الجمعة، ٢٠ رمضان ١٤٤٥ هـ ، ٢٩ مارس ٢٠٢٤
بحث متقدم

صدق الرسالات أعظم دليل على وجود رب السماوات (موعظة الأسبوع) (2)

مواصلة التحذير مِن خطر الهجمة الشرسة التي تقودها جهات مختلفة "إعلامية وغيرها"؛ لدفع المجتمعات الإسلامية لنبذ الدين، وتبني الإلحاد دينًا!

صدق الرسالات أعظم دليل على وجود رب السماوات (موعظة الأسبوع) (2)
سعيد محمود
الخميس ٠٩ أبريل ٢٠١٥ - ١٣:١٧ م
1357

صدق الرسالات أعظم دليل على وجود رب السماوات (موعظة الأسبوع) (2)

كتبه/ سعيد محمود

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

- الغرض من الموعظة:

- مواصلة التحذير مِن خطر الهجمة الشرسة التي تقودها جهات مختلفة "إعلامية وغيرها"؛ لدفع المجتمعات الإسلامية لنبذ الدين، وتبني الإلحاد دينًا!

- المقدمة:

- الإشارة إلى أن الدعوة الإسلامية المعاصِرة تواجِه تحديات كثيرة، ومنها: "ظاهرة الإلحاد".

- الإشارة إلى ما تقدم في الموعظة السابقة مِن تعريف الإلحاد وتطوره بإيجاز شديد، وكذلك الأسباب.

- الإشارة إلى ما سبق مِن أن أدلة صدق الرسل هو أعظم دليل على وجود مَن أرسلهم، وأنها تدور على الآتي:

أولاً: تأييد الله لهم بالمعجزات والخوارق، وسبق الكلام حول ذلك.

ثانيًا: ما حباهم الله به مِن عظيم الخصال، وجميل الفعال، فكانوا في أعلى درجات الكمال البشري.

ثالثًا: تأييد الله لهم وعنايته بهم، وكف أيدي الكفار عنهم، وجعل العاقبة لهم.

رابعًا: محاسن ما دعوا إليه وما فيه من مصالح العباد في العاجل والآجل.

خامسًا: ما أوردته الرسالات على الملاحدة من حجية الفطرة والعقل والحس (انظر الموعظة السابقة: "في مواجهة ظاهرة الإلحاد").

استكمال الحديث حول بقية الأدلة:

ثانيًا: ما حباهم الله به من عظيم الخصال وجميل الفعال، فكانوا في أعلى درجات الكمال البشري:

- البشر يتفاوتون في الخلق والخلق والمواهب، والأنبياء يمثـِّلون الكمال البشري في أرقى صوره؛ لأن الله اختارهم، وهذه بعض بعض وجوه كمالهم.

1- خير الناس نسبًا:

- جميع الرسل بعد نوح من ذريته، وجميعهم بعد إبراهيم من ذريته: قال الله -تعالى-: (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا وَإِبْرَاهِيمَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِمَا النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ فَمِنْهُمْ مُهْتَدٍ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ) (الحديد:26)، وقال النبي -صلى الله عليه وسلم- عن يوسف -عليه السلام-: (الكَرِيمُ ابْنُ الكَرِيمِ ابْنِ الكَرِيمِ ابْنِ الكَرِيمِ يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ) (رواه البخاري)، وقال عن نفسه: (إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى كِنَانَةَ مِنْ وَلَدِ إِسْمَاعِيلَ، وَاصْطَفَى قُرَيْشًا مِنْ كِنَانَةَ، وَاصْطَفَى مِنْ قُرَيْشٍ بَنَي هَاشِمٍ، وَاصْطَفَانِي مِنْ بَنِي هَاشِمٍ) (رواه مسلم).

- معرفة نسبهم حجة لصدقهم: قال الله -تعالى-: (قُلْ لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلا أَدْرَاكُمْ بِهِ فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُرًا مِنْ قَبْلِهِ أَفَلا تَعْقِلُونَ) (يونس:16)، وقال -تعالى-: (وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا) (الأعراف:65)، وقال: (وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا) (الأعراف:73).

