الجمعة، ١١ شوال ١٤٤٥ هـ ، ١٩ أبريل ٢٠٢٤
بحث متقدم

صفحات مطوية من القضية الفلسطينية قبل قيام دولة إسرائيل (28)

الرئيس "روزفلت" والملك "عبد العزيز بن سعود"

صفحات مطوية من القضية الفلسطينية قبل قيام دولة إسرائيل (28)
علاء بكر
الأحد ٠٥ أبريل ٢٠١٥ - ١١:٤٩ ص
1334

صفحات مطوية من القضية الفلسطينية قبل قيام دولة إسرائيل (28)

الرئيس "روزفلت" والملك "عبد العزيز بن سعود"

كتبه/ علاء بكر

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

فمما ينبغي أن يُذكر في فترة منتصف الأربعينيات ما وقع بين الرئيس الأمريكي "روزفلت" والملك "عبد العزيز بن سعود" -ملِك المملكة العربية السعودية ومؤسسها- مِن مباحثات حول القضية الفلسطينية، وكان الملك "عبد العزيز" قد التقى أيضًا مع رئيس وزراء بريطانيا "ونستون تشرشل" في الفيوم غربي القاهرة، ولكن اللقاء لم يسفر عن نتيجة إذ كانت بريطانيا متورطة في القضية الفلسطينية بدرجة كبيرة تجعل الهوة بين "تشرشل" و"الملك عبد العزيز" عميقة يصعب تخطيها في مثل هذا اللقاء.

أما "روزفلت" الذي اُنتخب رئيسًا للولايات المتحدة الأمريكية عام 1932م، ثم جدد له أعوام 1936م و1940م و 1944م لظروف الحرب العالمية الثانية حيث قاد بلاده في هذه الحرب العالمية وما تلاها، فقد التقى به الملك "عبد العزيز" على متن الباخرة "مورفي" في فبراير 1945م، ونجح إلى حد كبير في نقل وتوضيح الرؤية العربية حول قضية فلسطين، خاصة وأن الملك كان يخالف -بل يعادي- وجهة النظر البريطانية للمسألة، حيث كان يبدي رفضه القاطع لفكرة تقسيم فلسطين، وشارك بتقديم العتاد الحربي للفلسطينيين خلال ثورتهم في عام 1936م، وأظهر خلال الحرب العالمية الثانية ابتعاده عن بريطانيا.

وقد اقترح الملك "عبد العزيز" خلال لقائه مع الرئيس "روزفلت" ومناقشاته معه أن يبقى اليهود في ألمانيا التي اضطهدتهم "خاصة بعد هزيمة النازية"؛ إذ على ألمانيا -لا فلسطين- تحمل وزر جرائمها، أو أن يتم توزيع الضحايا والأحياء من اليهود الذين خلفتهم الحرب على الدول المنتصرة، فتتحمل كل دولة ما يتناسب مع قدراتها، على أن تكتفي فلسطين بما هاجر إليها من اليهود.

وقد وعد الرئيس "روزفلت" الملك "عبد العزيز" بأنه لن يفعل شيئًا يساعد به اليهود ضد العرب، ولن يُقدِم على أي مبادرة مناوئة للعرب؛ مما يدل على تفهم الرئيس "روزفلت" لوجهة نظر الملك "عبد العزيز" حول القضية الفلسطينية، ويدل على ذلك أيضًا أن الرئيس "روزفلت" قال في خطاب له أمام الكونجرس بعد عودته لأمريكا: "لقد أدركت في خمس دقائق وأنا أتحدث مع الملك عبد العزيز بن سعود من الأمور حول مشكلات المسلمين وحول مشكلة اليهود أكثر بكثير مما كنت أدركته لو تم بيننا تبادل 12 رسالة".

وفي 5 أبريل 1945م أكَّد "روزفلت" وعده للملك "عبد العزيز" في رسالة خطية بعث بها إليه، يعلن فيها أن وعده للملك إنما هو بصفته التنفيذية لأمريكا وليس بصفته الشخصية، ولكن الرئيس "روزفلت" مات موتًا مفاجئًا بعد أسبوع واحد فقط مِن هذه الرسالة، أي في 12 أبريل 1945م، ثم حل محله نائبه "هاري ترومان" الذي لم يفِ بما تعهد به "روزفلت"، بل أظهر تأييده للمخططات الصهيونية في فلسطين.

وهكذا كما لم يستفد العرب مِن مبادئ الرئيس الأمريكي "ويلسون" حول تقرير الشعوب المحررة لمصيرها بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى؛ لوفاته سريعًا بعد مرض أصابه قبل دخول آرائه حيز التنفيذ، وعدول مَن جاء بعده عما كان يراه "ويلسون"؛ فكذلك لم يستفد العرب مرة أخرى مِن وعد الرئيس الأمريكي "روزفلت" بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية للملك "عبد العزيز" بعدم الإخلال بمصالح العرب في فلسطين؛ لوفاته سريعًا بعد هذا الوعد، وعدول مَن جاء بعده عما وعد به، لتُواصِل الحركة الصهيونية خطواتها نحو تحقيق أطماعها في إقامة وطن قومي لليهود على أرض فلسطين.

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com

 

تصنيفات المادة