الجمعة، ٢٠ رمضان ١٤٤٥ هـ ، ٢٩ مارس ٢٠٢٤
بحث متقدم

الحوثيون والشيعة

من هم الحوثيون – متى نشأوا ومن زعيمهم – ما هي أهدافهم – ما علاقتهم بالشيعة – وهل ما فعلته الجيوش العربية معهم حق أم جانبهم الصواب

الحوثيون والشيعة
الاثنين ٣٠ مارس ٢٠١٥ - ١٣:٠٩ م
2707

الحوثيون والشيعة

كتبه/ إيهاب شاهين

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد,

 فقد باتت طائفة الحوثيين محط نظر العالم أجمع الآن خاصة بعد اشتراك الجيوش العربية في التصدي لها لوقف عدوانها علي الحكومة اليمنية , وقبل الخوض في لب الموضوع هناك بعض الأسئلة المثارة علي الساحة بكافة أصعدتها تحتاج لإجابات منها

من هم الحوثيون – متى نشأوا ومن زعيمهم – ما هي أهدافهم – ما علاقتهم بالشيعة – وهل ما فعلته الجيوش العربية معهم حق أم جانبهم الصواب .

وقبل الإجابة علي هذه الأسئلة لابد من إلقاء الضوء علي أشهر طوائف الشيعة التي تحيطا بالمنطقة . وهم ثلاثة طوائف

الأولى: غلاة الرافضة المعتقدين الألوهية في الأئمة أو النبوة أو تحريف القرآن فهؤلاء كفرهم أهل العلم نوعاً وعيناً، منهم: العلويين النصيرية والباطنية، ومنهم: الإسماعيلية والدروز والبهرة والقرامطة والعبيدين المسمين بالفاطميين. ومع أن طائفة النُّصَيريين في سوريا لا تمثل أكثر من 10% من السكان إلا أنهم يسيطرون على الحكم تمامًا .

الثانية: الرافضة وهم الشيعة الإمامية الاثنا عشرية الذين يسبون الصحابة وربما كفّروهم ويعتقدون بأن الإمامة منصوص عليها لعلي رضي الله عنه ثم بقية الاثني عشر إماماً بزعمهم، ويقولون خلافة أبي بكر وعمر وعثمان الثلاثة باطلة وهم أضل الفرق وهؤلاء عقائدهم منها ما هو كفر، لكن لا يُكفر المعين منهم قبل إقامة الحجة عليه وهؤلاء ينتشرون في إيران والعراق ولبنان 

الثالثة: الشيعة المفضلة وهم الزيدية وهم يفضلون عليّ على أبي بكر وعمر رضي الله عنهما. وهؤلاء ينتشرون في اليمن . وهم لا يقولون بمعظم البدع والخرافات التي يتكلم بها الشيعة الاثنا عشرية (شيعة إيران والعراق ولبنان والخليج)، وإنما يتعاملون بالقرآن والسُّنَّة كبقية المسلمين، غير أن لهم بعض الآراء الخاصة في قضية الإمامة؛ فهم يحصرون الإمامة في نسل علي بن أبي طالب من فاطمة -رضي الله عنها- بنت رسول الله صلي الله عليه وسلم  ، ولا يحدِّدون شخصًا معينًا في هذا النسل، بل يقولون: إن الشخص الذي تنطبق عليه شروط الإمامة كالنسب من فاطمة رضي الله عنها، وكالعلم والتقوى وحسن الرأي لا بُدَّ أن يخرج داعيًا لنفسه، فإذا بايعه الناس صحت إمامته. وهم يجوِّزون أن يخرج إمامان في قُطْرين مختلفين، ومن ثَمَّ خرج منهم الكثير عبر مراحل التاريخ المختلفة. فزيد بن علي كان يرى صحة خلافة أبي بكر وعمر؛ لأنه يجوز عنده ولاية المفضول في وجود الفاضل. وهو بذلك يختلف اختلافًا جذريًّا عن الشيعة الاثني عشرية الذين يرفضون إمامة أبي بكر وعمر رضي الله عنهما، بل يتقربون إلى الله بلعنهم.