2- كمال الخلقة الظاهرة:

- مبرءون مِن كل نقص خلقي يعيب ظاهرهم: قال الله -تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قَالُوا وَكَانَ عِنْدَ اللَّهِ وَجِيهًا) (الأحزاب:69).

قال الحافظ ابن حجر -رحمه الله-: "والأنبياء في خلقهم وخلقهم على غاية الكمال، ومَن نسب نبيًّا إلى نقص في خلقته فقد آذاه، ويُخشى على فاعله الكفر" (فتح الباري:6/ 438). "وكان بنو إسرائيل قد آذوا موسى -عليه السلام- وقالوا: به برص أو آدر، وهو انتفاخ الخصيتين أو آفة".

3- كمال الخلق والأخلاق:

- بلَغوا ما استحقوا به أن يثني عليهم رب الكائنات: قال الله -تعالى-: (إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُنِيبٌ) (هود:75)، وقال: (وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولاً نَبِيًّا) (مريم:54)، وقال: (وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) (القلم:4)، وقال عبد الله بن سلام -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم-: "فَلَمَّا تَبَيَّنْتُ وَجْهَهُ عَرَفْتُ أَنَّ وَجْهَهُ لَيْسَ بِوَجْهِ كَذَّابٍ" (رواه احمد والترمذي، وصححه الألباني).

ضربوا أروع الأمثلة في حسن الخلق الذي دعوا الناس إليه:

- يوسف -عليه السلام- يتعفف عن الفاحشة مع وجود كل الدواعي وانتفاء الموانع إلا خوف الله: قال الله -تعالى- عنه: (قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ) (يوسف:23).

- موسى -عليه السلام- يسقي لبنات الرجل الصالح لما رأى ضعفهما، فكان الثناء منهما على عفته وأمانته: قال الله -تعالى-: (قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الأَمِينُ) (القصص:26).

- محمد -صلى الله عليه وسلم- يجمع كل صفات الخير: قال الله -تعالى-: (فَإِنَّهُمْ لا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ) (الأنعام:33)، وكان أهل مكة يلقبونه بالأمين "وقصة وضع الحجر الأسود - ووضعهم عنده الأمانات حتى ليلة الهجرة خير شاهد".

- بل شهد لهم الخصوم المنصفون: سأل هرقل أبا سفيان عن النبي -صلى الله عليه وسلم-: "فَهَلْ كُنْتُمْ تَتَّهِمُونَهُ بِالكَذِبِ قَبْلَ أَنْ يَقُولَ مَا قَالَ؟ قُلْتُ: لاَ. قَالَ: فَهَلْ يَغْدِرُ؟ قُلْتُ: لاَ" (متفق عليه).

- وقال المستشرق "مايكل هارت" في كتابه: "مائة رجل في التاريخ": "إن اختياري محمدًا ليكون الأول في أهم وأعظم رجال التاريخ قد يدهش القراء، ولكنه الرجل الوحيد في التاريخ كله الذي نجح أعلى نجاح على المستويين: الديني الدنيوي".

- بل حتى خصومه غير المنصفين فضحهم الله بجحودهم: قال الله -تعالى-: (فَإِنَّهُمْ لا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ) (الأنعام:33).

4- زهدهم في الدنيا:

- يبذلون الخير ولا ينتظرون من الناس أجرًا أو متاعًا: قال الله -تعالى- عن أولهم: (وَيَا قَوْمِ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مَالاً إِنْ أَجْرِيَ إِلا عَلَى اللَّهِ) (هود:29)، وقال عن آخرهم: (قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِلا مَنْ شَاءَ أَنْ يَتَّخِذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلاً) (الفرقان:57).

- عيشهم خير مثال على زهدهم: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (مَا بَعَثَ اللَّهُ نَبِيًّا إِلا رَعَى الغَنَمَ) (رواه البخاري)، وقال -صلى الله عليه وسلم-: (كُنْ فِي الدُّنْيَا كَأَنَّكَ غَرِيبٌ أَوْ عَابِرُ سَبِيلٍ) (رواه البخاري).

