مواعظ
رمضان (أعمال القلوب... الرجاء) (24)
كتبه/ سعيد محمود
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول
الله، أما بعد؛
قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (لا يَمُوتَنَّ أَحَدُكُمْ إِلا وَهُوَ يُحْسِنُ الظَّنَّ بِاللهِ
-عَزَّ وَجَلَّ-) (رواه مسلم).
ومدح
الله -عز وجل- المؤمنين العاملين بما كان منهم مِن رجاء رحمته إذا عملوا، فقال:
(أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ
الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ
عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا) (الإسراء:57).
تعريف الرجاء:
فالرجاء هو الاستبشار بجود الله وفضل
الرب -تعالى-، والارتياح لمطالعة كرمه ومنته، فيعمل المؤمن العمل ويرجو القبول مِن
الله، وإذا أذنب الذنب تاب ورجا التوبة وقبولها مِن الله.
الفرق بيْن الرجاء والتمني:
- الراجي: كمن يشق أرضه ويفلحها ويبذرها ويرجو طلوع
الزرع.
- والمتمني: كحال مَن يتمنى أن يكون له أرض يبذرها
ويأخذ زرعها.
- وجاء في بعض الآثار: "ليس الإيمان بالتمني، ولكن ما
وقر في القلب وصدقه العمل، وإن قومًا ألهتهم أماني المغفرة حتى خرجوا مِن الدنيا
ولا حسنة لهم، ويقولون: نحن نحسن الظن بالله، فلو أحسنوا الظن لأحسنوا العمل"،
فالرجاء لا يصح إلا مع العمل.
مَن هم أهل الرجاء؟!
1- يرجون قبول أعمالهم: قال الله -تعالى-: (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ
لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا)
(الأحزاب:21)، وقال: (فَمَن
كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحًا وَلا يُشْرِكْ
بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا) (الكهف:110).
2- يرجون مغفرة ذنوبهم: قال الله -تعالى- في الحديث القدسي: (يَا ابْنَ آدَمَ إِنَّكَ مَا دَعَوْتَنِي وَرَجَوْتَنِي غَفَرْتُ
لَكَ عَلَى مَا كَانَ فِيكَ وَلا أُبَالِي) (رواه الترمذي، وصححه الألباني)، وقال -تعالى-: (وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ) (الإسراء:57).
ما جاء في الرجاء من الكتاب
والسنة:
قال الله -تعالى-: (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لا
تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا
إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) (الزمر:53)، قال علي -رضي الله عنه-: "هي
أرجى آية في كتاب الله". وقيل هي: (ثُمَّ
أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ
ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ وَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ)
(فاطر:32).
وعن عمرو بن العاص -رضي الله عنه- قال:
قرأ النبي -صلى الله عليه وسلم- قول الله في إبراهيم -عليه السلام-: (رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ فَمَن
تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ) (إبراهيم:36)، وقوله في عيسى -عليه السلام-: (إِن تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِن تَغْفِرْ لَهُمْ
فَإِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) (المائدة:118)، فرفع يده وقال: (اللهُمَّ أُمَّتِي أُمَّتِي)، وَبَكَى، فَقَالَ اللهُ -عَزَّ
وَجَلَّ-: (يَا جِبْرِيلُ اذْهَبْ إِلَى مُحَمَّدٍ، وَرَبُّكَ
أَعْلَمُ، فَسَلْهُ مَا يُبْكِيكَ؟) فَأَتَاهُ جِبْرِيلُ -عَلَيْهِ الصَّلاةُ
وَالسَّلامُ-، فَسَأَلَهُ فَأَخْبَرَهُ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
بِمَا قَالَ، وَهُوَ أَعْلَمُ، فَقَالَ اللهُ: (يَا جِبْرِيلُ، اذْهَبْ إِلَى مُحَمَّدٍ،
فَقُلْ: إِنَّا سَنُرْضِيكَ فِي أُمَّتِكَ، وَلا نَسُوءُكَ) (رواه مسلم).
فاللهم إنا نرجو رحمتك، ونخشى عذابك، ونسألك
رضاك والجنة، ونعوذ بك مِن سخطك والنار.
موقع أنا السلفي
www.anasalafy.com