الخميس، ١٩ رمضان ١٤٤٥ هـ ، ٢٨ مارس ٢٠٢٤
بحث متقدم

السلفية ومناهج الإصلاح - 5

مشاركة الإسلاميين في العملية السياسية التي في النظم المدنية تنقسم إلى نوعين...

السلفية ومناهج الإصلاح - 5
عبد المنعم الشحات
الخميس ٣٠ أبريل ٢٠١٥ - ١٢:٣٨ م
1367

السلفية ومناهج الإصلاح

الشريط الخامس

عبد المنعم الشحات

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله تعالى من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا إنه من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له ، واشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً عبده ورسوله  صلى الله عليه وسلم  .

ثم أما بعد ،،

ما زلنا في تدارس بحث السلفية ومناهج التغيير ، وانتهينا من قراءة ما يتعلق بمن يرون سلوك الحل البرلماني ، ثم في المرة السابقة أضفنا إلى ذلك نوع من أنواع التعرف على النظام الديمقراطي والمناقشة والمقارنة بينه وبين الشورى ، ولأن بعض الإسلاميين الذين يسلكون الحل البرلماني يضطرون بأن ينادوا بأن الديمقراطية من الإسلام حتى لا يقال لهم أنهم ينتحلون الديمقراطية مؤقتاً ، وبالتالي صارت هذه إحدى القضايا المطروحة في الساحة وهي أنه يوجد فريق من الإسلاميين يحاول إثبات أن الديمقراطية هي بعينها الشورى الإسلامية ، وتكلمنا في المرة السابقة حول هذا الموضوع .

وفي الواقع في هذه المرة سنتناول نفس الموضوع بطريقة مركزة ، بحيث أن من لم يحضر المرات السابقة من الممكن ان يكتفي بهذه المرة ، وسيكون الكلام في نقاط مركزة وواضحة مع أنها لن تكون مفصلة أو سيكون كثير منها يكون فيها إحالة على قضايا المفروض أنها مستقرة في الذهن أو على الأقل إحالة أيضاً على بعض البديهيات التي كررناها في المرات السابقة .

خلاصة الأمر :

أننا قلنا أن مشاركة الإسلاميين في العملية السياسية التي في النظم المدنية تنقسم إلى نوعين :

نوع يكون فيه مخالفات

ونوع ليس فيه مخالفات

وبالتالي الحكم يختلف ، فإذا كانت المشاركة تنطوي على مخالفات صارت ممنوعة من أجل هذه المخالفات .

وإن كانت المشاركة لا تنطوي على المخالفات صارت غير ممنوعة ابتداءاً ولكن ينظر فيما تحقق من مصلحة أو مفسدة ، وتختلف في هذه الحالة أنظار العلماء في المسألة ، ونحن نرى أن حتى الصور التي خلت من المخالفات كانت المفسدة فيها أعظم .

نحاول أن نلخص ما هي المخالفات التي تكون في بعض الصور ، ونطبق هذا على أمثلة ، ونطبق أمثلة على تجربة الإسلاميين في المشاركة السياسية التي انطوت على مخالفات ، وكانوا من خلال هذه المشاركة ما زالو يمثلون أقلية في النظام البرلماني ويأتي على رأس ذلك التجربة المصرية أو التي وصلوا فيها على أغلبية كالتجربة التركية ، ونذكر نمازج في المقابل في الأمور التي لم تحتوي على مخالفات تقريباً لأنه يصعب أن تقول أنها لم تحتوي على مخالفات نهائياً ، وكان فيها الإسلاميون أقلية كالتجربة الكويتية ، أو التي وصلوا فيها للأغلبة كانت التجربة الجزائرية .

فسنذكر خلاصة المسألة مع التطبيق على الأربع نمازج الواقعية .

نقول إن كانت المشاركة تنطوي على مخالفات يكون الحكم المنع ، فما هي هذه المخالفات ؟

نقول المخالفات إما في مرحلة التشريح أو ما بعد الترشيح ، إذا كان الإسلاميين أقلية أو أغلبية ، ففي مرحلة التشريح ما هي المخالفات التي توجد ؟

من أبرزها التحالف مع الأحزاب العلمانية ، وأن يكون النظام ليس فيه دخول بالنظام الفردي فلابد أن يدخل تحت مظلة حزب ، وفي ذات الوقت لا يسمح بإنشاء حزب إسلامي فيضطر أن يدخل تحت مظلة حزب علماني ، وطبعاً هذه المخالفة لها إجابة عند من يجوز هذا الأمر ، فنحن قلنا أن المشاركة إذا كان فيها مخالفة فنحن نراها مخالفة وأن من أجازها قوله غير معتبر ولكن هناك من يجيزها ، ففي الحالتين سواء الصورتين كلمنهم هناك من يمنعها وهناك من يجيز ، ونحن نمنع في الحالتين ، ولكن موقفنا من الآخر الذي يجيز في حالة وجود مخالفات نرى أن إجازته لهذا العمل غير مبني على أي أساس ،وفي حالة عدم وجود مخالفات نقول أن الأمر يرجع إلى تقدير مصالح ومفاسد ونحن نقدر المنع ، فنحن عندنا أن كل مخالفة من الممكن أن يكون لها إجابة سنذكرها لكن بعد أن نلخص الكلام .

نحن نقول أن في مرحة التشريح تكون المخالفة التي من أبرز المخالفات هي التحالف مع الأحزاب العلمانية ، ثم مخالفات أخرى كثيرة يمكن أن تجملها تحت عنوان ـ القبول بمبادئ مخالفة للشرع ـ لأن الذي يدخل يتعرض لعملية استجواب من دعاة الديمقراطية ، فهم رفعوا لافتة " لا ديمقراطية لأعداء الديمقراطية " فيسألون الذي يدخل أولاً إذا أنت دخلت التجربة الديمقراطية ستنتفع حتى نتشر منهجك فهل أن مؤمن بالديمقراطية ، ومعظم إن لم يكن كل أن الإسلاميين يضطرون أن يقولون نعم ، وأحياناً يقولون نعم ويقيدونها بقيد خافت ولكن بقيود حتى هذه تقبل جزيئاً ثم يتم الضغط عليهم حتى يحذفون كلمة بقيود فيقبلون بالتجربة الديمقراطية ويقولون نحن نقبل الديمقراطية ، ويضمروا في أنفسهم وجود قيود .

تأتي المرحلة التي بعدها فيقولون لهم أنتم أعلنتم أن تقبلون الديمقراطية بغير قيود فكيف إذا أتت الديمقراطية بشيء ما ، والديمقراطية تستخدم لإفراز المجالس التشريعية كما تستخدم لأفراز بعض السلطات التنفيذية لاسيما رأي النظام التنفيذي ، فدائماً يكون هناك انتخابات رئاسية وانتخابات برلمانية والنظام الديمقراطي قائم على أن هناك سلطات ـ السلطة التنفيذية ، السلطة التشريعية ، السلطة القضائية ـ وهذه هي عناصر النظام الديمقراطي المعاصر .

والديمقراطية تستخدم لإفراز النظام التشريعي جزماً ، وبعد ذلك يكون رأي النظام التنفيذي لابد أن يأتي بانتخبات ، إما أن تكون انتخابات من خلال البرلمان وإما انتخابات شعبية جديدة ، ومعظم الأنظمة يكون فيها انتخبات شعبية ، على كل حال أن الديمقراطية يكون من وظائفها غير انتخاب المجلس التشريعي انتخاب رأس السلطة التشريعية .

يقولون فلو كان هذا الكلام لواحد غير مسلم ـ نصارني أو غيره ـ فهل ستقبلون ؟

قلنا أن بعض الإسلاميون وكان الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح والدكتور عصام العريان قالوا وما المشكلة ، وهذه عملت أزمة في داخل جامعة الأخوان في مصر ، وانتهت جامعة الإخوان بعد انتخاب المرشد الجديد إلى صياغة قد تكون أضبط نسبياً لكن ما زالت غير منبضبطة وهي أنه كرأي فقهي سيظلون رافضين لتولي النصارى والنساء لرأس السلطة التنفيذية ، لكن كموقف ديمقراطي سيقبلونها ، لأنه لا يستطيع أن يخل بجزء منها ، فهنا صار أنه يقول أن عنده الإسلام وعنده الديمقراطية وإذا تعراضا سيقبل بالحل الديمقراطي ولا يعقتده ، فهو يحاول أن يغيره ولكن سيزعن له ويعتبره نظام شرعي .

أسئلة كثيرة ستخرج من هذه البوتقة ،فكانت الإجابات فيها قدر من الغموض حتى وصلت إلى التصريح أن الكتابات التي تعارض الإسلام والكتابات التي تسخر من الدين والتي تستهزئ بالقرآن فكانوا يستنكرون أنها طبعت على نفقة الدولة وليس نستنكر حرية صاحبها في نشرها

والموقف من النصارى ليس مجرد تولي نصراني قيادة الدولة بل هو موقف يأخذ من الشرع أمور ليست في مواضعها ، فنعم في الشرع  { لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين } [الممتحنة/8] لكن هذه تحولت إلى محبة ومودة مصادمة للآيات  { لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم أولئك كتب في قلوبهم الإيمان وأيدهم بروح منه ويدخلهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها رضي الله عنهم ورضوا عنه أولئك حزب الله ألا إن حزب الله هم المفلحون } [المجادلة/22] فصار هنا لي للشرع ومحاولة تعظيم حقوق أهل الذمة وإعطائهم حقوق ليست في الشرع ، فنعم في الشرع حقوق لأهل الذمة ولكن هم ابتداءاً لغى أهل الذمة وجعلها مواطنة ثم أعطاهم حقوق منها المحبة والمودة إلى غير ذلك مخالفة للشرع .

الموقف من المرأة أيضاً هي قضية من أبرز القضايا التي يهتم بها دعاة الديمقراطية والعلمانية .

إذن في مرحة الترشيح يحدث استجواب لأن المظلة ديمقراطية فيقولون لا تستخدم الديمقراطية لهدم الديمقراطية ، وهنا فائدة لابد من الانتباه إليها وهي أن كل نظام يضع أصول لا تقبل أن تمس ، وكل النظام الديمقراطية كذلك ، يعني الثورة الفرنسية غيرت علاقة الدين بالمجتمع وغيرت أشياء كثيرة مثل الإقطاع وغيره ، وبعد أن جعلت أصول لا يمكن المساس بها قالوا أن الديمقراطية في ظل مبادئ الدستور الموضوع في ظل مبادئ الثورة . فإذن لا يطمع أحد أن هذه الديمقراطية آلية تغيير جذري ، بل هي إنما تكون آلية منع استبداد لو كانت ولو طبقت كما يقولون ، فهم يقولون لا نريد من يستبد برأيه في ضمن الخيارات المطروحة التي لا تمس الثوابت ، لكن بداخل الثوابت قد تكون اختيارات داخل النظام الاقتصادي أو النظام الاجتماعي فهي كلها اختيارات الاختلاف بينها ليس كبير ومرجعيتها ثابتة ،وبالتالي يقولون لا تستخدم الديمقراطية لهدم مبادئ النظام لأن هذا النظام جعل ديمقراطي ، فلابد من ترسيخ ثوابت ثم يقولون بعدها الديمقراطية .

فإذن يحدث امتحان للإسلاميين الذين يدخلون ، والامتحان هذا يبين ماذا يأخذ من الإسلام وماذا يأخذ من الديمقراطية .

معظم التجارب يعطي الإسلاميون قدر من التنازل ، ويقال لهم أن هذا القدر غير كاف ، ومن الممكن أن يؤخذ منهم مرة ويدخلون الانتخابات والمرة التالية يقال لهم لا . وعندنا نموزج تركيا ونموزج الترابي في السودان ، وهي نمازج ربما صارت تقبل بالعلمانية مائة بالمائة ، والآن في تركيا الإسلام في القلب ، هم لا يقولون أنهم حزب إسلامي ، ويدافعون عن الحجاب باعتبارة حرية شخصية وليس باعتباره فريضة إسلامية ، ولا يأتي أبداً بكملة إسلامي ، ودفاعه عن الحجاب في مقابل حرية المحجة أن تحتجب كحرية الزانية ان تزني تماماً .

فيكون القبول بمعطيات العلمانية كلها .

بعد أن انتهى من كل هذا بدأت امتحانات أكبر ، فكان الكلام على امتحان الإسلاميين واضطرارهم أن يقبلوا بمبادئ الديمقراطية فيقولون نحن شعب مسلم وقل لهم ما تريد فلو الأغلبية أتت بواحد غير مسلم سنقبله ولكن يستحيل أن يحدث ذلك ، ونقول لو الأغلبية رفضت تحكيم الشرع لا نحكم الشرع ولكن هذا لا يحدث .

فبدأ الأختبار في مدى القابلة للاندماج في المجتمع الدولي أو في النظام العالمي الجديد .