- وعن أبي هريرة -رضي الله عنه-: أَنَّهُ مَرَّ بِقَوْمٍ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ شَاةٌ مَصْلِيَّةٌ، فَدَعَوْهُ، فَأَبَى أَنْ يَأْكُلَ، وَقَالَ: "خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنَ الدُّنْيَا، وَلَمْ يَشْبَعْ مِنْ خُبْزِ الشَّعِيرِ!" (رواه البخاري).

ثالثًا: تأييد الله -عز وجل- لهم وعنايته بهم، وجعل العاقبة لهم، وكف أيدي الكفار عنهم مهما بلغت قوتهم:

- يستحيل أن يتقول على الله متقول فيدعي أنه مرسل مِن عنده وهو كاذب في دعواه، ثم بعد ذلك يؤيده الله وينصره: قال الله -تعالى-: (إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لا يُفْلِحُونَ) (النحل:116)، وقال الله -تعالى-: (وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الأَقَاوِيلِ . لأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ . ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ) (الحاقة:44-46).

- نوح -عليه السلام- يتحدى المعاندين الجبارين أن يأتوا بكل ما عندهم من قوة: (فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكَاءَكُمْ ثُمَّ لا يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً ثُمَّ اقْضُوا إِلَيَّ وَلا تُنْظِرُونِ) (يونس:71)، وقال -تعالى-: (وَيَصْنَعُ الْفُلْكَ وَكُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ مَلأٌ مِنْ قَوْمِهِ سَخِرُوا مِنْهُ قَالَ إِنْ تَسْخَرُوا مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنْكُمْ كَمَا تَسْخَرُونَ) (هود:38).

- موسى -عليه السلام- يواجِه أطغى الطواغيت: (قَالا رَبَّنَا إِنَّنَا نَخَافُ أَنْ يَفْرُطَ عَلَيْنَا أَوْ أَنْ يَطْغَى . قَالَ لا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى) (طه:45-46)، (وَإِنِّي لأَظُنُّكَ يَا فِرْعَوْنُ مَثْبُورًا) (الإسراء:102)، (وَقَالَ فِرْعَوْنُ ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسَى وَلْيَدْعُ رَبَّهُ) (غافر:26)، بعد ما كان يقول: (مَا أُرِيكُمْ إِلا مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلا سَبِيلَ الرَّشَادِ) (غافر:29)، و(أَنَا رَبُّكُمُ الأَعْلَى) (النازعات:24).

محمد -صلى الله عليه وسلم- وحفظ الله له مِن كل محاولات قتله:

- نجاته ليلة الهجرة: (وَجَعَلْنَا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لا يُبْصِرُونَ) (يس:9) .

- نجاته في الغار: قال الله -تعالى-: (إِلا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) (التوبة:40).

- "نجاته -صلى الله عليه وسلم- مِن محاولة بني قريظة قتله - نجاته مِن الشاه المسمومة  - نجاته من محاولة الأعرابي قتله بعد ما علاه بالسيف - وغير ذلك كثير.... "، قال الله -تعالى-: (وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ) (المائدة:67).

خاتمة: إلى مدعي الإلحاد:

- التزام تعاليم الدين طهر وراحة، والإلحاد والانسلاخ من الدين دنس وتعاسة: قال الله -تعالى-: (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ . وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ ذَلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ) (الأعراف:175-176).

- الشهوات تزول والإلحاد يبقى معك فتعذب به: (إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ) (النساء:48).

- التوحيد والإسلام نعمة فلا تضيعها: قال الله -تعالى-: (بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلإِيمَانِ) (الحجرات:17)، وكان مِن دعاء النبي -صلى الله عليه وسلم-: (يَا مُقَلِّبَ الْقُلُوبِ ثَبِّتْ قَلْبِي عَلَى دِينِكَ) (رواه أحمد والترمذي، وصححه الألباني).

نسأل الله أن يقبضنا على الإسلام، وأن يبعثنا على الإيمان، وأن يجمعنا بالموحدين في جنات النعيم.

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com

 


تصنيفات المادة