الثلاثاء، ١٠ رمضان ١٤٤٥ هـ ، ١٩ مارس ٢٠٢٤
بحث متقدم

(جناية الغلاة التكفيريين على الإسلام والمسلمين (موعظة الأسبوع

تشويه صورة الإسلام والمسلمين- تشويه تعاليم الإسلام في نفوس المسلمين- تجميع الأعداء على المسلمين وإعطاؤهم ذريعة التدخل في شئون المسلمين- الإضرار بالأقليات المسلمة- إعطاء إسرائيل الفرصة الذهبية لممارسة المظلومية واتهام المسلمين بالإرهاب!

(جناية الغلاة التكفيريين على الإسلام والمسلمين (موعظة الأسبوع
سعيد محمود
الثلاثاء ١٧ مارس ٢٠١٥ - ١٦:٢٤ م
1950

جناية الغلاة التكفيريين على الإسلام والمسلمين (موعظة الأسبوع)

كتبه/ سعيد محمود

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

مقدمة:

- الشرع ينهى عن الغلو بكل درجاته: عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- غَدَاةَ جَمْعٍ: (هَلُمَّ الْقُطْ لِي) فَلَقَطْتُ لَهُ حَصَيَاتٍ هُنَّ حَصَى الْخَذْفِ، فَلَمَّا وَضَعَهُنَّ فِي يَدِهِ، قَالَ: (نَعَمْ بِأَمْثَالِ هَؤُلاءِ، وَإِيَّاكُمْ وَالْغُلُوَّ فِي الدِّينِ، فَإِنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بِالْغُلُوِّ فِي الدِّينِ) (رواه أحمد، وصححه الألباني).

- الغلاة التكفيريين يهلكون أنفسهم والمسلمين بالغلو في كل شيء: (قتل - حرق - ذبح - تكفير - تفجير - صراع مع الدنيا).

الآثار المترتبة على غلوهم

تشويه صورة الإسلام والمسلمين:

- دين الإسلام يراعي المفاسد والمصالح: حتى إنه يمنع ما فيه مصلحة إذا كان يؤدي إلى مفاسد أكبر منها، قال الله -تعالى-: (وَلا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ) (الأنعام:108).

قال ابن عباس -رضي الله عنهما-: "قالوا: يا محمد، لتنتهين عن سب آلهتنا أو لنهجون ربك، فنهاهم الله ان يسبوا أوثانهم؛ فيسبوا الله عدوًا بغير علم" (رواه ابن جرير في جامع البيان).

- إن أفعال المتدينين المخالِفة تُنسب إلى الدين ذاته: وكان بعض الكفار يستغل هذه الطريقة الخبيثة لتشويه الإسلام، فيدخلون في الإسلام ظاهرًا ثم يخرجون منه بعد قليل، قال الله -تعالى-: (وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ آمِنُوا بِالَّذِي أُنْزِلَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَجْهَ النَّهَارِ وَاكْفُرُوا آخِرَهُ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) (آل عمران:72).

- أمثلة من أقوال المعادين المستغلين لتصرفات أهل الغلو والجهل: قال وزير العدل الأمريكي بعد أحداث ضرب الأبراج: "إن الله في الإسلام يطالبك بإرسال ابنك ليقتل من أجله، وأما في المسيحية فالرب يرسل ابنه ليقتل مِن أجلك!" (تفجيرات القاعدة:87)، وقال إبراهيم عيسى: "ليستْ داعش وحدها تحرق الناس، بل الحرق موجود في الإسلام... !".

2- تشويه تعاليم الإسلام في نفوس المسلمين:

- تميُّز الإسلام باليسر والسماحة، ورفع المشقة والحرج: قال الله -تعالى-: (وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ) (الحج:78).

- مهمة أهل الإسلام أن يحسنوا عَرْض هذا الدين للبشر: قال الله -تعالى-: (ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ) (النحل:125).

- السلوك الحسن سبب في دخول كثير في الإسلام والعكس: قال الله -تعالى-: (وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ) (آل عمران:159).

وعن أبي مسعود -رضي الله عنه- قال: قَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي لأَتَأَخَّرُ عَنِ الصَّلاَةِ فِي الفَجْرِ مِمَّا يُطِيلُ بِنَا فُلاَنٌ فِيهَا، فَغَضِبَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، مَا رَأَيْتُهُ غَضِبَ فِي مَوْضِعٍ كَانَ أَشَدَّ غَضَبًا مِنْهُ يَوْمَئِذٍ، ثُمَّ قَالَ: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّ مِنْكُمْ مُنَفِّرِينَ، فَمَنْ أَمَّ النَّاسَ فَلْيَتَجَوَّزْ، فَإِنَّ خَلْفَهُ الضَّعِيفَ وَالكَبِيرَ وَذَا الحَاجَةِ) (متفق عليه)، وقال النبي -صلى الله عليه وسلم- لأبي موسى الأشعري ومعاذ بن جبل -رضي الله عنهما- لما بعثهما إلى اليمن: (يَسِّرَا وَلا تُعَسِّرَا، وَبَشِّرَا وَلا تُنَفِّرَا، وَتَطَاوَعَا وَلا تَخْتَلِفَا) (متفق عليه).