يعني ليس مجرد أنه فقط يتأقلم مع الديمقراطية بكل معطياتها ، بل مدى تأقلمه وهل يستعامل مع النظام الدولي الجديد أم لا ؟ وما هو موقفه من أمريكا وما هو موقفه من أوروبا ، وبدأ الكلام على حوار الإسلاميين مع أمريكا والزيارات متبادلة مع السفير الأمريكي أو السفيرة الأمريكية ، والحرص على الاستجابة للأجندة الأمريكية بل القبول بأمريكا كشرطي للعالم بما في ذلك بلاد المسلمين ، بمعنى أن أمريكا إذا أوحت أنها سوف تتدخل لمحاية المعارضة بما في ذلك المعارضة الإسلامية تجد تجاوب لا يليق مطلقاً بالإسلاميين مهما كان درجة البطش بأن يقبل أن يتحرك في ظل مظلة أمريكية ، ونحن لا نقول أنه كافر شهم كأن يقبل الجوار من كافر بل  هو كافر له مصالح يريد تطبيقها ولا شيء عنده بدون ثمن ، والثمن هو الثناء عليه والثناء على منهجه والقبول بأجندته .

فماذا بقي للإسلاميين من دعوتهم ؟

لما تتحول الدعوة إلى حرية شخصية ، هنا سيقع الإسلاميون في مسألة ازدواجية بأنه سيكون له خطاب موجه للإسلامين وخطاب موجه للجمهور العام .

القبول بهذا الكلام هو القبول بالذوبان في النظام والهيمنة الغربية ، بما في ذلك أن يكون هناك نوع من أنواع الوصاية للغرب على بلاد المسلمين في الترحيب الضمني بالضغوط الأمريكية لما توحي أمريكا أنها ستضغط لإعطاء مزيد من هامش الحرية للإسلاميين .

طبعاً هذا الضغط يكون ضغط وهمي أولاً وثمنه أن الإسلاميين يرحبون ، وأول ما يرحب الإسلاميون لا تجد ضغط .

فهو يوحي أنه سيضغط وينظر ماذا يفعل الإسلاميون ، فلو قالوا لا فهم يستحقون ما يحدث لهم ، ولو قالوا نعم يستحقون ما يحدث لهم أيضاً .

فهم وقعوا في كمين عظيم جداً ، فهم رحبوا وأصبحوا في صورة مذرية جداً وأصبحت العملية أشبه بمادئ السياسة الميكاسلية لا تختلف إسلامي من غير إسلامي ، فكما أن اللبراليين يقولون يا أمريكا فالإسلاميون لا يقولون يا أمريكا ولكن لم يتمنعوا من تدخل أمريكا أو نحو ذلك .

نقول باختصار أنه في مرحلة التشريح يكون التحالف مع الأحزاب العلمانية عنوان ، والقبول بكل معطيات الديمقراطية يكون عنوان آخر ، والامتحان سيكون أكثر من سؤال والامتحان مفتوح فخذ فرصة في الإجابة ولو أخطأت وتريد أن تصلح صلح لأنهم في النهاية يريدون تمييع الإسلام بحيث في يكون في النهاية مثل النصرانية تماماً ، فلو أن فصيل من الإسلاميين استطاع أن يتبنى منهج لا يتعارض مع العلمانية وينشره يكون عند الغرب استعداد أن يوقف الحرب الصليبية ضد الإسلام ، فالغرب تنازل عن النصرانية أو كاد أن يتنازل لصالح العلمانية ، ثم فوجئ أنه وهو صليبي له عداء مع الإسلام وهو علماني أيضاً له عداء مع الإسلام ، فلما يكون علماني في عداء مع الإسلام ويهزم في عقر داره لأن الإسلام يقول للناس في أروربا أنتم لا دينيين ودعوة اللادينيين للإسلام أقرب من دعوة من عندهم دين فيه شبهة إنتساب لنبي ونحو ذلك ، فهم الآن يرجعون للصليبية تحت ضغط وجود الإسلام وتحت ضغط من الإسلام  فالإسلام لم يقبل التاعمل مع معطيات العلمانية .

غاية المنى عند الغرب أن يكون وجود الإسلام كوجود البوذية وغيرها ، بأن يوجد فصيل إسلامي يتبنى فهم محرف مشوه للإسلام لا يتعارض مع العلمانية ويستطيع أن ينشره .

فالأفضل أن يصرحوا بهذا والصوفية على استعداد وإن كانوا يحتاجون إلى تشكيل بسيط فهات منهم وشكل ، والعقلانيين والقرآنيين الذين يحتووهم لأن هذا هو النموذج الذي يريدونه ، لكنه يريد حركة إسلامية فعالة لها قدرة على التأثير فيأتي بالحركات الموجودة التي لها رصيد دعوي ولها رصيد واقعي بين الناس ويحاول أن يرودها ، فما الذي يرغمه يضغط ثم يترك الإسلاميين يدخلون ويحصلون على مكاسب لكن بشرط أن يعترفوا بهذه الجزئية على أن الجموع التي انتخبتهم يكون هذا هو فهمها للإسلام . فلو وجد فصيل يستطيع أن يفهم الإسلام فهم لا يتعارض مع العلمانية أو يتماشى معها وفي نفس الوقت استطاع أن يفهم هذا الفهم أو يعممه يكون الغرب معه ويقبله تماماً ، وهذا ما نقوله في التجربة التركية ، فالغرب جحم الجيش التركي عن أنه يتعرض لحزب العدالة في تركيا ، وكان قبله حزب الرفاه الإسلامي وهو الوحيد الذي كان فيه كلمة إسلامي وكان له نفس الشغل ، لكن عندما وصل للمرحلة المطلوبة انتهى دوره ، وهذا نموذج مغري وفيه قدر من المكاسب للإسلاميين ، فهناك عملوا اصلاحات اقتصادية وعملوا عزة لتركيا فتركيا أصبح لها صوت ولها تواجد ، وكل هذا الكلام من الممكن أن يضحي به الغرب في سبيل أن يوجد اتجاه مسيطر يستطيع أن يعطي للناس مفهوم إسلامي لا يتعارض مع العلمانية .

وكما يقولون أن تركيا من الممكن أن تدخل الاتحاد الأوروبي ، من الممكن ، يعني حتى الآن ما هي العقبة ؟ التاريخ . فالواقع تشكل ، فماذا يصنعون في التاريخ ؟ يتبرأون منه ويقولون أنهم كانوا على خطأ في حرووبهم في أوروبا ويقولون أنهم عملوا عمليات إبادة في قبرص ،فهو شكل الواقع وتبقى التاريخ .

فهو في طريقه أن يضم تركيا في الاتحاد الأوروبي أو على الأقل يجعلها على بعد خطوة من الاتحاج الأوروبي ، فهو يريد أن يصبح العالم الإسلامي كله مثل تركيا .

حتى لا نسبق الأحداث نقول أن المخالفات في مرحلة الترشيخ :

التحالف مع الأحزاب العلمانية

القبول ببعض أو كثير أو كل المبادئ الديمقراطية

القبول ببعض أو كثير أو كل الاندماج في النظام العلماني الجديد أو كل الهيمنة الغربية .

كما ذكرنا قد توجد أوجبة عند المخالف سنجملها ، نحن نريد  أن نركز الموضوع .

فبعد مرحلة الانتخابات يكون شيء من اثنين :

إما أن يكون المسلمون أقلية وإما أن يكونوا أغلبية .

فلما يكونوا أقلية ما هذ المخالفات ؟

أنهم يصبحون أعضاء لهيئة تدعي لنفسها حق التشريع من دون الله

وكان في أيرلندا منظمة معارضة اسمها الجيش الأيرلندي الأحمر ، فيدخلون الانتخابات ويأخذون مقاعد ثم لا يأتوا إلى البرلمان ، لماذا ؟ قالوا لا نريد أن ندخل ونحلف على الولاء للملكة وإلا بهذا نخالف المبدأ الذي نقوم عليه فنحن ندعوا لاستقلال أيرلدنا عن المملكة المتحدة فلا نريد أن تكون أيرلندا خاضعة لملكة انجلترا . فقالوا ما دام أنهم يريدون أن يثبتون أنهم لهم شعبية ، ولكن أنت في المقابل فرضت علي أشياء تخالف مبدأي فأنا لا أشارك ولكني اثبت وسجلت أن لنا أغلبية .

هذا الموقف رغم أنهم كفار في بعض ولكن يدلك على رمزية الثبات على المبدأ رغم أنها كلها مبادئ ليست شرعية ولها هو مبني عندهم على أساس ديني في دينهم ولكنهم يقولون أن الشعب الأيرلندي شعب مستقل لا يخضع للتاج البريطاني .

فهنا يدخل الإسلاميون ويحلفون على الولاء للدستور ، وإن كان هذه يمكن التجربة عنها بالتجربة المصرية على وجه الخصوص بأن الدستور المصري فيه أن الشريعة الإسلامية هي المبدأ الرأيسي للتشريع ، ولكن يبقى أن الدستور فيه أشياء كثيرة مخالفة للشريعة فأنت لم تحلف على هذه المادة وحدها ولكنك حلفت على احترام الدستور ككل .

فالانضمام لهيئة تدعي لنفسها حق التشريع من دون الله .

فيقول أن الدخول على أهل الباطل وأهل المنكر بل الدخول على الكفار والمشركين في مجالسهم هذا يكون خطأ ؟

نقول لا ، بالانضمام إليهم ، هناك فرق كبير جداً بين أن تكون عضو وبين أن تكون داخل عليهم .

على كل حال فضلاً عن الحلف للولاء لهذه المؤسسة واحترامها ، وإلا لا يصبح عضو فيها ، فلو أخل باحترامه لهذه الهيئة التشريعية كيف يكون عضو فهيا وهو يخل باحترامه لها .

ـ أعمال البرلمان منها نوع إداري مثل مراقبة أعمال الحكومة ومناقشة تقارير الموازنة إلى آخره ، وهناك جزء منها تشريعي ، فلما يعرض قانون ربما يكون الأمر في الأمور الإدارية أو الرقابية ليس فيه مشكلة وليست هذه المشكلة وإن كان لا يسلم عند وجود قوانين حتى لو أن الإسلاميين سجلوا اعتراضهم وهذا للأسف اصبح لا يحدث ، بمعنى أنه من الممكن أن يوافق على قوانين غير شرعية أو يمرر مخالفات شرعية .

لكن على الأقل كون أن  أعضاء التيار الإسلامي يطالبون تنبقة القانون مما يخالف الشريعة ليس فيه إشكال ، لكن بعد ذلك أيقال أن كل واحد قال ما عنده وسنبدأ بأخذ الأصوات .

الجلوس في هذه اللحظة جلوس في أمر منكر لا يجوز ، لا يجوز لأنه أنكر وأنهى إنكاره فلماذا يجلس بعد ذلك ، فينبغي أن يخرج اعتراضاً كما يحدث في اشياء أهون بكثير كأن يمنع من الكلمة فيخرج اعتراضاً ، فلماذا لا يخرجون اعتراضاً عند كل قانون يخالف للشرع ؟ يقولون أن هذا يخل بمبدأ الديمقراطية ، فهو قال ما عنده ولابد أن يرضى بما ستنتجه الأغلبية ، يعني من الممكن أن يخرج احتجاجاً على إجراء إداري أو منع من كلمة فيقول أنا محتج ومن حقي أن أخرج لكما عندنا يأتي أمر مخالف للشرع لا يكون من حقه أن يخرج وإلا سيقال له أنت مخالف للديمقراطية ، ليس مهماً أنك موافق للشرع أو مخالف ، فالقضية أنك تخرج بدون أي مبرر إلا أن الأغلبية قالت رأيها ، فهذا اضطرار للجلوس أثناء إقرار أمور مخالفة للشرع واعتبار هذا الأمر محترماً لا يجوز حتى إنكاره حتى بالانسحاب منه أو نحو ذلك .

كنتيجة لهذا يحاول الإسلاميون أنهم لا يثيرون أمور مخالفة للشرع ، وخض تجارب الإسلاميين لا تجد تقديم مشاريع قوانين لإعادة تقنين مثلاً قوانين الجنايات وغيرها التي هي أبرز مخالفة قانونية التي يعرفها كل الناس ويراها وواضحة للصغير والكبير ، فهم لا يتكلمون فيها إطلاقاً ، فهو لا يحرك قانون ولكن عندما يحدث تحريك قانون لغرض ما فمن الممكن أن يحاول الإسلاميون يتكلمون في ضبط هذا القانون بالشرع .

