعد مقتل حسن البنا  وإلي الآن كما يلي : حسن الهضيبي : المرشد الثاني (1951 - 1973) ، عمر التلمساني : المرشد الثالث (1973 - 1986)، محمد حامد أبو النصر: المرشد الرابع (1986 - 1996) ، مصطفي مشهور: المرشد الخامس (1996 - 2002) ، محمد مأمون الهضيبي : المرشد السادس (2002 - 2004)، محمد مهدي عاكف : المرشد السابع (2004 - 2010) ، محمد بديع : المرشد الثامن (2010 - حتي الآن).

وسوف نتناول لمحة مختصرة عن كل واحد منهم ، لكي نخلص منها إلي عدد من النتائج تتعلق بموضوع البحث :-

أولاً : حسن الهضيبى : المرشد الثانى للجماعة (1951 - 1973) :-

هو الرجل الذي تولي رئاسة مكتب الإرشاد بعد مقتل حسن البنا ، وكانت الجماعة تلقبه بالمرشد الممتحن نظراً لما وقع للجماعة من محن وبلايا في الفترة التي تولي فيها قيادة الجماعة ، وقد أجمعت الهيئة التأسيسية للجماعة على انتخابه مرشداً عامًا مع أنه لم يكن وقتها عضوا بالجماعة، إلا أنه كان محبا ومقربا للبنا ، الذي أوصي بخلافته للجماعة من بعده ، وقد أثار إختياره إضطراباً كبيراً في صفوف الجماعة خصوصاً وأنه لم يكن من القادة أو المسئولين داخل الجماعة ، وقد كانت الانشقاقات والاتهامات تضرب الجماعة من أقصاها إلي أقصاها واعتبرت بعض قيادات الجماعة أن هناك مرشداً حقيقياً سرياً ، وأن الهضيبي ما هو إلا واجهة خارجية للجماعة فقط ، وقد حكي تفاصيل هذه الفترة العصيبة من عمر الجماعة الأستاذ عبد الحليم محمود في موسوعته " الإخوان أحداث صنعت التاريخ ".

وقد ظل الهضيبي مرشداً سرياً لمدة 6 أشهر ، وعندما سمحت حكومة النحاس باشا؛ للهيئة التأسيسية للإخوان بالاجتماع، طلب أعضاؤها من الهضيبى أن يرأس اجتماع الهيئة بصفته مرشدًا للجماعة، ولكنه رفض طلبهم إذ اعتبر انتخابه من قبل الهيئة التأسيسية فى المرحلة السرية من الدعوة لا يمثل رأى جمهور الإخوان، وطلب منهم أن ينتخبوا مرشداً آخر غيره، ولكن الإخوان رفضوا طلبه، وبعد محاولات عديدة وافق علي طلبهم ، وقدم استقالته من القضاء ؛ ليتفرغ للعمل فى الإخوان المسلمين.

وقعت فى عهد قيادة الهضيبى للإخوان ثورة يوليو 1952، وأصدر الإخوان بيانا يؤيدون فيه ثورة عبد الناصر، إلا أن علاقة الإخوان بدأت تسوء مع قيادة الثورة حين رفضت الأخيرة طلب المرشد العام الهضيبى أن تعرض عليه قراراتها قبل إصدارها إلى غير ذلك من مظاهر الخلاف بين الثورة والإخوان، وتم اعتقال الهضيبى للمرة الأولى مع بعض الإخوان فى 13 يناير 1954 ثم أفرج عنه فى مارس.

ثم اعتقل للمرة الثانية أواخر عام 1954 حيث حوكم وصدر عليه الحكم بالإعدام ثم خفف إلى المؤبد، نقل بعد عام من السجن إلى الإقامة الجبرية لإصابته بالذبحة ولكبر سنه. وقد رفعت عنه الإقامة الجبرية عام 1961، ثم أعيد اعتقاله أغسطس 1965 فى الإسكندرية وحوكم بتهمة إحياء التنظيم ، ثم أخرج خلالها لمدة خمسة عشر يوما إلى المستشفى ثم إلى داره ثم أعيد لإتمام سجنه. ومددت مدة سجنه حتى 15 أكتوبر عام 1971 حيث تم الإفراج عنه، و توفى صباح الخميس 11 نوفمبر 1973 عن عمر ناهز الثانية والثمانين عاما.

مؤلفاته :-

دعاة لا قضاة - إن هذا القرآن - الإسلام والداعية "مجموعة كتابات جمعها أسعد سيد أحمد".

ثانياً : عمر التلمسانى : المرشد الثالث للجماعة (1973 - 1986) :-

تقلد عمر التلمسانى رئاسة مكتب الأرشاد بعد وفاة الهضيبى فى ظروف بدأت فيها الجماعة تتنسم نسمات الانفتاح على المجتمع وقبول من السادات الذى سمح لقياداتها وأفرادها بالتحرك ، كذلك ساعد التلمسانى فى توليه المنصب علاقته الجيدة بالسادات.