بداية ترسخ المذهب الزيدي في اليمن

كانت في عهد المأمون  عندما خرجت ثورة محمد بن إبراهيم طبطابا في الكوفة، و استطاع المأمون أن يقمعها بالقوة، غير أنه لم يستطع ذلك بالنسبة لثورة إبراهيم بن محمد التي قانت في اليمن في نفس التوقيت اليمن، ولعل ذلك يرجع إلى بُعد اليمن عن بغداد، وطبيعة اليمن الجغرافية الجبلية الوعرة، إضافةً إلى الطبيعة العشائرية التي تجعل من السيطرة المركزية أمرًا صعبًا.. لذلك كله عمد المأمون إلى الأسلوب الدبلوماسي فأعطى إبراهيم بن محمد الزيدي ولاية اليمن على أن يكون تابعًا له، وتم ذلك بالفعل، وأطال ذلك في عمر تبعية اليمن للخلافة العباسية قُرابة المائة عام، ولكن كان هذا على حساب انتشار وترسُّخ المذهب الزيدي في اليمن. بعد هذه الأحداث بعشرات من السنين، وتحديدًا في 284هـ، وفي زمن ضعف الخلافة العباسية، استطاع يحيى بن الحسين الرسيُّ أن يؤسِّس دولة زيدية في اليمن عُرفت بدولة بني الرسي أو دولة الأئمة، وانفصل بهذه الدولة عن الخلافة العباسية، وكان مقرها في صعدة في شمال اليمن وقد ظلت هذه الدولة الزيدية تحكم اليمن حتى سنة 1382هـ/ 1962م، عندما قامت الثورة اليمنية، لينتهي بذلك حكم الزيديين لليمن الذي بدأ للمرة الأولى منذ عام 284هـ، أي ما يزيد على ألف عام! في الوقت نفسه  لم يكن للشيعة الاثني عشرية (الإمامية) وجود مطلقًا على الساحة اليمنية، ومن هنا فإننا نجد أن أعداد الزيدية تقرب من 30% من سكان اليمن، بينما لا يمثل الاثنا عشرية إلا نسبة ضئيلة جدًّا من المجتمع اليمني، إلا أن هذا الأمر تغيَّر في السنوات الأخيرة، وكان لهذا التغيُّر علاقة كبيرة بقصة الحوثيين .

