الثلاثاء، ١٥ شوال ١٤٤٥ هـ ، ٢٣ أبريل ٢٠٢٤
بحث متقدم

صفحات مطوية مِن القضية الفلسطينية قبْل قيام دولة إسرائيل -38

هل باع الفلسطينيون أرضهم لليهود؟

صفحات مطوية مِن القضية الفلسطينية قبْل قيام دولة إسرائيل -38
علاء بكر
الاثنين ٠٣ أغسطس ٢٠١٥ - ١٣:٢٧ م
1435

صفحات مطوية مِن القضية الفلسطينية قبْل قيام دولة إسرائيل (38)

هل باع الفلسطينيون أرضهم لليهود؟

كتبه/ علاء بكر

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

فيزعم أصحاب الحركة الصهيونية أن أرض فلسطين عند قدوم اليهود إليها لتكوين دولتهم كانت أرضًا قاحلة غير مأهولة، تنتظر مَن يملؤها ويجعلها خصبة، ويدَّعون أن اليهود اشتروا هذه الأرض مِن أصحابها بإرادتهم، وعلى هذا قامت الدعاية الصهيونية التي راجت على الكثيرين مِن بداية القضية وإلى اليوم!

لذا كان مِن الواجب الرد على هذا الكذب البيِّن، وإظهار ضلاله؛ لئلا يروج على أحد، ولإيصال الحقيقة لمن لا يعلمها.

وبطلان ذلك الزعم مِن وجوه، منها:

- أنه مع بدايات الهجرة اليهودية إلى فلسطين في نهاية القرن التاسع عشر الميلادي عَمَد بعض رجال المال مِن أثرياء اليهود المتبنين للفكرة الصهيونية إلى تشجيع هذه الهجرة بشراء أراضٍ فلسطينية، وإقامة مستعمرة (مستوطنة) لليهود عليها، وتوفير سبل الحياة المستقلة ذاتيًّا لهم فيها، لتكون نواة لمطامعهم في فلسطين، وكان عاديًّا أن يمر هذا الأمر بلا نكير؛ إذ اعتاد العرب في ظل الإسلام على وجود غير المسلمين مِن أهل الكتاب بينهم على أن يكونوا خاضعين للدولة الإسلامية كأهل ذمة.

ولما زادت هذه الهجرة وارتاب منها الوجهاء مِن الفلسطينيين بدأ لفت النظر إليها، ولما انكشف وعد "بلفور" ظهرت الفتاوى بمنع بيع الأراضي لليهود، والدعوة إلى ذلك.

- وأعقب ذلك محاولات مِن اليهود بالترغيب تارة وبالترهيب تارة لامتلاك أراضٍ فلسطينية، واحتال اليهود على ذلك -أيضًا- باتخاذ الوسطاء مِن غير اليهود في شراء الأراضي ثم بيعها لليهود، وقد ساهم العديد مِن أعيان الدروز في هذا الاحتيال، وما استطاعوا شراءه إنما اشتروه مِن غير المقيمين في فلسطين، أو مِن أراضٍ بعيدة عن العمران والمدن والقرى الكبرى في فلسطين.

- وقال اليهودي "أشير هيرش جينزبيرج" المعروف بـ"أحد عاهام"، والذي زار فلسطين عام 1891م في أوائل الدعوة الصهيونية، في مقال له بعنوان: "الحقيقة حول فلسطين": "يراودنا الاعتقاد مِن الخارج بأن فلسطين اليوم هي بلد شبه خالٍ مِن السكان، وأنها صحراء يمكن لأي أحد أن يشتري فيها كل ما يرغب مِن الأرض، وإن الحقيقة مختلفة تمامًا عن ذلك، فمن الصعب العثور في هذه البلاد على أراضٍ صالحة للزراعة دون أن تكون مزروعة، وليس المزارعون فقط الذين يحجمون عن بيع هذه الأرض الطيبة، بل كبار ملاك الأراضي أيضًا، فهناك الكثير مِن إخواننا -يعني اليهود- الذين حضروا لشراء الأرض، وبقوا في البلاد أشهرًا طويلة اجتازوها في طولها وعرضها دون أن يوفقوا في الحصول على ما حضروا مِن أجله" (راجع تاريخ القضية الفلسطينية ص 63).