- استغلال المنافقين نفرة بعض المسلمين مِن تصرفات الغلاة في الهجوم على الدين والثوابت: (التشكيك في كتب السنة - الطعن على الصحابة - الطعن على عقيدة فتنة القبر ونحوها).

3- تجميع الأعداء على المسلمين وإعطاؤهم ذريعة التدخل في شئون المسلمين:

- الغلاة التكفيريون يعلنون الحرب على العالَم ويستعدونه على المسلمين: (قتل رعاياهم - تفجيرات في عواصم وسفارات - إعلان داعش الحرب على كل العالم مسلمهم وكافرهم!).

- السياسة النبوية الراشدة، وفن تحييد الأعداء، وكيفية إدارة الصراع، وعدم إقحام المسلمين فيما لا قدرة لهم به: "وكيفية بناء الدولة وسط أرض تموج بالأعداء مِن حوله -صلى الله عليه وسلم-!".

- البداية بالدعوة وليس بالدولة، وتغيير القاعدة قبل القمة: قال الله -تعالى-: (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللَّهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً وَقَالُوا رَبَّنَا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتَالَ لَوْلا أَخَّرْتَنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ وَالآخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقَى وَلا تُظْلَمُونَ فَتِيلاً) (النساء:77)؛ "لأن في الصدام الاستئصال".

- أرض الهجرة وخريطة الأعداء مِن حوله -صلى الله عليه وسلم-:

أولاً: أعداء الداخل (يهود - منافقون).

ثانيًا: عداوة إقليمية (قريش - غطفان - قبائل العرب المشركين).

ثالثًا: عداوة دولية (الفرس - الروم).

- سؤال: هل دخل النبي -صلى الله عليه وسلم- معهم جميعًا في صراعٍ وأعلن عليهم الحرب، وألزمهم باتباعه؟

- الجواب: لقد اتبع سياسة مواجهة الخصم المباشر، وتحييد الباقيين؛ لئلا يُحمِّل -صلى الله عليه وسلم- المسلمين ما لا يطيقون.

- فأما اليهود: فعقد معهم اتفاقًا على التعايش السلمي والدفاع المشترك.

- وأما المنافقون: فقد صبر عليهم لئلا تكون فتنة في المسلمين بسببهم (لا يَتَحَدَّثُ النَّاسُ أَنَّ مُحَمَّدًا يَقْتُلُ أَصْحَابَهُ) (متفق عليه).

- وأما العرب المحيطون: فعقد مع كثيرٍ منهم مصالحاتٍ ومسالماتٍ ليتفرغ لقريش.

- وأما الفرس والروم: فلم يقدم على مواجهتهم إلا في آخر حياته -صلى الله عليه وسلم-.

- ولذلك لكَ أن تتصور مدى الضرر الذي جناه التكفيريون على المسلمين: (التدخل الإيراني - التدخل الأمريكي الغربي - سقوط بلاد المسلمين وثرواتها في أيدي أعدائها - ... ).

4- الإضرار بالأقليات المسلمة:

- قيام سلطات الأمن في أوروبا والغرب بالقبض على كثير مِن المسلمين، والتضييق عليهم في أعمالهم، وتعرض الكثير منهم لإجراءات مراقبة مشددة، وغير ذلك...

- تَعرُّض كثير مِن المسلمين للاعتداءات بأنواعها، ومنها: "حادث مقتل ثلاثة مسلمين على يد متعصب أمريكي؛ ردًّا على مقتل صحفيي الجريدة الفرنسية".

- السياسة النبوية الرشيدة والمحافظة على الأقلية المسلمة في مكة: قال الله -تعالى-: (وَلَوْلا رِجَالٌ مُؤْمِنُونَ وَنِسَاءٌ مُؤْمِنَاتٌ لَمْ تَعْلَمُوهُمْ أَنْ تَطَئُوهُمْ فَتُصِيبَكُمْ مِنْهُمْ مَعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ لِيُدْخِلَ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا) (الفتح:25).

5- إعطاء إسرائيل الفرصة الذهبية لممارسة المظلومية واتهام المسلمين بالإرهاب!:

- إسرائيل تستثمر كل تصرفات الغلاة التكفيريين: قال رئيس الوزراء "نتنياهو" في مظاهرة فرنسا: "لقد اقتنعتْ قادة الغرب بأن عدونا واحد!".

وقال "مائير شطريت" وزير العدل الإسرائيلي السابق: "ستدرك الدول التي تشكـِّل منظومة العالم الحر عاجلاً أن عليها أن تشكر إسرائيل؛ لأنها تتصدى لقوى الإسلام المتطرف!".

خاتمة: والأضرار أكثر مِن ذلك، وإنما أشرنا إلى أبرزها؛ فهل يرجع الغلاة؟!

قال الله -تعالى-: (قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالأَخْسَرِينَ أَعْمَالاً . الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا) (الكهف:103-104).

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com

 

تصنيفات المادة