فأين الغرض الذي أعلنته ؟ ، بل حتى من ناحية الديمقراطية هناك خيانة للناخبين ، فأنت قلت للناخبين انتخبوني لأطبق الشرع بينما تبطيق الشرع ليس موضوع في الخطة أصلاً ، لأنه أول ما يكون هناك لا يقدم مشروع قانون ، بل من الممكن أن يقدم مشروع الصرف الصحي في المكان الفلاني ومناقشة الكهرباء في المكان الفلاني ، ولا يتم تقديم أي مشروع قانون ، ربما كان في تجارب أواخر السبعينات تقدتمت مشاريع قوانين إعادة التقنين كاملة وتناقشت وكلف مجمع البحوث الإسلامية بإعداد تقنين للشريعة ، وعلى رأي الأستاذ وجدي عندما دخل الانتخابات وقتها قال أنها طبقت ووضعت في الدرج ، فكان يطالب بتطبيق الشريعة فعملوا القوانين وطبقوه ووضعوه في الدرج ، وكان يقول وقتها في انتخابات 1984 أننا دخلنا لنقول افتحوا الدرج وأخرجوا المشاريع ، ومن سنة 1984 لم يتكلم أحد أن يفتح الدرج ولا يعاد المطالبة بتقنين القوانين ككل ، وما زال العنوان الذي يقال للناخب ويقال عند مناظرة الإسلاميين ، فلما نقول لهم نحن معترضين فيقولون وهل عندك طريقة أخرى لتطبيق الشريعة غير هذه ؟ ، فهل هو بدأ أن يتكلم على إعادة تطبيق الشريعة أم هو منتظر عندما يأخذ الأغلبية ؟ .

وأنتبه أن التجربة التركية تكاد تكون موطن إعجاب الإعلاميين الذين يسلكون الحل البرلماني ، فمن الذي يستنكر التجربة التركية ؟ الذين يعترضون على الحل البرلماني ككل ، لكم معظم الإسلاميين أصحاب الحل البرلماني معجبين جداً بالتجربة التركية مما يعني أنه بعد حتى الوصول للأغلبية لم يكن تطبيق الشريعة مدرج على الخطة ، فلماذا تقول للناخب أنك ستدخل تطبق الشريعة ؟ .

فعندك التغريب والعلمانية والتنصير ، فهذه القضايا كلها لم تتفرغ لها بسب الدخول من الانتخابات لأخرى وإعداد العدة والكر والفر ، فهناك إسلاميين آخرين بغض النظر عن الصحيح والخطأ سادين ثغرة أخرى كما تقول أنت أنهم في المساجد يتعلمون العلم ، فهذا العلم في النهاية يوظف أن الناس تعرف عقيدتها وتعرف عبادتها ومعاملتها بدلاً من أن تنتظر تطبيق القانون الغير مدرج في الخطة الآن ، فعلى الأقل يعرف كل واحد أن يطبقه على نفسه ، فهذه درجة عظيمة من تطبيق الشرع ، ودائماً يسفهون طلب العلم وتعليمه للناس وهو فيه تطبيق حقيقي في الشرع ، هو تطبيق اختياري ولكن هو المتاح بدلاً من أن يتكلم على تطبيق إجباري لن يأتي ، لأن إجباري أغليت لأنه يقول ديمقراطية ، وأيضاً الديمقراطية غير مطلقة بل معها الحرية ، فلا يصح أن يقول واحد عندما يجد معظم الناس متبرجات وهو منتخب عن الشعب ثم يسن قانون بالإلزام بالحجاب فهذا يكون خيانة للعرف الديمقراطي ، لذلك حتى ينشر الحجاب عندما يصل إلى كونه نائب يستغل صلاحيته كنائب بأن يدعوا إلى الحجاب حتى يكون الحجاب في الشارع هو الأصل فيقول أن هذا هو الحجاب ، ومع ذلك عندما يأتي ليسن قانون للإلزام به يقولون له وبماذا ضرتك الأخرى ؟!

فما زال النظام الديمقراطي فيه قيود ، وليس أنه يستطيع أن يلزم الناس بعقيدته الدينية حتى ولو عضو عليهم .

ولكن على كل حال التطبيق الذي يقول عليه واضح أنه غير مدرج في الخطة الآن ، لأنهم يصلون إلى المجالس البرلمانية مرة واثنين وثلاثة ولا تدرج ، فالتعلم والتعليم والدعوة تجعل الناس تطبق على نفسها الشرع فعلاً ، فعندما يأتي في البيع والشراء يتحاكم بالشرع ولا يتحاكم بالربا ، وعندما يقرض أحد ويتأخر عليه لا يطالبه بالفوائد لأنه تعلم أن هذا الكلام حرام .. إلى أخره ، فهذا تطبيق للشرع لمن يستجيب وهذا هو المتاح ، فيقول أن هذا الكلام كله لا يصح لأنه لا سبيل إلى تطبيق الشريعة إلا أنك تكون انت السلطة التشريعية ، فهل هذا الكلام حقيقي ، وهل له رصيد من الواقع ؟ فأنت تصل إلى السلطة التشريعية ولا تحاول أن تطبق الشرع ، فلماذا تحاول أن تزعم الناخب .

فهذه من أخطاء الإسلاميين الذين يخوضون هذا الأمر بأنه يدعي أمر هو تخلى عنه ، أمر موجود في العقل الباطن ، في أول ما دخلو التجربة قالوا أنهم يطالبون بالشرع وكان أول شيء يعملونها هو المطالبة بإعادة التقنين ويتكلم على القانون ككل ، الآن لا يتكلم حتى أن آحاد القوانين ، ولكن مازال هذا الأمر يستخدم عند المناظرة ، فالأقلية الإسلامية تصبح منضمة لهيئة تشريعية تدعي لنفسها حق التشريع وتحلف للولاء للدستور بعجره وبجره .

نعم من الممكن أن يكون هناك مادة تقول أن الشريعة مصدر من مصادر التشريع ولكن هناك مواد أخرى ، وصار أداءهم العملي بأن قضية تطبيق الشريعة مؤجلة وعند مناقشة آحاد القوانين يقول رأيه ويجلس ثم يحترم رأي الأغلبية . وفي أحيان أخرى يقول أن هذا القانون مخالف للشرع ثم يجلس ثم يؤخذ القانون الموافق للأغلبية .

وكان الشيخ صلاح أبو إسماعيل من أوائل من خاض هذه التجربة وتراجع عنها وترجم هذا في شهادته حول البرلمان في كتيب له فيقول أنه في أحد المرات كان في أحد أقسام الشرطة ووجد أشخاص مقبوض عليهم بتهمة الدعارة وكان وقتها في القانون أن الزنا بأجر جريمة في حق المرأة دون الرجل ولكن الآن تعدل وأصبح جريمة في حق الاثنين وإن كانت العقوبة أدنى بكثير من العقوبة الشرعية ، فهو وجد زانيات مقبوض عليهم بتهمة الدعارة فسأل السلطة التنفيذية ـ الضابط ـ هؤلاء الزانيات فأين الزناة ؟ فقال له الضابط : المجلس التشريعي الذي أنت عضو فيه شرع لنا أن الجريمة جريمة في حق الزانيات دون الزواني ، فهو يقول أنه شعر بالحرج البالغ بأن يكون الفعل في النهاية أن هذا القانون خارج باسمه ، وطبعاً القانون تعدل بعد ذلك باعتبار أن الزنا بأجر جريمة في حق الإثنين مع تفاوت العقوبة ، وهذه العقوبة أقل بكثير من العقوبة الشرعية .

فلو قلنا أن الإسلاميين أقلية تكون هذه هي المخالفات .

فماذا لو كانوا أغلبية ؟

لو أن بعد الانتخابات أصبحوا أكثرية  ، إلى الآن لم نرى من الأغلبية أنهم قالوا إعادة تقنين الشريعة .

وحتى مسألة إعادة تقنين الشريعة هذا إجراء للعرقلة ليس إلا ، لأنه هو المفروض يقول الإحالة لكتب الفقه ولا يلزم أن يكون موجود في مواد ، ولكن لا إشكال ،

فمعظم الأنظمة الديمقراطية تقول أن الفريق أو الحزب الذي يشكل أغلبية في البرلمان من حقه أن يكون هو الذي يشكل السلطة التنفيذية ، فأغلبية البرلمان لا تكون تشريعية فقط بل هي تشريعية وتنفيذية ، وهذه هي الخطورة .

فهو عندما يصل إلى أن يكون أغلبية سيكون من حقه أن يشكل السلطة التنفيذية والسلطة التنفيذية ملزمة أن تنفذ القوانين الذي امتنع هو عن تغييرها فيكون في النهاية يطبق القوانين المخالفة للشرع بنفسه وهذا الحاصل في التجربة التركية .

فماذا لو اعترضوا أو قالوا لا ؟

فجبهة الإنقاذ في الجزائر قالوا أن أول ما نصل ويكون معنا الأغلبية سنغير القوانين ، فهم وصلوا على الورق وأعلنت النتيجة فوزهم ولكن لم ينعقد البرلمان لأنه من الناحية القانون يكون البرلمان يكتسب صفته التشريعية بعد انقعاد أول جلسة ، وكأن الذي عمل النظام صنع فرصة للتدخل السريع لو حدث مشكلة ، فلما يصل المسلمون إلى الأكثرية تكون الكارثة أكبر .

من جهة التقاعص عن مراجعة القوانين القديمة ومن جهة أخرى كونهم أكثرية في البرلمان ويشكلون هم السلطة التنفيذية والسلطة التنفيذية تنفذ القوانين الوضعية .

وقلنا في تركيا السلطة التنفيذية تصدر تصاريح البغاء لأن القانون يعترف بذلك ، فالقانون التركي كان مثله مثل القوانين المشتقة من القانون الفرنسي تجعل جريمة الزنا في حق المرأة أعلى من جريمة الزنا في حق الرجل ، فالقانون الفرنسي يجعل جريمة زنا في حق المرأة ولا يجعل جريمة زنا في حق الرجل ، ولكن يجعل زنا الرجل يسقط جريمة الزنا عن الزوجة ، يعني لأن هناك جريمة في حق الزوجة اسمها الزنا وهذه الجريمة ليست جريمة في حق المجتمع وبل هي جريمة في حق الزوج فقط ، فهو الذي من حقه أن يحرج الدعوى إلا لو كان هو زان فلا يستطيع تحريك الدعوى ، لكن لا يوجد العكس بأنه لو ثبت زناة تقدر الزوجة أن تحرك عليه دعوى ، فتم رفع دعوى بعدم دستورية القانون لأنه سيجعل الزوج يرفع دعوى على زوجته والزوجة ترفع دعوى على زوجها فتم إلغاء القانون .

فالبديل أن يقدموا قانون آخر . فيكون محرج جداً أن يقدم الإسلاميون مشروع قانون ينص مرة ثانية على أن الزنا حرية شخصية للمرأة إلا إن كانت متزوجة  ، فألغيت المادة نهائياً وأصبح القانون بأنه لو زنت الزوجة لا يستطيع الزوج أن يرفع عليها دعوى ، وهذا تم في عصر الحكومة الإسلامية .

فإذن هذه هي المخالفات سواء في مرحلة الترشيح ثم في مرحلة البرلمان سواء كانوا أقلية أو أغلبية .

لذلك نحن نقول أنه لوكان هناك مخالفات من هذه المخالفات تكون هذه الصورة فيها خلاف ولكن غير معتبر

بمعنى أننا نرى أن هذه المخالفات كافية تماماً للمنع منه منعاً جازماً ، وأن من يقول بالجواز يتأول بعقله تأولات مصادمة غاية مصادمة للنصوص الشرعية .

فلو أنه بدون مخالفات : هل يتصور وجود تجربة برلمانية بدون مخالفات ؟

يتصور ، بأن يقولون الدخول من خلال حزب إسلامي لو كان النظام السياسي في بعض البلاد يسمع بإنشاء أحزاب إسلامية أو التشريح الفردي بأن لا يكون تحالف مع الأحزاب العلمانية . ولما يسئل عن الديمقراطية يقول أن لديمقراطية مفروضة علينا فنحن نوظفها ولكن لم نؤمن بها .

ولما يسئل عن أي سؤال في حق المرأة أو نظام الحكم أو في حق السياسة الشرعية أو العلاقة مع الكفار ستكون الإجابة موافقة للشرع ، ففي هذه الحالة لم يرتكب محظور .

ولما تنتهي الانتخابات لو كان أقلية إما أن ينسحب تماماً ، فيدخل الانتخابات ليثبت أن الشعب يريد الإسلاميين ، ولكنه أقلية وبالتالي لا يقدر أن يغير تغيير جزري فينسحب ، أو على الأقل ينسحب في كل جلسة فيها قوانين مخالفة للشرع .

ولو اصبح أغلبية يطبق الشرع فوراً . وهذه الصورة صورة نادرة الحدوث ومع ذلك هناك تجارب قريبة منها ، والقريب من ذلك التجربة الكويتية فالإسلاميون يصلون أقلية ولكن يحافظون إلى حد كبير على خطابهم الإسلامي ، والتجربة الجزائري التي وصل الإسلاميون فيها إلى أغلبية وكانوا صريحين جداً بأنهم لا يؤمنون بالديمقراطية وأنهم مع أول جلسة برلمان سيطبقون الشرع ونحو ذلك .