بداية قصة الحوثيين في اليمن

في محافظة صعدة (على بُعد 240 كم شمال صنعاء)، حيث يوجد أكبر تجمعات الزيدية في اليمن، وفي عام 1986م تم إنشاء "اتحاد الشباب"، وهي هيئة تهدف إلى تدريس المذهب الزيدي لمعتنقيه، كان بدر الدين الحوثي- وهو من كبار علماء الزيدية آنذاك- من ضمن المدرِّسين في هذه الهيئة. وفي عام 1990م حدثت الوَحْدة اليمنية، وفُتح المجال أمام التعددية الحزبية، ومن ثَمَّ تحول اتحاد الشباب إلى حزب الحق الذي يمثِّل الطائفة الزيدية في اليمن، وظهر حسين بدر الدين الحوثي -وهو ابن العالم بدر الدين الحوثي- كأحد أبرز القياديين السياسيين فيه، ودخل مجلس النواب في سنة 1993م، وكذلك في سنة 1997م. تزامن مع هذه الأحداث حدوث خلاف كبير جدًّا بين بدر الدين الحوثي وبين بقية علماء الزيدية في اليمن حول فتوى تاريخية وافق عليها علماء الزيدية اليمنيون، وعلى رأسهم المرجع مجد الدين المؤيدي، والتي تقضي بأن شرط النسب الهاشميّ للإمامة صار غير مقبولاً اليوم، وأن هذا كان لظروف تاريخية، وأن الشعب يمكن له أن يختار مَن هو جديرٌ لحكمه دون شرط أن يكون من نسل الحسن أو الحسين رضي الله عنهما. اعترض بدر الدين الحوثي على هذه الفتوى بشدَّة، خاصة أنه من فرقة "الجارودية"، وهي إحدى فرق الزيدية التي تتقارب في أفكارها نسبيًّا مع الاثني عشرية. وتطوَّر الأمر أكثر مع بدر الدين الحوثي، حيث بدأ يدافع بصراحة عن المذهب الاثني عشري، بل إنه أصدر كتابًا بعنوان "الزيدية في اليمن"، يشرح فيه أوجه التقارب بين الزيدية والاثني عشرية؛ ونظرًا للمقاومة الشديدة لفكره المنحرف عن الزيدية، فإنّه اضطر إلى الهجرة إلى طهران حيث عاش هناك عدة سنوات. وعلى الرغم من ترك بدر الدين الحوثي للساحة اليمنية إلا أن أفكاره الاثني عشرية بدأت في الانتشار، خاصة في منطقة صعدة والمناطق المحيطة، وهذا منذ نهاية التسعينيات، وتحديدًا منذ سنة 1997م، وفي نفس الوقت انشقَّ ابنه حسين بدر الدين الحوثي عن حزب الحق، وكوَّن جماعة خاصة به، وكانت في البداية جماعة ثقافية دينية فكرية، بل إنها كانت تتعاون مع الحكومة لمقاومة المد الإسلامي السُّنِّي المتمثل في حزب التجمع اليمني للإصلاح، ولكن الجماعة ما لبثت أن أخذت اتجاهًا معارضا للحكومة ابتداءا من سنة 2002 م وفي هذه الأثناء توسَّط عدد من علماء اليمن عند الرئيس علي عبد الله صالح لإعادة بدر الدين الحوثي إلى اليمن، فوافق الرئيس، وعاد بدر الدين الحوثي إلى اليمن ليمارس من جديد تدريس أفكاره لطلبته ومريديه. ومن الواضح أن الحكومة اليمنية لم تكن تعطي هذه الجماعة شأنًا ولا قيمة، وفي عام 2004م حدث تطوُّر خطير، حيث خرج الحوثيون بقيادة حسين بدر الدين الحوثي بمظاهرات ضخمة في شوارع اليمن مناهضة للاحتلال الأمريكي للعراق، وواجهت الحكومة هذه المظاهرات بشدَّة، وذكرت أن الحوثي يدَّعِي الإمامة والمهديّة، بل ويدَّعِي النبوَّة. وأعقب ذلك قيام الحكومة اليمنية بشنّ حرب مفتوحة على جماعة الحوثيين الشيعية، واستخدمت فيها أكثر من 30 ألف جندي يمني، واستخدمت أيضًا الطائرات والمدفعية، وأسفرت المواجهة عن مقتل زعيم التنظيم حسين بدر الدين الحوثي، واعتقال المئات، ومصادرة عدد كبير من أسلحة الحوثيين. تأزَّم الموقف تمامًا، وتولى قيادة الحوثيين بعد مقتل حسين الحوثي أبوه بدر الدين الحوثي، ووضح أن الجماعة الشيعية سلحت نفسها سرًّا قبل ذلك بشكل جيد؛ حيث تمكنت من مواجهة الجيش اليمني على مدار عدة سنوات. وقامت دولة قطر بوساطة بين الحوثيين والحكومة اليمنية في سنة 2008م، عقدت بمقتضاها اتفاقية سلام انتقل على إثرها يحيى الحوثي وعبد الكريم الحوثي -أشقاء حسين بدر الدين الحوثي- إلى قطر، مع تسليم أسلحتهم للحكومة اليمنية، ولكن ما لبثت هذه الاتفاقية أن انتُقضت، وعادت الحرب من جديد، بل وظهر أن الحوثيين يتوسعون في السيطرة على محافظات مجاورة لصعدة، بل ويحاولون الوصول إلى ساحل البحر الأحمر للحصول على سيطرة بحريَّة لأحد الموانئ؛ يكفل لهم تلقِّي المدد من خارج اليمن.

لقد صارت الدعوة الآن واضحة، وعلاقة الحوثيين بالشيعة من عدة أوجه منها عقائدهم التي هي عقائد الشيعة الاثنا عشرية - الدعوة إلى الإمامة - الترويج لفكرة الخروج - تمجيد الثورة الخمينية - التبرؤ من الخلفاء الراشدين الثلاثة- يدعون إلى سب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم - يلعنون أمهات المؤمنين - التحريض على لجم السُّنيِّة  - احتضان إيران للحوثي لعدة سنوات - ومن أخطر الأفكار التي يؤمن بها الحوثي إيمانه بالمهدي في فكرته الرافضين، وإيمانه بضرورة التمهيد لعودة المهدي مع ما يصاحب ذلك من احتلال للحرمين الشريفين وتصفية أهل السنة والجماعة، والقضاء على الأنظمة السنية الحاكمة وعلى رأسها المملكة العربية السعودية – كذلك الغضب الرافضي الشديد على الحرب الأخيرة ضد الحوثيين التي بدت في تصريحات وزير الخارجية الإيراني – وأخيرا وهو أول أهدافهم إحاطة المشروع الشيعي بالعالم الإسلامي من كل أطرافه .

وبعد هذا العرض السريع وبيان خطر المشروع الرافضي الخبيث  أترك الإجابة علي السؤال الأخير للقارئ الكريم . هل ما فعلته الجيوش العربية معهم حق أم جانبهم فيه الصواب  .والحمد لله رب العالمين .

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com