ويسمى التلمساني مرشد البناء الثانى للجماعة ، قال عنه جابر رزق المتحدث الرسمى باسم جماعة الإخوان وقتها " لقد اختار الله الشيخ عمر التلمسانى ليقود الجماعة فى سنوات ما بعد محنة السجون التى استمرت قرابة ربع قرن من الزمان، فاستطاع بحكمه الشيخ الذى حنكته السنون، وأنضجته السجون، وبميزات شخصيه منحه الله إياه، وبأخلاق الإسلام التى صبغت سلوكه وتصرفاته أن يفرض "الوجود الفعلى" للجماعة على الواقع المصرى، والعربى، والعالمى".

وقد شهدت الجماعة فى عهده انفتاحا وتغلغلا فى العمل العام وبدأ يحتضن جيل شباب السبعينات أمثال د. عبد المنعم أبو الفتوح وأبو العلا ماضى ومختار نوح وحلمى الجزار وإبراهيم الزعفرانى وعصام العريان وغيرهم وأطلقهم فى النقابات والجامعات والأندية، كما بدأ أول تحالفات الجماعة مع الأحزاب ودخل فى عهده الإخوان البرلمان، ويعد آخر المرشدين الذين ساروا على نهج حسن البنا من حيث مبادئ التغلغل فى جميع مؤسسات المجتمع، وأصبح القدوة لجيل العمل العام فى الجماعة الذى لم يعد أحد يمثله حاليا فى مكتب الإرشاد.

مؤلفاته :-

ذكريات لا مذكرات - شهيد المحراب - حسن البنا الملهم الموهوب - بعض ما علمني الإخوان - وفي رياض التوحيد - المخرج الإسلامي من المأزق السياسي - الإسلام والحكومة الدينية - الإسلام ونظرته السامية للمرأة - قال الناس ولم أقل في حكم عبد الناصر- من صفات العابدين - ياحكام المسلمين.. ألا تخافون الله؟ - لا نخاف السلام ولكن - الإسلام والحياة - حول رسالة نحو النور - من فقه الإعلام الإسلامي - أيام مع السادات - آراء في الدين والسياسة.

ثالثاً : محمد حامد أبو النصر: المرشد الرابع للجماعة (1986- 1996):-

كان أول من انضم إلى صفوف الإخوان فى الصعيد، تدرج فى مواقع المسؤولية من نائب شعبة منفلوط حتى أصبح عضواً فى الهيئة التأسيسية (مجلس الشورى العام)، ثم عضواً فى مكتب الإرشاد، وتعرض للاعتقال وحكم عليه فى أحداث 1954 بالأشغال الشاقة المؤبدة لمدة (25) عاماً قضى منها عشرين عاماً فى السجون، وخرج منتصف 1974،وتم اختياره مرشداً عاماً للجماعة خلفاً للمرشد الثالث الأستاذ عمر التلمساني، فى مارس 1986.

خاضت الجماعة في عهده الانتخابات النيابية في عام 1987م متحالفة مع حزب العمل والأحرار، مما أتاح لها دخول (36) نائباً إخوانياً لأول مرة في تاريخ الجماعة إلى مجلس الشعب وأدى إلى قيادتها للمعارضة بشكل فعلي، كما خاضت الجماعة التجديد النصفي لمجلس الشورى عام 1989م وقاطعت انتخابات البرلمان سنة 1990م وتبعتها بقية أحزاب المعارضة احتجاجا على استمرار العمل بقانون الطوارئ، وعدم وجود ضمانات كافية لنزاهة الانتخابات.. وفي عام 1992م خاضت الجماعة انتخابات المجالس المحلية ، ثم شاركت الجماعة أيضاً في انتخابات مجلس الشعب التي جرت في 1995م.

رابعاً : مصطفى مشهور: المرشد الخامس (1996 - 2002) :-

علي موقع الإخوان ويكيبديا سوف تجد في ترجمة مصطفي مشهور هذه الجملة العجيبة " كان الشيخ مصطفى يحمل أعباء المرشد ومكتب الإرشاد قبل أن يصبح هو المرشد ، فقد كان المرشد الفعلي أيام سلفيه الشيخ أبي النصر والشيخ عمر التلمساني، وكان يتحمل المسؤولية كاملة عن تلك الفترة، وخاصة بعد أن غادر مصر إلى الكويت فألمانيا، ثم بعد تسوية وضعه، وعودته إلى بلاده.

وعندما تسلم منصب الإرشاد ، تابع مخططه الذي رسمه للجماعة مع أعضاء مكتب الإرشاد، وعمل بجد واجتهاد لتنفيذه، وقد لجأ إلى التحالفات السياسية مع بعض الأحزاب وخاضت الجماعة الانتخابات البرلمانية والنقابية، وحققت نجاحات رائعة "

وذكر الموقع أيضاً " وبعد وفاة المرشد الأستاذ التلمساني – رحمه الله تعالى – وبتسوية ما مع المسؤولين في مصر ، قادها الأستاذ الكبير صلاح شادي ، تغمده الله بفيض رحماته ورضوانه، عاد الشيخ مصطفى إلى القاهرة عام (1986)، وتسلم منصب نائب المرشد العام (كان المرشد الأستاذ محمد حامد أبو النصر – رحمه الله تعالى – وكان الساعد الأيمن والأيسر في ميدان الدعوة ، ومعه ثلة طيبة من إخوانه أعضاء مكتب الإرشاد، بل إن بعض المراقبين والمطلعين يعتقدون أنه كان القائد الفعلي للجماعة منذ رحيل المرشد حسن الهضيبي رحمه الله رحمة واسعة عام (1973) وحتى وفاته أي طوال ثلاثة عقود."