فهنا يضاف شرع آخر حتى يقال أن التجربة شرعية بأنه لو أن الإسلامين أصبحوا أغلبية وحاولوا تطبيق الشرع وحصل تدخل للجيش بأنه لا ينقلب الأمر إلى هرج ومرج كما حديث في الجزائر ، وهذا أمر في غاية الصعوبة ، فبعد أن تعلق آمال الناس والانتخابات وتجييش الناس وتعبئتهم ثم تكون أغلبية ثم يقال للأغلبية " لا " فأنت لا تضمن انفلات الناس وهذا ما حدث للجزائر ، فيكون هنا لو أنه حصل أن الإسلاميين خاضوا هذه التجربة وأصبحوا أغلبية وحدث تدخل للجيش وانقلب الأمر إلى هرج ومرج صار غير شرعي .

فنحن نقول في البداية بعدم جواز المصادمة التي ينشأ عنها انتهاك للدماء والأموال وتضييع للمصالح .

فالجزائر من سنة 1990 حتى الآن وهي في حمامات دم ، فإذن التجربة البرلمانية إما أن لا تؤتي شيئاً ويكون معارضة أو ديكور أو يكون معارضة وينحسب أنه لا يستطيع أن يفعل شيئاً أو يكون أغلبية وينسحب أيضاً حتى لا يحدث حمامات دم ، وإما تأول المسألة إلى صمات ، أصحاب الحل  البرلماني من أكثر الناس تحفظاً على الصدام ، وبالتالي نقول أن طريقك آخرته إما عدم تحقيق مصالح وإما الصدام ، والاثنين أسوء من بعضهم ، ولم نرى إلا ذلك .

وقد يقول اتركونا نجرب ، نقول طالما لم نرى مخالفات فكان بها ، ولكننا نمتنع لأن الرؤيا والاتعاظ بالواقع والاتعاظ بالتجارب يقول إن لم يكن المخالفة في مرحلة الانتخابات تأتي مرحلة الترشيح بعد أن يكون أقلية ويضطر يسكت على مخالفات الشرع ، أو تكون أغلبية ويضطر أن يطبق العلمانية بيده ، أو عندما يكون أغلبية وينقلب الجيش عليه ويضطر يصادم ويكون هناك مفاسد إراقة الدماء ، وفي النهاية نقول أن هذا الموضوع آتينا بآخره ووصلنا بأن كنا أغلبية واضطررنا في الآخر ألا نفعل شيئاً لأن القوة الحقيقة ليست للبرلمان في الواقع وإنما في الجيش ونحوها ، فنعود مرة ثانية للنقطة التي كنت واقف فيها فوظف جهودك في طريق آخر يكون أكثر فائدة .

المخالفات التي نرصدها في هذا الاتجاه لهم عليه إجابات منها :

أن يقول أنكم أخرجتم السياسة من الدين وفصلتم الدين عن السياسة ، والسياسة جزء من الدين :

في الواقع أن هذا الموضوع استهلاك للوقت والجهد بلا فائدة ، بنحن نقف معهم في نفس الخندق بل أكثر لأنهم يستوردون سياسة ـ ديمقراطية وغير ديمقراطية ـ ثم يدخلها الإسلام ، ونحن نقول أن السياسة لابد أن تكون شرعية محضة .

في الواقع من يقول بالحل البرلماني ويصور الخلاف بينه وبين من لا يقول به أن هذا لأن الآخرين يرون أنه لا دين في السياسة ولا سياسة في الدين ، ففي الواقع هذا نوع من التجني ونوع من عدم الإنصاف في الخلاف ، وإن وجد بعض من يقول ذلك فهذا خصم للجميع ،

فنحن نقول أننا نطالب بسياسة شرعية ، والعلم قبل العمل وبالتالي نحن نغطي هذا الامر كعلم بمعرفة نظام الحكم في الإسلام وطريقة اختيار الخليفة في الإسلام ، والقضية ليست مجرد اختيار خليفة ، بل نظم الإسلام مثل النظام الاقتصادي وقواعد البيع والشراء وقواعد الزواج والأسرة وغيرها ، وهذا كلام كله بما تعلمه للناس وتقول أن أسلم الأمور وأفضلها بلا نزاع أن يوجد من يطبق هذا الأمر في الناس حتى يطبق على الناس كلها ، وأنت تدعوا إلى ذلك بأن تدعوا كل أحد أن هذا هو الإسلام وأن هذا مقتضى الإيمان بدين الله ، وهذه الدعوة موجهة للجميع حكاماً ومحكومون ، ولكن أنت في النهاية مع هذا البيان تسمع لك طائفة وتقتنع أن هذا هو دين الله سيطبقه في نفسه ويطبقه الكل في نفسه .

وبالمناسبة : النظام الديمقراطي كما ذكرنا يقوم على وجود أساس ثوابت في المجتمع ومتغيرات ويقول أن هذه المتغيرات تدار بطريقة ديمقراطية حتى لا يستبد برأيه وحتى يكون هناك رقابة على أداء السلطة التنفيذية أو نحو ذلك . فإذن لو أنك استطعت ترسخ في المجتمع ثوابت يوشك أن تفرض نفسها مثل الفرق بين مصر والسعودية رغم أن دعاة العلمانية هنا وهناك مثل بعضهم ، رغم أن دعاة العلمانية السعوديون ما زالوا في عنفوانهم وفي قمة سفاتهم ، فعندنا كسروا وأخذوا دورهم في موجات التغريب الأولى وخرجت الصحوة الإسلامية وانطفئ نجمهم ، لكن دعاة العلمانية في السعودية في قمة السفالة والطعن في علماء الأمة ، لكن في النهاية القضية أين يقف عامة الشعب . فلما كان عامة الشعب يرفض تماماً وجود الاختلاط لم يستطيع العلمانيون أن يفعلوا شيئاً ، فلما وجد على الأقل فئة يقيموا جامعة بنوا لهم جامعة ـ الجامعة المخطلتة ـ لو أن هذه الجامعة بنيت قبل خمس سنوات لأغلقت بقرار إداري لأنها لم تجد من يدخلها لكنها الآن وجدت من يدخلها ، وبالتالي تحركوا . قيادة المرأة للسياسة رغم أنها شرعاً محتملة احتمال كبير جداً ولكن لم يستطيعوا فعلها في السعودية . عملوا جامعة مخطلتة لكنهم لم يستطيعوا أن يفعلوا قيادة المرأة للسيارة لأن الرفض للشعبي لهذه المسألة ما زال عالي جداً ، وبالتالي أن ما عند الناس أقوى من الدستور . بل يمكن أن يطعن في أي مادة في الدستور إذا ثبت أنها تخالف إرادة الأغلبية ، وتغيير الدستور يكون باستفتاء شعبي ، قلنا في النهاية هو يريد أن يغير آليات ديمقراطية وعلمانية ولبرالية بغض النظر أنه من الممكن أن تجد تصريح صادم جداً مثل العدول عن المادة الثانية للدستور ثم يتراجعون ويقولون لم نقل هذا ، في النهاية من الممكن أن تجد تصريحات فيها قدر من مداعبة عواطف الناس مثل ـ إسرائيل لا تفهم إلا لغة القوة وأن اللجنة المصرية للتغير أن من ضمن مشروعتها إظهار قدر من القوة وغطاء قوة يدفع عملية السلام ـ فهذه التفاصيل لم تهم الكثير ؟ بل يهم ، فتظل الديمقراطية والعلمانية واللبرالية هي الأصل فلا يكون تغيير إطلاقً  ، من وجهة النظر الإسلامية لا شيء ، من الممكن أن يحسن جوانب ويسيء جوانب ، وفي النهاية لو حصل تغيير يكون تغيير طفيف جداً .

فأهم شيء عندنا المرجعية فضلاً أن يكون الكلام فعلاً مطلوب فيه المزيد من تطبيق اللبرلية الغربية بكل مفاهما .

دعك من هذا كله ، لما يقولون أنهم يريدون أن يغيروا الدستور يدعون إلى استفتاء شعبي لأن إرادة عموم الأمة أعلى من الدستور .

من الأقلية الإسلاميون أم العلمانيون ؟

أدق توصيف أن الإسلاميين أقلية والعلمانيين أقلية ، ولكن الإسلاميين والعلمانية أقليتان تتنازعان أغلبية صامتة ، الأغلبية الصامتة عندها عاطفة إسلامية والعطافة الإسلامية تحتاج إلى أن يجلى من عليها الصدأ وتتحول إلى انتماء حقيق للإسلام وفهم للإسلام ، فالعاطفة أتت من فهم الإسلام مجملاً دون تفاصيل أو لم يكن عندهم استعداد أن يفهموا التفاصيل أو يسعوا إلى أن تكون هي واقع حياتهم . فعندما يكون الإسلام بالفعل هو المهيمن على فكر الناس كلها يكون هذا أقوى من الدستور بمراحل سواء تغير الدستور أم لا ، فالإرادة العامة للناس أقوى بكثير ، كما قلت أن دعاة العلمانية في مصر والسعودية على سبيل المثال ، وربما يكون دعاة العلمانية في السعودية أنشط ولكن متى تحركه ومتى يوجد الصدى العملي ؟

المسائل التي لديها قبول شعبي يتطبق فيها الجزء من العلمانية ، والتي لم يكن لها قبول يستحيل أن يطبق فيها العلمانية .

فهنا اعتراض أصحاب هذا الاتجاه على الرافضين للحل البرلماني بأنكم اخرجتم السياسة من الدين اعتراض لا أساس له مطلقاً ، بل إن الدعوة والتربية حتى وفق النظام السياسي هي أعلى من الدستور ، فإذا كان هو يريد أن يغير نقول فخذ من هو أعلى من الدستور ذاته وهو الإرادة الشعبية ، لأن الدستور يغير بالستفتاء شعبي وهذه هي القضية .

أما إذا كان يعني بالسياسة السياسة الميكاسلية وأنك تقول خلاف ما تعتقد ، فالخطورة أنك الآن كما يقولون في دنيا السماوات المفتوحة ، فكان يسع في وقت من الأوقات أن يكون للإسلاميين خطاب من الداخل للإسلاميين وللإعلام ، فالآن خطابه للإسلاميين مرصود ، فهو يخاطب الإسلاميين في موقع نت إسلامي أو في كتاب منشور أو في درس ، فلو قال أمام أتباعه أي قضية في قضية الولاء والبراء تخاف ما يعلنه تصبح كارثة ، وبالتالي أن الخوف الكبير جداً أن القضايا التي يضمرها هذا الجيل في قلبه متى يعرفها الجيل الذي بعده ، وجيل الآن الذين يسمع الدكتور عصام العريان والدكتور عبد المنعم أبو الفتوح والجيل الذي يتربى في تركيا الآن ويرى أن هذا الحزب ليس إسلامي فهل يتركوا المتطرفين أمثالنا أن نغذيهم بأن هذا مخالف للإسلام ؟ فهم يقولون أنك سلبي وليس لك وجود .

وهذه النقطة مهمة جداً ، فلما تقيم إلى ترجبة افترض نجاحها إلى قمة نجاحها وانظر إلى إلى مدى ستصل.

فتقول له أنك تربي أناس علمانيين ، يقول لا بل أنظر إلى الناس عندي فهم يفهمون كل شيء .

من أين فهموا كل شيء ؟

فهموا كل شيء من السلفيين ، واقع الأمر الآن لا تستطيع الاتجاهات الإسلامية التي تدخل السياسة أن تتكلم في الولاء والبراء ولا تستطيع أن تتكلم على الفهم الصحيح لقضايا المرأة فتجد أن الآخرين من أتباعهم عنده عاطفة دينية وهو يعرف أن هذا الكلام تكتيك فيذهب إلى السلفيين الذين لهم ظهور إعلامي مثل الشيخ حسان أو الشيخ يعقوب أو الشيخ الحويني ويكون مضطرب جداً لأنهم لا يقتنع بهم مائة في المائة ، ولكنه لا يجد وسيلة يسمع بها كلام شرعي غير هذا الاتجاه الذي له وجود إعلامي وله أرضية سلفية ، ولكن في قضايا الانتخابات وغيرها لا يسمع كلامهم ، ويخرج منهج مشوه أيما تشويه ، فبعد جيل أو اثنين أو ثلاثة يخرج جيل مشوه .

في الواقع يأخذ السياسة الشرعية أصحاب المنهج النقلي .

