الخميس، ١٧ شوال ١٤٤٥ هـ ، ٢٥ أبريل ٢٠٢٤
بحث متقدم

حديث قاتل المائة نفس والاستدلال به على كفر القاتل العمد!

السؤال: 1- هناك مَن يقول بكفر "السيسي" والشرطة والجيش؛ لأجل أنهم قتلة، ويقول إن القاتل عمدًا كافر غير مسلم، ولما ذكرتُ له حديث "قاتل المائة نفس"؛ أبطل الاستدلال به وقال عنه: "إنه أصلاً دليل على كفر القاتل؛ لأن الملائكة اختصمت فيه مِن البداية، ولكنه دخل الجنة؛ لأنه كان في الحقيقة تائبًا فلهذا قُبلتْ توبته؛ فلا دلالة في قصته على عدم كفر القاتل عمدًا مثل السيسي والجيش والشرطة"، ولأن النبي -صلى الله عليه وسلم- أخبر أن قتال المؤمنين كفر وخروج مِن الإسلام. فما الرد على ذلك؟ 2- وعلى ذلك فلماذا بالفعل اختصمتْ -أصلاً- ملائكة الرحمة وملائكة العذاب في الرجل الذي "قتل مائة نفس" ولم يصل إلى أرض التوبة التي وُصفت له؟ أليس هو قد ندِم وتاب بالفعل، والندم توبة؟ 3- إذا كانت ملائكة الرحمة قبضتْ روح قاتل المائة نفس، فهل هذا أسقط عنه حقوق المائة الذين قتلهم وحقوق أهلهم أم أنه سيُعذب في النار وإن قبضتْ روحه ملائكةُ الرحمة؛ لأجل حقوق المائة المقتولين وحقوق أهلهم؟

حديث قاتل المائة نفس والاستدلال به على كفر القاتل العمد!
الثلاثاء ٢٦ مايو ٢٠١٥ - ١٢:٣٧ م
1285

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

1- فقد قال الله -تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالأُنْثَى بِالأُنْثَى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ) (البقرة:178)؛ فأثبت -عز وجل- الأخوة بين القاتل والمقتول رغم القتل العمد.

وقال الله -سبحانه وتعالى-: (وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ . إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) (الحجرات:9-10).

ولا يوجد أحدٌ مِن أهل السنة يكفـِّر القاتل عمدًا "وإنما هذا قول الخوارج"، وإن كان القتل بغير حق مِن أعظم الكبائر، والخلاف عن ابن عباس -رضي الله عنهما- في هل له توبة؟ بمعنى توبة تسقط جميع التبِعات؛ أما التكفير فلا يقول به أحدٌ مِن أهل السنة.

وأما قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (سِبَابُ المُسْلِمِ فُسُوقٌ، وَقِتَالُهُ كُفْرٌ) (متفق عليه)؛ فهذا كفر دون كفر "عند عامة أهل العلم"، أو هو في المستحل بلا تأويل، وإثبات العفو والدية في القتل العمد دليل على أنه ليس بكافر؛ إذ أن الكفر حق لله ليس لأولياء القتيل، والمرتد يجب قتله، ولا يصح العفو عنه إلا بالتوبة.

وأما القتل في الفتن وفي الصراعات على المُلك والرياسة وغير ذلك؛ فليس بمكفـِّر أيضًا، بل لا يثبت فيه قصاص "عند عامة أهل العلم" ولو عُلم عينُ القاتل لعين القتيل؛ لوجود الشبهة والتأويل، ولقد قـُتِل في الفتن الكبرى عشرات الآلاف مِن الصحابة والتابعين؛ فلم يكفـِّر أحدٌ أحدًا؛ إلا الخوارج هم الذين كفـَّروا بذلك.

ولا يُفهَم مِن هذا تهوين القتل والاستخفاف به مِن أي طرف، بل لا يزال المسلم في فسحة مِن دينه ما لم يصِب دمًا حرامًا.

ونبرأ إلى الله -تعالى- مِن قتل مسلم بغير حق، بل ونبرأ إلى الله مِن قتل كافر معاهدٍ بغير حق، ولا نرضى بذلك وننكره على فاعله، ونحذِّر مِن سفك الدماء وما يؤدي إليها، ونحثُّ جميع المسلمين على أخذ كل الأسباب الممكنة لإيقاف الفتنة. والله مِن وراء القصد.

2- هم اختصموا فيه؛ لأنه لم يعمل خيرًا قط بجوارحه "بل كان عازمًا على الفعل"، وتبيَّن أن الحق مع ملائكة الرحمة.

3- حقوق المقتولين يفصِل الله فيها يوم القيامة، ومَن قـَبـِلَ الله توبته ورحمه؛ أرضى عنه المقتولين مِن فضله -سبحانه-.

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com