وبالتالي فقد كان مصطفي مشهور هو من كان يدير الجماعة فعلياً من بعد وفاة الهضيبي والذي لم يكن هو الآخر مرشداً فعلياً ، وقام مأمون الهضيبى أثناء تشييع الجنازة بأخذ البيعة لمصطفى مشهور عقب الفراغ من جنازة أبو النصر مباشرة فيما سمى «ببيعة المقابر»، وذلك من دون انتظار إجراء انتخابات فى مكتب الإرشاد مثلما تقضى اللائحة الداخلية.تولى مصطفى مشهور مهام المرشد العام للإخوان المسلمين بعد وفاة مرشد الجماعة الرابع محمد حامد أبو النصر سنة 1996 بعد أن كان هاربا خارج مصر لفترة قبل أيام من اعتقالات سبتمبر 1981، وصاحب تأسيس التنظيم الدولى ومكاتب الإخوان فى الخليج وأوروبا ، واتخذ رجالا من صفوة الإخوان بعد عودته أعاد بهم التنظيم الخاص ومن مؤيدى ومناصرى أفكار سيد قطب، وشكل ما يسمى بتنظيم 65 مرة أخرى ومنهم حاليا غالبية أعضاء مكتب الإرشاد.

مؤلفاته :-

الجهاد هو السبيل - تساؤلات على طريق الدعوة - مناجاة على الطريق - مقومات رجل العقيدة على طريق الدعوة - وحدة العمل الإسلامي في القطر الواحد - زاد على الطريق - القدوة على طريق الدعوة - الدعوة الفردية - الحياة في محراب الصلاة - الإسلام هو الحل - من فقه الدعوة 1،2 - القائد القدوة الإيمان ومتطلباته - بين الربانية والمادية - قضايا أساسية على طريق الدعوة - التيار الإسلامي ودوره في البناء - قضية الظلم في ضوء الكتاب والسنة - طرق الدعوة بين الأصالة والانحراف - من التيار الإسلامي إلى شعب مصر.

خامساً : محمد مأمون الهضيبى : المرشد السادس للجماعة (2002 - 2004):-

مع مرض وغيبوبة المرشد العام لجماعة الإخوان مصطفى مشهور فى 29 أكتوبر 2002 إثر نزيف فى المخ أصبح مأمون الهضيبى القائم بأعمال المرشد العام‏ بالنيابة، وبعد الوفاة تم أخذ البيعة لمأمون الهضيبى ، وهو نجل المستشار حسن الهضيبى ثانى مرشد لجماعة الإخوان المسلمين، تخرج مأمون الهضيبى فى كلية الحقوق وعمل بالنيابة وكان رئيسا لمحكمة غزة عام 1956، وشارك فى أعمال المقاومة الشعبية خلال العدوان الثلاثى على مصر 1956، واعتقله جيش الاحتلال الإسرائيلي، وتم اعتقاله ‏1965‏ أثناء حضوره اجتماعا مع والده حسن الهضيبي، وتم إقالته إثر ذلك من منصبه القضائى ، وقدم إلى المحاكمة العسكرية وحكم عليه بالحبس سنة، وجدد اعتقاله لمدة خمس سنوات بعد انتهاء مدة الحبس وتم الإفراج عنه 1971.

عاد مأمون الهضيبى إلى القضاء بعد أن برئت ساحته ليصبح رئيسا لمحكمة استئناف القاهرة حتى أحيل للمعاش، ودخل انتخابات البرلمان عن دائرة الدقى بالجيزة 1987، ثم تولى مهام منصبه كمرشد عام بعد وفاة مشهور.

سادساً : محمد مهدى عاكف: المرشد السابع (2004 -2010) :-

بعد عام وبضعة أشهر فقط من تولى الهضيبى منصبه توفى ولم يكن للهضيبى نوابا ، إلا أن عاكف حصل على أعلى أصوات مكتب الإرشاد وكان يفصله عن د. محمد حبيب صوت واحد ،وبضع أصوات عن خيرت الشاطر فعين كلاهما نائبين له ، وقد كان عمره وقتها 74 عاما.

كان آخر موقع شغله فى الإخوان قبل صدور قرار بحل الجماعة 1954 رئاسة قسم الطلاب، كما أنه كان رئيسًا لقسم التربية الرياضية بالمركز العام للإخوان ، قُبض عليه في أغسطس 1954، وتم محاكمته بتهمة تهريب اللواء "عبد المنعم عبد الرؤوف" - أحد قيادات الجيش وشارك فى ثورة يوليو- حُكم عليه بالإعدام، ثم خُفف الحكم إلى الأشغال الشاقة المؤبدة، وبعد خروجه من السجن سنة 1974 عمل مديراً عامًا للشباب بوزارة التعمير.