لا يكلف الله نفساً إلا وسعها لكن يبقى المنهج في القلوب بلا تبديل ولا تحريف ، ولكن أما هو ففعل السياسة الميكاسلية الغير شرعية بالمرة ، لو افترضنا جدلاً أن الساحة اختفى منها الدعاة المتطرفون من وجهة نظره فهو بالفعل يخرج جيل علماني مائة في المائة ، وهذا الجيل الذي يربيه لا يحصل على العلم الشرعي بالذات في القضايا التي تتعارض مع العلمانية والديمقراطية والنظام العالمي ، فلا يحصل عليها إلا من خلال وجود دعاة آخرين .

فقريب من هذا الدندنة حول قضايا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والدعوة إلى الله والإيجابية وعدم السلبية :

فمن قال أن الدعوة إلى الله لها طريق واحد وهو البرلمان ؟ فمن قال أن الإيجابية معناها أن تدخل الانتخابات ؟ وهناك وسائل دعوة لا يراها أصحاب هذا الاتجاه ، ونحن نشاركهم في إنكار الصدام المسلح ، فلو أن أصحاب الصدام المسلح قال له أنك سلبي وأنك تارك للدعوة وتارك للجهاد فيقول أن هذه وسيلة في هذا الإطار غير صحيحة ، فلا يصح أن يأتي من يدافع عن وسيلة ما يعتبر أن كل من لم يقبل بها يكون تارك للدعوة ككل .

فهذا نوع من عدم الدقة والإنصاف في توصيف الواقع .

نقول بل هناك وسائل كثيرة بل أن أصحاب الاتجاهات البرلمانية كثيراً ما يتدارسون مقاطعة الانتخابات ، وفي كثير من الأحيان قاطعوها بالفعل ، لماذا ؟ يقولون لأنهم لا يريدون أن يكونوا ديكور ديمقراطي لوضع ديكتاتوري .

لماذا عندما تأخذ قرار بالدخول تعتبر كل من لم يوافق عليه خائن أوسلبي أو تارك للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أو منعزل عن قضايا المجتمع وقائمة الاتهامات الطويلة هذه ؟

ففي الواقع ليس من الإنصاف مطلقاً الكلام على العمومات في فضل الدعوة إلى الله وفضل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لأن الكلام هنا على صورة معينة من هذه الصورة ، كونها مشروعة أم لا .

الكلام الذي من الممكن أن يكون له وجه بأن يقولون أنتم تقولون المفاسد التحالف مع الأحزاب العلمانية ومفاسد ومفاسد وهناك قاعدة تقول " إذا تعارضت مصلحتان قدمت أولاهما وإذا تعارضت مفسدتان دفعت أكبرهما " فإذن هم يقولون أن المصالح التي تتحقق أعظم من المفاسد .

الجواب في نقطتين :

الأولى : أن هذا عكس للحقائق ، لأن مفسدة أن يخرج جيل الصحوة علماني  ، لو افترضنا أنهم نجحم في إقناعنا وإقناع غيرنا فكلنا نقول الديمقراطية وكلنا سنقول لا بأس بتولي المرأة ، وهذه المنظموة كلها مخالفة للشرع ، فهذه المفسدة العقدية الكبرى مفسدة أعظم من أي مصلحة عملية حصلت مثل أن الإسلاميين تواجدوا وأصبح لهم صوت وتمكنوا من الدعوة ، إلى غير ذلك . لاسيما أن المصلحة الكبرى المدعاه وهي تطبيق الشرع حذفت من الأجندة فأصبح الكلام كله في مصالح ظهور صوت الدعوة وظهور صوت الإسلاميين وإنكار بعض المنكرات ، لكن مصلحة تطبيق الشرع غير مدرجة على الاقل في المراحل الأولى وربما الأخيرة من هذه العملية .

فنقول بل هناك مفسدة عقيدة كبيرة ، وطبعاً هذا راجع إلى إغفال أثرة العقيدة ودورها وصورتها في هذ الأمر .

ولعلنا في مناسبات أخرى احتججنا عليهم بموقف أحد كبارهم وهو المستشار حسن الهضيبي رحمه الله المرشد الثاني لجماعة الأخوان عندما دعي لمناقشة القانون المدني في مجلس الأمة وكان عبد الرزاق السنهوري الذي أعد هذا القانون ، وعبد الرازق السنهوري رجل داهية له اطلاع واسع جداً على المذاهب الإسلامية بجميع أنواعها من أهل السنة والشيعة وغيرهم وله اطلاع واسع جداً على القانون الفرنسي وأصل أنه لابد من عمل قانون موافق للقانون الفرنسي ، وكان له وجهة نظر عجيبة وهو أننا لكي نلحق ركب الحضارة لابد أن يكون لنا قانون مثل القانون الفرنسي ونعمل مشروع موازي جانبي بإعادة تأهيل الفقهاء وإعادة دراسة الفقه الإسلامي ثم نعمل قانون مدني إسلامي ، وسواء كان هذه هي عقيدته أو كان هذا نوع من دفع الحرج عن نفسه أن يقوم بإعداد قانون مستقي من قانون فرنسي فهذا باطل على كل الأحوال .

على كل حال جاء الرجل وأتى الناس ليناقشوه فلما جاء دور المستشار الهضيبي في الكلمة رفضه وقال أن لا اعتراضات له على القانون فقيل بل لك اعتراضات وأنت كتبت فأجاب بأن القانون مكتوب في دباجته أنه مستمد من القانون الفرنسي ومن ثم فخطؤه وصوابه سيان ، قال وإما إن كان مكتوب في دباجته أنه مستمد من الشريعة الإسلامية فحينئذ يمكن أن نعدد أخطاء بأن يكون واضع القانون أخطأ في هذه المادة المخالفة للشريعة طالما أنه مقر أن التحاكم سيكون للشريعة وأن المرجعية تكون للشريعة ، فاعتبر أن القضية طالما أننا نقول أنه مستمد من القانون الفرنسي يكون خطأه وصوابه سواء ، فإذن أحياناً يكون فعلاً الكلام في الجزئيات لا يفيد إلا إطفاء شرعية على شيء لا شرعية له أصلاً .

فهنا تكون المفسدة أعظم وليست أكبر كما يدعون .

الأمر الآخر : أنه إذا كان الإنسان مخير بين ارتكاب مفسدتين يرتكب الأدنى وإذا كان مخير بين فعل مصلحتين يفعل الأكبر . ولكن لو أن واحد عاصي فنفترض مثال قد يبدوا سطحي ولكن يوضح الفكرة :

رجل يشرب مثلاً سجائر ويشرب مخدرات ، فالاثنين محرمين ولكن واحدة مفسدتها أعلى من الثانية ، وأنت بفضل الله لا تشرب هذه ولا تلك ولا يوجد أي إجبار عليك أن تفعل هذه أو تلك ، فلو قلت لو انته عن الأمرين معاً ، وأنت من المفروض أن تنهاه عن الاثنين ، فهو عرض عليك عرض بأنك لو شربت معه سجائر سيمتنع عن المخدرات . هل في هذه الحالة ستطبق ارتكاب أدنى المفسدتين لدفع أكبرهما ؟

أنت عفاك الله وأتيت لتأتي لتنكر عليه ، فتنكر عن المفسدتين كبيرها وصغيرها .

لكن لما يدعوك إلى المشاركة له في الصغيرة تقول أن هذه دفع مفسدة . بل أنت كنت في عافية .

وغير أن إنسان يكون السيف على رقبته ويقولون له إما أن تشرب السيجارة أو المخدرات ، فهو كلاتا الحالات مكره وهم خيروه بين ارتكاب أحد المفسدتين فسيأخذ الصغيرة .

ولكن هنا المشكلة أنه ينكر فهل يتلبس بالصغيرة لأنهم قالوا أنه لو أتيت معنا في الصغيرة نترك هذه وتلك ؟

فلا يصح أن يأتي في سياق الدعوة أن ترتكب مفسدة لأنك لو ارتكبت معه المفسدة الصغيرة سيمتنع هو عن الكبيرة .

هذا النموذج رغم أنه مبسط ، ولكن ستجد أن هذا من نماذجه المعقدة صورة المشاركة السياسية وله نماذج كثيرة جداً .

واحد مثلاً تجده في مكان فيه منكرات مثل الحفلة الغنائية مثلاً ، أو طالب وجد أن دفعته ستحتفل من المفروض ان ينكر عليهم ، فقالوا له تعالى معنا وسنلغي فقرة كذا وكذا وسيكون هناك فقرة محرمة ولكن لابد أن تكون موجود فيها . فهذا لا يصح إلا إذا لغوا جميع المحرم ، أقصى ما يمكن أن يحضر أن يتبقى أشياء مكروهة أو أشياء فيها شبهة مثلاً فيكون وجوده جعل انهم يتركون كل الحرام ، لكن لو قالوا له سنترك بعض المحرمات بشرط أن تكون موجود لا يجوز ، إلا لو حذفوا على الأقل كل الحرام وبقي المكروه فيمكن تحمله في هذا الأمر .

فهنا تطبيق خاطئ لقاعدة ارتكاب أدنى المفسدتين ، فالإنسان يكون في عافية من المفسدتين معاً وأتى لينكر على واحد واقع في المفسدتين فينكر عليه الاثنين وليس عليك هداهم ، فهو غير مسئول على أن يترك هذا الشخص المفسدة الكبيرة أو الصغيرة أو نحو ذلك 

في الإجابة على قضية التحالف مع الأحزاب العلمانية يقولون أنه يجوز الحلف مع الكفار ويستدلون على قول النبي صلى الله عليه وسلم لشهودة إلى حزب الفضول وقال : ( لو دعيت إلى مثلها في الإسلام لأجبت ) :

وهنا أيضاً نفرق بأنه يوجد مصلحة مشتركة بين المسلم والكافر تخدم غرض شرعي فيجوز الحلف عليها وبين أن يكون هذا الحلف من ضمن بنوده الإقرار على باطل أو الدعوة إلى باطل أو الإعانة على باطل

فلو على سبيل المثال : لو أن واحد مسلم والآخر كافر تعرضا لحادث سرقة بالإكراه ، يجوز أن يتعبوا الجاني سوياً على اعبتار أن الكافر لا يجوز أن يسرق ماله ، فالمسلم يدافع عن ماله والكافر أيضاً يدافع عن ماله ، فيكونا هم في القضية عرفوا الجاني فيرفعون عليه قضية فيكونا هما فريق معتدى عليه فيكونا حلف أمام الجاني ، فهذا الحلف ليس في إقرار للكافر على كفره ولا إعانة له على الكفر ، بل فيه إعانة على استرجاع ماله المسروق ، وهذا قدر ينفع المسلم أن يتعاون فيه مع الكافر .

لكن لو افترضنا أن مسلم ونصراني في جامعة يهودية في أي البلادي ، أو أن مسلم وبوذي في جامعة في الغرب وإدراتها نصرانية ، فمنعوا هذا وذاك من إقامة شعائر دينهم على حد تعبيرهم ، فلا يجوز أن المسلم والبوذي أن يرفعا قضية مشتركة بتمكينهما من إقامة شعائر دينهم ، لأن المسلم بذلك ينادي بأن البوذي يعبد غير الله فيكون تحالف معه على حق غير شرعي ، وهو أمر في غاية الخطورة لأنك تمكنه أو تتعاون معه على عبادة غير الله .

فالتحالف مع الأحزاب العلمانية يكون تحالف بأن كل فريق يأخذ حقه في التعبير عن نفسه ويأخذ فرصته بعرض برنامجه ويأخذ فرصته في التمثيل في البرلمان ، هذا الكلام مع حزب التجمع وأسوء من ذلك مع الحزب الشيوعي المصري .

وقلنا قبل ذلك أن حزب الشيوعي المصري هو حزب تحت التأسيس وهو حزب محذور ، فلما أتت أحزاب المعارضة تجتمع فيهم الإخوان وهي جماعة محذورة قانوناً ، فهناك من أحزاب المعارضة من لديهم عاطفة دينية ولكن هناك في غاية الخبث فقالوا أن هذا الاجتماع للأحزاب الشرعية ، فلو أن المحذورين أتو لابد أن يأتي كل المحذورين فيأتي الإخوان ويأتي الحزب الشيوعي المصري ، وفي كثير من المرات لما صدر بيان مشترك للمعارضة كان موقع عليه الإخوان والحزب الشيوعي المصري . والبيان يريد أن كل هذه القوى مجتمعة أن هذه قوى وطنية شريفة ، فالحزب الشيوعي المصري قوة وطنية شريفة ، فهذا أخطر من موضوع النصارى لأنهم أكفر من النصارى .

فيصبح الحزب الشيوعي المصري قوة وطنية شريفة ومن حقهم أن يدعوا لنفسهم ... إلى آخر هذه القائمة .

