الجمعة، ٢٠ رمضان ١٤٤٥ هـ ، ٢٩ مارس ٢٠٢٤
بحث متقدم

منيحة العنز

لا تحقرن مِن المعروف شيئًا، ولا تتقازم أمام نفسك؛ فأنت تقدر على صنع المعروف، وكيف لا؟!

منيحة العنز
مصطفى دياب
الاثنين ٢٥ مايو ٢٠١٥ - ١٨:٤٩ م
2320

منيحة العنز

كتبه/ مصطفى دياب

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، صلى الله عليه وسلم، وبعد:

 

ربما تكون نائمًا فتقرع أبواب السماء مئات الدعوات مِن فقيٍر أعنته، أو مسكينٍ أغنيته، أو حزينٍ أسعدته، أو عابر سبيلٍ أرشدته، أو يتيمٍ مسحت رأسه أو أطعمته، أو صديق ابتسمت له، أو مكروبٍ نفَّستَ عنه، أو طائرٍ يطيرُ في الجو سقيته، أو درهم تصدقت به فعففت سائلًا، أو أخ مشيت في حاجته حتى أثبتها له، أو دعوة دعوتها في الأسحار، أو ... أو ...

 

أخي الحبيب:

 

لا تحقرن مِن المعروف شيئًا، ولا تتقازم أمام نفسك؛ فأنت تقدر على صنع المعروف، وكيف لا؟! وكفك أذاك عن الناس صدقة، «وتبسمك في وجه أخيك صدقة».

لا تحقرن مِن المعروف شيئًا؛ فربما يمُن الله عليك بأعمال وسرائر تحتفي بها الملائكة في الملأ الأعلى «ما مِن عبد إلا وله صيتٌ في السماء».

 

لا تحقرن مِن المعروف شيئًا؛ فربما تكون لك عند الله أعمال يرفع بها مقامك، ويمد لك فى قبرك مدَّ البصر، وترى من رحمة ربك ما لا يراه غيرك.

 

لا تحقرن من المعروف شيئًا؛ فلربما رزقك الله بأعمال صالحة تتقرب بها إلى علام الغيوب، فلا تدع يومك يمضي وأنت خالٍ من الأجور، فبادر بجبال الحسنات قبل أن تغادر، فمن قال حين يصبح وحين يمسي: «سبحان الله العظيم وبحمده» مائة مرة لم يأتِ أحدٌ يوم القيامة بأفضل مما جاء به إلا أحد قال مثل ذلك، وزاد عليه وقال صلى الله عليه وسلم: «مَن قال: سبحان الله وبحمده في يوم مائة مرة حُطت خطاياه وإن كانت مثل زَبَد البحر».

وقال صلى الله عليه وسلم: «مَن قال: رضيت بالله ربًّا وبالإسلام دينًا وبمحمد نبيًّا، وجبت له الجنة».

 

لا تحقرن مِن المعروف شيئًا فأشرف الأعمال قاطبة أن تموت خادمًا لدين الله؛ فمَن نذر حياته لله قد يعيش مُتعبًا لكنه سيحيا عظيمًا ويموت عظيمًا، فافعل شيئًا، فأحب الأعمال إلى الله سرور تدخله على مسلم، أو تكشف عنه كربة، أو تطرد عنه جوعًا، أو تقضي عنه دينًا.

 

أخي الحبيب:

 

لا تحقرن مِن المعروف شيئًا .. وافعل المعروف، افعل كل ما تعرفه معروفًا، وبادر قبل أن تغادر؛ فإنك لا تدري ما العمل الذي سيغفر لك به الله، هل صلاة الضحى؟ أم صلاة الليل؟ أم صدقة؟ أم مسحة على رأس يتيم؟ أم قراءة آيات من كتاب الله متدبرًا؟ أم تعليم جاهل «تكسب المعدوم»؟ أو صلة رحمٍ؟ أو ابتسامة؟ أو تفريج كرب؟ أو إزالة همٍّ؟ ولا تحقرن شيئا «بينما رجل يمشي بطريق وجد غص شوك على الطريق فأخره فشكر الله له فغفر له».