كان عاكف عضوا فى التنظيم الخاص للجماعة فترة الأربعينات، ومن جيل الصقور قضى فترات طويلة من عمره فى السجون ، بجانب سنواته الباقية قضاها خارج مصر ،ولكن فى عهده شهدت الجماعة أكبر نجاح لها فى البرلمان -88 نائبا- وكذلك تحالفات مع غالبية القوى والأحزاب والحركات الاجتماعية وإن لم تكتمل فى معظمها.

كان الأكثر جدلا بين المرشدين بسبب التصريحات الإعلامية وصاحب أكثر عدد من الكلمات التى جرت على الجماعة ويلات كثيرة منها (طز فى مصر واللى جابو مصر) وإعلانه لإرسال 10 آلاف مقاتل من الإخوان لتنضم لصفوف المقاومة فى لبنان، وتأييده اللا متناهى لحزب الله، وعدائه الصريح اللفظى والعملى للنظام وخاصة مؤسسة الرئاسة، وتعرضت أيضا على يده الجماعة لعدد من الاعتقالات والمحاكمات العسكرية كان ضحيتها النائب الثانى والرجل القوى فى الجماعة خيرت الشاطر الذي إشتهر وقتها بقضية ميليشيات الأزهر.

الوحيد من بين مرشدى الجماعة الذي أعلن وقت تنصيبه وأخذ البيعة له كمرشد سابع فى تاريخ الجماعة أنه سيترك المنصب بعد الولاية الأولى- 6 سنوات فقط بعد تعديل اللائحة- وأصر على عدم التجديد رغم المشكلات التى دخلت فيها الجماعة وما أثاره قراره من خلافات على المنصب لكنه أصر على موقفه كما أصر أن يكون هو صاحب الإعلان عن اسم المرشد الجديد وأن لا يترك الجماعة بلا مرشد وتعهد أمام مكتب الإرشاد بتحمله تبعات هذا على كتفه.

سابعاً : محمد بديع : المرشد الثامن (2010- الآن) :-

قبل انتخاب د. محمد بديع، انتُخب مكتب إرشاد جديد للجماعة في ديسمبر 2009، وسط انقسامات بين تياري ما يوصف بتيار المحافظين الذي يسيطر عليه خيرت الشاطر و د. محمود عزت وبين تيار الإصلاحيين الذي كان يتزعمه كل من د. محمد حبيب و د. عبد المنعم أبو الفتوح، حيث استبعدت انتخابات مكتب الإرشاد كل من محمد حبيب النائب الأول للمرشد آنذاك وعبد المنعم أبو الفتوح القيادي وعضو مكتب الإرشاد آنذاك.

أعلنت جماعة الإخوان المسلمين في مصر أنها اختارت تعيين محمد بديع في منصب مرشد عام الجماعة؛ في وقت غاب فيه محمد حبيب النائب الأول للمرشد السابق عن مؤتمر إعلان المرشد. وكان محمد حبيب قد أعلن - من قبل - اعتراضه على إجراءات انتخابات مكتب الإرشاد والمرشد، لأن التصويت فيها كان يخالف قواعد اللائحة الداخلية لجماعة الإخوان المسلمين. مشيرا إلى أن اختيار المرشد الجديد جاء "نتيجة اختيار وليس نتيجة انتخاب". وقد شهدت هذه الانتخابات أيضا خروج عضو مكتب الإرشاد عبد المنعم أبو الفتوح من مكتب الإرشاد، كما شهدت أزمة بسبب عدم تصعيد عصام العريان.

والدكتور محمد بديع كان صديقاً مقرباً للمرشد الأسبق محمد مهدي عاكف، والذي كان من أحد تلاميذ سيد قطب ، وقد حُكم عليه بخمسة عشر عامًا في قضية تنظيم سيد قطب عام 65، قَضى منها 9 سنوات، وخرج في 4/4/1974.

ولم يُؤثر عن الدكتور بديع أي كتابات دعوية أو تربوية أو سياسية ، بينما له سجل حافل من الإنجازات في مجال عمله الدنيوي في الطب البيطري.

6)  ملاحظات عامة حول مرشدي الجماعة :-

1.    العرض السابق لأجزاء من تراجم المرشدين بعد البنا ليس الغرض منه تقصي حياة هؤلاء الأشخاص أو تتبع فترة إدارتهم للجماعة ، أو أي شيء من هذا القبيل ، وإنما هي محاولة لوضع رؤية إجمالية لما سارت عليه الجماعة منذ عهد البنا حتي يومنا هذا.

2.    ذكر قائمة المؤلفات الخاصة بكل مرشد الهدف منه إعطاء رؤية إجمالية عن شخصية المرشد ، هل هو ممن كانوا مهتمين بالتأليف والكتابة أم لا وهل هذه المؤلفات تنظيرية أم هي كتابات عامة تربوية ودعوية ؟ وإذا لم تكن هناك مؤلفات تنظيرية تذكر فهل توقف الانتاج الفكري عند القوم من بعد البنا ؟ أم أن هناك ثمة مؤلفات سرية هي التي توجه فكر الجماعة ؟

3.    إذا أردنا تحليل تاريخ الجماعة من بعد مقتل البنا ، سنجد أنه تعاقب علي إدارة هذه الجماعة سبعة مرشدين كما سبق ذكرهم يمكن تقسيمهم إلي قسمين : الأول يغلب عليهم القيادة الشرفية للجماعة سواء علموا أم لم يعلموا وهم : ( حسن الهضيبي – عمر التلمساني - محمد حامد أبو النصر – مأمون الهضيبي ) ، والقسم الثاني هم الذين أداروا الجماعة بالفعل سواء بشكل علني أم من وراء ستار وهم :(مصطفي مشهور – محمد مهدي عاكف ) أما محمد بديع فمحمود عزت يعد الرجل الأقوي في الجماعة في الوقت الحالي وهو أيضاً من المدرسة القطبية.