وذكرنا أن حزب التجمع رغم هذا كله كان يرى أن هناك خلاف هيدلوجي بينه وبين الإخوان في عقائدي لا يسمح لهم بأي مساحة عمل مشترك ، ولكن في الآونة الأخيرة حدث تطور طفيف في موقف حزب التجمع . فنقول أن هذا ليس الحلف الذي يجوز مع الكافر في أمر مباح شرعاً عن المسلم ، ولكن هذا تعاون على نشر باطل ، فأنت عن ماذا تدافع ولأي شيء تحارب ؟

وكأن الإسلاميون الذين يدخلون في التجربة السياسية ينسى لماذا هو دخل ، ينسى أنه داخل يطبق الشرع وأن النظام العلماني فيه بقايا إسلامية ، فالغرب ليس معتبر أن هذا نظام علماني صرف .

فعندنا النظام إما أن يكون إسلامي صرف أو يكون مرفوض من حيث الجملة لما فيه من مخالفات . فنحن نطالب بالنظام الإسلامي الصرف .

وأيضاً الغرب يريد النظام العلماني الصرف ، ويجدون مظاهر إسلامية كمسابقات تحفيظ قرآن . وعندهم كون وجود مسابقات وجوائر تنفق يكون هذا خرق فادح للعلمانية .

على كل حال انت تتحالف مع من يحارب الدين تماماً أن يكون لهم حريتهم بأنهم يقولون هذا الكلام .

فيقولون أن الشعب لن يوافق .

نقول أنت عندما ذكرت لنا مصالح الدخول في التجربة السياسية قلت ليس المهم الوصول للأغلبية بل المهم أن نأخذ حرية ونبين رأينا . فأنت أعطيت نفس الحق تماماً للشيوعي والاشتراكي ، ومن قال أن الناس يرفضون الشيوعية ؟ ولو الأمر كذلك لفرض الناس العلمانية .

فهل نساعد على نشر الفساد ونقول سيرفضها الناس ؟!

والشباب الذي اقتنع بالشيوعية في عصر اذدهارا وإلى الآين في الجامعات المصرية يوجد شيوعيين ، والمدونات الموجودة ، ويوجد ملاحدة ، وكل يوم تجد مواقع ملاحدة توجد على شبكة الإنترنت وغيرها ، بل أحياناً تفاجئ بأن بعضهم كان يصلي وكان على الأقل مسلم طبيعي ولما وجدت الدعوة للشيوعية وغيرها انحرف هؤلاء ، فهذا يساوي مزيد من الانحراف .

هذا باختصار المؤاخذات وردود المخالفين .

ونتكلم أيضاً باختصار على أربع تجارب من التجارب البرلمانية كتطبيق لهذا الكلام .

نحن في الواقع أطلنا في موضوع الحل البرلماني رغم أنه ليس كبير في البحث .

فهل الإخوة تفضل أن نطيل وننتهي من موضوع التجارب أم نجعلها مرة أخرى ؟

سنكمل بإذن الله والإخوة تصبر معنا ، وعموماً الكلام ليس كثير

ينقسم دخولهم البرلمان إلى قسمين رئيسيين :

قسم ينطوى على مخالفات : وقلنا هذا وإن كان الذي يفعلونه يرونه مشروع إلا أن هذه المخالفات كافية للجزم بتحريمه وتخطئة هؤلاء في هذا التصور بوضوح .

وأحياناً لا يكون هناك مخالفات في الممارسة ذاتها ولكن ننتظر النتائج ، وقلنا أن هذا قابل للاجتهاد ولكننا من واقع تجارب الإسلاميين في البلاد المختلفة نرى أنه لا يحقق مصلحة وبالتالي نرجح المنع مع الاعتراف بأن الخلاف في المسألة سائغ . وهذا يفسر أن بعض شيوخ التيار السلفي المعاصرين كالشيخ ابن باز والشيخ ابن العثيمين أفتوا بجواز دخول الانتخابات البرلمانية في التجربة التركية أو التجربة الجزائرية ولكن نحن نقول كل يؤخذ من قوله ويترك إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولكن عموماً فتواهم في هذا الأمر مما يسوغ فيه الخلاف لأن هذه التجارب لم يكن فيها المخالفات الفجة الموجودة في غيرها ، ولكن التجربة العملية تقول أننا لابد أن نمنع أيضاً كما سنبين .

نحن باختصار شديد سندرس أربع تجارب :

التجربة المصرية

والتجربة التركية كنماذج لتجارب فيها انحرافات

والتجربة الكويتية والتجربة الجزائرية كنماذج لتجارب لم يكن فيها كبير انحرافات ولكن في آخر المحصلة أتت بمفاسد كما سنبين .

نحن في كل تجربة لو تكلمنا على تجربة فيها مخالفات نريد أن نعرف ما هي المخالفات التي تمت ، ثم ندرس التجربة بميزان المصالح والمفاسد ، ونريد أن ندرس درجة أخطر من هذا كله وهي أثر المنهج الدعوي والتربوي مع التجربة البرلمانية ومن منهما أفاد الآخر ، لأن أحياناً يكون التقييم وهمي ، كمريض مثلاً ذهب إلى دكتور هناك من الأطباء من يعطي أكثر من علاج في وقت واحد فيعطي له دواء للمعدة والكاولون ومنشط لأنزيمات الكبد فتحسن المريض ولكن أي داء فعال ؟ ، لا يصح أن تشخص بهذا ، فلابد أن تعطي له الدواء حتى يتحسن ثم تبحث عن التشخيص أو توقف الأدوية دواء دواء ، ولكن لا تأتي لمريض يأخذ عدة أنواع من الأدوية وتجزم أن أحدها هو الذي كان سبباً في الشفاء .

فكل التجارب البرلمانية واقفة على أساس دعوي وستجد النجاح الذي ينسب إلى التجارب البرلمانية في واقع الأمر ليس إلا ثمرة لنجاح الجانب الدعوي .

التجربة المصرية :

التجربة المصرية فلو ركزنا على التجربة المصري المعاصرة التي تبدأ سنة 1984 التي تبدأ بتحالف الإخوان مع الوفد ، فالتجربة المصرية هم الإخوان وبعض المستقلين الذين هم إخوان فكراً ولكنهم غير منضمين للإخوان تنظيماً وكان من أبرزهم الاستاذ عادل عيد في الأسكندرية ، ولكن في الجملة لو تكلمنا على منهج فهو منهج الإخوان أو جماعة الإخوة .

فالتجربة مرت بعدة فترات من المد والجزر ولكن المحصلة تكاد تكون واحدة .

التحالف مع أحزاب وكان بدايتها التحالف مع حزب الوفد ، وحزب الوفد كان سنة 1984 وقريباً حصل على حكم قضائي بالعودة ، فحصل على حكم قضائي بالعودة قبل الانتخابات وكان معنى ذلك أنه يحصل على صفر في الانتخابات ، فلم يجد أمامه إلى التحالف مع الإخوان مع الخصومة الأيدروجية كما يقولون لأن الوفد أكثر علمانية من الوطن ، فالوفد لبرالي يعني يريد مزيد من الحرية ومثله حزب الغد وصاحبه أيمن نور ، فأيمن نور انشقاق عن حزب الوفد ، ولكن كمبادئ فهو شيء واحد هو وحزب الوفد .

قلنا أن العلمانية غطاء كبير وتحته أنظمة ، فما هي العلمانية ؟ فصل الدين عن الحياة . ويختارون مبادئ شتى من أفكار وفلاسفة الرجال أيام الفلسفة اليونانية والفلسفات الحديثة ، وكل هذه نوع من العلمانيات .

اللبرالية فلسفة تعبر عن إعطاء أعلى سقف ممكن للحرية الفردية ، فهي تعظم هذا الأمر إلى درجة فتحاول أن تحد من سلطة الدولة في الاقتصاد والاجتماع والتشريع ، ويكون تقليل نطاق دائرة المحظورات النابعة حتى من الدين أو العقيدة أو ثوابت المجمتمع أو غير ذلك .

فاللبرالية درجة متطرفة من درجات العلمانية .

فتحالف الإخوان مع الوفد ووصل الوفد عن طريق الإخوان ثم انقلب عليهم كما هو معروف ونادوا بالليبرالية وأفردوا صفحات جريدتهم للدعوة إلى الوحدة الوطنية بالدرجة الفجة التي هي أكبر من المطبق بكثير واحتضان أفكار الكنائس والنصارى إلى غير هذا .

ثم بعد ذلك كان التحالف مع حزب العمل ، ولكن يمكن أن هذه التجربة كانت أفضل قليلاً من حيث المكاسب الجزئية التي حققها الإسلاميون ، ولكن عموماً على مدار التجربة في الخلاصة لم يتم الكلام على مشروع تطبيق الشريعة وحذف من القضية ، الكلام كله مكاسب جزئية ، ولا أقول اسئل عامة الناس بل اسأل كوادر الإخوان نفسهم ما هي أبرز إنجازات الإخوان في برلمان 1984 ؟ وما هي أبرز إنجازات الإخوان في برلمان 1987 ؟ ستجد الكلام كان لوقته مثل غلاء اللحمة أو رخص اللحمة أو فهي قضايا لا يمكن أن تصنفها أنها رصيد للحركة الإسلامية ، مصلحة جزئية تحققت فلو كانت بلا ثمن لم يكن هناك مشكلة لأن تحقيق مصالح العباد أمر مطلوب شرعاً ، ولكن نقول ما هي المصلحة الكلية التراكمية التي تحققت للحركة الإسلامية بصفة عامة أو للإخوان بصفة خاصة عبر التجربة البرلمانية من سنة 1984 حتى الآن ؟ أو تذكر أي دورة من هذه الدورات حدث فيها شيء بارز ، فمن الممكن أن تسأله اليوم ماذا فعل الـ 88 عضو فستجده متذكر بعض الأشياء كأنهم مثلاً قالوا أن العبارة الفرنسية التي حملت نفايات نووية لم تمر من قناة السويس ثم مرت ولكنهم أصدروا القرار ، فتجد بعض الإنجازات المحدودة جداً ، والذي يرى أن هناك إنجازات يقولها .

غير مسألة أن الشهرين الذين قبل الانتخابات نزل الدعاة إلى الشارع وكانوا ممنوعين من نزول الشارع ، فهم نزلوا الشارع قالوا حرية وديمقراطية ودولة مدنية ولم يدعوا للإسلام ، فهذا خصم من الرصيد وليست إضافة للرصيد .

غير مسألة أن الناس عرفت أن الإسلام ليس له صوت لأن أولاً الحركة الإسلامية صداها أوسع بكثير من مجرد البرلمان ، غير أنه عبر هذه التجربة كلها في مرة من المرات كان هناك عضو واحد إسلامي ـ الاستاذ علي فتح الباب ـ عن دائرة حلوان وكان يدخل مع حزب العمل وانضم إلى حزب العمل بعد أن دخل البرلمان ولكنه من التيار الإسلامي وهو عضو واحد فقط ووقتها قالوا واحد يقوم بما يقوم به المائة . فلما يصل واحد نقول أنه نجاح وكاف ثم عندما يصل عشرين نتكلم بلغة الأرقام ، كل هذه في النهاية عندما نتكلم عن الحركة الإسلامية واستفادة عموم الناس من هذا المجهود الضخم الذي يبذله شباب الحركة الإسلامية في هذه المسالة ما هو رصيد المصالح التراكمية الذي صب في خانة الدعوة إلى الله أو في خانة الإسلاميين أو في خانة الإسلام ؟ كل الأرصدة بالخصم مثل تمييع القضايا وعدم وضوحها ، فيقولون لا بل اسأل الشباب عند الإخوان وستجده فاهم ، نقول من أين يفهم وأنت لا تقول ؟ فهو أخذ من جزء ثاني .

أو يقول أن الجماعة لن تتخلى عن النشاط الدعوي ، نقول أن هذا الكلام فيه نظر كبير جداً بل هي في المجال الدعوي عالة على غيرها ، فهي موجودة ولكن من العالة على الآخر ، فالأول كانوا يقولون أن السلفيين عالة على الأخوان لأن الإخوان أكثر حركة وأكثر نشاط وأكثر قدرة على الوصول للناس في تجمعاتها فهو يوجد الأرضية الإسلامية ثم بعد ذلك ممن الناس عنده قابلية للطلب العلم يكون فاهم ويميل للسلفين فيخرج من الإخوان إلى السلفيين . فالآن الإخوان أصبحوا عالة على الاتجاهات الإسلامية الأخرى لاسيما التيار السلفي الأعلامي وللأسف يطعن فيه الإخوان بطريقة لا تليق بتيار إسلامي ، مع اختلافنا مع كثير من الرموز الذين يخرجون على الفائيات ، لكن لا يصح أن يقول وجود السلفيين لمحاربة الإخوان .

إذن على مدار الفترة الكبيرة 25 سنة لم تسجل التجربة البرلمانية الإخوانية حتى الآن حدث إيجابي كبير يتسحق أن يرصد ، وهناك إيجابيات جزئية أو مصالح جزئية للناس أو نحو ذلك .