وآخر يمشي بطريق يشتد به العطش فينزل بئرًا فيشرب ويرتوي، فإذا بكلب يلهث من شدة العطش، فملأ خفه ثم أمسكه بفيه حتى رَقِيَ فسقى الكلب، فشكر الله له فغفر له. قال صلى الله عليه وسلم: «وفي كل كبد رطبة أجر». وأعرف ناسًا كانوا يضعون حبوب الأرز والماء فى الشُرفة لتأتي الطيور فتأكل وتشرب. كيف لا، وقد قال رسول الله: «ما مِن مسلم يغرس غرسًا أو يزرع زرعًا فيأكل منه طير أو إنسان أو بهيمة إلا كان له صدقة»؟

لا تحقرن مِن المعروف شيئًا فإن عجزت عن الجهاد وفك الرقاب قال الحبيب: «تعين صانعًا أو تصنع لأخرق» تعين الرجل على إتمام عمله، أو تُعين رجلًا لا يعرف أن ينجز ما بين يديه ولا يعرف صنعه، قال أبو ذر: فإن لم أفعل؟ قال صلى الله عليه وسلم: «تدع الناس مِن الشر، فإنها صدقة تصدق بها على نفسك».

 

أخي الحبيب:

 

لاتحقرن من المعروف شيئًا؛ فالكلمة الطيبة صدقة، وتبسمك في وجه أخيك صدقة، ونهيك عن المنكر صدقة، قال رجل للرسول صلى الله عليه وسلم: علمني عملًا يُدخلني الجنة. قال: «أطعم الطعام، وأفشِ السلام، وأطب الكلام، وصلِّ بالليل والناس نيام، تدخل الجنة بسلام»، وقال: «اتقوا النار ولو بشقِّ تمرة، فمَن لم يجد فبكلمةٍ طيبة».

لا تحقرن من المعروف شيئًا «كل معروف صدقة، وإن من المعروف أن تلقى أخاك بوجه طلق، وأن تُفرغ من دَلوِكَ في إناء أخيك».

ومِن المعروف أن تُؤنِس الوحشان فتلقاه بما يطمئنه من القول الجميل.

 

أخي الحبيب:

 

لاتحقرن مِن المعروف شيئًا .. اقضِ حوائج الناس، وكن للناس عونًا.

الناس للناس ما دام الوفاء بهم *** والعسر واليسر أوقاتٌ وساعاتٌ

وأكرم الناس ما بين الورى *** رجل تُقضى على يده للناس حاجات

 

أخي الحبيب:

 

قال النبي صلى الله عليه وسلم: «أربعون خصلة –أعلاهن مَنِيحةُ العَنْزِ- ما يعملُ رجلٌ بخصلةٍ منها رجاء ثوابها وتصديق موعدها إلا أدخله الله بها الجنة»؛ فمنها رد السلام، وتشميت العاطس، وإماطة الأذى عن الطريق. وقال صلى الله عليه وسلم: «من منح مَنِيحة لبنٍ أو وَرِقٍ أو هَدَى زُقاقًا كان له مثل عتق رقبة».

فمنيحة اللبن (حلبة شاة أو ناقة)، ومنيحة الورق أن تقرض رجلًا وتصبر عليه حتى يقضي، «أو تهدي زُقاقًا» يعني تهدي ضالًّا عن الطريق، وهذه الأعمال اليسيرة أجرها «كان له مثل عتق رقبة».

 

أخي الحبيب:

 

لا تقطعن يد المعروف عن أحدٍ *** ما دمت تقدر والأيام تارات

واذكر فضيلة صنع الله إذ جُعِلتْ *** إليك لا لك عند الناس حاجات

قد مات قوم وما ماتت فضائلهم *** وعاش قوم وهم في الناس أموات

 

وأخيرًا .. اترك ذنبًا فإنك لا تدري أي الذنوب تُزيلُ النعم.

اترك أثرًا .. فإنك لا تدرى أيُّ العمل يفتح لك أبواب الجنة.

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com

 

 

تصنيفات المادة

ربما يهمك أيضاً

ممنوع الاقتراب!
186 ١١ أكتوبر ٢٠٢٢
أحبك يا رب
124 ٢١ فبراير ٢٠٢٢
هل لك منارة؟
199 ١١ ديسمبر ٢٠٢١
اضبط البوصلة
248 ٣٠ نوفمبر ٢٠٢١
صناعة النموذج
207 ٠٦ نوفمبر ٢٠٢١
اترك أثرًا (4)
121 ٠٢ نوفمبر ٢٠٢١