مواعظ
رمضان... (رمضان شهر الدعاء المستجاب) (9)
كتبه/ سعيد محمود
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول
الله، أما بعد؛
فقد قال الله -تعالى-: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ
دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي
لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ) (البقرة:186).
أخي... إن مِن أعظم ما يدل على أن أعظم ما
يكون مِن الدعاء ما كان في حال الصيام هو أن الله -تعالى- ذكر آية الدعاء العظيمة
هذه بيْن آيات الصيام وأحكامه.
قال الشيخ محمد رشيد رضا -رحمه الله-: "هذا التفات عن خطاب المؤمنين كافة
بأحكام الصيام، إلى خطاب الرسول -صلى الله عليه وسلم- بأن يذكِّرهم ويعلمهم ما
يراعونه في هذه العبادة وغيرها مِن الطاعة والإخلاص، والتوجه إليه وحده بالدعاء
الذي يُعِدُّهُمْ للهدى والرشاد".
- فيا أخي... هذا شهر
الدعاء المستجاب؛ فاجتهد فيه بالزيادة عن غيره: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (ثلاثُ دَعَواتٍ مُسْتَجاباتٌ: دَعْوَةُ الصَّائِمِ، وَدَعْوَةُ المُظْلُومِ،
ودَعْوَةُ المُسافِرِ) (رواه البيهقي، وصححه الألباني).
- ويا أخي... انظر إلى عجيب
كرم الله -تعالى-؛ إنه يغضب إذا لم تطلب منه وتسأله! قال الله -تعالى-: (فَلَوْلا إِذْ جَاءهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُواْ وَلَ-كِن قَسَتْ
قُلُوبُهُمْ) (الأنعام:43)، وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (مَنْ لَمْ يَسْأَلِ
اللَّهَ يغضبْ عَلَيْهِ) (رواه الترمذي، وحسنه الألباني).
- وقال الشاعر:
الله يغضب إن
تركت سؤاله وبني آدم حين يُسأل
يغضب
- فيا أخي... هذا زمن شريف، وأنت على حال شريف؛
فأكثر فيه السؤال والدعاء، فإن ذلك مِن دواعي الإجابة.
- ولقد عيَّن لنا الصادق
المصدوق -صلى الله عليه وسلم- الأوقات والأحوال التي يستجاب فيها الدعاء، ومنها:
1- وقت النزول الإلهي: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إِنَّ فِي اللَّيْلِ لَسَاعَةً لا يُوَافِقُهَا رَجُلٌ مُسْلِمٌ،
يَسْأَلُ اللهَ خَيْرًا مِنْ أَمْرِ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، إِلا أَعْطَاهُ إِيَّاهُ،
وَذَلِكَ كُلَّ لَيْلَةٍ) (رواه مسلم).
2- في السجود: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (وَأَمَّا السُّجُودُ فَاجْتَهِدُوا فِي الدُّعَاءِ، فَقَمِنٌ أَنْ
يُسْتَجَابَ لَكُمْ) (رواه مسلم).
3- عند الأذان: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إِذا نادَى المُنادِي فُتِحَتْ أبْوابُ السَّماءِ، واسْتُجِيبَ الدُّعاءُ)
(رواه
الحاكم، وصححه الألباني).
4- بين الأذان والإقامة: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:
(الدُّعاءُ بَيْنَ الأَذانِ والإِقامَةِ مُسْتَجابٌ فادْعُوا)
(رواه
أبو يعلى في مسنده، وصححه الألباني).
5- عند نزول المطر: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (اطْلُبُوا اسْتِجابَةَ الدُّعاءِ عندَ الْتقاءِ الجُيُوشِ، وإِقامَةِ
الصّلاةِ، ونُزُولِ الغَيْثِ) (أخرجه الشافعي في الأم والبيهقي في
المعرفة، وصححه الألباني).
6- آخر ساعة مِن يوم
الجمعة: قال
النبي -صلى الله عليه وسلم-: (يَوْمُ الْجُمُعَةِ اثْنَتَا
عَشْرَةَ سَاعَةً، لا يُوجَدُ فِيهَا عَبْدٌ مُسْلِمٌ يَسْأَلُ اللَّهَ شَيْئًا إِلا
آتَاهُ إِيَّاهُ، فَالْتَمِسُوهَا آخِرَ سَاعَةٍ بَعْدَ الْعَصْرِ) (رواه أحمد وأبو داود والنسائي، وصححه
الألباني).
7- دعاء الأخ لأخيه بظهر
الغيب: قال
النبي -صلى الله عليه وسلم-: (دُعَاءُ الأَخِ لأَخِيهِ بِظَهْرِ
الْغَيْبِ لا يُرَدُّ) (رواه البزار، وصححه الألباني).
8 - دعوة المظلوم.
9- دعوة المسافر.
10- دعوة الوالد على ولده.
قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (ثَلاثُ دَعَوَاتٍ مُسْتَجَابَاتٌ لا شَكَّ فِيهِنَّ: دَعْوَةُ المَظْلُومِ،
وَدَعْوَةُ المُسَافِرِ، وَدَعْوَةُ الوَالِدِ عَلَى وَلَدِهِ) (رواه أحمد والترمذي، وحسنه الألباني).
- أخي... قد علـَّمنا
الصادق المصدوق -صلى الله عليه وسلم- آدابًا للدعاء هي مِن دواعي الإجابة أيضًا،
منها:
1- أن يغتنم الأوقات
والأحوال الشريفة.
2- أن يدعو مستقبل القبلة
ويرفع يديه.
3- أن يجعل صوته بيْن المخافتة
والجهر: قال
الله -تعالى-: (وَلاَ تَجْهَرْ بِصَلاَتِكَ وَلاَ
تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلاً) (الإسراء:110).
4- أن لا يتكلف السجع في
الدعاء.
5- التضرع والخشوع والرغبة
والرهبة:
قال الله -تعالى-: (إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ
وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ) (الأنبياء:90).
6- أن يجزم بالدعاء ويوقن
بالإجابة، ويصدق رجاؤه فيه: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (ادْعُوا اللَّهَ
وَأَنْتُمْ مُوقِنُونَ بِالإِجَابَةِ، وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ لا يَسْتَجِيبُ دُعَاءً
مِنْ قَلْبٍ غَافِلٍ لاهٍ) (رواه الترمذي، وحسنه الألباني).
7- أن يلح في الدعاء ويكرره: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إِذا سَأَلَ أحدُكُمْ فَلْيُكْثِرْ فإِنَّما يَسْألُ رَبَّهُ) (رواه ابن حبان، وصححه الألباني).
8- أن يفتتح الدعاء بذكر
الله والثناء عليه، ويختمه بالصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم-: قال عليٌ -رضي الله عنه-: "كُلُّ
دُعَاءٍ مَحْجُوبٌ حَتَّى يُصَلَّى عَلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-"
(رواه
البيهقي والطبراني، وحسنه الألباني وقال: وهو في حكم المرفوع؛ لأن مثله لا يُقال مِن
قِبَل الرأي).
9- الأدب الباطن وهو الأصل في
الإجابة:
التوبة، ورد المظالم، والإقبال على الله -تعالى-.
اللهم تقبَّل منا الصيام، والقيام،
وصالح الأعمال.
موقع أنا السلفي
www.anasalafy.com