4.    الملاحظة المثيرة للشك والمشتركة بين مرشدي القسم الأول أنهم لم ينضموا للنظام الخاص ، أو كانوا من خارج الجماعة أصلاً ، فحسن الهضيبي لم يكن من أعضاء الجماعة بشكل رسمي ولم يتدرج في وظائفها أو أعمالها ، وإنما تولي رئاسة مكتب الإرشاد بشكل مفاجيء ، وكما ذكرنا فإن هذا الأمر جاء للتخلص من حالة الصدام والصراع علي منصب المرشد والتي كادت أن تفتك بالجماعة ، وبالتالي فغالب الظن أن الهضيبي لم يكن مرشداً بمعني الكلمة بل كان هناك من يقود الجماعة من الخلف ولم يشأ موقع " إخوان ويكيبديا " أن يكشف لنا من يكون هذا الرجل ، ولكن من يقرأ تاريخ هذه الفترة لعبدالحليم محمود يتأكد جيداً أن هناك مجموعة كانت تدير الأحداث بشكل عنيف وتدفع لحالة الصدام مع الدولة ومع عبدالناصر ، بالدرجة التي أحرجت عبدالحليم نفسه عندما اتفق مع عبدالناصر علي إيقاف حرب النشرات " كعربون ثقة " علي جدية الاتفاقات ، ولكنه فوجي بأن هناك من يتعمد زيادتها فعلم من ساعتها أن عبدالناصر سوف ينتقم ولعل هذا يكون له موطن بسط آخر.

5.    بقي هنا أن أحد أفراد القسم الأول كان من الفاعلين الحقيقين داخل الجماعة ويطلق عليه " مجدد شباب الجماعة " وهو الأستاذ عمر التلمساني الذي قاد الجماعة لمصالحة مع السادات والتي تم بموجبها إخراج الإخوان من السجون والسماح لهم بالتواجد في العمل العام وفي العمل السياسي علي وجه التحديد ، والذي لا يشير الإخوان إليه أن المصالحة تم جزء منها مع السادات الذي قتل عام 1981 ، وجزء آخر منها تم مع مبارك نفسه والذي تم بموجبها رجوع قيادات الخارج الذي إشترط السادات سفرهم خارج الدولة بدلاً من إيداعهم في السجون ، وبالتالي عاد مصطفي مشهور إلي مصر عام 1986 ليتولي رئاسة مكتب الإرشاد في الخفاء لمدة 10 سنوات كاملة هي فترة رئاسة أبو النصر ، ثم ليتولي بعدها بشكل عملي لمدة 7 سنوات أخري حتي وفاته .

6.    إذن بشكل أو بأخر نستطيع أن نقول أن مصطفي مشهور وحده ، وهو أحد أبرز قيادات النظام الخاص قد حكم الجماعة لمدة 31 عاماً كاملة (14 عام في عهد التلمساني – 10 أعوام في عهد أبو النصر – 7 أعوام بنفسه)،وحكمه لها يعني سيطره فكره ومجموعته القطبية علي مقاليد الأمور داخل الجماعة ، وقد تم السماح للتلمساني أن ينطلق ليضم شباب الجماعة الإسلامية ليحتضنهم ويدمجهم في العمل ، ويخترق المساحات التي لم يكن لدي الإخوان إستطاعة علي الدخول فيها بشكل فعال .

7.    نجح التلمساني في مهمته داخلياً وخارجياً وشكل جيلاً كاملاً داخل الجماعة أمثال ( عبدالمنعم أبو الفتوح ، عصام العريان ، محمد حبيب ، حامد الدفراوي ، إبراهيم الزعفراني ، مختار نوح ) وغيرهم ، ولكن يبدو أن السيطرة الحقيقية كانت للجناح القطبي بقيادة مشهور ، وربما كان تلامذة التلمساني من السذاجة بمكان أنهم لم ينتبهوا لذلك ، ولم يفهموا هذه التفاصيل علي وجه الدقة ، وبالتالي ظل الصراع بين الجناحين مكتوماً لمدة عشر سنوات هي فترة رئاسة أبو النصر ، والتي كان يديرها مشهور بنفسه نظراً لما ذكرنا وإلي الصداقة الشديدة التي كانت تربطه بمشهور ، ثم كانت الرئاسة لمشهور ذاته ، وتجدد الخلاف مرة ثانية قبيل إنتخاب مهدي عاكف وحسم أيضاً لصالح التيار القطبي – بغض النظر هل نعد مهدي عاكف شخصياً من ذلك التيار أم لا -  ومن بعدها قام الجناح القطبي داخل الجماعة بتصفية الجناح الآخر المسمي بالإصلاحي والوحيد الذي تبقي من كل هذه المجموعة المحسوب علي هذا الجيل داخل الجماعة هو عصام العريان ، وحتي الآن لم يتقلد منصباً حساساً داخل الجماعة.

