الخميس، ١٧ شوال ١٤٤٥ هـ ، ٢٥ أبريل ٢٠٢٤
بحث متقدم

مقولة: (الدين ليس علمًا!) وقوله -تعالى-: (فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ)

السؤال: قال المدعو "إسلام البحيري" -الذي لم أجد مَن ردَّ عليه ردًّا مناسبًا للأسف الشديد حتى الآن!-: "إن الدين ليس بعلم، وإن مِن حق كل أحد أن يتكلم فيه!"، وقال عن قوله -تعالى-: (فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) (النحل:43)، كلامًا سخيفًا وإن لم أستطع الرد عليه، وذكر أن الآية لا تدل على أن هناك علماء يتكلمون في الدين ويسألهم الناس عنه! فما الرد على هذا الكلام العجيب؟

مقولة: (الدين ليس علمًا!) وقوله -تعالى-: (فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ)
الثلاثاء ٢١ أبريل ٢٠١٥ - ١١:٢٤ ص
1048

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

فقد قال الله -تعالى-: (فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ) (آل عمران:61). فسمَّى الله وحيه -القرآن- إلى نبيه -صلى الله عليه وسلم- علمًا.

وقال الله -تعالى-: (بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلا الظَّالِمُونَ) (العنكبوت:49).

فالدين علم قطعًا، وهو يتضمن مسائل بيِّنة واضحة، كل المسلمين علماء بها؛ لانتشار العلم بمعناها بينهم حتى علمها العالم والجاهل، والخاص والعام، وهذه هي المعلوم مِن الدين بالضرورة؛ أي بلا بحث، كما يتضمن مسائل أجمع عليها العلماء، لكن لم ينتشر علمها بيْن الناس مثل أن: "الجدة ترث السدس عند غياب الأم".

وهناك مسائل اختلف فيها العلماء؛ لاختلافهم في فهم الأدلة ودرجة صحتها، وطرق الجمع بينها فيما ظاهره التعارض، وغير ذلك مِن أسباب الاختلاف بيْن العلماء، وهذا النوع لا يجوز لغير أهل العلم الكلام فيه؛ فإن مَن تكلم في القرآن برأيه فقد أخطأ -ولو أصاب-، كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (الْقُضَاةُ ثَلاثَةٌ: اثْنَانِ فِي النَّارِ، وَوَاحِدٌ فِي الْجَنَّةِ، رَجُلٌ عَلِمَ الْحَقَّ فَقَضَى بِهِ فَهُوَ فِي الْجَنَّةِ، وَرَجُلٌ قَضَى لِلنَّاسِ عَلَى جَهْلٍ فَهُوَ فِي النَّارِ، وَرَجُلٌ جَارَ فِي الْحُكْمِ فَهُوَ فِي النَّارِ) (رواه أبو داود والترمذي، وصححه الألباني).

وأما قوله -تعالى-: (فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) (النحل:43)؛ فرغم أنها نزلت في سؤال أهل الكتاب: هل بَعث الله رسلاً مِن البشر؟ إلا أن: "العبرة بعموم اللفظ، لا بخصوص السبب"؛ فهي دليل ظاهر غاية الظهور في أن الناس نوعان:

1- "أهل الذكر": وهم أهل العلم بالوحي المنزل، وهم الذين يجتهدون.

2- "باقي الناس": الذين لا يعلمون الذكر، أي: الوحي مِن الكتاب والسنة؛ فهؤلاء يجب عليهم سؤال "أهل الذكر" عن الذكر، أي الوحي وحكم الشرع فيما جهلوه.

ومَن عَلِم بعض المسائل "لعلمه بكل ما ورد فيها مِن الذكر، وما دل عليه الإجماع والقياس الذي جاء في الذكر -القرآن والسنة- الدلالة على أنهما مِن طرق معرفة الحق" - نقول مَن علم بعض المسائل؛ فهو بها عالم، وأما ما لم يعلمه؛ فيجب عليه سؤال العلماء عنه.

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com