ذكرنا شهادة الشيخ صلاح أبو إسماعيل بعد أحداث 1984 وكان هناك قبلها في أواخر السبعينيات تجربة دخول بعض الرموز مثل الدكتور محمود عيد والشيخ المحلاوي مع وجود دعم من تيار الجماعة الإسلامية آنذاك .

على كل الحال التجارب المبكرة جداً اعترف الشيخ صلاح أبو إسماعيل أنه لن يجني منه أنه صار جزء من مجلس تشريعي تخرج منه قوانين مكتسبة قدر من الشرعية كما حكينا قدر من القصة بأنه يتعرض على القبض على الزانيات وترك الزناة فقالوا له أنك عضو في المجلس التشريعي وهو الذي شرع هذا القانون بأن الدعارة أو الزنا بأجر جريمة في حق المرأة دون الرجل . فباختصار كان الإسلاميين في كل هذه المراحل ديكور ديمقراطي لم يحققوا إلى مصالح جزئية معظمها بعيد تماماً عن النواحي التشريعية ، بل معظمها في النواحي الرقابية والخدمية ، وأحياناً كبيرة تتخلف فالنظام الديمقراطي نظام عجيب جداً ، فمن المفروض  أن النائب يراقب أعمال الحكومة بالنظر إلى المصالح العليا للوطن ، فهل هذا يحدث في ديمقراطيات العالم الغربي فضلاً عن العالم الثالث ؟ ، تجد أن كل نائب مركز على اصوات الناخبين الذين ينتخبوه وليس على المصلحة العليا للوطن ، فلو افترضنا مثلاً أن هناك خطة تنمية في مجال ما ، وليكن مثلاً مجال الكهرباء ، فالمفروض أن النواب يكون لديهم حس شرعي أو حس وطني وهم يخرجون بالوطنية ونحن لا نقرها فيقول أن الأماكن الصناعية تأخذ أولوية ، ولكن كل نائب يأتي على دائرته وليس له دخل بغيرها ، فهو يمثل ضغط على السلطة التنفيذية . فيقدم استجوابات عشوائية ، فالوزوير إما أن يستجيب للطلبات التي يأتي بها لأبناء دائرته .

من الممكن أن تعطل طلبات الإخوان بالذات ويحدث كثيراً جداً وسنقول هذا الكلام في التجربة الكويتية وكيف حديث تراجع للإسلاميين في علله الدكتور عصام العريان بأن نواب التيار الإسلامي سواء سلفيين أو إخوان في الكويت عجزوا عن الاهتمام الجيد بهموم المواطن العادي .

فأياًما يكن هذه تجربة من حيث نظام المصالح والمفاسد .

فالتجربة من حيث ارتباطها بالدعوة ، ومن أخذ من الآخر :

ستجد أن الانتخابات عبارة عن كوادر شبابية وأموال تنفق ، طبعاً التيار الإسلامي يتميز أنه يقدم مرشحين لهم قبول لدى الناس لكن لا يشترط أن يكون معهم الملايين التي تنفق على الانتخابات ، فإذن هناك مصادر رضيت أن تدفع رغم أنها ليس لها أي مصلحة ، فلماذا رضوا ؟ لأن هناك دعوة ، فلما وجد الدعوة واقتنع بها ضحى من أجلها ، فالأبجديات تقول أن الانتخابات لم تقم إلى على موارد بشرية ومالية وجدت نتيجة وجود دعوة موجودة ، فلو أن الدعوة استمرت ولم تهدر هذه الطاقات في تحقيق مصالح جزئية وقتية بناءاً على ما قلناه ، وطبعاً حصل في فترات كثير جداً تجربة الانكماش ، فهو يقول أنه قد يكون قرار لجماعة الإخوان في المرحلة القادمة ـ الانكماش السياسي النسبي ـ لإعطاء فرصة لاتقاط الأنفاس وللبناء الدعوي .

لكن هذا كله لو نحن أغفلنا أن هناك تنازلات كنا نقول أن المسألة مصالح ومفاسد ونحن نرى أن المصالح جزئية والمفاسد أكبر وإهداء طاقات ويكون خلاف في وجهات النظر .

ولكن مع وجود تنازلات ضخمة جداً بلغت مداها عند الدكتور عصام العريان والدكتور عبد المنعم أبو الفتوح ، فكما ذكرنا أن الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح يذهب إلى نجيب محفوظ يطالبه بعدم نشر أولاد حارتنا ويطعن في سيد قطب أمامه لاعتذار أن سيد قطب عنده نزعة تكفير لأنه كان مريض نفسي مجاملة لهؤلاء القوم ، والمبدأ أنه من الممكن يدرس إمامة نصراني أو إمامة امرأة ، والقبول بأن المرأة تخرج للانتخاب ثم القبول بأن تكون المرأة مشرحة وأن الإسلاميون يقدمون امرأة مرشحة على خلاف رأيهم الفقهي المعلن والمدون في مجلة الدعوة أو غيرها من وسائطهم التي كانت في مرحلة السبعينيات والثمانينات .

وتبني مبدأ التيسير في الفجوة كمبدأ لأنه لا يريد أن يصدم الناس ، فهو يريد واحد عنده عاطفة إسلامية تجعله يذهب إلى صندوق الانتخاب ، فهذا الهدف المطلوب من الدعوة في هذه المرحلة لأن عنده الانتخابات من أهم الأشياء فلا يريد أن يصدم الناس ، وهذا أثر على اختيارات فقهية كثيرة جداً للجماعة .

بالتالي نقول أن هذه التجربة تصنف ضمن التجارب التي فهيا مخالفات وانحرافات وتحالف مع الأحزاب العلمانية وقبول بمبادئ كثيرة من مبادئ ديمقراطية وقبول ضمني بالهيمنة الأمريكية عن طريق الحوار مع السفارة الأمريكية أو مع غيرها ونحو ذلك . وهذه درجة من درجات هذا القبول ، كل هذا يصادم هذه التجربة ضمن التجارب الغير شرعية من حيث المبدأ فضلاً ان المصالح المترتبة عليها مصالح جزئية .

لما نتكلم على التجربة التركية :

نفس القضية ولكن هنا الفرق أن في تركيا حذفوا كلمة الإسلام هو الحل وكل ما في معناها ، ويقال أن التجربة المصرية أن الإخوان يدرسون الانتخابات الجديدة وتكون تحت شعار آخر لا يتضمن كلمة الإسلام فتدور حول مصطلح فضفاض مثل كلمة الإصلاح أو غيرها .

التجربة التركية يصرحون تماماً أنهم حزب علماني وليس إسلامي وأن دورهم حماية العلمانية بمنتهى الصراحة ، فهو يصرح ويدون وهذا من المفترض أن يتربى الناس عليه ، والأخطر من هذا أنه وصل أغلبية ويشكل الحكومة ويطبق العلمانية بنفسه .

لكن نريد أن نفهم أولاً لماذا لم يتدخل الجيش ما تدخل قبل ذلك ، فهذا الموضوع حدث فيه مد وجزر ، وفي كل مرة يحدث فيها صعود للإسلاميين يتدخل الجيش إلا في هذه المرة ؟

في الواقع أن هذا راجع إلى أكثر من عامل :

أهمها أن امريكا لديها رغبة في تقديم نموذج إسلامي يغري إسلامي العالم الإسلامي بأنه يمكن قبولهم ديمقراطياً وعالماً بشرط أن يكتموا إيمانهم ويجعلونه في قلوبهم ، وهذا أمر أصبح مغري لأناس كثير ، وطبعاً لا يعقل أن يطلب منه أن يعطي تصاريح بغاء ويدعوا للبغاء . ولكن سيتركه يدعوا فلابد أن يكون هناك قدر من المصالح ، فهو كان يدعوا قبل أن يكون في الحكومة وبدرجة أكثر وضوحاً واعترافاً أن هذا من الإسلام بدلاً من كلمة ـ من الحشمة ـ أو بدلاً من كلمة حق المحجبات ، فمن يدعوا المحجبات للحجاب ويوجدهم ابتداً طالما أنت كاتجاه تتخلى عن الدعوة إليه فإذن هناك جزء رئيسي جداً بأن الغرب لديه رغبة في اختبار مدى قدرة التيار الإسلامي السياسي على عمل توافق بين الإسلام والعلمانية إذا ما ترك له حرية الوصول إلى السلطة .

والأمر الثاني أن القرب الجغرافي من تركيا وهي جزء من أوروبا يجعل حرج بالغ على أوروبا الإبقاء على نظام ديكتاتوري مع تشدقها بالحرية وغيره ، فلا بأس بالقبول بنظام فيه رائحة إسلامية ، فلا بأس بالقبول بهذه الرائحة الإسلامية في سبيل الظهور بمظهر المتحضر الذي لا يخون الديمقراطية كما ذكرنا .

فهناك عامل آخر في غاية الأهمية : وهو أن عدد كبير من القيادات الوسطى في الجيش التركي زوجاتهم محجبات ، وكان هناك محاولات فصلهم من أعمالهم ولكن وجدوا أن العدد كبير جداً وهذا يدل على أن الدعوة هي التي تخدم غيرها وليس العكس ، ولو أن الدعوة استثمرت يكون هذا واقع يفوق قدرة الدستور وقدرة الأنظمة في المجالس التشريعية وقدرة الأنظمة العسكرية أيضاً .

فالبعض يعتبر أن كل ما يحدث هو نجاح اتجاهات الإسلام السياسي ، ولكننا نستخدم مصطلحات كما هي شائعة مع الأخذ في الاعتبار ألا يكون فيها دقة .

في الواقع أن الإسلام في تركيا هو الأصل ، والعلمانية هي الدخيلة ولكن كان هناك انحراف وتمثل في أن الإتجاهات الإسلامية في تركيا كان مظمها من الطرق الصوفية ،والطرق الصوفية لديها كثير من الخطأ في فهم كثير من الخطايا منها قضية القضاء والقدر وقضية التوكل وقضية الأخذ بالأسباب وهذا كله أثمر حالة من حالات التواكل في الدولة العثمانية التي جعلتها تغفل عن الأخذ بأسباب القوة وفي النهاية كانت هذه أحد أسباب هزيمتها أمام الغرب . ولكن لما أتت العلمانية فكان أيضاً من ضمن غفلة الصوفية أنهم أيدوا مصطفى كمال أتتاورك في أول الأمر ولكن انقلبوا عليه في الواقع بعد ذلك لما رأو العلمانية الفجة ، وتكاد تكون الصوفية التركية تجربة فريدة من التجارب الصوفية ، والصوفية كان لها دور سلبي كبير لكن عندما وصلت الأمور للعلمانية الفجة الأتاتوركية وبدأت الصوفية تمثل أحد أجنحة الرفض للعلمانية .

ومن ضمن هؤلاء كان هناك جماعة النور التي أسسها بديع الزمان النوراسي وهو رجل لا تستطيع أن تقول أنه صوفي بإطلاق ولكن لديه فهم جيد لقضايا العقيدة مع نزعة تأمل فلسفية لم تورده في البدع الكبيرة ولكن هذا الرجل خاض الجهاد الفكري ضد العلمانية جهاد عظيم جداً في صمود في نشر المنهج الإسلامي والاعتزاز بالإسلام ورفض العلمانية ، حتى أتى نجم الدين أربيكان وهو أحد تلامذة هذا الاتجاه وبدأ يستفيد من حركات المد السياسي الموجودة في العالم ويأخذ طريق السياسة من سنة 1960 حتى الآن بين مد وجزر ويصنع حزب ويحلونه ثم يدخل الانتخابات ويتحالف مع أحزاب علمانية إلى غير ذلك  وكانت المساومة حتى تولى رئاسة الوزراء بأنه يصدر قرار بإغلاق كتاتيب حفظ القرآن .

وحزب الرفاة أغلبية في البرلمان ومع الجيش يطالب الأغلبية أنها تسن قانون بإغلاق كتاتيب القرآن ، فرفض أبيكان ، وآخر شيء إلزام الكتاتيب بأنها تعطي شيء إلا القرآن ،وطلب منه إغلاقها ، وفي النهاية انتهى الأمر إلى الجيل الجديد ـ حزب العدالة للتنمية ـ وهو جيل إسلامي يكتم إسلامه ويصرح بأنه يطبق العلمانية ويحمي العلمانية ولكن يحاول يطبق العدالة كما يقولون ويحاول يوجد إصلاح اقتصادي وإصلاح اجتماعي ويوفر مظلة آمنة لمن يريد أن يلتزم بالإسلام من باب الحرية الشخصية ولا يهمه من يدعوهم ، وبالتالي نقول أن هذا الحل لا يمكن أن يقوم وحده ، فحتى لو افترضنا أنه حل فيه قدر من المصالح ، فالمصالح هي أقصى ما سوف يفعله أن يضع مظلة حماية الملتزمين ، نقول ومن أين أتى الملتزمين ومتى دعوهم للإسلام ، ولم يصرح هو أبداً انه إسلامي ، فإذا انضم الناس إليه نقول لهم من أين يأتي الالتزام بالإسلام ، فضلاً أن هذه الامور تجاوزت القبول للمبادئ العلمانية إلى تطبيقها لأنهم أصبحوا هم السلطة التنفيذية فيطبقون الأمر كما ذكرنا .