8.    هذا الصراع هو الذي جعل البعض يتصور أن هناك جناحان داخل الجماعة الأول بناوي والآخر قطبي ، وغالب ظني أن الجماعة كجماعة علي نهج واحد وتيار واحد وهو التيار البناوي في أخر صورة له وهو أيضاً التيار القطبي – مع أن التكفير ليس واضحاً عند حسن البنا مثل سيد قطب وتلامذته والظاهر أن حسن البنا كان يعامل العوام كمسلمين – أما التيار الآخر فإن شئت نسبته للتلمساني وإن شئت نسبته للإصلاح بشكل عام إلا أنه تيار دخيل علي الجماعة ، ولم تتبناه الجماعة أو تعتمده بشكل رسمي ، وإنما إحتاجوا إليه لفترة محدودة من باب التقية ، ولإظهار الوجه المتسامح للجماعة ، ولكن التيار الحقيقي يعمل بقوة من خلال الأسر والنشرات الداخلية ويدير الجماعة علي الحقيقة كما ذكر موقع الإخوان.

9.    ويمكن إختصار ذلك فيما يلي ، البنا في آخر حياته تغيرت في أفكاره أشياء كثيره ، وكما ذكرنا أنه كان مرجعاً لنفسه ، فتغيرت وجهة نظره من الحكام ، ومن مسألة إستعمال القوة ، ومن باقي أفراد المجتمع الذين تعميهم غشاوة الدنيا فامتنعوا عن الدخول في الجماعة ، ولاحظ هنا أنها هي محاور الفكر القطبي بحذافيرها ، وبالتالي هذا التغير الفكري جعله ينظر للجهاز الخاص علي أنه هو مستقبل الجماعة وربما كان من ضمن طموحه أن يصب الجماعة كلها في داخل هذا النظام ، وقد بدء ذلك بالفعل ولكن لأن شروط الالتحاق بهذا الجهاز صعبة بعض الشيء مما أدي إلي أن يكون قادة الجماعة من داخل هذا النظام ، وباقي أفراد الجماعة هم من عموم الناس الذين سيتم توجيههم بسهولة ، ومما زاد الطين بله أن الجهاز الخاص كانت له مناهج ودراسات خاصة تختلف عن باقي الرسائل الموجهة لعموم الأعضاء ، مما ساهم في توفير بيئة خصبة للعنف والتكفير معاً ، وصارت سطوة هذا الجهاز تفوق كل شيء.

10.                      وقُتل البنا وسيطر هذا الجهاز علي مقاليد الأمور ، وما هي إلا سنوات حتي أعاد سيد قطب إحياء النظام في صورة تنظيم 65 ، ثم استمر مشهور وزملائه في القيادة من الخلف وبنعومة شديدة إلي أن عادت الجماعة قطبية خالصة مرة أخري.

7)  تساؤلات حول كتاب دعاة لا قضاة للمرشد الثاني حسن الهضيبي :-

من أحد الأمور الغامضة والمشكلة فيما يتعلق بموقف الإخوان من التكفير ، ذلك الكتاب المثير المنسوب إلي الأستاذ حسن الهضيبي  ، الذي يقول الناشر في مقدمته : " لقد كان مما ابتلي به الإخوان في سجونهم ومعتقلاتهم ما أظهره البعض من رأي بتكفير المسلمين أو التشكيك في حقيقة إسلامهم وإيمانهم. ولقد سارع الإخوان – رغم قسوة سجنهم ومعتقلاتهم – إلى تصحيح هذا الفهم، لا رهبة من أحد ولا زلفى لأحد، وقال مرشدهم الأستاذ حسن إسماعيل الهضيبي ردا على تلك الدعوى، كلمته الجامعة التي حددت طريق الإخوان المسلمين وعبرت عن منهجهم وصورت مهمتهم (نحن دعاة ولسنا قضاة)".

 وبالتالي فمن المفترض أن هذا الكتاب جاء ليعالج إنحراف طرأ علي الجماعة فيما يتعلق بموضوع التكفير في الوقت الذي زادت فيه حدة التكفير بدرجة كبيرة تزامنت مع تحركات سيد قطب بتنظيمه الجديد ، إلا أن ثمة معضلات كبري تستعصي علي التأويل أو الجمع بين سلوك الجماعة وأقوال قاداتها وبين ما جاء في هذا الكتاب ، منها ما يلي :-

