الثلاثاء، ٨ شوال ١٤٤٥ هـ ، ١٦ أبريل ٢٠٢٤
بحث متقدم

مواعظ رمضان (13) رمضان شهر تنوير المساجد بالطاعات

ألا ترى كيف تعمَّر المساجد في رمضان بالقائمين، والساجدين، والمعتكفين، والمتهجدين؟!

مواعظ رمضان (13) رمضان شهر تنوير المساجد بالطاعات
سعيد محمود
الاثنين ٢٩ يونيو ٢٠١٥ - ١٠:١٦ ص
1429

مواعظ رمضان... (رمضان شهر تنوير المساجد بالطاعات) (13)

كتبه/ سعيد محمود

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

كما أن رمضان موسم لكَ -أخي المسلم- للطاعات، فكذلك المساجد، فإن رمضان موسم لها تنتظره مِن العام إلى العام، كما تنتظر أنتَ رمضان.

ألا ترى كيف تعمَّر المساجد في رمضان بالقائمين، والساجدين، والمعتكفين، والمتهجدين؟!

نعم... إنه شهر تنوير المساجد بالطاعات؛ فحق لها أن تزهر وتفرح.

- فهذا وقت التراويح، قد اجتمع المصلون فيها لتلاوة كتاب ربهم في صلاتهم.

- وهذا وقت التهجد، قد فزع إليها المجتهدون ليعمروها بالصلاة والناس نيام.

- وهذا وقت السحر، قد بكَّر فيه أهل الفجر بالحضور؛ ليعمروها بالدعاء والصلاة، والتضرع في وقت النزول الإلهي.

- وهذا وقت انتظار شروق الشمس، قد عمَّره الحُجاج والمعتمرون كل يوم، بالانتظار فيها والدعاء والذكر حتى طلوع الشمس، ثم ختموا ذلك بالصلاة.

- وهذا وقت النهار، يرتادها المصلون، والتالون لكتاب الله في كل ساعة، معمرين نهار رمضان.

- وهذه أيام العشر ولياليها، قد عكف فيها المنقطعون لعبادة ربهم ما بيْن صلاة وتلاوة، وذكر ودعاء: قال الله -تعالى-: (فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ . رِجَالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالأَبْصَارُ . لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ) (النور:36-38).

أخي... تلك البيوت التي أذن الله أن ترفع هي المساجد.

المساجد التي هي هذه البقاع الأرضية الطاهرة التي تتنزل فيها السكنية.

هذه الأماكن المقدسة التي تشهد تربتها كل يوم خمس مرات هذه الجباه الساجدة الضارعة لبارئها.

هذه الأماكن التي هي مهابط رحمة الله ورضوانه على ظهر هذه الأرض التي امتلأت بالقسوة والظلم والخطايا.

هذه الأماكن التي يهرع ويفزع إليها المؤمنون مِن مادية الزمان الطاغية ليجدوا السكينة والطمأنينة بين رحابها، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (أَحَبُّ الْبِلادِ إِلَى اللهِ مَسَاجِدُهَا، وَأَبْغَضُ الْبِلادِ إِلَى اللهِ أَسْوَاقُهَا) (رواه مسلم)، وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (الْمَسْجِدُ بَيْتُ كُلِّ مُؤْمِنٍ) (رواه أبو نعيم في الحلية، وحسنه الألباني).

- ولذا رغـَّب النبي -صلى الله عليه وسلم- المؤمنين في بناء المساجد، فقال: (مَنْ بَنَى مَسْجِدًا لِلَّهِ، بَنَى اللهُ لَهُ فِي الْجَنَّةِ مِثْلَهُ) (متفق عليه).

- وكان -صلى الله عليه وسلم- يرغـِّب أصحابه في كثرة الارتياد على المسجد، فقال -صلى الله عليه وسلم-: (مَنْ غَدَا إِلَى الْمَسْجِدِ أَوْ رَاحَ، أَعَدَّ اللهُ لَهُ فِي الْجَنَّةِ نُزُلاً كُلَّمَا غَدَا أَوْ رَاحَ) (متفق عليه).

- وانظر إلى تعلقه -صلى الله عليه وسلم- بالمسجد: فعن جابر بن سَمُرَة -رضي الله عنه-: "أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ إِذَا صَلَّى الْفَجْرَ جَلَسَ فِي مُصَلاهُ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ حَسَنًا" (رواه مسلم).

- ولقد بشَّر الصادق المصدوق -صلى الله عليه وسلم- أمته ببشارة عظيمة يوم القيامة لمن ارتبط بالمسجد وتعلق به، فقال: (سَبْعَة يظلهم الله -تَعَالَى- فِي ظِلِّهِ يَوْمَ لا ظِلَّ إِلا ظِلُّهُ: إِمَامٌ عَادِلٌ، وَشَابٌّ نَشَأَ فِي عِبَادَةِ اللَّهِ، وَرجل قلبه مُعَلّق بِالْمَسْجِدِ، وَرَجُلانِ تَحَابَّا فِي اللَّهِ اجْتَمَعَا عَلَيْهِ وَتَفَرَّقَا عَلَيْهِ، وَرَجُلٌ ذَكَرَ اللَّهَ خَالِيًا فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ، وَرجل دَعَتْهُ امْرَأَة ذَات منصب وَجَمَالٍ فَقَالَ: إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ، وَرَجُلٌ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ فَأَخْفَاهَا؛ حَتَّى لا تَعْلَمَ شِمَالُهُ مَا تُنْفِقُ يَمِينُهُ) (متفق عليه). فذكر منهم: (وَرجل قلبه مُعَلّق بِالْمَسْجِدِ).

أخي... لقد ظهر ذلك في أحوال أصحابه وسلف الأمة -رضي الله عنهم- فتعلقت قلوبهم بالمساجد؛ لما علموه مِن شرفها وفضلها.

- ها هو علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- لما حدث بينه وبين فاطمة -رضي الله عنها- خلاف في شأن الزوجية خرج مِن بيته، وأوى إلى المسجد فمكث فيه.

- وها هو أبو أمامة -رضي الله عنه- لما أصابته الهموم والغموم لجأ إلى المسجد فمكث فيه حتى علمه النبي -صلى الله عليه وسلم- دعاءً نافعًا يقوله إذا أصابه الهم.

- وكان شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- إذا سألوا عنه، وجدوه في المسجد، وغيرهم الكثير والكثير... تعلقت قلوبهم بالمساجد التي هي أفضل بقاع الأرض وأطهرها.

نسأل الله أن يجعلنا وإياكم ممن تعلقت قلوبهم بالمساجد؛ فعمِّروها بالعبادة.

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com

 

تصنيفات المادة