- إن بريطانيا خلال الانتداب على فلسطين وفتح باب الهجرة لليهود إليها على مصراعيه عملاً بوعد "بلفور"؛ سعت إلى تمكين اليهود مِن الأرض، وتهيئة الأوضاع لجعل فلسطين وطنًا لليهود على حساب الفلسطينيين، فكان الاعتراف بالمنظمة اليهودية، ومنحها الحق في التعاون مع حكومة الانتداب لإدارة شئون فلسطين، واتخاذ الإجراءات الضرورية لتوطين اليهود القادمين مِن كل أنحاء العالم إلى أرض فلسطين، ونظرًا لصعوبة تنازل أهل الأرض عن أرضهم لليهود فكان على بريطانيا تسهيل حصول اليهود على الأراضي الأميرية التي تحت إدارة سلطة الانتداب وغير الزراعية؛ لتحويلها إلى مستوطنات -مستعمرات-، والتي لا توجد بها خدمات عامة، وقد أرهقت سلطة الانتداب البريطانية الفلسطينيين بقوانين وتشريعات للتضييق عليهم؛ مما ساعد اليهود مع الضغط بالترهيب والترغيب على الاستيلاء على أراضي الفلسطينيين.

- وبالرغم مِن كل الوسائل المادية والخدع القانونية التي توافرت للصندوق الوطني اليهودي الذي أنشأته الحركة الصهيونية لشراء الأراضي في فلسطين، وبالرغم مِن تواطؤ الاستعمار البريطاني في كل ذلك لم يكن يملك اليهود عشية إعلان دولة إسرائيل إلا 6و5% مِن أرض فلسطين! وإنما استولت الحركة الصهيونية على الأرض بالقوة العسكرية المباشرة والتهجير الجماعي للفلسطينيين بالقوة؛ فمد الصهاينة سيطرتهم إلى 80% مِن أرض فلسطين، ففي أقل مِن عام مِن أبريل 1948م إلى مارس 1949م توسعت إسرائيل وسيطرت على مساحة تساوي 14 ضعف ما كان تحت يدها، فاحتلت 420 قرية و15 مدينة، واقترفت الكثير مِن المذابح ضد الفلسطينيين، وشردت أكثر مِن 800 ألف لاجئ انتشروا في الشتات بعد هذه النكبة المفجعة!

- واستمرت إسرائيل في عملية التدمير والطرد للفلسطينيين مِن بعد ذلك حتى الآن حتى تجاوز عدد اللاجئين اليوم 4 ملايين! كما سنـَّت إسرائيل قوانين تهدف إلى سلب أكبر مساحة ممكنة مِن الأراضي والممتلكات مِن الفلسطينيين الذين بقوا في وطنهم.

وكان أبرزها: قانون أملاك الغائبين الذي أُقر عام 1950م، وكان هذا القانون يهدف إلى تحديد الوضع القانوني لأملاك الغائبين الذين غادروا البلاد، ونقل هذه الأملاك إلى القيِّم الإسرائيلي الذي عيَّنته حكومة إسرائيل، وقد فرضت إسرائيل الحكم العسكري من عام 1948م إلى عام 1965م على المناطق التي يسكنها الفلسطينيون داخل إسرائيل لمصادرة أراضيهم، ومِن بيْن الإجراءات التي اتخذتها في هذا الإطار إعلان أي قرية منطقة عسكرية مغلقة في حال إذا قرر سكانها العودة إليها بهدف منعهم مِن ذلك!

لقد فاقتْ فظائع اليهود ضد الفلسطينيين ما فعله النازيون باليهود بكثير، وتغاضى عنها الغرب تآمرًا، وتغاضت عنها هيئة الأمم المتحدة تواطئًا، فـ"إن لدى هيئة الأمم صورًا تمثـِّل كيف لقي العرب صنوف العذاب الوحشي، ولكن هذه الصور والمستندات محفوظة في ملفات وفي خزائن هيئة الأمم؛ فهل اتخذت إجراءاتٍ لوقف اليهود عند حدهم؟! ولو أن هذه الاعتداءات كانت منصبَّة على اليهود؛ لكان للإنسانية المعذبة موقف آخر، ولحملت كافة وسائل الإعلام مِن صحافة وإذاعة وتليفزيون على العرب المتوحشين!".

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com

 

تصنيفات المادة