1)   تنظيم سيد قطب يتحرك بإذن من الهضيبي :-

رغم أن الهضيبي هو صاحب الكتاب ، ورغم أن الكتاب من المفترض أنه يرد علي سيد قطب إلا أن تحركات سيد (كتنظيم وكفكرة) كانت بإذن من الهضيبي ، تقول زينب الغزالي : " بتعليمات من الإمام سيد قطب ، وبإذن الهضيبي ، قررنا أن تستمر مدة التربية والتكوين والإعداد ثلاثة عشر عاما – عمر الدعوة في مكة – على أن قاعدة الأمة الإسلامية الآن هم (الإخوان) الملتزمون بشريعة الله وأحكامه ، فنحن ملزمون بإقامة كل الأوامر والنواهي الواردة في الكتاب والسنة في داخل دائرتنا الإسلامية ، والطاعة واجبة علينا لإمامنا المبايع ، على أن إقامة الحدود مؤجلة ، مع اعتقادها والذود عنها ، حتى تقوم الدولة ، وكنا على قناعة كذلك بأن الأرض اليوم خالية من القاعدة التي تتوافر فيها صفات الأمة الإسلامية الملتزمة التزاما كاملا، كما كان الأمر في عهد النبوة والخلافات الراشدة ، ولذلك وجب الجهاد على الجماعة المسلمة ، حتى يعود جميع المسلمين للإسلام ، فيقوم الدين القيم ، لا شعارات ولكن حقيقة عملية واقعة ".

وتقول أيضاً : " رأينا خلال فترة الإعداد التربوي أن يكون هناك مستشار يشرح ويوضح لنا توجيهات سيد قطب وتعليماته ، ولذلك قررنا ورأينا أن يكون الأستاذ محمد قطب هو مرجعنا ، وبإذن من المرشد الهضيبي كان الأستاذ محمد يأتي بشكل دوري إلى بيتي في مصر الجديدة ، ليوضح للشباب ما غمض عليهم فهمه ، وكان الشباب يستوضحونه ويسألونه أسئلة كثيرة يجيب عنها ".

يقول أحمد عبدالمجيد صاحب كتاب (الإخوان وعبدالناصر) نقلاً عن سيد قطب: " عندما شكا أعضاء مكتب الإرشاد، وهم في سجن الواحات، وكان المرشد تحت الإقامة الجبرية، من آراء سيد قطب الواردة (في ظلال القرآن) ونقلوا شكواهم وشكوى الإخوان منها في هذا السجن، للمرشد حسم الشكوى لصالح سيد قطب، فأجابهم:

" ما قاله صاحب الظلال هو الحق الذي لا شك فيه "، ومن بعدها بدأ الإخوان يتدارسون الظلال في سجن الواحات في صورة مجموعات، بإشراف أعضاء مكتب الإرشاد، وكذلك تم نفس الشيء في سجن القناطر باستثناء البعض. وتم ذلك على اعتبار كلام المرشد موافقة على ما ورد في الظلال.. ولما سئل المرشد عن كتاب (معالم في الطريق) قال: إنه كتاب عظيم ".

بل والأوضح من ذلك ما ترويه زينب الغزالي في مذكراتها تقول : أنها قابلت المرشد وسألته عن سيد وعن كتابه المعالم فقال " علي بركة الله... إن هذا الكتاب قد حصر أملي كله في سيد ، ربنا يحفظه ، لقد قرأته ، وأعدت قراءته ، إن سيد قطب هو الأمل المرتجى للدعوة الآن ".

فهل كان الهضيبي في " دعاة لا قضاة"  يرد على الأفكار التي يرى أن صاحبها هو الأمل المرتجى؟!.

2)   رأي القيادات الأمنية :-

كشف اللواء فؤاد علام - وكيل مباحث أمن الدولة المصرية الأسبق - في كتابه "الإخوان وأنا"ما يلي :-

" خططنا في ذلك الوقت لأن نستغل جناحاً كان معارضاً إلى حد ما لفكر التكفير، ونجح الأمن في أن يدفع حسن الهضيبي من دون أن يدري لأن يصدر كتاب (نحن دعاة ولسنا قضاة).. وحقيقة الأمر، أن حسن الهضيبي لم يشارك بأي رأي أو فتوى في هذا الكتاب ولم يفعل فيه شيئاً، وإنما تم إعداده بواسطة بعض علماء الأزهر، ورسمنا خطة أمنية دقيقة لإدخال الأبحاث والآراء لبعض العناصر الإخوانية في ليمان طره، وكانوا يجتمعون بمأمون الهضيبي ويناقشونه ويسلمونه الأبحاث. وقام بنسبتها إلى نفسه وسلمها لوالده حسن الهضيبي على أساس أنه هو الذي قام بإعدادها. والحقيقة أنه لم تكن له أدنى علاقة بهذا الكتاب من قريب أو بعيد.. وتركنا حسن الهضيبي يسرب الكتاب إلى خارج السجن من دون أن يشعر، وسهلنا عملية طبعه ونشره. وسيفاجأ الإخوان بهذه المعلومات التي تذاع لأول مرة ".

3)   خلاصة الرأي :-

إذاً كيف نجمع بين الكلام المنضبط المذكور في كتاب " دعاة لا قضاة " والمفترض أنه جاء للرد علي معالم في الطريق ، وبين أن كاتب هذا الكلام المنضبط هو الذي أجاز مؤلفات سيد قطب وهو الذي أشرف علي مشروعه الفكري وعلي تنظيمه الحركي؟!

غالب ظني – وبعيداً عن تأويلات اللواء فؤاد علام – أن البنا نفسه قد تبني رأيين في هذه المسألة ، كل رأي قد مثل مرحلة زمنية من حياته ، فالرأي الأول يتوافق مع ما جاء في كتاب دعاة لا قضاة وقد تبناه البنا في بدايات دعوته وقبل أن ينشيء النظام الخاص ، والرأي الثاني هو الذي إستقر عليه البنا في الجزء الأخير من دعوته وهو الذي كان يُدرس لأعضاء النظام الخاص.