نأتي للتجارب التي ليس فيها مخالفات إلى حد كبير واشترك فيها اتجاهات موسومة بأنها اتجاهات سلبية ، والبعض يقول وهل يدخل السلفيون ؟

نقول أولاً كل يؤخذ من قوله ويترك ، والقضية عندنا ليس أن هذا الاتجاه اسمه سلفي أو لا أو أن هذه فتوى الشيخ ابن باز أو فتوى الشيخ العثيمين .

ومع هذا الاتجاهات السلفية التي خاضت الانتخابات في الكويت أو الجزائر وحصلوا على فتاوى من الشيخ ابن باز والشيخ ابن عثيمين لم يكن فيها مخالفات وإن كنا لازلنا نرى أن التجربة في الآخر تقول أن الأفضل عدم الخوض بل هو الصحيح .

التجربة الكويتية يدخلون مستقلين ولا يوجد تحالف مع أحزاب علمانية ولم يكن هناك أنه لابد أن يعترف بكذا وكذا مع قوة التيار العلماني ، ولكن كل واحد يقول ما يريد والانتخابات فردية وغالباً معتمدة على تربيطات قبلية وينجح هؤلاء وأولئك ، فكان الإسلاميون في التجربة التركية يمثلون إزعاج دائم للحكومة لأن الحكومة تترك الأسلاميين يعفلون ما يريدون والعلمانيون يفعلون ما يريدون ، وتتم الانتخابات وغالباً تتم بتربطات قبلية ثم تأتي الحكومة تسوغ مشروعاتها ضمن توجه علماني فتتقدم المشروعات للبرلمان ، فيقدم الإسلاميون احتجاجات واعتراضات وفي النهاية تسير الأمور في طريقها ، وظل هذا الأمر سنوات ، وكان الشيخ عبد الرحمن له كتابات كثيرة في الدفاع عن مشروعية الدخول في هذه الانتخابات ، بل لو حصل حكومة ائتلافية أو أسندت وزارة لأحد الإسلاميين يرى أنه يجوز أن يتولاها طالما أنه في حدود وزارته وليس له دخل بباقي الوزارات ، رغم أن هذا قانوناً وعرفاً هناك مسئولية تضامنية بين جميع الوزراء ، ولكنهم قال طالما أنه في حدود وزارته يطبق الشرع فلا بأس .

واقعياً الوزراء المحسوبين على التيار الإسلامي لن يستطيعوا تطبيق الشرع .وطبعاً كان الإسلاميون يضطرون إلى طلب وزارات خدمية حتى لا يتعارض مع الشرع ، فيطلب وزارات التي تتعامل مع حقوق العمال أو كذا أو كذا .

وكامن من ضمن الأزمات التي تعرض لها التيار الإسلامي في الكويت أزمة كبيرة جداً نتيجة أن أحد النواب عين في الحكومة في وزارة من هذه الوزارات ، ثم جاء رئيس الوزارات أنابه عنه في توزيع جوائر أدبية ، وطبعاً هذه الجوائر للعلمانيين ، ومن ضمن الحاصلين على هذه الجوازئر نساء متبرجات أو امرأة كانت في غاية التبرج ، والعرف أن الذي يسلم الجائزة يصافح بحكم كونه عضو في الحكومة لا يستطيع أن يقول لا ، بل هو يقدر أن يستقيل لكنه ما دام أنه موجود وكلف ، فقام هذا النائب بهذا الأمر وكانت فتنة في التيار الإسلامي في الكويت ما بعدها فتنة وفتن عدد كبير من الشباب وصار تراشق بالألفاظ.

المفروض أن من قال هذا الكلام ورأى هذه التجربة يتعظ ويدرس الأمور مرة أخرى ويعيد تقييم التجربة مرة أخرى .

مؤخراً في انتخابات الكويتية الأخيرة تراجعت نسبة الإسلاميين في البرلمان وهذا كان مصار شماتة العلمانيون في كل بلاد الدنيا ، وفي حوار موقع شبكة محيط مع الدكتور عصام العريان عن أسباب تراجع الإسلاميون في الانتخابات التركية وهذا تزامن مع تراجع الأسلاميون في الانتخابات البرلمانية الأردنية ، فقال : أن من ضمن الأسباب عدم إحساس الإسلاميون بجدوى المشاركة السياسية في أنظمة لا تسمح بالحد الأقصى من المشاركة وهو إدارة الحكم .

في الواقع أن هذا كلام متين نحب أن نسمعه ، فهو هنا يقيم التجربة الكويتية فياليت هذا الكلام في تقييم التجربة المصرية ، ويقول أن الإسلاميون الذين شاركوا يصابون بالإحباط لما يجد أن آخره أن يكون ديكور للنظام الديمقراطي ، وطبعاً التجربة التركية أن يكون منفذ لما لا يؤمن به والمفترض أنه دخل ليغيره

وقال أيضاً : عدم وضوح الهدف لدى الإسلاميين من المشاركة في ظل تلك الظروف المقيدة للحرية ، فالإسلاميين يقوولن أنهم لا يعرفون ماذا يريدون ، وهذا فعلاً مؤثر جداً في خطابه للناس ، فهل هو داخل ليطبق الشرع أم ليراقب أداء الحكومة ؟ ولو يراقب أداء الحكومة هل سيارقبه بنفس المعطيات أم بمعطياته هو ، فكيف يفرض معطياته على الحكومة ، فالناس لم تعرف هذا ، وخصوصاً الكويت بلد صغيرة والعلمانيون فيها لهم وضع كبير ، ويضطرون أن يقيموا أداء الأسلاميين ، والإسلاميين لم يستطيعوا أن يوضحوا للناس سبب دخولهم .

وقال : ارتباك في صفوف الإسلاميين حول استراتيجية العمل البرلماني ويقول أيضاً استخدام خطاب وعظي في غير محله .

وهذه تنقض قولهم أنهم يستغلون الفترات التي ننزل فيها للدعايا الانتخابية للدعوة إلى الإسلام .

فالدكتور عصام العريان يرى أن من أسباب الفشل أن تقول وعظ في المؤتمرات الانتخابية .

فالناس تريد منك أن تقول ماذا تفعل وماذا ستشكل الحكومة والأسعار والأجور ، فيفاجئ أنه يقول وعظ ، فالناس تنفض عنهم .

فهذا لا يصلح أن يدرج ضمن مصالح أو فوائد العمل الانتخابي ، لأنه بالاعتراف لو استغللته في الدعوة التي هي الدعوة سيكون من أسباب الفشل .

الخامس : عدم تبني هموم المواطن العادية والاستمرار في سقف المطالب العالية .

فالتجربة التركية فاشلة لأنهم مصرين على قولهم تطبيق الشريعة . والمواطن يريد منهم أن يذكروا الغلاء وكذا وكذا .

والدكتور عصام العريان يقول أنهم لابد أن ينسوا سقف المطالب العالية ويتكلمون على هموم المواطن العادي .

واضح جداً من تقييم الدكتور عصام العريان للتجربة التركية ، فأين ميزان المصالح والمفاسد ، وهذه تجربة لم يكن فيها مخالفات في الجملة ، لكن في الآخر مفسدة عظيمة جداً وهو الإحباط الذي أصاب الإسلاميين في العالم كله ، وأن الكويت وهي كانت من أنجح التجارب البرلمانية وتعتبر مؤشر على تقدم الإسلاميين فيحدث تراجع ، وتراجع أمام العلمانيين وأمام الشيعة وأمام المرأة ، ولأول مرة ينجح أول نساء ونجحوا على حساب الإسلاميين .

فمعنى ذلك أن التجربة البرلمانية تعرض بعض الثوابت للاهتزاز ، وهذا أمر في غاية الخطورة .

التجربة الجزائرية :

التجربة الجزائرية تشبه الكويتية بل كانت أعلى من جهة الوضوح تماماً ، ففي أول الأمر أنهم لا يؤمنون بالديمقراطية ولن يطبقوا الديمقراطية ولكن سيصلون من خلالها وفي أول وصولهم يغيرون النظام ككل بحكم أنهم الأغلبية .

فتركوا على اعتبار أنهم لا يحصلون على الأغلبية ، أو لا يحصلون على الأغلبية المطلقة .

فانتبه أنه في النظام الديمقراطي لا يكفي أن يكون معك الأغلبية التي هي خمسون في المائة بالإضافة إلى واحد حتى تعمل تغيير جزري ، فالتغيير الجزري يحتاج ثلثي عدد الأعضاء ، فمعظم الأشياء تتطلب ثلثي عدد الأعضاء .

ولما وصلوا لهذه الأغلبية بالفعل وقبل أن ينعقد البرلمان تدخل الجيش بدعم غربي لاسيما فرنسا وقالوا " لا ديمقراطية لأعداء الديمقراطية "

فالجيش تدخل في تركيا عدة مرات ، ولكنه لم يتدخل لما حلف الإسلاميون بأغلظ الإيمان أنهم ليسوا مسلمون .

فلا تقل أن هذا نجاح ، فهم مسلمون وكل الناس يعلمون أنهم مسلمون ، ولكن الجيل الثاني والثالث والرابع بل هذا الجيل فعل أمور مصبوغة بصبغة قومية بأن تركيا دولة كبيرة ولها مصالح مع العالم الإسلامي ولابد أن تدافع ... إلى غير ذلك .

فهنا تدخل الجيش .

نحن نقول أن التجربة الجزائرية كانت نقية في أولها ، ولكن الخطور في أنها تجربة نقية وعندما تصل التجربة مداها إما يدخل وينطبق عليه كل المشاكل ولا ينسحب وكان هذا كلام جبهة الإنقاذ وكان من الممكن ألا ينسحب وكان من الممكن أن يدخل الوزارة ولا ينسحب كما قلنا في الكويت .

فلما كان أغلبية وتدخل الجيش :

أولاً تكلم البعض عن الحرية ويناشد جمعيات حقوق الإنسان وأنهم يريدون نظام ديمقراطي بجد لمحاولة إنقاذ ما يمكن إنقاذه ، فوجدت المفاسد في هذه المرحلة .

الأمر الثاني أتو أصحاب السلاح قالوا أن أصحاب البرلمان بذلوا جهدهم وأصبحوا أغلبية فلا بديل عن المواجهة ، فبدأ الصدام والصراع وقلنا دائماً أن الصدام يتوالد معه التكفير ، وما زالت الجزائر في حمامات الدم حتى الآن

فلما وصلوا للنهاية حصل هذه المفاسد

فماذا حققت الانتخابات ، فلما نأتي ونقول الحل البرلماني مقارناً بالحل الدعوي .

الحل البرلماني قام على أكتاف الحل الدعوي ، ومن الممكن مراجعة كتاب مدارك النظر في السياسة وهذا لمؤلفة رجل جزائري يحكي مظاهر الالتزام التي عمت الشعب الجزائري فضل مشروع جبهة الإنقاذ وكيف أن أفراد الإخوان أقنعوا التيار السلفي هناك بضرورة خوض التجربة ، وصنعت جبهة الإنقاذ كما لو كانت ائتلاف بين السلفيين والإخوان وتركت مدارس فقه ومدارس تحفيظ القرآن وكانت قرى بأكملها لا يتخلف منها أحد عن صلاة الجماعة ولا تكاد تجد فيها امرأة متبرجة بل ولا تكاد تجد فيها امرأة سافرة الوجه بل الكل منقبات فكان هذا بطبيعة الشعب وطبيعة القرى أن معظم البلاد من الريف والقرى البعيدة عن مظاهر الانحراف والإغراء فكان العوامل كبيرة جداً بأن يعم الالتزم، ولكن انقلب هذا الكلام إلى حمامات دم وقتال ، وهذه القرى التي كانت أكثر التزاماً بدأت العصابات المجرمة في قتبل المزارعين وينسبون هذا الكلام للإسلاميين حتى تتعمق قوة الكره والبغض من عموم الناس الذين كانوا في يوم من الأيام ملتزمين لهذا الإلتزام فلم يخلف هذا الأمر إلا هذا الانهيار الذي ذكرنا .

فهذا كلام سريعاً عن أربع تجارب يمثلون نماذج مختلفة للتجربة البرلمانية .

نسأل الله تعالى أن نكون بذلك استطعنا أن نلم بعناصر الموضوع ، وبذلك نكون قد ختمنا الكلام على الحل البرلماني ، ونعود إن شاء الله في المرة القادمة إلى البحث ونتكلم عن الاتجاهات الأخرى التي سلكها بعض المسلمين للتغير .

سبحانك اللهم ربنا وبحمد أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك .

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com

 

 

الكلمات الدلالية