وبالتالي فقد كان لدي الإخوان منذ عصر البنا جناحان ، الأول هو التيار العام للجماعة والذي ربما لا يتحمل فهم هذه القضايا ولا يستوعب دعاوي التكفير وفتاوي القتل ، والجناح الآخر يتكون من أعضاء النظام الخاص الذي أنشأة حسن البنا وأعاد إحياؤه سيد قطب في تنظيم 65 ، إذن فالتيار القطبي هو تيار بناوي في الحقيقة ، ولكنه الوجه الخفي من الفكر البناوي ، أما الرأي الآخر فلم يمثله من قيادات الجماعة سوي عمر التلمساني والذي كان وجوده ضرورياً في تلك الفترة ، وذلك لإظهار الوجه المرن والمتفاهم للجماعة ، وقد قام بالفعل بتنفيذ المهمة بنجاح  ، وما إن خرج الإخوان من السجون حتي أعادوا القبضة الحديدية علي مفاصل الجماعة وخرج كل من كان دخيلاً عليهم أو منسوباً لتيارها الإصلاحي.

ويبقي أيضاً أن هذه وجهة نظر تحتاج لمزيد من البحث والتدقيق.

8)  فكر البنا في نظر بعض مفكري الجماعة :-

في حوار أجراه كمال حبيب من مكة المكرمة ، ونشره موقع «إسلام ويب» في يوليو 2007 ، قال فيه الأستاذ كمال ما يلي : -

" استقبلني الأستاذ محمد قطب في منزله بمكة المكرمة ، وطال بنا الحديث حول المشاكل الجديدة التي تواجه العالم الإسلامي والحركات الإسلامية بعد الهجمة الأمريكية الشرسة الأخيرة على العالم الإسلامي ، وأدهشني أن محمد قطب يشعر بالتفاؤل ، وبأن ما يجري ليس شرًّا كله ، وأنه شر يأتي معه بالخير ، ومن وجهة نظره فإن من أكبر الخير الذي يواكب هذا الشر هو انكشاف الوجه الأمريكي الصليبي في الحرب على العالم الإسلامي ، فلم يعد هناك شيء مستور أو مخفي ، الحرب تدار علنا وعلى رؤوس الأشهاد ".

وقد تناول الحوار عدد من القضايا تدور حول موضوع الغزو الفكري ، إلي أن جاء السؤال التالي :-

سألته : ولكن أين نضع فكر سيد قطب من تطور الحالة الفكرية للحركة الإسلامية ؟

فكر سيد قطب هو الامتداد الحقيقي لفكر حسن البنا ؛ فحسن البنا في رسالة التعاليم يقول : "ولا نكفر مسلمًا بذنب متى نطق بالشهادتين وعمل بمقتضاها" ، وسيد قطب يتحدث عن قيد أو شرط "وعمل بمقتضاها".

وأضاف : لا شك أن الإخوان قدموا نموذجًا مهمّا في الجندية والتكافل ، لكن في جوانب أخرى أهملوها ولم يوجهوا لها الاهتمام الكافي.

ويقول : في عام 1948 حدث وعي جديد عند حسن البنا تمثل في أن الحكام ليسوا مسلمين إذا لم يحكموا شريعة الله ، وأتباعه الذين جاؤوا من بعده إما أنهم لم يدركوا هذا الوعي الجديد في خط تفكيره أو أهملوه عن قصد .

سألته : ولكن متى حدث التحول الفكري الحقيقي عند سيد قطب ؟

التحول الفكري نشأ عند سيد بعد مذبحة 1954، فعبد الناصر ذبح الإخوان في السجون، والجماهير كانت تصفق له ، وتساءل : هل لو كانت هذه الجماهير تملك الوعي كانت ستصفق للطاغية ؟!! وتناقش سيد في هذا الأمر مع الشيخ محمد هواش ، وانتهي الاثنان إلى أن هذه الجماهير لو كانت تعلم حقيقة لا إله الا الله ما كانت صفقت للطاغية ، من هنا يجب أن تبدأ الدعوة من كلمة التوحيد .

ويؤكد ذلك أيضاً صلاح شادي الذي كان مسئولاً عن قسم "الوحدات" بالجماعة في كتابه "الشهيدان – حسن البنا وسيد قطب" يقول فيه : " لقد كان حسن البنا البذرة الصالحة للفكر الإسلامي، وكان سيد قطب الثمرة الناضجة لهذا الفكر" .

و نقل " عباس السيسي " في كتابه : " في قافلة الإخوان " عن : " المرشد : الهضيبي " قوله : " إنه لا يعلم أن للأستاذ : " سيد قطب " فكراً يغاير فكر الإخوان المسلمين " .

تعقيب : كما أثبتنا من قبل فإن التكفير نشأ عند الإخوان قبل قضية التعذيب بزمن طويل ، ولكن دأب الإخوان علي إعتماد هذه الرواية ليظهروا في مظهر الضحية ، وليبرروا هذه اللوثة التكفيرية عندهم.

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com

تصنيفات المادة